وفاة مارجريت تاتشر!

Quote: بينما أصرت تاتشر على أن السبب الرئيسى للاضطرابات، يكمن فى الحقد العنصرى، وألقت على الملونين مسئولية القيام بأعمال التدمير والنهب، فإن حزب العمال المعارض برأ الملونين من ذلك، وأكد أنهم ضحايا، وأنهم ليسوا سببا للاضطرابات وأن الحرمان الاقتصادى هو المسئول الأول عما جرى، إذ وصلت نسبة البطالة بين الملونين حوالى 40%، كما أتهم العديد من خبراء الاقتصاد فى بريطانيا مسز تاتشر، بأنها المسئولة عن تردى وضع الاقتصاد البريطانى، وأكدوا أن هذا الوضع هو الذى تسبب فى حالة العنف التى عاشتها البلاد فمنذ أن تولت تاتشر رئاسة الوزارة فى مايو 1979، بدأ الاقتصاد يتدهور، نتيجة لتبنى الحكومة سياسات كلاسيكية تعنى العودة للرأسمالية التقليدية، والتراجع عن رأسمالية الدولة والقطاع العام، وعدم دعم السلع الاستهلاكية والتعليم والفنون والمستشفيات، وتبنى سياسة يمينية متطرفة فى قطاعات البوليس والهجرة والإصلاح الاجتماعى وقال خبراء الاقتصاد، أن انتشار الجماعات العنصرية والفاشية والنازية، جاء نتيجة طبيعية لتبنى الحكومة السياسات العنصرية والفاشية والنازية، والدليل هو قوانين الهجرة التى تقسم المجتمع البريطانى إلى ثلاث فئات متصارعة، وأكد خبراء الاقتصاد أن وجود ثلاثة ملايين متعطل، بما يوازى 11% من حجم الأيدى العاملة فى بريطانيا، بالإضافة إلى 100 ألف تلميذ، يتخرجون فى المدارس شهريا ويبحثون عن عمل، فى ظل وجود اقتصاد منهك، يعنى زيادة حدة الصراع الطبقى، وزيادة الاضطرابات، ذلك أن تاتشر، تهدم المزايا التى حصلت عليها الطبقات العاملة، وهو أمر لم يحدث منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، إذ أن هذه الامتيازات قد تحولت إلى حقائق فى المجتمع البريطانى، وطالب خبراء الاقتصاد تاتشر بالتراجع فورا عن سياستها النقدية، لأن هناك عجزا فى ميزان المدفوعات يبلغ 13.5 مليار جنيه إسترلينى، أى بنسبة 6% من الدخل القومى، وأن الإنفاق الحكومى قد قفز إلى 44.5% بينما الإنتاج الصناعى فى هبوط مستمر وقد علق السير جيفرى هاو وزير المالية على تقرير خبراء الاقتصاد بقوله أن رجال الاقتصاد قد تناسوا أن سياسية الحكومة الحالية قد أدت إلى خفض معدل التضخم فبعد أن كان 22.5% أصبح الآن 12% فقط وهنا رد خبراء الاقتصاد بأنه من الصحيح أن الحكومة قد خفضت معدل التضخم ولكن ذلك كان على حساب مليون ونصف مليون متعطل جديد انضموا إلى طوابير الباحثين عن عمل فى عهد حكومة تاتشر ليصل مجموعهم إلى 3 ملايين متعطل وهو أعلى رقم وصل إليه منذ الأزمة الاقتصادية فى الثلاثينات والأخطر من ذلك أن 68% من المتعطلين تقل أعمارهم عن 18 عاما وهو ما يفسر ظاهرة اشتراك الأطفال فى الظاهرات حيث انتقد وليم هوايتلو وزير الداخلية الآباء والأمهات الذين يسمحون لأطفالهم بالاشتراك فى مثل هذه القلائل بعد أن ثبت أن 40% من المقبوض عليهم هم أطفال تتراوح أعمارهم بين التاسعة والرابعة عشرة. لكن تاتشر أصرت على تجاهل الأسباب الاقتصادية وقالت أن القضية فى المقام الأول تكمن فى القانون والنظام وأن