كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
تداخلات
|
قصة ـــــ تداخلات ــــــــ يحيي فضل الله ـــــــــــــــــــ في عينيه ركضت هواجس ، معالم لا تحد ، خربشات عميقة بين الذاكرة والرؤية ، حدق في كل الناس ، التف بهم ، تداخل مع نبضاتهم ، امتص معهم لحظات الانتظار ، اختنق مثلهم بضوضاء المحطة و لم يقل شيئا لمن داس علي اصابع رجليه بنعلين ثقيلين ، كان واقعيا ، ليس هناك مفر من ان تكون رجلاه جزء لايتجزء من ارضية ممر الدرجة الثانية الممتازة ، حاول ان يجلس انها الممتازة ، عدل عن الفكرة لان تكوينه الجسماني لا يسمح له بالجلوس ، حاول ان يمتص انفعالاته بان يقرأ شيئا من الشعر ، رن جرس المحطة . ـ انت يا خي القطر ده حقك ـ ـ ما قلنا مافي طريقة ، الله ـ ـ الطريقة بعرفا براي ، بس انت اتحرك من الباب ـ ـ والله ما في طريقة ، شوف العربية التانية ـ ـ ما في زمن ، انت ما سامع الجرس ؟ ـ ـ ....................... ـ ـ احسن تتحرك من الباب بالحسنة ـ ـ ......................... ـ ـ خلي عندك دم في وشك ـ ـ يعني داير تعمل شنو ؟ ـ اختلطت الاجساد علي الباب ، غابت الاسلحة البيضاء ودخلت السن في اللحم ، عراك في مساحة ضيقة ، تدخل المطيباتية وانتصر القادم الجديد بينما الآخر يصدر انينا ويصرخ ـ راجل كبير تعضي بي سنونك ـ رن الجرس للمرة الثانية . ـ ـ ـ ـ الدرجة الثانية ............... العرق علي كل جبين ، صرخات الباعة ، ضجيج المزدحمين داخل العربة ، اقدام تبحث عن موضع بين العفش المتناثر في كل مكان. ـ يا اخوانا الناس القاعدين في الشباك ما يرحمونا شوية ـ ـ هبوبك يا الله ـ والكل في انتظار نسمة تهب عند تحرك القطار . سقطت شنطة حديدية ثقيلة علي عجوز كانت تقف بقرب احد المقاعد آملة في فعل المروءة ، صرخت وانفجرت ثائرة ـ الله يلعن سفر الزمن ده ويلعن ناس الزمن ده ، ناس ما فيها رحمة ، لا يعاينو لي صغير ولا لي كبير ، غير الكترة ما عندهم شئ ، ناس مسافرة ، ناس راجعه ، ناس مسافرة ـ و تنفست الصعداء وقالت ـ الله يهون القواسي ـ ـ معليش يا حبوبه ـ قالها شاب كان يجلس وعلي فخذيه جهاز تسجيل ، تحسست هي أثار سقوط الشنطة علي يدها و انفعلت ـ احسن تمسك شنطتك عليك وتمسك لسانك كمان ، عندك نفس تقول لي حبوبه والله مساخر ، ما تعاين لي والله اقوم عليك الا اخليك تتململ فوق جمرا حي ، عليكم الله شوفوا محن الزمن ده ـ آثر الشاب السلامة بعد ان رأي في عينيها عنفا يرغب ان يضع لنفسه موضعا . ـ ما تتكلم تاني ، افتح خشمك تاني عشان احشي ليك تراب ، يا خايب الرجال يا ما مربي ـ التفت الشاب الي الناحية الاخري و تحدث الي جاره . ــ ــ ــ ــ رن الجرس للمرة الثانية انها السابعة ، لاشئ سوي الضجةالمختلطة بالسكون المميت ، السابعة مساء ، كانت هذه اللحظة حتي البارحة القريبة مليئة بالعبق ، لحظة لها انسيابها دون ادني متاعب سوي ذلك العبء الحميم الذي يتسرب بين الانفاس المخترقة لاضواء النيون الخافتة ،حركة الكافتيريا تنبض بالحياة ، يكون هو قد فرغ من احتساء الشاي بتمهل مفتعل رغبة منه في سجن الزمن داخل نشوته و داخل تلك التفاصيل التي تعامل بها ـ رحاب ـ اناملها ، لابد ان الانامل لهاالقدرة علي الحديث ، بل حتي علي الصراخ من خلال اللون الذي طليت به الاظافر ـ ،، ايديك ما محتاجة لي منكير ايديك محتاجة لي ايديا ،، ـ ,, انت ليه مصر علي القصيدة دي بالذات ؟ ،، ـ ,, بس اللون الاحمر ، اسمعي البيت ده بس ، بس ، لاحظي بس دي اعتراضية كيف ، بس اللون الاحمر ، لون حارتنا وكل بيوتا ،، ـ ,, انا افتكر ده اعتراض علي الزينة عند المرأة ،، ـ ,, لا ، ده اصرار علي الزينة ، لكن ياتو زينة ، اسمحي لي اسميهاالزينة التلقائية مش الارتفشيل ،، ـ ,, يعني هسه انت معترض علي المنكير العاملة انا ؟ ,, ـ ,, معترض شنو ؟ انا منحاز لي اللون ده بالذات ,, ـ ,, انا بفتكر انو صارخ ,, ـ ,, ميزتو انو صارخ ، درجات البنفسجي كلها جميلة ,, ـ ,, هيي ، الساعة سبعة و ربع ، انا ماشة الداخلية ,, ـ ماشة تنومي يعني ؟ ، ما نقعد شوية ,, ـ انت ناسي ولاشنو ؟ ، مفروض احضر لي سمنار بكره و ما عملت حاجة غير جمع المعلومات ,, ـ ,, لا ،كده معليش ,, ـ ,, عندك حق الفول ,, ـ ,, لا ، ماخلاص حاتعشي في الداخلية ,, ـ ,, خلاص ، هاك اشتري سيجاير ,, ـ,, ياخوانا ، التوليت ما بختوا فيهو عفش ,, ارتدت خيالاته ، اختناق ، عدل وضع رجليه ، اليسري تنملت ، احس بانه مجبر علي سفر لم يحن اوانه بعد ، يرغب في التدخين ، تحسس السيجارة التي قبعت داخل جيبه ، تلفت حوله ، لكز احدهم في رجله ، نظر الاخر اليه من فوق ، ـ,, سفه ، ممكن سفه ؟ ,, ـ ,, ابدا ما بستعمل يا ظريف ,, ........... دوت صفارة القطار صليل الحديد حين يحتك بالحديد ، الحركة لها فعلها في الناس فالارتياح دب في النفوس ، بدأ اهتزاز القطار يتزايد بينما اختلطت اصوات الناس و افكارهم بايقاع منسجم مع سيمفونية المعادن الناتجة من حركة القطار ، التقت عينان لاحت فيهما معالم مدينة يتناثر فيها الخلق من احياء يصطخبون واموات يمشون عليها من زمن يأتي و لا يأتي ، مدينة تغلغلت فيها مدارات الانتباه المزمن وارتحالات القلق المميت و جرثومة النزلات المعوية ،التقت هذه العينان بعينين جنح فيهما الهدوء و لونت الرغبة فيهما الدفءوالخصوبة ، اصلحت هي ثوبها ، لاحظ هو تنفسها حين نظر الي صدرها الناهد ، ابتسم ، شكل عينيه بحديث مذاب ، حرك فمه بحركة تقول بدون صوت ـ ،، نازلين وين يا سكره ،، احس بكف ثقيلة