الاسلاميون .. ازمة الرؤيا والقيادة للكاتب/ عبد الغني احمد ادريس

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 08:08 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-09-2013, 07:48 AM

مصعب عوض الكريم علي

تاريخ التسجيل: 07-03-2008
مجموع المشاركات: 1036

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاسلاميون .. ازمة الرؤيا والقيادة للكاتب/ عبد الغني احمد ادريس (Re: مصعب عوض الكريم علي)

    الدعوة للديمقراطية/ الفصل الثالث
    الطريق نحو الإصلاح، رؤية للحزب
    بلادنا تتجه نحو مفترق الطرق الحالي، نحاول تلمس رؤية للخروج من هذه المتلازمة التي ما انفكينا منها، وهي أن الدعوة للإصلاح الداخلي تؤخذ بين إحدى شقي رحى، الأولى: أنها مؤامرة من أحد عناصر الصف القيادي الذين يطمحون نحو الإلتفاف لتحقيق غاية عبر هذه الشعارات البراقة، والثانية انها دعوة للانشقاق وتفتيت الصف، وبالتالي "تعود عقلية المؤامرة الحاكمة مرة أخرى" تدعو العضوية إلى التنبه من التورط في مثل هذه الدعوات، لهذا يجب تثبيت مبدأ أن العضوية في قاعدة الحزب وصفها الأعلى، تتكافأ دماؤها وتتعادل حقوقها في المبادرة بالدعوة للإصلاح والمسؤولية والمحاسبة والتجديد...الخ، كما يقول بذلك النظام الاساسي للحزب وكل إرث الحركة في الخمسين عاما الماضية دون خوف أو وجل من الصدع بكلمة الحق أو الدعوة للإصلاح دون التلبث في محطات ومتلازمات مانعة وعائقه، أيضا يجب أن نقول: هذه الرؤية لا تقدم وصفة سحرية لحل معضلات الحزب والحركة التي تعود جذورها إلى أكثر من ثلاثين عاما، ولكنها إسهام من الكاتب كجهد متواضع شارك فيه بالتنقيح نفر كريم من الإخوة ربما لا يتسع المجال لذكرهم الآن، ولكن لهم حق إبداء الرأي والنُصح والمساعدة على تطوير وتثوير هذه الرؤى.
    العقيدة القتالية للإصلاح:
    في كل جيوش العالم هناك منظومة القيم والسلوك المتولدة من الدوافع الأخلاقية التي أدت إلى حمل السلاح، أياً كانت (وطنية، قومية ، دينية، عرقية، ..الخ) والتي تعرف إصطلاحا بـ "العقيدة القتالية" فالمبدأ الذي يجب ان يكون ضابطا لرؤية أهل الإصلاح ليتسلحوا به، وهو الإيمان العميق بضرورة إرساء نظام "شوري" أو "ديمقراطي" وفق "مصطلحات السياسة الحديثة" داخل الحزب أولاً، وعلى مستوى الوطن في ذات الوقت. ثانيا أهمية أن تكون الدعوة متزامنة للاثنين وفي وقت واحد لضرورة تلازم عضوي تجعل من أيّ منهما حرساً للآخر، ففي ظل ركود وسكون خارج أسوار الحزب القائد، تتراجع أهمية التحدي وتنشغل العضوية بالصراع الداخلي، كما علمتنا التجارب، لذلك لابد أن تكون هناك تحديات ماثلة بصورة يومية تضعها في مسارها الطبيعي، هذا وحده كفيل بشحذ روح المبادرة والمدافعة في وسط جماهير الحزب وأعضائه، هذا من منظور ذاتي للمصلحة الحزبية الداخلية البحتة، بالإضافة إلى الأسباب الوطنية والأخلاقية الأخرى، التي أشرنا إليها في أكثر من فصل في هذا الكتاب، والتي هي أكثر من أن تحصى، وتستحث الخطو والحافز إلى أهمية التحول الديمقراطي.
    إن تنامي الوعي بالديمقراطية وإدراك حيوية المطالبة بها وإقرارها كوسيلة إستراتيجية وناجعة لإدارة الخلاف السياسي في البلاد، هو الضمان الأول لإستقرار الوطن ومن ثم تصبح هي دالة الارتباط بين الحزب والدولة، فيكون التصحيح وفق مبادئ الشفافية والعدل والتداول السلمي للسلطة داخل أو خارج السور، لقد جاء هذا الوعي كحصيلة تجارب مريرة للصراع داخل الحزب وخارجه، خاصة علاقتنا مع المكونات الوطنية الأخرى التي طال هجرانها والتعادي معها، على كل ما كان من الواجب أن يكون أرضيات مشتركة معهم، ليحل بديلا عنها الصراع ،وتكون النتيجة وبالاَ على الوطن والشعب. إن النصر وليد الإيمان العميق الصلب بالانتصار، فأي عمل مهما تفه أو عظم إذا لم تؤمن إيمانا راسخا بالنصر فيه لن تنجزه، إذ أن الإيمان بالنصر هو الذي يوّلد الصمود والاستبسال والإقدام ومن ثم يقود للتضحية والفداء.
    لقد قام إرث الحركة الاسلامية التي نشأ عليها المؤتمر الوطني على مبدأ (المسلمون يسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم) وسواهم هنا المقصود بها عدوهم وليس شريكهم في الوطن والسكن من غير ملتهم، كذلك الحكمة النبوية (لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوي)(1) وقد شهد الخصوم بذلك قبل الحلفاء.
    إن غياب مفهوم وممارسة الشورى يكون الرحم الذي يتخلق فيه التسلط والإنفراد بالقرار من الطبقات العليا، وغياب الشفافية يعني تمييع المسؤوليات والتنصل من الاخطاء، وبالتالي إهدار مبدأ المحاسبة. لذلك تكون الدعوة للشورى مقرونة بالشفافية والمحاسبة.
    الصورة العامة للحزب:
    من بعد استعراض المشهد السياسي العام في السودان، وسيناريوهات التغيير أشرنا إلى أن الطريق الوحيد الذي يحافظ على السلامة الوطنية ويضمن الأمن والاستقرار وتماسك النسيج الإجتماعي لإنجاز عبور جماعي آمن لتحول ديمقراطي، ينتشل البلاد من حافة التمزق: هو أن يأتي هذا التوجه للتحول من داخل أسوار المؤتمر الوطني، وذلك لاعتبارات ذكرناها فيما سبق، ولطرح أفكار واضحة في هذا المجال لابد من تمحيص تفصيلي للأوضاع داخل هذا الحزب والمعوقات التي قد تحول دون بروز هذا الإتجاه الاصلاحي، وتقدمه نحو غاياته المنشودة التي فيها خلاص البلاد والعباد من مخاوف الكوارث الماحقة من دوامات العنف العرقي أو شلالات الدم السياسي التي نراها في التجارب الماثلة حولنا في الإقليم، على السواء في المنطقة العربية البعيدة في سوريا والعراق، أو الجوار الاقرب في ليبيا.
    ان الدعوة لعمل مثل هذا لا بد أن تضع في حسابها اشتراطات مهمة، أولها أن الدعوة للديمقراطية وإطلاق الحريات العامة في الساحة الوطنية العامة بالخارج مثل حرية الصحافة والنشر والتعبير "وفق مبدأ الحرية لسوانا ولنا"، لابد وأن تتقدمها وتسبقها دعوة للشورى والديمقراطية الداخلية في "حوش" الحزب نفسه، التي تتمثل في إقرار مبدأ تكافؤ الفرص وحرية التعبير والنقد للسياسات دون أن تكون هناك حصانة أو سقف لذلك لأي شخص كان، حرية الاختيار هذه لا تقتصر على النقد والتصويب بطريقة شفافة، بل يجب أن تستتبعها حرية المجال في الانتخاب او العزل وفق مبدأ المحاسبة والجرح والتعديل الذي تحض عليه كل أدبيات الحركة الاسلامية وميراثها الطويل في ذلك دون تدخل أو إشارة من القيادة بالإنحياز لأي طرف، لما يشكله ذلك من ترجيح واخلال بمبادئ العدالة، ايضا تثبيت مبدأ سيادة المؤسسات، والمؤسسية فوق الأشخاص والمناصب، لأن هذه المؤسسات يفترض فيها أنها التعبير الحقيقي والحي عن إرادة جماهير الحزب ،وليست عضوية الحزب من الكتلة الصماء التي تتوالى بالإشارة بأي حال من الاحوال، او في مقام التابع الذليل الذي يقاد بعصا عمياء، إن أهمية اطلاق الديمقراطية الداخلية تكمن في أنها تساعد علي تنشيط الحراك الفكري وإطلاق حرية الأفكار والمبادرة وما يسهم فيه ذلك من توفير البيئة الصالحة لنمو القيادات وتفريخها بطريقة طبيعية، إن اعتماد الديمقراطية أداة للتواصل الأفقي بين عضوية الحزب لهو كفيل بأن يحقق العدالة الداخلية، ويعيد ترابط العضوية وفق طريقة تبسط المساواة بينهم. واهم نتائج غيابها هو ما نشهده حاليا من ضعف التقاليد المؤسسية وتردي إرادة الشورى والنقاش الحر.الحديث عن هذه الاشياء لا يجب ان يكون فيه مبدأ الاتهام أو التخوين، بل هو نقاش مشروع في الهواء الطلق في حزب يريد أن يصلح نفسه، بطبيعة الحال هذا الامر سيقود إلى حصار وعزل للذين يدعون إليه، بيد أن هذا أقل ثمن واجب الدفع في مقابل إقرار نظام شورى حقيقي، يرتكز على المبادئ والمؤسسية، وليس الافراد والأشخاص أياً كانت قيمتهم أو رفعة مكانتهم.
    الحرس القديم ودعوة الإصلاح:
    يجب تعريف الدعوة للديمقراطية والإصلاح داخل الحزب بأنها (ليست بحثا عن مشروع خيالي هلامي متوهم، أو إنطلاقا من إطار بديل للعمل، بل هي دعوة لإستعادة زمام المبادرة وضخ دماء جديدة متخففة من أثقال الماضي وصراعاته، وتجديد تفعيّل عمل الشورى والنقاش الحر، وإستعادة الحيوية المطلوبة من داخل سياق وأسوار المؤسسات والأجهزة والقنوات الشرعية داخل الحزب)، وذلك بتجديد الدعوة للتطهير الذاتي والإصلاح الداخلي الذي يبدأ اولاً: بإصلاح النفس والتزكية وتجديد قيم الإلتزام الأخلاقي تجاه رسالة إصلاح المجتمع، وتقديم القدوة الحسنة في القيادة، والعضوية في طهارة وعفة اليد واللسان. إن الدعوة للإصلاح اليوم تنطلق في سياق التغيرات الكبرى التي تطل برأسها من حولنا على غير ما ألفنا وتعودنا في المراحل السابقة، لذلك لا بد من إستلهام التراث الثر للحركة الاسلامية وتمتين مرجعيتها في ذلك، دون إستهلاك رصيد الماضي الذي أحال عملها إلى نشاط بلا مرجعية، وهياكل مفرغة من العمل المتصل بالرسالة والهدف الذي جمع الناس بالأساس. إن قاعدة الحركة هي المسؤول الأول عن إصلاح الخلل الشائه في صورتها الذي حفرته سنابك الثلاثة وعشرين عاما الماضية التي حققت الكثير من الإنجازات، ولكنها أيضا سددت طعنات بليغة إلى جوهر ومظهر رسالة الحركة أبزرها الصورة التي تصاعد بها اختلاف رمضان الشهير وخروج القيادات السابقة وموالاتها لاعداء الحركة الذين كانت تجيش ضدهم الجيوش، مما جر البلاد إلى طريق سلام كانت نهايته الواقع المرير الذي نعيشه اليوم، ونبحث عن طريق للخروج منه بأقل الخسائر.
    اننا ونحن نناقش الهوة الواسعة بين سمو المثال الذي كنا ندعو إليه ونسعى لتمكينه، و الواقع صرنا إليه اليوم، نقول إن البداية إلى دعوة للإصلاح يجب أن تكون دعوة للإيجابية ونبذ السلبية واليأس وسط الشباب، وعدم الركون إلى أن هناك قيادة واحدة ملهمة تضع البرنامج، وكل المطلوب من عضوية الحزب هو توقع جدول الأعمال لتقوم بدورها فيه ومن ثم الإنتظار آخر العام لترى المحصلة النهائية لحصيلة ناتج عمل الجماعة.
    إن السعي للإصلاح والطريق إليه هو معركة طويلة بلا بدايات محددة أو نهايات واضحة، أو خطوط قتال مرسومة، بل هي مدافعة متصلة ما استمر في الإنسان تدافع الخير والشر ،لأن الإنتصار على العدو المادي بالسنان أسهل من مدافعة رعونات النفس ونوازع الإنحطاط فيها وهو من الجهاد الأكبر، في طريق الذات قبل الدعوة إليه في إطار الجماعة، هي معركة تدبر وتأمل في الأمس، ورؤى وافكار في هذه اللحظة، ومعركة تشمير وعزيمة في الغد وموالاة وحراسة في بعد الغد. ربما يتم عزل ونفور للمتصدين لهذا ،ولكن ختام المعركة هو للغة وتيار المستقبل الذي عماده الشباب الذين ناصروا سيد البشر عندما انخذل عنه أهل الشيبة والكهول، على سبقهم وفضلهم.
    شروط النجاح :
    الذين يتقدمون للإصلاح لا بد أن يعوا بان هذا الامر سيقض مضاجع كثيرة أناخت في مضارب الوضع الحالي، فربما تتوعد وتهدد، ولكن التاريخ يعلمنا أن "الأصابع المرتجفة لا تصنع التغيير". إن التصدي لقضية الاصلاح والخروج إليه تستدعي الثقة بالنفس، وكما ذكرنا الدعوة للإصلاح وما يمكن ان تستدعيه من مقاومة – خاصة وسط نفوذ القوى المسيطرة وذات المصلحة في استمرار الأوضاع الحالية- يجب ألا يكون صوت تخويف مهما كيل إليها من إتهامات وتحقير، فذلك يطرد بالمثابرة والعزيمة وعدم الإستسلام، إن التراث العميق والخبرة الثرة تميز القيادات النوعية ذات الرصيد الضخم من الإمكانات داخل شباب الحركة، وتجعل هامش التحرك للإصلاح كبيرا داخل المؤسسات المتاحة، لذلك يكون الإستعداد للتضحية والبذل والفداء هو معين الثلة التي تنبري لهذا المهمة الرسالية.إن المواصفات التي يجب توافرها في من يتصدى لرسالة الإصلاح هي ما يمكن اجماله في (الرؤيا vision، الإرادة، المشروعية الاخلاقية).
    ان الوعي العميق بمشروعية هذا العمل والمعايشة المستمرة واللصيقة للواقع والالتصاق بالجماهير هو ضمانة عدم الانحراف، إن الدعوة للاصلاح يجب ان تستصحب القدر الاكبر من عضوية الحزب وتحتمل عثرات مسيرها، فتلك التي هي الوليد الشرعي للحاضنة الاجتماعية التي نمت وترعرعت فيها وعليها الصبر على سير ضعفائها، فلا تُجهد بهم المسير فتغوي المتربصين بطول الامد وتحيلهم الى مشجب تثبيط. ان التجارب البشرية تعلمنا ان التحولات الانسانية الكبرى التي غيرت مسار التاريخ ،جاءت للامم التي كانت تقف طودا شامخا في وجه التحديات التي تتجلى في لحظة المنعرج التاريخي أو المنعطفي الزمني الذي تعرضت له، فتفلت من السقوط نتيجة وعي ابنائها وايمانهم بأهمية إدراك تلك اللحظات التي يتصدرونها، وبعلمهم وتجربتهم بقدر الصعوبات التي يتصدون لها، تعلمنا عِبرات الأمم أن هذه اللحظة التاريخية التي تكون فيها كل الأوتاد في مهب الريح، هي ذاتها التي يكون في ثناياها فرص الإنتقال والتقدم إلى الأمام، ينجو في هذا الإمتحان من يدرك أين تكمن الفرصة وكيف يتسنى له قيادتها وأخذها والتقدم بها ،دون أن يفقد قاعدتها البشرية التي يستند إليها أو يركن إلى ضعاف النفوس من أهل التخذيل ودعاوى الواقعية والتمييع.
    إن البداية تكون بإطلاق الرؤية وتبصير الناس بالخطر المحدق، دون مساحيق خداعة على الصورة، حتى يتسنى لكل أن يتخذ الموقع الذي يناسبه في غير إدعاء لقوة متوهمة أو إنخذال لفاتر متراجع، ومن ثم تصبح نظرة العبور محكمة ومتفقا عليها في ثغرات التقدم إلى المستقبل وفق الرؤية الملهمة التي يتفق الناس عليها، وتتجذر في الوعي الجماهير العميق والوجدان الشعبي المطلوب منه المشاركة والحضور كشريك فاعل وليس كتابع رديف.
    عندما تتصل هذه القيادة الجديدة بجذورها الحضارية المتسقة مع وعيها الوطني ومتمسكة بإرثها الثقافي الذي يمتد لقرون بعيدة، عندها تصبح متخففة من أثقال الماضي الذي عالجت أدواءه في النور دون خوف من نقاط ظلام غير مشرفة أو عثرات صاحبت مسيرتها السابقة كما أشرنا، وتجد أن مشروعية جديدة قد صبت في شرايينها كما سقى الماء الزرع بعد جفاف طويل، وكما فتح النهر مسارا جديدا حمل في جريانه الطمي والفروع والسيقان والماء الزُلال ليسقي الأرض ويُنمي الضرع ويُعيد الحياة إلى البلاد. فتلهم بذلك أفكارا جديدة وتتغذى المشاعر الإيجابية فتحمي الجماهير والعضوية من الإنزلاق إلى مجاهل القبلية والجهوية، وتعود هي القدوة والأنموذج بين شركائنا الوطنيين في ساحة العمل السياسي العام، وتعود كذلك تتزلف إلى قلوب الشعب من خلال تواضعها وإقترابها من تلمس أوجاعهم ومشاكلهم وليس إنعزالها عنهم. هذا هو الرباط الوطني أو العقد الاجتماعي الذي يجمع بين شخص في (محمد قول) وآخر في (######وس)، يتواصلان عبر وسائط الترابط الإجتماعي وتسخر لهم التكنولوجيا تخليق وجدان مشترك يسمو برابطة القبيلة والجهة إلى رحاب الوطن الأم وقضاياه.
    ان الدعوة للاصلاح لا بد وان تأتي في قالب منظم يعيد توزيع المهام والواجابات بين افراد الجماعة والمؤسسة الحزبية ليكون حاصل جمع (1+1 +1=6) هو ناتج "عملي" وليس حسابياً بمعنى أنه من الممكن أن يصل إلى ضعف( 3) وذلك بإعتبار علامات الحساب نفسها تدخل في عملية الجمع وهذه معضلة جديدة، إذاً فهي دعوة لـ"الكيف" و"القيمة" وليست لـ"الكم" و"الرقم" بهذا المفهوم ((إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا)) ومع أن السياق عن قتال الكافرين، إلا أن مكافحة رعونات النفس تستجدي همة قتال الكفارين لما لها من جهاد، إن الطليعة الشبابية التي تقدمت الصفوف وتطوعت للدفاع عن الوطن منذ "الأهوال" وحتى معركة هجيلج الأخيرة هي المعنية بهذا الأمر، والتي يجب عليها أن تنهض لأخذ زمام المبادرة نحو الدعوة للإصلاح، وذلك لما يتوافر فيها من شروط قل نظيرها، أولها الولاء والتجرد ونكران الذات وإستعدادها للجود بنفسها – كما برهنت من قبل ولسنوات طويلة- مما يطرح عنها المطامع " حتى وإن غشت عاديات الدنيا بعضها" إلا أن الأصل لا يزال سليما ، وكل المطلوب هو أن لا يُرمّ الجُرح على فساد، إن إعتماد هذه العبادة التي تصدى لها هؤلاء الشاب باعتبارها "المُصهِر" الذي أذاب كل خبث رعونات النفس، ومن ثم نقل وعمل على إرتفاع النفوس فتسمو عن لُعاعة الدنيا، أجدى في إعادة تعريفها لتكون مكافحة الفساد المادي، المتمثل في التعدي على المال العام أو التلاعب في مصالح البلاد وسكانها، باعتباره جناية تستوجب التشمير لمكافحتها والقضاء عليها، كل ما هو مطلوب هو تبديل وسائل وتكتيكات القتال لتصبح هنا هي الحجة والإقناع والتسلح بالعلوم والمعارف الحديثة ..الخ، من أدوات ومباضع تُعين على التحليل السليم ومن ثم مباشرة العلاج، بدلا عن الـ " ار بي جي أو القرنوف".
    القيادة:
    إن أول خطوات ومؤشرات الإصلاح الصحيحة هي التجديد في القيادة وذلك بإعتماد، منظومة قيادية شبابية، لقد أثبتت الاجيال المتقدمة – مع سبقها وفضلها في كل شئ- أنها قد أخذت فرصتها كاملة لذلك كان لابد من إتاحة الفرصة لقيادة شبابية جديدة، وعندما نقول قيادة شبابية نعني أن تأتي من داخل الإطار والسياق ولكن بذات الطريقة التي ندعو بها للإصلاح أن تأتي وفق وسائل الشورى المتعارف عليها في الحركة منذ عقود، " أوالديمقراطية التقليدية"، وهي الإنتخاب من قواعد الحزب دون تأثير عليها، وليس تلك التي تُفرض على الناس من القيادة ومن الجيل السابق الذي يقوم بعض قادته بإختيار سكرتيريهم ومنحهم الصلاحيات والألقاب، وجعلهم فوق الناس بإعتبارهم القيادات الشبابية المترجاة، وعلى ما في ذلك من حق قد يكون مشروعاً لبعضهم في تمثيل الشباب بانتسابهم لهم وربما كسبهم، بيد أن الاشكال ليس إنكارا عليهم في حق قد يكون بعضهم به جديرين، ولكن في النهج الذي تولوا به المسئولية، فهذه الطريقة تجعلهم في خدمة من بيده امرهم وهي القيادة الفوقية، وليست القاعدة التي من المفترض انها تنتخبهم ليمثلوها كما هو الحال في كل بلاد الدنيا، وبالتالي تستطيع محاسبتهم وعزلهم إن لمست فيهم التقصير، بغير هذا، تتحول هذه الأمانات والمؤسسات إلى مجرد هياكل بلا مرجعيات، وهو ذات الداء الذي دفع بنا في هذه المسارب المظلمة التي ندعو للإصلاح كطريق وحيد وشاق للخروج منها، ربما يكون من المفيد أن نقول في ظل الظروف الحالية ان يُترك للشباب حرية إختيار ممثليهم لسبب بسيط هو أن الأوضاع الحالية للحزب تحتاج إلى تحفيز روح المبادرة والإيجابية ،وليس الركون والتلقي والسلبية، إن كل التجارب الإنسانية تخبرنا أن صاحب كل سلطة في التاريخ تتراكم حوله طبقة من الناس تبقى مصالحها مرتبطة بوجوده شخصيا، وبالتالي تزين له البقاء وإطالة المدة على الكرسي طمعا في تحقيق مآرب ذاتية قد يكون من بينها ما يصل العامة، إلا أن النتيجة النهائية هي أن افضلية الخيارات عند هؤلاء هي إرضاء طموح الذات والإنجراف بلا غاية نحو المصالح الخاصة قبل العامة التي يترجاها الناس ممن يتولى امرهم.
    النظر للمجتمع:
    إن الإصلاح يجب أن ينمو في تربة بيئة طبيعية وهي المجتمع الذي ظلت تحيا فيه وتدعو إلى إصلاحه، وليس اعتزاله والخروج والهجرة عنه للاعداد ومن ثم للعودة اليه . فعند العودة سنكتشف ان المحطة التي أعددنا لها انفسنا ببساطة قد تجاوزها القطار وانتقل إلى غيرها، وهنا تأتي الحكمة النبوية "الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهِمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الَّذِي لا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهِم ".