علاجها يكون بتسليح البوليس بأسلحة جديدة للسيطرة على أعمال الشغب وهو الاتجاه الذى يتبناه وليم هوايتلو وزير الداخلية الذى أعلن أن الأسباب الحقيقية لأعمال العنف ترجع إلى عدم فاعلية القوانين الحالية التى تتعامل مه مثيرى الشغب وافتقارهم إلى الروع الكافى وطالب بتسليح رجال البوليس بمعدات أفضل ذلك أن إرسال قوات الشرطة إلى أرض المعركة بدروع من البلاستيك تشتعل لدى إلقاء قنابل البترول عليها يعد فضيحة تماما مثل مواجهة الدبابات بالخيول وطالب هوايتلو بإنشاء قوات بوليس متخصصة فى مكافحة الشغب بحيث يكون تدريبهم مختلفا وأسلحتهم مختلفة عن الشرطة العادية تماما مثلما لجأت بعض الدول إلى ما يسمى بأمن الشغب ونجحت هذه القوات تماما فى العمليات التى أسندت إليها حتى أن ظهورها أحيانا كان من شأنه بث الفزع فى قلوب اعتى المتمردين. أما حزب العمال فقد أكدت بيناته على العامل الاقتصادى وفشل سياسيات تاتشر الاقتصادية فأعلن أيريك هيفر، عضو البرلمان عن الحزب فى ليفربول أن المسألة ليست بيضا ضد سود ولكن الشباب الأسود والأبيض يقفون لهم وقال النائب العمالى يرتيرنايت أنه من الخطأ القول أن هذا تمر عنصرى أين هو التمرد العنصرى؟ أن البيض من الأهالى لم يقاتلوا السود والسود لم يرفعوا أيديهم ضد البيض أن الأهالى جميعا اصطدموا معه البوليس وأعلن مورى السكرتير العام لاتحاد العمال أن الرقم الذى وصل إليه حجم البطالة فى بريطانيا دليل واضح على فساد السياسة الاقتصادية لحكومة تاتشر والتى سوف تنزل الدمار بالاقتصاد البريطانى وأن الشىء المؤسف هو أن كل الذى تفكر فيه الحكومة الحالية هو الحد من حرية حركة النقابات ومنعها من القيام بالدور المناسب لكنها لن تنجح فى ذلك كما أن الشعب البريطانى لن يسمح لها بذلك أيضا على أن الأمر المثير هو أن اعنف هجوم ضد سياسة تاشتر لم يأت من قبل أحد نواب المعارضة أو من جانب عضو فى اتحاد نقابات العمال وإنما جاء من إدوارد هيث الزعيم السابق لحزب الحافظين ورئيس الوزراء الأسبق وهو الذى تفخر مارجريت تاتشر دائما بأنها تخرجت من مدرسته السياسية حيث قال هيث فى معرض هجومه على تاتشر إننى اعتقد أن مارجريت تاتشر ستؤدى بالاقتصاد البريطانى إلى خراب محقق نتيجة لانتهاجها سياسية اقتصادية أقل ما توصف به أنها سياسة غير مسئولة وهى السياسة التى أدت إلى تناقص شعبية حزب المحافظين إلى أدنى درجة فالأسعار مرتفعة بغير مبرر والوظائف نادرة والضرائب فى تصاعد مستمر والجرائم التى يرتكبها الصغار فاقدو الأمل فى الوظيفة قد تصاعدت وازدادت حدتها وهذا طبيعى فالبلاد تضم 3 ملايين متعطل ومضى إدوارد هيث فى هجومه يقول إننى للمرة الأولى طوال حياتى السياسية أشعر بالندم ذلك إننى أسهمت فى خلق هذه الأسطورة التى تدعى مارجريت تاشتر لهذا فإننى حزين حزين ولم تجد تاتشر ما ترد على زعيمها الروحى سوى قولها اعتقد أن إدوارد هيث مخطئ فلو كان يجلس على كرسى الوزارة بدلا منى لحقق نفس النتائج. لقد أدت هذه الاضطرابات إلى حدوث انقسام داخل حكومة المحافظين بين الصقور المعتدلين حول معالجة هذه القضية،