|
حديث أفضال التمبربيديك
|
أفضال التمبربيديك
مررت في طريقي قبل عدد من الأيام، بطريق قلما أطرقه خلال جكتي الأمريكية السرمدية، وتشاء محاسن الصدف والأقدار أن يقع في ذلك الطريق، محل للأثاث المنزلي، يعمل فيه صديق، لم يقدر لي أن ألتقيه لزمن طويل ، فقلت لنفسي وشاهدي حداء (أحرموني ولا تحرموني، سنة الإسلام السلام)، أن أعرج عليه وأسلم، لا بأس، خير وبركة ففي الوقت متسع لبعض مطايبة وتراحم، بضع سويعات قبل أن يصحو غول المعايش من نومته. قلت أفاجئه، نفرح معاً نشعل ضوءاً في قتامة الجو والحياة، نمد الإيد ونتسالم، و(نلبع) ظهور بعضنا بعضاً، كما نفعل دائماً حسب مقتضيات التحية السودانية، والتي يسميها أخوتنا اليمانيون (نفض لي وانفض ليك)، قلت نتذاكر ونعيد الكان، و للأشياء نسبغ عليها لمعانها الذي أفل، يدعوني إلى كوب شاي أو قهوة، فأتدلل (والله ملان لي هني)، فيحلف بالطلاق، فأعز حلفه كاذباً (والله مابطال، إنشا الله يكون عندك نعناع بس). دخلت المحل الضخيم الفخيم، امشي أفسح طريقاً لنفسي وسط أرتال المراتب، والأسرة المصفوفة بعناية وتنسيق، الطنافس والتكايا والمرايا، وكل اسباب الراحة، والتي ذكرتني بالنكتة السمجة التي تحكي على لسان العربان، عن كسل أهل السودان، حيث استاجر صاحب محل للسراير، مجموعة من العمال السودانيين، وما عليهم عمل شئ، غير التسطح والنوم على السراير، فيراهم الزبائن، فيصدقون بأنها مريحة ويشترون منها، فما كان من احد العمال إلا سؤال صاحب المحل (أها وقت الراحة متين). دخلت المحل وكلي شوق لملاقاة عزو، فوجدته جالس في مكتبه الذي يشبه خندقاً متحركاً، والهاتف في يده، مرتب الهندام، مصفف الشعر، يهتز في مكانه وهو جالس، إهتزازة الأكابر، إبتسم من على البعد، أنهى الحديث، وقام متثاقلاً، أقل سرعة مما توقعت، قابلني وابتسامة بائع محترف متشكك تعلو شفتيه، إلتقينا في منتصف الطريق، تقالدنا علي سطح السجادة الشيرازية المزيفة، من صنع بلاد التايوان، نفض لي، أنفض ليك، عملاق أدركت منتصف عموده الفقري بعد لأي، وادرك هامتي، فربت عليها. مشتاقين، بالأكتر، إتفضل، جلست، قلب بين يديه قلماً وأزاح أوراقاً لم تكن أمامه تماماً، ولكنها على كلٍ حركة، طاف بعينيه في مناحي المخزن العظيم، فكأنما به يدعوني سراً إلى التأمل في ملكه، إستجبت لتنويمه المغنطيسي دون وعي، أجلت بصري في المكان، مراتب مرصوصة بعضها فوق بعض، وأسرة نوم عريضة، تستوعب الزوج وزوجه وخمسة من العيال، مخدات ومفارش وطرز من السند والهند وبلاد الساموراي، وسائد للإتكاء وأثاث عربي بلا قوائم منبطح على الأرض، وعثماني من زمان سليمان القانوني، ورقمي من هذا الزمان، يعمل بالأزرار. عدت من جولتي البصرية، والتي شملت حتى السقف وثرياته، ليته رآها الذي غني (والنجف ضوا في المديرية)، كدت أبدأ حديثي السوداني المعروف المبتدأ (أها كيف بلاي، جديدك شنو؟)، فعاجلني بحديث السوق المعروف المنشأ (أها رايك شنو بلاي)، أجبته بإجابة سودانية- تركية، تسد الطريق أمام أي محاولة في الإسترسال، تعلمتها واتقنتها مؤخراً: تمام. عاد بِكَرّة لا تأبه بتمامي .. جيت في وقتك، اليومين دي تخفيضات خمسة وعشرين في المية. أحسست بالمؤامرة، فرقعته بتمام مرة ثانية تحت الفك، فما اهتز له جفن، فعاد يقول: عندك مثلاً أوضة النوم دي، كانت بالف وميتين، أها أسي لغاية خمسمية دولار بديك ليها، أجبته دون وعي ، جميل ماشاء الله، ثم استدركت أغير دفة الحديث، احوالك شنو إنت يا عزو؟، قلت أدفع عن نفسي الشر، لم يأبه بسؤالي، فبادرني بسؤال من عينة (هل تعلم) إنت يا التاج سمعت بمراتب التمبربيديك؟؟ ثم جلس ينصت إلي عيني، وحتى لا اوصف بالجهالة، قلت بسرعة: سمعت بيها. شع ضياء الإنشراح على وجهه، فسرد على مسامعي، كلما يتوجب على المرء معرفته عن تكنولوجيا التمبربيدك، ثم اختتم الحديث بقوله: ارفع ليك باربعمية؟. أدركتني الحيرة فلم يَجُد على عقلي بإجابة، سارع فحكى لي قصة الزبون الذي كان يعاني من آلام رقبة حادة، حتى اهتدى إلي تكنولوجيا التمبربيديك، في المحل ده زااااتو، فاشتري مخدة تمبربيديك، فزالت عنه الآلام في الليلة الاولى وضحاها، تلكم التي عجز الطب بكل تقدمه وتخصصاته، عن مداواتها لعقد من الزمان، ثم سكت يحدق في وجهي، وانا اغضي الطرف دلالاً وحياءً، لم يسترح لخواطري ففاجأني مرة ثانية، بكلمة سودانية لها مغزاها ومعناها ... أها؟. وددت للبحر أن ينشق، فيقوم الفرعون بطرح كل المراتب في لجته حين تنفلق، وأن يطبق عليها الموج المرتد في جوفه، وانفد انا هاربا بجلدي، تائهاً في صحراء سيناء، حتي يعود هارون واخوه موسي، لينقذاني من عبادة العجل الذهبي. رفعت رأسي واستجمعت ما تبقي لي من شجاعة وعزم، نظرته في بؤبؤ عينيه، وقلت، يا عزو يا اخوي، أنا اوضة النوم بدور بيها شنو، العندي كان عندك ليها زبون تعال شيلا، شوف ليك ياخي زباين من العرسان الجداد، داخلين الليق ده بلياقة عالية، وعايزين يهدفو، نحنا ياخوي ناس نوم (كرويته) ساي، ووجع الرقبة والضهرديل، ياهو التايلنول ده، وزيت السمسم، أها بلاي إنت كيف؟ رأيت بام عيني كلماتي وهي تتساقط عن أذنيه، مثل زجاج محطم، تساقط على الارض ولها دوي، وقف واعتدل في وقفته، فكأنما حديثي كله، نوع من المساومة، أو مناورة من مناورات البيع والشراء، فأخرج طلاقه من (عِبّهِ)، أشهره في وجهي سلاحاً ماضياً علي الطلاق يا ابو السرة، بالتلتمية ولا تفتح خشمك!. دعوت الله وأنا أتاهب للهرب، بأن يجعل زيارتي لعزو، في ميزان حسناتي بحسب نواياي، اتجهت إلى باب الخروج، فناولني (بيزنيس كارده) في وثوق من يعلم بأنني راجع إليه، ثم لاحقني بقوله .. فكر في الموضوع ده، السيل ده حدو بكرة الساعة اتنين، و بالمناسبة عندنا مراتب (سليب باي نمبر)، وبنحول عملة السودان .... وعندنا تمباك وعسل نحل......... صحت اتخلص منه بكلمة سودانية، تحسن النساء إستخدامها بحذق، دون أن يعنينها حاضر. مثلها بالتمام مثل كلمة (ايون). وأنا افتح باب سيارتي، طوق نجاتي، سمعت صياحه للمرة الأخيرة، يائساً متحشرجاً: تعال طيب شيل من السراير الصيفية (البتتطبق دي) للعيال، بديك بناينتي ناين الحبة ! في البيت حيث يجتمع البني كجة، يواجهك سؤال طبيعي يقابل كل داخل من رحلة يومه، أها الليلة مشيت وين؟ أجبت مشييت لعزو ضحكوا ملياً وصاحو بصوت واحد أها ما اشتريت التمبربيديك.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
حديث أفضال التمبربيديك | Tagelsir Elmelik | 01-16-13, 02:45 AM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | Osman Musa | 01-16-13, 03:13 AM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | Tagelsir Elmelik | 01-16-13, 03:54 AM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | Osman Musa | 01-16-13, 04:11 AM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | Rawia | 01-16-13, 04:58 AM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | Rawia | 01-16-13, 05:02 AM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | حسين نوباتيا | 01-16-13, 05:27 AM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | Rawia | 01-16-13, 05:50 AM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | سامى عبد المطلب | 01-16-13, 06:38 AM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | mohmmed said ahmed | 01-16-13, 07:15 AM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | محمد عبد الماجد الصايم | 01-16-13, 08:36 AM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | Rawia | 01-16-13, 09:02 AM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | محمد عبد الماجد الصايم | 01-16-13, 09:11 AM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | سامى عبد المطلب | 01-16-13, 10:16 AM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | Tagelsir Elmelik | 01-16-13, 03:31 PM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | Tagelsir Elmelik | 01-25-13, 04:54 AM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | Tagelsir Elmelik | 01-16-13, 02:17 PM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | Tagelsir Elmelik | 01-16-13, 02:13 PM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | Tagelsir Elmelik | 01-20-13, 08:56 PM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | Tagelsir Elmelik | 01-16-13, 02:08 PM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | showgi idriss | 01-16-13, 03:28 PM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | Osman Musa | 01-16-13, 05:15 PM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | Tagelsir Elmelik | 01-17-13, 01:36 PM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | Tagelsir Elmelik | 01-16-13, 10:50 PM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | Tagelsir Elmelik | 01-16-13, 10:36 PM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | Osman Musa | 01-16-13, 11:12 PM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | محمد عبد الماجد الصايم | 01-19-13, 12:07 PM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | Osman Musa | 01-19-13, 01:35 PM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | Tagelsir Elmelik | 01-19-13, 02:53 PM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | طلحة عبدالله | 01-19-13, 07:38 PM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | Tagelsir Elmelik | 01-19-13, 08:53 PM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | طلحة عبدالله | 01-20-13, 12:42 PM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | Tagelsir Elmelik | 01-20-13, 02:37 PM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | Tagelsir Elmelik | 01-21-13, 02:39 PM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | Tagelsir Elmelik | 01-24-13, 05:17 AM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | عزان سعيد | 01-24-13, 09:11 AM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | Tagelsir Elmelik | 01-24-13, 02:52 PM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | Tagelsir Elmelik | 02-15-13, 11:22 PM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | عمران حسن صالح | 02-16-13, 06:22 AM |
Re: حديث أفضال التمبربيديك | Tagelsir Elmelik | 02-16-13, 04:42 PM |
|
|
|