علي كتفه ، رجل ناهز العقد الرابع ، نظر اليه بخبث و قال ـ ،، ذوقك جميل ،، ـ ، دهش ،ماتت علي لسانه الكلمات ، احس بالخوف ـ ،، الحلوين نازلين كوستي ،، ـ ، ضحك الرجل امتد الحديث بينها ، كان الرجل ثرثارا لايخلو من ظرافة و طرافة ، حكي عن مغامراته ، دون كيشوت في عقلية دون جوان ، اخرج الرجل من جيبه مجموعة من الصور لفتيات اينع الحسن فيهن واختلف و كانت هناك صورة عليها ختم لشفائف حمراء . ............ تك .. تك .. تك ضربات حادة و متقطعة ـ ،، التذاكر يا جماعة ،، ـ تململ الركاب ، حاول بعضهم الهروب فنجح و فشل البعض فتكاثرت علي جيب الكمساري النقود و قلت علي ايدي الركاب الايصالات الصفراء ـ ايصالات الغرامة ـ ـ ،، انتي يا حاجه تذكرتك ،، ـ ـ ،، تذكرة شنو ؟ ،، ـ ـ ،، الله يا حاجه ، انتـي مش راكبه في القطر ده ؟ ،، ـ ،، آجي يا اخواتي ، هسه انت شايفني قاعده في مقعد ؟،، ـ ـ ،، في مقعد ، في الواطه ، طايره ،ياحاجه المهم تذكرتك ، تذكرتك ،، ـ ـ ،، هـي ، كدي ،، ـ ـ، ماشه وين حاجه ؟ ،، ـ،، ودعشانا ،، ـ ـ ،، طيب ودعشانا ، تدفعي حكاية ...... ،، ـ ـ ،، لا بتدفع و ما عندي ،، ـ ـ ،، ده كلام شنو يا حاجه ؟،، ـ ـ ،، ياهو كلامي و ما بزح من هنا شبر ،، ـ صمت الكمساري هنيهة ، نظر اليها بيأس ثم تحرك للأخرين متخطيا غابة السيقان علي الممر . .......... الحصاحيصا أرق لا تمتصه الا الحركة ، عاد الاختناق بتوقف القطار ، تبدو الوقفة ابدية ، احتراس ،هكذا يقولون ، فكر في الخروج واستخدم الشباك كباب رغم ضخامة جسمه ، لامست قدماه الارض ، رغبة عنيفة ان يطلق ساقيه للريح ، تجول في انحناءالمحطة ، دار حول القطار بالجهتين ، احساس بالكأبة يشوبه ارتياح جسماني حيث تحرر الجسم من عقاله و قوقعته داخل الممر ، تمـدد علي التراب ، حدق في السماء ، تململ علي جنبه الايمن ، وخزة حادة ، انه الخنجر ، لازال في مكانه مثبتا علي حزام البنطال ، لابدمن التسلح داخل فناء الجامعة ، احداث العنف الاخيرة تبعها هوس التسلح ، يتذكر الان ،كان يقلب في كتاب ـ تقويم السودان للعام 1945 م ـ ، كان ممتنا للجهد الذي بذله ـ الريح العيدروس ـ في تقديمه لمعلومات اراد ان يستعين بهافي بحثه عن العلاقات المصرية السودانية آنذاك ، كان يقرأ بالتحديد عن اتفاقية 1899م ـ ،، ولما كان السودان جزءا لا ينفصل عن مصر فان وجود الجنود البريطانيين في السودان يقوم علي نفس الاساس الذي يقوم عليه وجود جنود بريطانيين في مصر نفسها و علي ذلك فان الحكم علي وجود الجنود البريطانيين في السودان كحكم وجود الجنود البريطانيين في مصر ، هذا والخلاف بين الطرفين المصري والبريطاني بشأن السودان قد وصل الي عقدة يقدر كل المراقبين السياسيين بانها لا تحل بالمفاوضات والرأي المصري ..... ،،ـ خبط علي الباب ، ترك الكتابة ، فتح الباب ، ادفع ـ قدوره ـ يلهث متعبا ـ ،، جاطت ، خبط تقيل ، النور و عبيد في المستشفي ،،ـ ـ ،،المستشفي ؟؟ ،،ـ ـ ،، النور مطعون ، حالتو خطره ، عبيد مفلوق ،نزف شديد ،،ـ ـ ،، وين الكلام ده ؟ ،، ـ ـ ،، قدام صناديق الاقتراع ، كدي هسه قوم ،، ـ ـ ،، مؤسف ،نمشي وين ؟ ،، ـ ـ ،، اجتماع لازم نستعد ،، ـ ـ ،، حتكون حرابه يعني ؟ ،، ـ ـ ،، ما معروف ، لازم كلو زول يحمي نفسو ،،ـ اتفق الاجتماع علي ضرورة التسلح الفردي ، لم يقتنع بالفكرة تماما ، لم يكن ميالا الي العنف ،لكن ـ رحاب ـ اجبرته علي التسلح و اشترت خنجرين ، اعطته واحدا و علي عينيها جسارة و تمرد . ـ ،، انتي ما محتاجة لي خنجر يا رحاب ،، ـ ـ ،، برضو ؟ ، زي المنكير ،، ـ ـ ،، عندك سلاح اقوي من كده ،، ـ ـ ،، لا عليك الله اقنعني لامن اروح في شربة مويه ،، ـ ـ ،، عيونك يا رحاب ، عيونك اخطر من القاذفات ،، ـ ـ ،، اولا ، دي رده ، لانو ناس الحقيبة قالوها قبلك ،، ـ ،، عارف ،جوز عيونو مدافع السواحل ،، ـ ـ ،، ثانيا ، دي رومانسية ثورية ساكت ،، ـ لا زال الخنجر في مكانه ، ربما لانه من رحاب ، البحث عن طوطم متعلق بها ، سفر اجباري ، هي الي بورتسودان وانا الي الابيض وبين شرق و غرب انهزم الزمن العاطفي امام الزمن السياسي ، لم يبق الا التفلسف ، الجامعة تقفل ابوابها ولاجل غير مسمي ، اخذ نفسا عميقا ، جلس ، تفحص ارجاء المحطة بنظرة لا مبالية ،هب واقفا ، دوت صفارة القطار ، هرول الركاب ، حصل علي ـ سفه ـ من احدهم ، كورها علي راحة كفه ، وضعها علي لثة شفته العليا وبصق مفكرا في امكانية الصعود الي مكانه . .......... السطوح ......... كان مكتظا بالركاب ،منهم من تعود علي معانقة النسمات علي السطح و منهم من ضاقت به ذات اليد فلاذ بالسطح هربا من عيون الكمساري وبديلا عن مطاردات الشرطة و منهم من جعل التسطيح هواية له هربا من الزحمة في الداخل فاذا السطح يضيق و تتلاصق عليه الاجساد. انتفض احدهم هاربا لانه حظي بنظرة قاسية من الشرطي الذي كان يهم الصعود ، ركض مسرعا ليتخطي العربة التي داهمها البوليس ، تجمد فجأة بعد ان قابل شرطيا آخر علي جانب العربة العربة الثاني ، حوصر سطح العربة شرطيين ، اخرج احدهم مسدسه و ضخم صوته ـ ،، يا سلام ، يا سلام علي النسيم العليل ، يا الله اتحركوا انزلوا علي الحراسة وبدون فوضي ،، . اقترب احد الركاب من الشرطي وبعد ممانعات وصلت حد الدلال والغنج ، همس له الشرطي واتحه الراكب الي بقية الركاب الذين صاروا حجارة صامتة الا ان دواخلهم كانت تفكر في المصير ، قابل لسان الراكب اذن بقية الركاب ـ ،، شوفوا ليهم حاجة ياجماعة وارتاحوا ،، دأت النقود تتوافد علي يد الراكب ، جمعها ، ناولها للشرطي الذي جال بنظره علي الركاب ، حولهم سريعا الي ارقام ونظر الي النقود قائلا ـ ،، خلصت منهم كلهم ؟ ،، ـ ،، كلهم ، كلهم يا جنابو ،، ـ،، بس دي بسيطة ،، ـ ،، معليش ، قدر الحال ،، ـ ،، وانت متأكد انو كلهم دفعوا ،، ـ ،، طبعا ، متأكدة ،، ـ ،، لا ، معليش ، نسيت ،، و ادخل الراكب يدا مرتجفة في جيبه و ناول الشرطي ورقة من فئة الخمسة جنيهات وارتاح الركاب علي السطح و تعالي شخير بعضهم طاغيا علي احاديث البعض . .......... سنار ـ التقاطع ................. صراخ حاد ، ولولة مكثفة ، هرول بعدها الناس الي عربةمن عربات النوم ، استطاع احد الاذكياء ان يسرق شنطتين عادت بهما ـ ست النفر ـ من القاهرة انها ـ شيلة ابنها حسن الذي اهتدي اخيرا الي الزواج بعد ان اقترب من الاربعين ، تفرق الناس مع صفارة القطار ، الكل يجري الي مكانه خوفا من ان يضيع . ........... عربة البوفيه .............. انزل عمامته علي فخذه وخلع نظارته و مسح علي رأسه ثم نظر الي عبدالقيوم قائلا ـ ،، شوف يا عبدالقيوم هي المسألة هي المسألة كلها ما محتاجة غير انك تكون متابع ، لانو المتابعة للامور البتحصل في السوق بتخليك تضبط استخدام السلعة التجارية ، يعني ياتو السلعة ممكن تفكها هسه وياتو صنف ممكن تخزن دلوكت وبعدين تفهم حاجة مهمة انو ما كل سلعة قابلة للتخزين ، يعني في سلع ما ممكن تتخزن اكثر من شهرين وسلعة تانية تستحمل تتخزن لمدة سنة يعني لابد من فهم قوانين التخزين الخاصة بالسلع ، انا هسه المخزن بتاعي تقريبا شوالات العيش حوالي عشرة الاف ،، ـ ،، فتريتة ،، ـ ،، لا ، ابدا ، مايو و حانتظر انتاج هبيلا باذن الله ،، ـ ،، والله هسه انا مفكر في الزيت ،، ـ ،، ما انا متكل علي كوتات التموين ،ده طبعا بمساعدة عباس ,, ـ ،،عباس الرسمي ، باللاهي ، ده راجل مفيد،، واحضر الساعي عشاء فاخر ، وضع عبدالقيوم مسبحته الصغيرة ذات الحبيبات المزركشة اللامعة في جيبه و شمر كم جلابيته السكروتة بعد ان وضع مرفق اليد اليسري علي التربيزة ، مصطفي يعلو نفسه حين يأكل مصدرا اصواتا نهمة ، قال و فمه ملئ بثلاثة لحمات و خمشة من الجرير ـ ،، بعد ما اشوف ارباح السنة دي، بعد الجرد طوالي حاكون عريس ،، ـ ،، يا راجل ، بعد ده انت عندك نية عرس ؟ ،، ـ ،، هو البعرس غيرنا منو ؟ ، نحن بس الممكن نعرس و بعدين القروش اصلها ضايعة فاحسن الواحد فينا يستمتع بزينة الحياة الدنيا ، ولاشنو ؟ ،، ـ ،، والعروس ؟ ، نقيتا ؟ ،، وتغير صوت مصطفي الي همس مشحون ـ ،، نازك ، نازك بت حسنين ، يا دوبك كده في كادوقلي العامة ،، ـ ،، في الثانوية العامة بنات ؟ ،، ـ،، يعني حتكون في العامة بنين ؟ ،، وانتشر في عربة البوفيه ضحك متخم و صفيق .
ــــــــ كوستي ......... اختلط ضجيج الباعة و المسافرين ، كوستي تلك المدينة ذات الحيوية العالية ، كان قد تمدد علي الارض مدة ارتاحت فيه عضلاته من التقلص ، بعدها اخذ يتجول بين ارجاء المحطة ، احس بانتعاش بعد ان شرب كوبين من الشاي علي التوالي ، الرغبة في المشي ازدادت ،تابع خطواته دون هدف ، اصوات البوابير من الورشة تختلط برائحة الزيوت القديمة التي تمتزج برائحة السمك ، هربت خطواته من الضجة والرائحة بحثا عن نسمة عليلة ، ادخل يده في جيبه ، اخرج سيجارة من العلبة التي اشتراها في المحطة ، اتجه صوب شجرة نيم ظليلة تقابل شارع الاسفلت المجاور للمحطة ، جلس تحتها واشعل سيجارته ، اخذ نفسا عميقا وهو يتابع عربات الكارو واللواري والعربات الصغيرة و عربات التاكسي البيضاء و هي تخرج او تتوغل داخل المدينة ، احس بوخز الخنجر علي جنبه ، قفزت الي ذهنه الهراوات والدماء التي سالت ، عدل من وضع الخنجر ، انها رحاب تلك المتمردة الجميلة ، انها تتجلي لي ن خلال هذا الخنجر ، تتعمق صورا في داخلي ، كلما احس بالخنجر اشك في انني اصبحت طوطميا ، تري هل كانت محقة حين اشترته لي ؟ ـ ،، الخنجر معاك ؟ ،، ـ ،، خليتو في الداخلية ،، ـ ،، ليه يعني ؟ ، تقيل ؟ ، ما بتقدر تشيلو معاك ؟ ،، ـ ،، رحاب ،ما ضروري كل يوم الواحد يشيل معاهو خنجر ، يعني بس .... ،، ـ ،، بطل التنظير الكثير و حقو ترجع لداخلية تجيبو ،، ـ،، رحاب ، ما ضروري ،، ـ ،، شنو الماضروري ، ممكن تحصل اي كعة ،، ـ ،، نحن وين؟ ، في تكساس ؟ ،، ـ ،، في تكساس ، في الفسطاط ، المهم لازم تكون مسلح ،، ـ ، رحاب ، انتي ايفة علي ؟ ،، ـ ،، عليك الله بطل الرومانسية بتاعتك دي وارجع الداخلية ،، ـ ،، انت مدياني فرصة اكون رومانسي ؟ ،، ـ ،، يا ود خليك قدر الموقف ،، ـ ،، طيب ، القاك وين ؟ ،، ـ ،، في الكافتيريا ، طبعا ،، لا ادري كيف اصبح الخنجر مألوفا لدي ؟ ، رحاب لديها القدرة علي جعل كل الاشياء تبدو اليفة و منسجمة ، حتي السلاح ، قدرة متميزة في التعامل مع الاشياء ، كل الاشياء ، انا مصر علي انها تستطيع ان تكون مركزا لكل الكون ، يبدو انني اعطيها مميزات خارقة ، طبعا انه الحب ، الحب يفعل العجائب . صفارة طويلة ، ركض مسرعا نحو القطار . .......... الغبشه ......... تناثر الركاب علي الارض ، رمال ناعمة و مغرية للنوم خاصة ان كثرة الامطار في المحطات القادمة اوقفت القطار. ـ ،، اطعن بي هنا ،، تجمع بعضهم يلعبون ـ الضالة ـ ،، خلي يطعن هنا وانت اطعن هناك ،، ـ ،،انت راجل راك ، هنا ،، و جاءت صرخة جميلة ـ ،، ايــوه الشاي الشاي السخن يا ،، وتحول الصوت الي غناء مبحوح ـ،، الشاي جميل هبهانو تقيل و مويتو من النيل ،، و دوت صفارة القطار فاهتزت جوانب بائع الشاي و بصق ـ السفه ـ بعد ان وضع براده علي الارض ـ،، الله يلعنك يا الشؤم ،، داعبه احد الركاب و هو يركض ـ ،، معليش يا عمو المره الجايه ،، .......... الدرجة الثانية الممتازة ......................... كانت هناك علي الممر الذي هو فيه يدان تعبثان بنهدين لم يتذوقا اللمس بعد ، وتضايقت الصبية و قالت بصوت احتواه الأنين ـ ،، يمه ، يمه ، القاعد معاك فوق الكرتونه منو ؟ ،، ـ ،، يا مني مالك ؟ ،، ، ردت الوالدة التي كانت قرب التوليت ـ ،، الحته دي ضيقة يمه ،، ـ قالت مني و الأنين لا زال في صوتها ، قام صاحب اليدين العابثتين من شنطته التي شاركته فيها الصبية الجلوس و قال بصوت مرتبك ـ ،، طيب ، ارتاحي كويس ،، ـ ،، لا ، لا ،، قالت مني بغضب . و من بعد بعيد قالت والدة مني ـ ،، يامني مالك يابت ، يا حماد ، شوف اختك مالا ،، ـ ،، اقعدي خلاص ،، قال صاحب اليدين العابثتين وانفجرت مني ـ ،، ما تتكلم معاي يا وسخ يا صعلوك ،، وتدخل حماد بعد ان فهم من عيون اخته ما الذي حدث و صفع صاحب اليدين العابثتين واشتبكا حتي ان المسافة الضيقة في الممر صارت اوسع علي بقية الركاب ،عاد هو من افكاره المتشعبة ليراقب الموقف الذي يحدث الان ، صرخة حادة من احد المشتبكين وارتطم جسمه بارضية الممر بينما وقف حماد و في يده سكين تسيل منها الدماء ، تلتخطت ارضية الممر بالدماء وتجمهر الركاب واحس هو بالغثيان والدوار ،انتابته رغبة عنيفة للانفلات من هذا المكان ، تجمدت افكاره علي شئ واحد هو الخنجر ، تحسسه جيدا ، اخرجه من مكانه ، الاشتباكات امام صناديق الاقتراع ، السكين في يد حماد ، عصي من السيخ ، عيون رحاب المتمردة ،الخنجر في يده ، شعارات انتخابات الجامعة ، الدماء علي الممر ، القطار يبطئ السرعة ، الخنجر في يده ، اخرج رأسه من الشباك ، بدأت ملامح المحطة تبدو ، الغثيان ، الدوار ، ضجة الركاب ، الدماء علي الممر ، القطار يبطئ السرعة ، شعارات الانتخابات ، ضحكة رحاب الساخرة ، الخنجر في يده ، رأسه يطل من الشباك ، الرمال بدأت تنمو عليها الخضرة ، صبية و اطفال يركضون ، يسألون القطار خبزا ، غثيان ، دوار ، قذف بالخنجر ، انغرز علي الرمال التي بدأت الخضرة تنمو عليها ، تسابق الاطفال نحو الخنجر يحسبونه خبزا واستطاعت صبية ان تفوز به لكبر سنها ولخفتها ، اخذت الخنجر واتجهت نحو القرية و هي تصرخ ـ ,, يـمه ، يـمه البشاره البشاره يـمه البشاره ،، وابتسم هو من خلال دموعه .
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
تداخلات | Yahya Fadlalla | 11-27-04, 10:57 PM |
Re: تداخلات | Ash | 11-27-04, 11:08 PM |
Re: تداخلات | Nagat Mohamed Ali | 11-28-04, 00:23 AM |
Re: تداخلات | Yahya Fadlalla | 11-28-04, 08:28 AM |
Re: تداخلات | Abd-Elrhman sorkati | 11-28-04, 08:33 AM |
Re: تداخلات | Yahya Fadlalla | 11-29-04, 07:37 PM |
Re: تداخلات | Nagat Mohamed Ali | 12-01-04, 05:03 PM |
Re: تداخلات | Raja | 12-01-04, 05:20 PM |
Re: تداخلات | newbie | 12-01-04, 09:40 PM |
Re: تداخلات | almohndis | 12-02-04, 02:29 AM |
Re: تداخلات | Yahya Fadlalla | 12-03-04, 11:53 AM |
Re: تداخلات | Nagat Mohamed Ali | 12-03-04, 12:06 PM |
Re: تداخلات | حبيب نورة | 12-03-04, 12:15 PM |
Re: تداخلات | Yahya Fadlalla | 12-03-04, 12:14 PM |
Re: تداخلات | Isa | 12-05-04, 04:20 AM |
Re: تداخلات | راشد يحى مدلل | 12-03-04, 04:46 PM |
Re: تداخلات | بلدى يا حبوب | 12-04-04, 08:12 AM |
Re: تداخلات | shawgi badri | 12-04-04, 08:33 AM |
Re: تداخلات | Yahya Fadlalla | 12-04-04, 05:00 PM |
Re: تداخلات | Yahya Fadlalla | 12-05-04, 04:37 PM |
Re: تداخلات | توما | 12-06-04, 02:01 PM |
Re: تداخلات | Yahya Fadlalla | 12-07-04, 08:11 PM |
|
|
|