|
Re: شهادات عن المغفور له بإذن الله الأستاذ حسن ساتي ..... (Re: Dr Salah Al Bander)
|
الأستاذ/حسن ساتي والقائد سلفاكير سارة عيسي
حاول الشاعر الحطيئة أن يعطي رمزية للموت، فعندما أنهكه المرض طلب من الذين حضروا وفاته بأن يضعوه على ظهر حمار، وتفسيره لهذا الطلب الغريب أنه لم يرى كريماً يموت على ظهره، والموت في السودان يضع نفسه في مقامٍ أكثر من الحياة، وعندما نفقد كل شخص عزيز علينا تطالعنا صحف الإنقاذ: وقد تقدم المشيعين السيد/ رئيس الجمهورية أو نائبه الثاني وفي معيته الوزير كذا والبروفيسور كذا، إذاً تحول الموت في السودان إلي مناسبة حكومية يحضرها لفيف من الوزراء والمستشارين، وتدلف إلي المقابر وسائل الإعلام وعدسات المصورين، وربما يتلو الدفن مؤتمر صحفي تُجدد فيه مواقف السودان لمذكرة أوكامبو، فمصائب قوم عند قوم فوائد، فحق على سيدنا أبو ذر الغفاري أن يموت وحده ويبعث يوم القيامة وحده ، فطوبى للغرباء، ومن اليأس أن يتحول الموت إلي مناسبة بهذا الشكل، فهؤلاء الذين يحكموننا ينظرون إلي النعوش ثم يعودون إلي قصورهم فلا يهتز لهم جفن، ويعيثون الفساد في الأرض كدأب من لا يأمل جنة أو يخاف بعثاً أو نشوراً. رحل الأستاذ حسن ساتي صاحب العبارة الشهيرة: المُستصعب على قرنق مُستسهلاً عند سلفاكير، هذا العنوان الصحفي يساوي أكثر من مقال، عندما كان صحفيو حزب المؤتمر الوطني يتحدثون عن فتنة تقضي على أخر ورقة في شجرة الحركة الشعبية بعد رحيل مؤسسها الدكتور جون قرنق، كان الأستاذ حسن ساتي بعقليته التحليلة الفذة يخالف الجميع في ذلك، فكان يرى أن سلفاكير ربما يكون أفضل من جون قرنق في مسألة توحيد الحركة الشعبية، وبالفعل ثبت صحة ذلك، فالقائد سلفاكير نجح في خلق التوازنات داخل الحركة الشعبية التي تضم أصنافاً من المحاربين والمثقفين وشيوخ القبائل، لم يحدث شرخ في الجسم الجنوبي كما كان يأمل أولئك الحالمين وبقيت الحركة الشعبية متماسكة في وجه حكومة المؤتمر الوطني، بل نشأ تيار في الحركة الشعبية يطيح بكل من يسعى للتقارب مع حزب المؤتمر الوطني، فكان أول ضحايا هذا التيار الدكتور لام أكول، فهناك من أنبياء الإنقاذ من تنبأ بتمرد لام أكول على سلفاكير، لكن تاهت هذه النبوءة بين الأشواق والأحلام، فالجنوب لم يعد مسرحاً للتمرد، ومن يحلم بحرب جنوبية جنوبية فهو يسترزق من اُكل السحرة والكهان. قرأت في المنتديات أن الأستاذ حسن ساتي قاد سيارته بنفسه للوصول إلي مستشفى الشرطة الذي يسمي نفسه "ساهرون"، أتمنى بأن لا يكون ما قرأته صحيحاً، حيث فهمت أن الأطباء فعلوا ما بوسعهم هناك، لكن غلبت إرادة الخالق فرحل الأستاذ حسن ساتي - كما نقول بلغتنا في السودان – ذهب إلي مطرح الموت برجليه، وفي أيام كارثة طائرة الأيرباص رأيت كيف يسعف هذا المستشفى المصابين الذين نجوا من الحريق عن طريق نقلهم في ميني باص صغير تستخدمه المطاعم في توصيل الطلبات، فتخيلت لو أن الأستاذ حسن ساتي باغتته تلك الأزمة القلبية وهو في لندن .. فهل يا ترى كان سيقود السيارة بنفسه ليصل إلي المستشفى ؟؟ أم كان الإسعاف سوف يسعى إليه في منزله خلال ثواني معدودة ؟؟ إن السودان دولة منهارة بكل المستويات، وحياة المواطن السوداني هي آخر الأوليات، ربما يحضر رجال الإنقاذ مأتماً للفقيد، أو أن يتقدموا الناس في صلاة الموت، فهم يعتبرون أنفسهم مختارين من الله عز وجل، ويعتقدون أن لهم سابقة البدريين في الإسلام، سأل رجل سيدنا معاوية إبن أبي سفيان: ما الذي منعك أن تنصر عثمان بن عفان ومعك جند الشام ؟؟ فرد عليه معاوية: بل فعلت لأنني طالبت بدمه فرد عليه الرجل ببيت شعر: لأعرفنك بعد الموت تندبني وفي حياتي ما زودتني زادي
|
|
|
|
|
|
|
|
|