ورغم هذا النقد القوي للمؤتمر الوطني ، إلا انه لم ينقده لأنه سيئ ، وإنما ليحفزه لأداء دوره المتوقع منه ، وهو أن يحشد العرب والمسلمين في شمال السودان ، ضد الهجمة ، التي يوجهها ضدهم المجتمع الدولي !! فإن لم تصدقوا أن رجلاً مثل د. الطيب ، يمكن أن يقول مثل هذا الكلام ، فأقروا ( وليس من مصلحة المؤتمر الوطني ولا مصلحة الشمال أن يقف المؤتمر الوطني وحيداً في مواجهة الحركة الشعبية التي تمثل الجنوب وتريد ان تحقق له اكبر قدر من المكاسب على حساب الشمال ولا في مواجهة فصائل التمرد في دارفور التي تتحرك على أساس قبلي وشخصي ، ولا في مواجهة المجتمع الدولي الذي يرغب في إضعاف العرب والمسلمين ويقف مع كل من يناهض المؤتمر الوطني ...وكان الموقف الاستراتيجي المتوقع من حزب يدعي التمسك بمشروع إسلامي حضاري أن يسعى جهده لتجميع المسلمين باتجاهاتهم المتعددة في أنحاء السودان المختلفة ليقفوا معه ضد الهجمة الامبريالية الغربية التي تستهدف الهوية العربية الإسلامية وتريد زحزحة قياداتها من مواقع السلطة في كل مكان )( الصحافة 27/10/2007م ) ..
إن د. الطيب يرى أن الحركة الشعبية ، تمثل الجنوب فقط ، فهو لا يعترف بالشماليين فيها ، وهي تريد أن تحقق مكاسبها على حساب الشمال، ولهذا – حسب رأيه- يجب أن يتكاتف الشماليين العرب المسلمين ، خلف المؤتمر الوطني ، ليصدوا الهجمة الداخلية الجنوبية ، والهجمة الخارجية الغربية ، التي تريد أن تطيح بالحكومة ، ضمن مخططها العام للإطاحة بالنظم العربية الإسلامية !! بهذا المفهوم العنصري ، الديني ، المتطرف ، نظر د. الطيب إلى خطاب السيد نائب رئيس الجمهورية ، فرأى علي عثمان ، في صورة المفكر المرتب ، والناصح الأمين ، وصاحب الحجة القوية الموثوق بها ، والذي يجب أن تؤخذ تصريحاته ، دون تشكك فيها، وتعتبر الميزان الذي على أساسه تقيم مذكرة الحركة الشعبية ، دون ضرورة ، للرجوع لردود الحركة ، وتعليقاتها على خطابه !!
وفي حالة د. الطيب زين العابدين ، فان هنالك عامل آخر، غير التعالي العرقي ، هو الوشائج العديدة ، التي لازالت تربط بينه وبين الحركة الإسلامية ، التي كل ما ظن انه بمثل تصريحاته الناقدة هذه ، تخلص منها ، برزت له عقابيلها ، مرة أخرى ، فأثرت على تفكيره ، وتقييمه للأمور، وكلما خطى خطوة للأمام ، شدته دون أن يشعر، إلى المقاعد الخلفية ، حيث يقبع أصدقاؤه ، القدامى ، من أمثال الأستاذ علي عثمان .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة