هل رأين ذلك الزبد الابيض/ حكاية المساء الاخير

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 09:52 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة يوسف ابراهيم عزت الماهري(ابنوس)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-10-2003, 02:05 AM

ابنوس
<aابنوس
تاريخ التسجيل: 04-19-2003
مجموع المشاركات: 1790

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
هل رأين ذلك الزبد الابيض/ حكاية المساء الاخير

    الحان المساء الاخير


    عروس البحر يا حورية
    يا بورتسودان يا حنية
    من قلبي هائم في .................. ؟؟؟؟

    توقف اللحن على حبال الحنجرة ، والاغنية التي تعرف طبقات الصوت ونوافذه ، تلتصق الان كعبرة على الحلق ، وترفض الاكتمال .
    اعاد تكرارها ، وبذات السلم ، الذي حفظها به في الازمنة الحية ، عندما كانت المدينة تتدفأ بموسيقى ( الاورغن ) ، وتتوسد الالحان الحالمة .. والقلب يهيم بعشقها .
    مالها الان بائسة كوجه جندي عائدا من معركة خاسرة ؟
    تسائل ، اي عروس
    واي حب يا معاذ ؟
    توغل في الشوارع ذاتها ، وذاكرته الثلاثينية تبحث عن الامكنة ، عن اثار الحورية ... منذ متى تهدم كل شيئ ؟ ثلاثون عاما ظل يقطع هذه الشوارع ، متوشحا الحان ضاعت في ارشيف الذاكرة . اناشيد الكلاّت ، التي نسيتها امواج البحر الحمراء ، واغاني البنات التي ما ان تهبط (كريسيدا ) جديدة حتى تنتشر في هشيم البلاد .
    توغل معاذ ، تتسع في قلبه نوافذ الحنين ، وعيونه تتناسل اسئلة .. انها خرائب !! وانت مثل اي مسمار على بيت خشبي ، يعاني صدأ الرطوبة ، ويعوج في الصيف ..
    بصق الاغنية ، كما يلغي ( بالسفّة ) هكذا في الشارع الذي يحازي مبني التلفزيون ، دون اي اسف . والشمس غابت خلف ( العقبة ) مخلفة طشاشات حمرتها على جدران المدينة ، طيور الرّهو ، تخيم على جثة شجرة يابسة ، قريبة من البحر ، لكن لا يمكن تبين هويتها ، فهي مسلوبة اللحاء ، لكنها ليست حرازة .
    شارع الساحل ، يسوده هدوء يناسب كآبة المساء ، ويبدوا ان جمعية سائقي اللواري ، اعلنت اضرابا عاما ، وتذكر ان زمن الاضرابات العامة ايضا تهدم مع بيوت المدينة الخشبية . لوحة ( مكتب ريدة للتخليص ) ما زالت باقية وتشهد على ان هنالك بضائع قد مرت ذات يوم من هذا الميناء الى داخل البلاد .. ضرب يده اليمنى باليسرى وقال ( ممالك سادت ثم ... عادت بشكل آخر ) .
    تابع مشيته المتعرجة ، نحو التأمل .. ( مثل اي منا حين يكتشف ان محبوبته عاهرة ) ، ابتلع معاذ ريق وحشته ، وتمنى لو ان حاتم معه الان
    لتواطأ معه ، ورافقه في سهرة تجعل كل هذا الدمار ضبابا ، ولنام معه (بديم سلك ) .. عند تلك المرأة التي تبيع كل شيئ ، العرقي ، والعشاء ، والمساء الناعم .
    ترى من اي مكان يكتب حاتم رسائله المتفائلة ؟ لعن معاذ البريد الالكتروني ، لانه لا يحمل طابع البلاد التي يعبرها ..
    والاحتمالات جميعها جائزة ، ( فهذا زمان الريبة والشك الذي لا يقطعه اليقين ) ، ربما ظل حاتم يمطره بالرسائل ، من تحت انقاض بيت خشبي ، ربما رأى ما رأيته الان ، واحتمال جائز ان يكون اختار العزلة ، داخل هذه المدينة الصدأه .. حين انتبه معاذ للكلمة الاخيرة ، كانت الاغنية قد تلاشت تماما من حبال الصوت ، وتساقط شعر الحورية ، لم تعد سوى وجه بلا رموش ، وثغر نتن ، وتبع انهيارها تهدم واسع لمدن اخرى ، لم يرها معاذ ، فكل جغرافيا الوطن ، امست خرائب في اطلس امسيته الاخيرة ، لا فنار ولا سفن ..
