لو كان هناك عبقريا سودانيا واحد لكان هو ....

Quote: الأخ أحمد الأمين طرحت أمثلة جيدة عن إعتبارات خلافة أو قيادة الطوائف الدينية. وهى تتداخل ما بين زعامة الطائفة وبين زعامة وتولى الحكم. فزعيم الطائفة ليس بالضرورة أن يتقدم للحكم والترشح له، السيد عبد الرحمن المهدى مثالاً كان زعيماً للطائفة وقدم للحكم غيره، وإن كان تطلعه للحكم قائماً (ملكاً أو رئيساً) . بشير وأمين الجميل ينتميان لحزب الكتائب ويمكن تجاوزاً أن نقول عليه طائفة لأساسه الدينى المسيحى وله مليشيات عسكرية (لا أعلم إن كانت مليشياته قائمة الآن). ولكن كلا بشير وأمين الجميل لم يتقلدا زعامة حزب الكتائب عندما ترشحا للرئاسة اللبنانية وفازا بها عام 1982 فى حياة والدهما بيار الجميل مؤسس ورئيس حزب الكتائب، وكان على رئاسته آنذاك وحتى مماته فى 1984 . تقديم الإبن الأصغر عن الأكبر للحكم شئ آخر، بشير لم يكن زعيم الحزب أو الطائفة، بل كان قائد عسكرى لمليشيا الحزب. مع ملاحظة أن بعد موت الأب بيار الجميل وبغياب أمين الجميل بأمريكا ترأس الحزب شخص آخر، عاد أمين الجميل لمنازعته أحقية الرئاسة فأبتدع لأمين منصب (رئيس أعلى) . مثالك عن السعودية، لا ينطبق على طائفة دينية بل على نظام حكم ملكى يتوارث بين الأخوان أبناء الملك عبد العزيز مؤسس نظام الحكم الملكى. والأصل فيه الأحقية بالسن، ثم تأتى إعتبارات آخرى أهمها عزوف من له الدور عن تولى الحكم مثل الأمير محمد أبوشرين والأمير مشعل. الحكم الأموى والعباسى ينطبق عليهما كذلك بأنها أنظمة حكم عائلى تسيطر عليها فروع بعينها، وليست طوائف دينية . أما طائفة الشيعة تسلسل إمامتها فى نسل الحسين، دون الحسن، فذلك فى راييى يعود لمركز الشيعة بالعراق حيث قبر الحسين، بينما الحسن بالبقيع. كذلك المقتل المأساوى للحسين وسلالة الرسول (ص) بالعراق وخذلانهم له. ولكن ستجد اتسلسل الإمامة تحكمه أولوية السن ما لم تحول أسباب أخرى. فهل كانت هنالك أسباب تحول دون إمامية على المهدى؟ الطوائف الدينية التى عنيتها هى التى بالسودان المعروفة بالطرق الصوفية، وهى منبع المهدية التى إدعاها الإمام محمد أحمد المهدى. ولا بأس بمقارنة طوائف خارجية. نجد بالسودان تتوارث مشيخة الطريقة الدينية بأولوية السن، مع إعتبارات آخرى مثل التدرج فى العبادة وإعتلاء درجات تصوف متعارف عليها. لعل من الأمثلة هنا أولاد أبى قرون صلاح (إبن البادية) والنيل أبوقرون، الأول إختار طريقاً آخر، فآلت المشيخة للثانى. المهدية فى القرن 19 والطائفة بزعامة السيد عبد الرحمن المهدى فى القرن 20 لها خصوصيتها، وقد تطرقت لشئ منها فى حديثك عن المهدية ما بين محمد أحمد وعبد الله التعايشى، وأولوية ترتيب قائمة خلافاء المهدى، وما يتهم به الصادق المهدى. سأتعرض لذلك لاحقاً، ولكن قبل ذلك يظل التسآل أولاً لماذا من أبناء المهدى عبد الرحمن الإبن الأصغر وليس الأكبر على المهدى ؟ ثم التسآل لماذا ليس أبناء الخليفة، أو غيرهم من غير سلالة المهدى والتعايشى. هذه التساؤلات لها علاقة كبيرة بتاريخ السودان الحديث فى القرن العشرين وبمذكرات السيد عبد الرحمن المهدى. وذات علاقة وثيقة بالبوست الذى منح وسام العبقرية السودانية المتفردة للسيد عبد الرحمن المهدى.