الشيوعيون والسكة حديد: "الداب نفسو من نفسو قصّر"اا

Quote: بسم الله الرحمن الرحيم (وأتقوّا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة، واعلموا أن الله شديد العقاب) صدق الله العظيم.. الى عمال السكة الحديد... بالسودان عامة .. وبعطبرة خاصة. تمر حركتكم العمالية، في هذا المرفق الحساس، بأخطر منعطف في تاريخها، على الإطلاق... وهو منعطف يعرّض سيادة البلاد، ودينها، ومكتسباتها لأصعب الإختبارات، وذلك مما يحتّم على كل عامل، وعلى كل نقابي، منكم، استشعارا أكبر لمسوليته الدينية، والوطنية .. اننا نخشى، أشد ما نخشى، في هذا الظرف الدقيق، أن تتوّرط حركتكم العمالية، في السكة الحديد، في وضع شاذ بحيث تبرز مصلحتكم الفئوية كنقيض للمصلحة القومية!! أكثر من ذلك!! فاننا نخشى، أشد ما نخشى، أن تتوّرط حركتكم العمالية، وهي تمارس ضغوطا مطلبية، في عمل يؤدي الى تعطيل هذا المرفق، وهو الشريان الإقتصادي الأساسي للبلاد، وذلك ظنا منها، في البداية، أنها ضغوط محدودة الآثار، فيتعرّض اقتصاد البلاد الى كارثة، وأمنها وسيادتها، لخطر فادح!! لقد صحب تنفيذ مشروع تقويم وترتيب الوظائف كثير من الأخطاء وبعض هذه الأخطاء انما يتعلّق بالهيكل الراتبي نفسه، بما يؤثر على مستوى الأداء والإنضباط في الخدمة العامة، ومثل هذه الأخطاء لا بد أن تتفق كافة الأطراف، بما فيها انتم، على ضرورة تصحيحها. ثم، وبروح الاستشعار التام، لما يتهدّد أمن البلاد من خطر خارجي متربص تقف وراءه الشيوعية الدولية والشيوعية المحلية، وما تتعرّض له من شح الموارد في ظروف الإلتزامات المالية نحو التنمية، واللامركزية.. لا بد أن تجلس كافة الأطراف، بما فيها انتم، على مائدة الحوار للخروج من هذا الموقف الدقيق بما يوفق بين المصلحة الفئوية، والمصلحة القومية. ثم، مهما كانت نتيجة هذا الحوار فانكم، كطبقة ذات تاريخ وطني عريق، وموقف ثابت في دعم المكتسبات التقدمية لهذا النظام، يجب، في النهاية، الاّ تكونوا يدا في أي عمل يؤدي الى تقويض أمن وسيادة البلاد. اننا نحب لموقفكم من هذه القضية أن ينسجم مع طبيعة حركتكم كقوة اجتماعية ذات مصلحة في دعم هذا النظام وهو يقف حائلا بين الشعب، من جهة، وبين الطائفية والشيوعية من جهة أخرى، ثم هو يتجه لتنمية مواردنا الطبيعية في ظروف الغلاء العالمى الطاحن، في أسعار البترول، وأسعار السلع الإنتاجية، والإستهلاكية، وذلك بعد الإهمال الفاضح من العهود الحزبية البائدة لقضية التنمية والتحديث. ان للنظام أخطاءه، وهي أخطاء من يعملون، فيتحملّون مسئولية العمل، ولكنها أخطاء ترجح بها ايجابياته العديدة، مما لا نكاد نحتاج الى تذكيركم به. وأن للغلاء الذي يجتاح السوق أسبابه التي لنا فيها يد، كشعب وكسلطة، والتي هي خارج يدنا، كما اسلفنا. فما هي احتمالات موقفكم الراهن؟ 1)ما هي الآثار المترتبة على توّقف عمال السكة الحديد بالنسبة للمواد التموينية، ومستلزمات الإنتاج؟ أليست هي آثار تصيب الإقتصاد القومي كله بالأضرار، كما تصيب بالأضرار سائر الفئات، بما فيها أنتم، بحيث قد تضيع حتى المكتسبات التي اكتسبتموها، وتهدر كل أمل في مكتسبات تأملونها؟؟ 2)أليست الإستجابة لمطالبكم كاملة، وعلى وجه السرعة معناها الإستجابة لمطالب سائر العاملين في الدولة، بنفس المستوى، ومعناها أعباء مالية باهظة ستضطر الدولة لمزيد من فرض الضرائب على السلع الأساسية ذات العائد الكبير والسريع والمضمون، مما يعنى ارتفاعا أكبر في الأسعار، وتصعيدا أكبر لأزمة الغلاء؟ 3)الا يخدم الإصطدام الحاد بينكم وبين السلطة مصلحة الشيوعية المحلية التي تسعى الآن بينكم بالدس والوقيعة حتى تعزلكم، وتعزل الشعب عامة عن النظام بينما تقف القوى الشيوعية الأجنبية على مقربة من حدودنا الشرقية في تأهب تام للإنقضاض في اللحظة الحاسمة؟ 4)الا يدخلكم موقف الإصطدام الحاد مع نظام مايو في تناقض مع موقفكم المعلن من تأييده، ومساندته، قد يضعكم، من حيث لا تشعرون، في معسكر واحد مع عناصر المعارضة الطائفية والشيوعية؟ انكم عندنا مرجوون الى تجاوز هذا الموقف الدقيق بحسكم الصادق، ووطنيتكم المعهودة ... فلكأن بلادكم، الآن، أكثر حاجة الى حكمتكم، ورويتكم، من أي وقت مضى.. فلا تسجّلوا في تاريخها، على أنفسكم، الاّ ما يدل على أشدّ الولاء لها ... والله ولي التسديد. الأخوان الجمهوريون بعطبرة 14 يوليو 1979