    أن المجتمع السوداني هو الذي وفر الحماية الكاملة للحركة الإسلامية الحالية لتنمو، وهو الذي فرد عليها جناح ستره عندما طاردتها فلول اليسار عقب انقلاب مايو اليساري أو فشل عملية يوليو 1976م، وهو الذي اعاد نميري الى الحكم وأجهض الانقلاب الشيوعي الأحمر، لذلك فهو جدير بكل تقدير وحماية وتعهد بالرعاية والإنحياز إلى صفه عند الضرورة، لقد كانت النظرة السائدة قبل قيام الانقاذ أن العصا السلطانية تستطيع ان تفعل العجائب وان قدرتها التحويلية يمكن أن تدفع بتحقيق شروط التحول التاريخي "كما يصفها الماركسيون" التي تقود إلى إعادة صياغة المجتمع نحو التغيير المنشود، وهي نظرة تتعجل الوصول إلى نموذج رسالي عن طريق فوقي يبدأ من أعلى، وفق رؤية الحركة عوضا عن الاعتقاد الذي كان سائدا وقتها عن ضرورة البناء القاعدي والبداية بالأسرة والمجموعة ثم الجماعة وصولاً للمجتمع، كالتي تبنتها جماعة الاخوان المسلمين الأم في مصر الآن ونالت بها ثقة الناس طواعية، لقد أثبتت التجربة السودانية على مدار ربع القرن الماضي ان تعجل النتائج بحرق المراحل طلبا لهدف بعيد هو قفزة في الظلام دفعت الحركة والمجتمع والوطن الثمن غاليا فيها، فقد وضح بالبرهان أن المجتمع السوداني لديه نفور كبير من مشاريع الهندسة الإجتماعية والدعوة الفوقية السلطانية للأخلاق التي لا تنجب إلا نفاقاً، وذلك بإدعاء إمتلاك الحقيقة المطلقة أو تبرير الإستخدام الأخلاقي للقوة لفرض رؤية وكما في المثل المعروف (قد تحمل الحصان على الذهاب الى النهر، ولكنك لا تستطيع ان تجبره على الشرب) فتلك النظرة قادت إلى جلب عداء وإيغار الصدور على الحركة ومشروعها ،علاوة على أن بعض قيادات وعضوية الحركة سقطت في بعض ما كانت تتحاشاه وتطلب نقيضه ، يظهر هذا في إتساع الهوة بين الأغنياء "والذين جلهم من حواشي أو مناصري حزبنا" والفقراء " الذين هم أهلنا وجذورنا التي انحدرنا منها" وما قاد إليه هذا من إنعزال كبير عن واقع المجتمع و التفاعل الحقيقي وليس المظهري مع قضاياه، والذي يتجلى في بعض المظاهر الخطيرة التي لم يكن يعرفها أهل البلاد مثل المساكن المحروسة –كانتونات – في قلب العاصمة والتي لم تكن معروفة من قبل(3)، أن تكون هناك أحياء محاطة بأسلاك وجدران وحراس معزولة في العاصمة أو الأرياف، الأمر الثاني المظاهر الفارغة التي تتجلى في مناسبات الزواج – وجلها مرتبطة بأسر المسؤولين في الدولة- التي أضحى بعضها مثل حكايات ألف ليلة وليلة، والتي أثارت انتقاد الرئيس البشير نفسه حيث قال في مخاطبته لعضوية مجلس الشوري في يونيو 2011م (نريد أن نتعلم التبسيط في الزواج وأن لا نغالي في الطلبات فنُعقّد على الشباب) وضرب مثلا بالإخوان الجمهوريين وطريقتهم المغالية في البساطة، فصار البون شاسعا بين ماضي الدعوة التي بدأنا بها في الإصلاح الإجتماعي والقدوة الحسنة التي كنا ننادي بها في زواج البركة الأول والثاني وغيره من مشروعات شباب البناء الرائدة. وبطبيعة الحال حدثت عملية إحلال وابدال في المجتمع دخلت بموجبها قوى جديدة إلى الساحة واستغلت إنشغال الحركة بأمور السياسة والحكم التي كانت هي بالأساس لترقية وتنمية المجتمع وتقديم نموذج في العدل الإجتماعي يقوم على أساس الدين والإرث الوطني الكريم. ومن هنا كان الإهتمام بإقامة العدالة الإجتماعية ودعم الشرائح الضعيفة وإقرار مباديء إقتصادية عادلة، فهو عين ما يستوجب تنفيذه من سياسات، وليس إعتماد مبدأ السوق المفتوح وعقلية (آدام إسميث) التي طبقت اقتصاد القرن التاسع عشر في رأسمالية متوحشة لم تُقبل عليها حتى الدول الرأسمالية في الغرب نفسه، مما دمر قاعدة الإنتاج الطبيعية في الريف وحمل الملايين الى الزحف على المدن وقودا لثورة في الأفق(4).













    • يقول د.منصور خالد في كتابه (جنوب السودان في المخيلة العربية) إن المشروعين الذين وحدا اهل السودان خارج اطار القبيلة، وسما بأصحابهما هما الثورة المهدية، ومشروع الحركة الاسلامية الحالية، والتي وصفها بمشروع الترابي.
    • راجع د. حيدر ابراهيم، سقوط المشروع الحضاري، وهو يتحدث عن ماضي الشوري والديمقراطية داخل مؤسسات الحركة الإسلامية بطريقة غير موجودة حتى في ما يسمى بـ "الأحزاب الديمقراطية".
    • يروي منصور خالد أنه بعد تعيينه وزيرا للخارجية، عاد إلى منزل أسرته بأم درمان عقب إنتهاء الدوام اليومي، فوجد والدته تنتظره خارج المنزل بإنزعاج، وعندما استفسرها، علم أن رجال الأمن قد جاءوا صباحا ونصبوا "كشك" حراسة أمام البيت،وانها طلبت منهم المغادرة، ووبخته بقولها (نحن مما قمنا حارسنا الجامع دا) في إشارة للمسجد الملاصق.
    • راجع تيجاني عبد القادر، كتابه المشار اليه، حديثه عن تحطيم قاعدة الانتاج في الريف.
                  

العنوان الكاتب Date
الاسلاميون .. ازمة الرؤيا والقيادة للكاتب/ عبد الغني احمد ادريس مصعب عوض الكريم علي04-08-13, 02:48 PM
  Re: الاسلاميون .. ازمة الرؤيا والقيادة للكاتب/ عبد الغني احمد ادريس محمد حامد جمعه04-08-13, 02:51 PM
    Re: الاسلاميون .. ازمة الرؤيا والقيادة للكاتب/ عبد الغني احمد ادريس مصعب عوض الكريم علي04-08-13, 03:12 PM
      Re: الاسلاميون .. ازمة الرؤيا والقيادة للكاتب/ عبد الغني احمد ادريس عبدالله عثمان04-09-13, 06:27 AM
        Re: الاسلاميون .. ازمة الرؤيا والقيادة للكاتب/ عبد الغني احمد ادريس مصعب عوض الكريم علي04-09-13, 07:02 AM
          Re: الاسلاميون .. ازمة الرؤيا والقيادة للكاتب/ عبد الغني احمد ادريس مصعب عوض الكريم علي04-09-13, 07:04 AM
            Re: الاسلاميون .. ازمة الرؤيا والقيادة للكاتب/ عبد الغني احمد ادريس مصعب عوض الكريم علي04-09-13, 07:07 AM
              Re: الاسلاميون .. ازمة الرؤيا والقيادة للكاتب/ عبد الغني احمد ادريس مصعب عوض الكريم علي04-09-13, 07:48 AM
                Re: الاسلاميون .. ازمة الرؤيا والقيادة للكاتب/ عبد الغني احمد ادريس مصعب عوض الكريم علي04-09-13, 07:50 AM
                  Re: الاسلاميون .. ازمة الرؤيا والقيادة للكاتب/ عبد الغني احمد ادريس مصعب عوض الكريم علي04-09-13, 07:52 AM
                    Re: الاسلاميون .. ازمة الرؤيا والقيادة للكاتب/ عبد الغني احمد ادريس مصعب عوض الكريم علي04-10-13, 07:26 AM
                      Re: الاسلاميون .. ازمة الرؤيا والقيادة للكاتب/ عبد الغني احمد ادريس Mohamed Hamed Ahmed04-10-13, 08:05 AM
                        Re: الاسلاميون .. ازمة الرؤيا والقيادة للكاتب/ عبد الغني احمد ادريس مصعب عوض الكريم علي04-10-13, 08:47 AM
                          Re: الاسلاميون .. ازمة الرؤيا والقيادة للكاتب/ عبد الغني احمد ادريس مصعب عوض الكريم علي04-13-13, 10:23 AM
                            Re: الاسلاميون .. ازمة الرؤيا والقيادة للكاتب/ عبد الغني احمد ادريس مصعب عوض الكريم علي04-15-13, 10:00 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de