    المبنى الذي ظل ينتفخ كالاميبيا ، هو مبنى التلفزيون ، تمدد في ميدان العروس بالوانه الخضراء ، واحتل جزءا من كوشة البلدية
    تداعت الاسئلة العادية والجارحة ، والشبورة دوما كانت رحاب . دخل مركز الاتصالات ، جاءه صوتها واهنا ، وبعيدا كصدى اناشيد الكلاّت ، لكن ما زالت به بقايا من بحّته الملحية ، سألها عن مواعيدهم الرابعة عصرا بالركن الهادي ، امامه ربع ساعة ويلتقيها ، ستجلس بقربه لمناقشة مصير العلاقة ، بعد فصله للصالح العا ..... ؟؟ وايضا سيبحثوا مسألة اختفاء حاتم المريب ، ورفضه اعطاء عنوانه لأحد .. فقط ترك حزمة مقولات .. وصور في البوم صداقتهم الطويلة . لم يجد معاذ كلمة مدلكة بالاغاني ، كما يفعل منذ سنوات
    قال لهاوبدون اي دفء : تعالي مسرعة ، واردف حتى لا احترق
    قالت : اياك ان تعود للشراب .
    سألها : هل يعني هذا انك لن تأت ؟
    صمتت رحاب ولم ترد حتى هذه اللحظة
    قد كان الاتفاق بينه وبينها ، ان لا يرفع كأسا الى فمه ، طالما ظلت العلاقة مستمرة ، وكان الوعد الاخر ان تظل العلاقة مستمرة للابد . يومها تبادلا قسما مختوما بقبلة اولى ، في ساحل البحر مع شروق الشمس ، وهي شاهدهم الوحيد . حاتم وحده يعرف ان معاذ سرق كاسات كثيرة محتميا بالليل ، وتواطئه هو شخصيا ، بل وتشجيعه ايضا ، فلحاتم مقوله ثابته ، وهي تحذيرية في فحواها : ( اياكم والحبيبة المسكرة ، فهي لن تكون بديلا للخمر والحزن ) وينطلق حاتم في سرد حكاية حبيبته ، التي جمع لها كل كتب التاريخ ، الفلسفة ، الشعر ، وآخر ما طبع من الرويات الحديثة ، لكنها تركته لتحب رجلا لا يجيد القراءة .. واضاف حاتم في قاموس مقولاته مقولة جديدة : ( تبادل مع الحبيبة كل شيئ ، القبلات ، والاحذية الاسبورت ، وحتى الملابس الداخلية الا الكتب ) لقد ترك حاتم فراغا هائلا ، في شوارع المدينة ، ومقولات تتكرر كل ما افترق اثنين ... واندثرت الوعود بينهم ..
    لم تأت رحاب ، ولم يؤكد معاذ رغبته في الذهاب الى ديم سلك ، فلم يعد الشراب معادلا لغيابها ، خلفه المدينة عزفت موسيقى خرابها ، والبحر هادئا وغارقا في ثبات عظيم ، رجلين يصلحان اشرعة مركب قديم ، يبحران الآن ، وبيدهم شبكة صيد ، ثلاث عساكر من قوات البحرية ، جالسين امام مقر حرس السواحل ، وبيد احدم اوراق ( كشتينة واسلحتهم مركوزة الى جانبهم ، بعض الذين يمارسون العشق كملهاة ، ذهبوا الى حيث يجب الذهاب ، فقد غطى الليل طرقاتهم ، والرجل الذي يبيع السجائر واللبان في الركن الهادي ، رفض بصوت عالي ، لعب (الوست) مع العساكر وقال : لو تقلبوها ( حريق ) سأبدأ معاكم بألف جنيه .. يبدوا انه مقامر .
    اقترب احد العساكر من معاذ ، وعرض عليه ان يتم لهم العدد ، ويشاركهم اللعب . فرد معاذ بسؤال قائلا : ( ما الذي يضمن لي ان زميلي الخاسر لا يحملني نتيجة فشله؟؟)
    حاول العسكري ان يطمئنه ، انه هو الذي سيلعب معه ، لكن معاذ قطع التفاوض بجملةحاسمة قائلا ( ان العب معك تحت شجرة نيم ، في يوم عطلة رسمية شيئ ، وان اتقاسم الطاولة مع العساكر شيئا آخر
    في تلك اللحظة ظهر بصيص ضؤ قبالة المرسى ، قادما بمحاذاة الساحل ، مثل رجل يحمل بطارية في ليل قروي ، اقترب الضؤ فعاد العسكري الى سلاحة ، ووقف بقرب الاخرين ، توقف يخت ابيض ، ولم تطفأ محركاته ، هبط منه اربعة خواجات ، ثلاث فتيات ، وشاب له لحية كثيفة ، يرتدي ( برمودة ) لها جيوب بارزة وعلى صدرة العاري سلسل بلا صليب ، لليخت نوافذ يشبه زجاجها نوافذ بيت المحافظ . قارن معاذ بين بيته ، وبياض هذا اليخت ، وطرد الفكرة ، فلولا ان رحاب عبدت شارع البيت بخطواتها الصباحية ، وعمدته بأسم الحب ، لما صلح حتى للتبول !! صعد الخواجات الى مقر حرس السواحل ، اقترب العسكري مرة اخرى من معاذ ، وطلب منه ان يكون مترجما ، تبعه معاذ ، انها فرصة ليختبر انجليزيته ، لكنه سار خلف العسكري رغم ان المتقدم لا يجيد اي لغة سليمة
