|
جيدلكم يا شماليين - الصمغ العربي والليلة التي افترق فيها المنحنيان
|
إقتباساً من السلسلة الرائعة للأخ زكريا جوزيف (سجمكم يا جنوبيين) وإتساقاً مع ظاهرة إستنساخ العناويين ولكن هذه المرة عكسها , كان هذا العنوان
مؤشر الصمغ العربي - الليلة التي افترق فيها المنحنيان
زاد الطلب العالمي في السنوات الأخيرة بشدة على الصمغ العربي لاستخدامه كمكمل غذائي Probiotics بعد ثبوت الفوائد الصحية له. لذلك ارتفعت اسعار خام الصمغ العربي عالمياً حيث بلغ سعر الطن 3250 دولار وكان في 2011 سعر الطن 2950 دولار فيما وصلت أسعار طن بدرة الصمغ والتي تستخدم مباشرة في الصناعات الغذائية 8000 دولار. والأسعار أعلاه لصمغ الهشاب الجاف الذي اشتهر به السودان سابقاً, وهناك أسعار أقل لصمغ الطلحة والذي هو أقل جودة .
في عام 2011م انتج السودان 60 ألف طناً وصدّر منها 55 ألف طن , وصدّر في الربع الاول من 2012م إجمالي 11 ألف طن بقيمة 17.5 مليون دولار (سونا) بواقع 1565 دولاراً للطن وهو سعر قريب من نصف السعر العالمي لصمغ الهشاب مما يؤكد بأن الصمغ الذي تم تصديره غالبيته من صمغ الطلح. بإلقاء نظرة متفحصة على مؤشر الأداء المرفق الذي قمت بإعداده (البيانات الخام مصدرها الفاو وشركة الصمغ العربي وأخرى) وستجد فيه صادرات السودان منذ 1925م وحتى 2005م مقارنة بإجمالي الصادرات العالمية نلاحظ أنه منذ العشرينات وحتى بداية الخمسينات كان السودان مستحوذاً على ما لا يقل عن 75% من الانتاج العالمي ولكن من عام 1950 وحتى 1990 تحديداً لم يقل نصيب السودان عن 80% وكان في بعض السنوات مستحوذاً على أكثر من 90% من الانتاج العالمي مثل عام 1955م , كما أضيف بأن منتصف السبعينات شهد عصراً ذهبياً للصمغ العربي على الإطلاق ولا أعرف بالضبط ماهي مسببات هذه الطفرة وماهي طريقة الإدارة التي أتبعت في ذاك الأوان , وآمل من الأعضاء الكرام إثراء التحليل ببعض المسببات حتى تنير المستقبل
ستلاحظ أن المنحنيين (السوداني والعالمي) يسيران منسجمان بوتيرة واحدة منذ العشرينات حتى جاءت اللحظة الفارقة في عام 1990م وبدأ السودان يفقد أسواقه لصالح منتجين آخرين وبدأت تتسع الهوة عاماً تلو الآخر (موضع علامة الاستفهام في الصورة) إلى أن أضحى نصيب السودان لا يتجاوز 50% وحتى 40% من السوق العالمي , في أسوأ صورة تراجيدية لوداع منحنيين حبيبين.
حبانا الله بنعمة الصمغ العربي وهيأه للسودان بحيث لا يمكن زراعته في أي مكان آخر سوى حزام ضيق يصل إلى نيجيريا وشرق تشاد والسنغال , كما أن أمريكا استثنته من المقاطعة الأمريكية , ويمكن تشبيه الإنقاذ بالتلميذ الذي إمتحن لوحده وعند النتيجة كان ترتيبه الثالث.
هناك فشل إداري لقطاع الصمغ العربي , لكن لا يمكن ابداً استبعاد عوامل الحروب والتهجير والنزوح من مناطق الإنتاج التي تستعر وطال أمدها , ولا ترغب -ولن تستطيع -الإنقاذ سداد مستحقات السلام بها.
|
|
|
|
|
|