|
أسد الخُشش السوداني يهاجر إلى هوليوود
|
أسد الخُشش السوداني يهاجر إلى هوليوود
من أمتع الكتب التي قرأتها مؤخراً، كتاب الاستاذ المرحوم كمال محمد ابراهيم، أول سيناريست ومخرج سوداني بقسم الإنتاج السينمائي بوحدة أفلام السودان، وعنوان الكتاب التوثيقي الرائع (السينما في السودان، ماضيها، حاضرها، ومستقبلها)، بدأ مشيراً إلى بدايات علاقة السودان بالسينما بالقول (جاء في مذكرات السير ستيوارت سايمز الحاكم العام للسودان، في مؤلفه "جولة عمل" إن أول عرض سينمائي في السودان، تم بتوجيه من اللورد كتشنر عندما كان في زيارة للسودان في مهمة رسمية عام 1911 وكان ذلك لفلم إخباري قصير صامت تم عرضه في مدينة الابيض ضمن الإحتفالات التي اقيمت بمناسبة إكمال مد خط سكة الحديد إلى هناك، ووضح الفلم مقابلة الملك جورج الخامس ملك بريطانيا العظمى لبعض الأعيان والمشايخ من أهل السودان، في ميناء بورتسودان) يواصل موثقنا العظيم سرده فيقول (لا يعني البتة أن ذلك التاريخ كان بداية للعروض السنمائية في البلاد، غير أنه كانت تقام عروض لأفلام صامتة بعد منتصف العشرينات على سينما سكيتينج رينق بالخرطوم، لصاحبها عمانويل ليكوس اليوناني الجنسية) ويمضي السرد الشيق، يحكي عن إنشاء سينما كليزيوم، و النيل الأزرق الشهيرة بالبلونايل (حوالي عام 1934 أسست المؤسسة العسكرية البريطانية (نافي) داراً للسينما في الثكنات الجنوبية للجيش الإنجليزي، سميت سينما البلونايل، وكانت خاصة بالرواد من أفراد الجيش الانجليزي، والمدنيين من الإفرنج، تحت إدارة ليكوس، ولم يكن مسموحاً للمواطنين دخولها ومشاهدة الافلام المعروضة لأسباب سياسية، إذ كان قصد الحاكم البريطاني آنذاك، إبعاد عامة الجمهور السوداني من مشاهدة أفلام ربما تعطي فكرة سيئة عن الرجل الاوروبي، حسب فهم وأخلاقيات الرجل السوداني العربي المسلم، كما كانت السياسة في عمومها تخطط لترك السودانيين في عزلة عن العالم الخارجي، وايضاً بقصد حرمانهم من جني ثمار الثقافة والمفاهيم التي تعبر عن الحرية والوطنية خوفاً من تحولهم من احترام وتقديس الحاكم البريطاني إلى إنفتاح وفهم حضاري ليس في صالح المستعمر). ويوضح ذلك بقوله (أذكر أن شركة ليكوس في نهاية الثلاثينات تقريباً كانت قد استوردت فلماً أمريكياً تدور أحداثه في الكاريبيان يسمى الهاركان (Hurricane) بقصد عرضه على جمهور سينما الكليزيوم، نسبة لما يحتويه الفلم من مشاهد بطولية ومغامرات مثيرة خلال عاصفة الهركان الهوجاء، وعند عرضه على رقيب الأفلام البريطاني، وهو أحدموظفي مكتب السكرتير الإداري، لم يوافق على عرض الفلم في السينما التي يرتادها عامة الأهالي، ومن ثم تم تحويل الفلم لعرضه على شاشة البلونايل) يمضي الكتاب في سرده الدقيق الممتع، مشيرا إلى أنشاء شركة السينما السودانية في نهاية الحرب العالمية الثانية، وظهور السينما الاسكوب ونشاطات الهواة والنقاد الأوائل ومن بينهم اتى على ذكر السد محمد أحمد محجوب طيب الله ثراه، والدكتور عبد الحليم محمد، وتناول الكتاب مواضيع شتى، من بينها السينما المتجولة، والتعاون في مجال السينما بين مصر والسودان، والسودان في السينما العالمية فيقول (في عام 1932 قامت شركة بريتيش انترناشونال بالتصوير في منطقة وادي حلفا وما جاورها على نهر النيل، لفيلم أقتبست قصته من قصة للكاتب الانجليزي آرثر كونان دويل، وكان عنوانها مأساة الباخرة كوروسكو، Tragedy of the Korosco ، وفي عام 1938، قامت شركة لندن فلمز، لأصحابها اخوان كوردا، بتصوير فلم الريشات الأربع، بالألوان و الصوت في منطقة السبلوقة، وساعد في التنفيذ ضابطان من قوة دفاع السودان هما اليوزباشي عبد الرحمن القكي واليوزباشي أحمد بشير طمبل، رحمة الله عليهما، وأحد الأعيان من المنطقة هو السيد سرور رملي الذي اسند إليه دور ثانوي في الفلم). أما أطرف ما قرأت في الكتاب، فقد كان فصل أسد شركة مترو قولدوين ماير، حيث يذكر الكاتب بالقول (أثناء زيارتي لمدينة السينما قبل ثلاثة أعوام تقريباً، إتصلت بي رئيسة إحدى مؤسسات المجتمع المدني التي تعنى بالتراث الفني الأمريكي، لتحدثني عن اصل الأسد المسمى "ليو"، وهو العلامة التجارية الصناعية لشركة مترو قولدوين ماير الشهيرة، يظهر الأسد في بداية كل فلم من إنتاج شركة مترو، بصرخاته الثلاث، معلناً بداية الفلم، مات هذا الأسد ودفن في مدينة "نيوجيرسي"، شرق الولايات المتحدة، وهي مدينة مروض الأسود والحيوانات المدعو فولتي بايفر، وقد اشتراه شبلاً لا يزيد عمره عن اربعين يوماً، كما قالت السيدة، من إعرابي متجول في الصحراء قرب مدينة بورتسودان، وكان ذلك في العام 1917، وقد تم تدريبه بعد نقله إلى أمريكا، وعندما كبر الأسد السوداني الجنسية، إشترك في عدة أفلام مغامرات انتجتها شركة مترو، ونسبة لإعجاب أحد مؤسسي شركة مترو قولدوين به، فقد اختاره رمزاً للشركة، وهكذا اصبح الأسد السوداني معلماً لأكبر شركة إنتاج وتوزيع وعرض سينمائي في العالم قبل تصفيتها). ملحوطة: هسي الأشبال كلهم و ألأحفاد عندهم قرين كارد.
|
|
|
|
|
|
|
|
|