    شرح له الخواجه الامر ، انهم هواة غطس ، يريدون اخذ الاذن لممارسة هوايتهم على سواحل البحر ، ويحتاجون لحماية ايضا ، وخرائطا توضح الاماكن التي يسمح بالاقتراب منهاوهذا كل شيئ
    ضحك معاذ رغم عبوس امسيته ، قال لهم وبانجليزية مملحة بصوته السوداني : ( سواحل البلاد عبارة عن وحل ، وحل لا يمكنكم الغطس فيه ، اما الحماية فلا احد يوفرها ، حتى الله تخلى عن خلقه هنا ، وبالنسبة للخرائط فانتم الان في بلاد لم ترسم خرائطها بعد !! وكرر محذرا انكم ستتورطون في غطس لا نهاية له .. ) نظر الخواجات الى بعضهم ، قالت له البنت التي ترتدي (فنله) حمالات ، ورداءا قصيرا كاشفا عن اوراك بيضاء ، شوتها الشمس ، وذرات رمل من قاع البحر عالقة على شعرها ، سألته هل انت جاد ؟؟
    نظر اليها وتذكر سؤال رحاب في اول يوم يصرح لها بعشقه ، كان ذلك بعد ست سنوات من السهر الليلي ، وكتابة الرسائل التي لن تصل ابدا ، وممارسة العادة السرية على ايقاع ابتسامتها !! الان يعود السؤال على شفاه اجنبية ، بدأت تتداخل الوان رحاب على فضاء اللوحة البيضاء هذه ، شعرها تحول الى داكن ، وعينيها داهمهما لون عسلي ، وحتى نهديها العاريين ، تلونتا بلون خدي رحاب ، فصارا ورديين في جوانبهما البارزة ، ولا شيئ اخر .. كانت رحاب هي التي تقف امامه ، قي صورة مشوهة كما المدينة والبحر والمساء . رد على السؤال بسؤال عاجل : ما اسمك ؟؟ قالت كرستين ومدت يدها تصافحه ، قال : اسمي معاذ وانا جاد في ما قلته وفيما سأقوله لاحقا . صافحه الاخرون ، وسرت العدوى ناقله اسماء الجميع حتى العساكر الى الطرف الاخر
    قال لهم معاذ : هل تأخذوني معكم ؟؟
    هزت كرستين رأسها ، وقالت : وسنعلمك الغطس ايضا
    التفت معاذ الى العساكر وقال : ان هؤلاء الخواجات ، طلاب جيلوجيا ، لا عمل لهم غير دراسة الماء والصخور ، انهم يريدون بنزين لمركبهم ، وبعض الصاعوت ، والسجائر البرنجي ، ويمكن ان تعطوهم فردة الكشتينة ، هدية رمزية من حكومة السودان ..
    ذهل كبير العساكر وسأله : ماذا يفعلون بالصاعوت والبنزين ؟؟
    قال معاذ : الصاعوت فهو للتعبير عن تضامنهم مع حالة الاسف العامة لهذه البلاد ، والبنزين ليحرقوا به انفسهم في عرض البحر ، انهم ينشدون الحرية
    تراجع الخواجه ومعه فتاتين ، عادوا نحو اليخت ، امسكت ( رحاستين ) بيد معاذ وهي تنتظر ختام حديثه مع العساكر ، جاء احدهم بالصاعوت بينما الرجل الذي يبيع السجائر واللبان ، قدم لرحاستين ، علبتين برنجي ، وشريط لبان ، دون ان يطالب بقيمتها ، لابد ان نكرم السياح !!( نحن البلاد التي لا تبحث عن دخل الا من السماء) وقدمت حكومة السودان فردة كشتينة ، سلمها كبير حرس السواحل بلا موسيقى رسمية . سحبت رحاستين معاذ نحو اليخت وهي تمسح من وجهه لون التراب . قالت له : سأغرق معك في سواحل بعيدة ، وجزر لا تتخيل خضرتها ، سالبسك بدلة غطس ، واعلمك كيف تقتصد الاكسجين في القاع
    ساله العسكري بصوت عالي : الى اين تذهب انت ؟؟
    رد معاذ : سأعلمهم ( الوست) ، وسأحرق نفسي معهم
    صرخ العسكري انك بلا زميل فمع من ستلعب .؟؟؟
    لكن ذلك السؤال لم يسمعه معاذ ..... ابتعد اليخت مخلفا زبدا ابيض ... ورائحة فراق لا رجعة منه



    القاهرة 2002

    (عدل بواسطة ابنوس on 05-10-2003, 02:19 AM)
    (عدل بواسطة ابنوس on 05-10-2003, 10:01 PM)
    (عدل بواسطة ابنوس on 05-10-2003, 10:16 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
هل رأين ذلك الزبد الابيض/ حكاية المساء الاخير ابنوس05-10-03, 02:05 AM
  Re: هل رأين ذلك الزبد الابيض/ حكاية المساء الاخير Elmosley05-10-03, 02:26 AM
    Re: هل رأين ذلك الزبد الابيض/ حكاية المساء الاخير ودرملية05-10-03, 03:35 AM
  Re: هل رأين ذلك الزبد الابيض/ حكاية المساء الاخير ابنوس05-10-03, 02:08 PM
  Re: هل رأين ذلك الزبد الابيض/ حكاية المساء الاخير ابنوس05-10-03, 10:21 PM
  Re: هل رأين ذلك الزبد الابيض/ حكاية المساء الاخير ابنوس05-11-03, 05:35 PM
  Re: هل رأين ذلك الزبد الابيض/ حكاية المساء الاخير Husam Hilali05-11-03, 09:48 PM
  Re: هل رأين ذلك الزبد الابيض/ حكاية المساء الاخير ابنوس05-12-03, 01:25 PM
  Re: هل رأين ذلك الزبد الابيض/ حكاية المساء الاخير heema05-12-03, 02:48 PM
  Re: هل رأين ذلك الزبد الابيض/ حكاية المساء الاخير Husam Hilali05-12-03, 04:40 PM
  Re: هل رأين ذلك الزبد الابيض/ حكاية المساء الاخير zumrawi05-12-03, 04:59 PM
  Re: هل رأين ذلك الزبد الابيض/ حكاية المساء الاخير ابنوس05-13-03, 00:54 AM
  Re: هل رأين ذلك الزبد الابيض/ حكاية المساء الاخير ابنوس05-14-03, 06:50 PM
  Re: هل رأين ذلك الزبد الابيض/ حكاية المساء الاخير heema05-19-03, 03:38 PM
  Re: هل رأين ذلك الزبد الابيض/ حكاية المساء الاخير zumrawi05-20-03, 04:29 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de