رحم الله الأستاذ تاج السر محجوب منوفلي رحمة واسعة بقدر ما أعطى، وبقدر ما جادت به قريحته السمحة من فضائل الأعمال وجلائل المعروف، فحقاً يصدق فيه قول الأستاذ حاتم السر فقد كان اسماً على مسمى، تاجاً للجمال والكمال والاخلاق، وسراً الهياً لمعاونة المحتاجين والضعفاء والمساكين"، وحاجباً لذوي القربى ولأرحامه المتناثرين على أديم الأرض. كان باراً بأهله، وواصلاً لرحمه، يمدهم بعطاياه من فيض كسبه المحدود، ويثمن عطاءهم المجلوب إليه، كائلاً إليهم صاع الحسنة بصاعين، يعينهم في المكاره، ويشاطرهم في الأحزان، وفي أفراحهم كان أقرب إليهم من حبل الوريد.
زرت برفقة والدي، الذي كانت تربطه به علاقة ود شفيف، ولكل طرف منهما في نفس الطرف الآخر معزة خاصة، في إجازة السنوية عام 2005م، بمنـزله العامر بقرية فقيرنكتي وجوار المسجد العتيق، ووقتها كان يعاني من داء الكلى، إلا أن ابتسامته المشرقة كانت لا تفارق وجهه الصبوح، حاول أن يقدم لنا كل واجبات الضيافة، والكرم الحاتمي، ويسامرنا في تواضع جم كعادته، مقاوماً ذلك الداء العضال بجود مغروس في نفسه الأبية التي لا ترضى الذل والمهانة، وتترفع عن الذين تقاعسوا إلى الأرض وغمسوا أيديهم في فُتات موائد السلطان.
كان تاج السر رجلاً يقعده الحلم، وتسكته الرزانة، دلائل الفضل ظلت عليه شاهدة في أية بقعة حلها بها ضيفاً أو عاملاً قضائياً، فتجد سيرته كالبحر من كل النواحى أتيته، فالجود لجته والمعروف ساحله، لأنه ظل يقذف إلي أولئك النفر الخير جواهر الكلم الطيب ويرسل إليهم سحائب فيضه السابلة. ومن ثم أحبه ذوو القربى، والجار الجنب، والصاحب في الجنب، وكل الذين رافقوه في سنوات الشتات والأحن، ومنهم الأستاذ حاتم السر. أحبه الضعفاء، فصاغوا له شعاراً انتخابياً من واقع بيئتهم المعطاة: الركب الحادي يانادي السر القاشي الماشي يانادي السر الطير في بلادو يا نادي السر الدايرة حكر لي تاج السر كان تاج السر، حقاً إنساناً رسالياً، سمحاً إذا باع وسمحاً إذا اشترى، مناقبه لا تحصى، وشمائله لا تعد، وجمائله تعجز القراطيس عن وصفها. فله الرحمة ولنا حسن العزاء.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة