الوصايا العشر في كيف تعيش سعيدا في دول الخليج؟

Quote: محاضرة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض (ولي العهد الآن) بعنوان الأسس التاريخية والفكرية للمملكة العربية السعودية في الجامعة الاسلامية بالمدينة . " بسم الله الرحمن الرحيم ، الإخوة والأخوات أعضاء هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية ، الإخوة والأخوات الحضور ، الأبناء الطلاب والطالبات. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله حمد الشاكرين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم. إنها لمناسبة طيبة أن أكون في المدينة المنورة مُهَاجَر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبالقرب من المسجد النبوي حيث شع الإيمان والنور وأنقذ البشرية من الفوضى والظلام، وحيث أُسِّست أول دولة تقوم على الإسلام وراية التوحيد، وتنشر الأمن والاستقرار في الجزيرة العربية. وأشكر لمعالي مدير الجامعة الدكتور محمد بن علي العقلا دعوتي وتهيئة هذا اللقاء في هذه الجامعة العزيزة على قلوبنا لما تقدمه من خدمة للإسلام والمسلمين. ويسرني أن أنقل لكم تحيات سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمير سلطان وسمو النائب الثاني الأمير نايف، وحرصهم على رقي هذه المؤسسات التعليمية المهمة وخدمة أبناء الوطن في كل مكان. لقد أكرم الله عز وجل هذه البلاد، المملكة العربية السعودية، بأن تتشرف بوجود مكة المكرمة فيها أول بيت وضع للناس، ومهوى أفئدة المسلمين وقبلتهم، وبأن تكون هذه البلاد أيضا منطلق الإسلام والعروبة معا. فلقد أنزل الله عز و جل في هذه الأرض العربية القرآن الكريم بلغة عربية، وعلى نبي عربي من أرضها عليه أفضل الصلوات والتسليم. وفي هذه المدينة المباركة طيبة الطيبة بدأت نهضة الدولة الإسلامية الأولى على الكتاب والسنة النبوية. وفي هذه الأرض العربية منطلق العروبة والإسلام تأسست الدولة السعودية على المبادئ ذاتها متأسية بتلك الدولة الإسلامية الأولى وأسسها العظيمة التي تقوم على راية التوحيد، وتدعو إلى الدين الخالص من أي ابتداع أو ممارسات ليست في الكتاب أو السنة وأقوال السلف الصالح. وعندما ظهرت الدولة السعودية في الدرعية أعادت للمنطقة الدولةَ المركزيةَ القائمةَ على الدين مثلها مثل الدولة الإسلامية الأولى. واستعادت للجزيرة العربية الأمن والاستقرار الذي فقدته عدة قرون. فقبل تأسيس الدولة السعودية الأولى كان في كل إقليم دولة، وفي كل قبيلة دولة، وداخل كل دولة من هذه الدول دول متناحرة. قال المؤرخ عثمان بن بشر يصف الحال في ذلك الوقت في واحدة من البلدات الصغيرة في نجد:"فقسموا البلد أربعا كل واحد شاخ في ربعها...فان هذه قرية ضعيفة قليلة الرجال والمال، صار فيها أربعة رجال كل منهم يدعي الولاية على ماهو فيه." تمت المبايعة التاريخية بين الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب على أساس المنهج الشرعي: قال الإمام محمد بن سعود: أبشر ببلاد خير من بلادك، وأبشر بالعزة والمنعة. وقال الشيخ محمد بن عبدالوهاب: وأنا أبشرك بالعز والتمكين، وهذه كلمة (لا اله إلا الله) من تمسك بها، وعمل بها، ونصرها ملك بها البلاد والعباد. أصبحت هذه البيعة ركناً أساسا من أركان الدولة السعودية إلى اليوم بحيث تلتزم بتأسيسها على الدين الصحيح. ورغم أن الإمام محمد بن سعود من أسرة تعود في أصولها إلى بني حنيفة تسكن في الوادي الذي يسمى باسمها، وإمارته في الدرعية التي أسسها جده مانع المريدي وأسلافه من الدروع من بني حنيفة منذ منتصف القرن التاسع الهجري، إلا أنه لم يؤسس الدولة على عصبيته أو قبيلته، بل أسسها على الدين والتزم هو وأبناؤه وأحفاده إلى يومنا هذا بهذا التأسيس وبهذا الامتداد الذي يماثل ما تأسست عليه الدولة الإسلامية الأولى. ولاشك أن قيام الدولة السعودية الأولى وانتشارها الواسع في شبه الجزيرة العربية ونجاحها في إرساء الاستقرار والأمن والحكم الرشيد، أدى إلى النقمة عليها، لذا بدأ البعض بإطلاق مصطلح (الوهابية) على تلك الدعوة لتنفير المسلمين من هذه الدولة ومبادئها الصحيحة. وأنا هنا أدعو الجميع إلى العودة إلى تراث الشيخ محمد بن عبدالوهاب والبحث في ثناياه عن أي شيء يخالف الكتاب والسنة النبوية المطهرة، ولن يجدوه. أين الجديد أو الاختراع في هذه الدعوة حتى يطلقون عليها أشنع الألقاب والصفات ويصمونها بأنها تتضمن أشياء غريبة خارجة عن الدين الإسلامي؟! قال الملك عبدالعزيز -رحمه الله-كما جاء في صحيفة أم القرى: يسموننا الوهابيين، ويسمون مذهبنا بالوهابي باعتبار أنه مذهب خاص وهذا خطأ فاحش نشأ عن الدعايات الكاذبة التي كان يبثها أهل الأغراض...نحن لسنا أصحاب مذهب جديد، أو عقيدة جديدة، ولم يأت محمد بن عبدالوهاب بالجديد، فعقيدتنا هي عقيدة السلف الصالح التي جاءت في كتاب الله وسنة رسوله وما كان عليه السلف الصالح. ونحن نحترم الأئمة الأربعة لا فرق عندنا بين مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة." وبرغم سقوط الدولة السعودية الأولى، إلا أنها عادت مرة ثانية ومرة ثالثة. ولقد توقع المؤرخ الفرنسي فيلكس مانجان الذي عاصر سقوط الدولة السعودية الأولى عودة الدولة مرة أخرى بسبب جذورها التاريخية وأسسها الدينية في المنطقة، وكتب قائلا: "مازالت المبادئ نفسها موجودة، وقد ظهرت منها بعض البوادر، ومع أن أسرة آل سعود قد تفرقت، ومع أن الفوضى تعم بين الزعماء، فما زال هناك أُسٌّ خِصْبٌ يمكن للزمن والأحداث أن تجعله يتفتح من جديد." إن هذه الدولة المملكة العربية السعودية التي هي امتداد للدولة السعودية الثانية والدولة السعودية الأولى بل الدولة الإسلامية الأولى قدرها واستمرارها إنما هو بالمحافظة على دينها الذي هو سبب عزتها ونصرتها والذي التف حوله حواضر هذه البلاد وبواديها وحكامها منذ قيام الدولة السعودية الأولى والدولة السعودية الثانية وفي عهد الملك عبدالعزيز وأبنائه الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد رحمهم الله، والملك عبدالله وولي عهده الأمير سلطان حفظهما الله. ولا يوجد أسرة أو قبيلة في هذه البلاد إلا و لآبائها أو أجدادها مشاركةٌ فاعلة في توحيد البلاد وبنائها وتعزيز قوتها ورسالتها. الجميع في هذا الوطن جزءٌ لا يتجزأ من هذا الانجاز التاريخي لهذه الدولة المباركة وأسهم حقيقة في بنائها ووحدتها وتماسكها. ولأهمية ارتباط هذه البلاد بالدين الإسلامي فقد نص النظام الأساسي للحكم في مادته الأولى على أن المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. كما تنص المادتان السابعة والثامنة على أن الحكم في المملكة العربية السعودية يستمد سلطته من كتاب الله تعالى وسنة رسوله، وأن الحكم فيها يقوم على أساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية. وعندما خاطب الملك عبدالعزيز المواطنين في أثناء زيارته المدينة المنورة في محطة العنبرية في 21 ذو القعدة 1346هـ أشار إلى أهمية نصرة الدين الذي هو أساس هذه الدولة وذلك حسب ما نشر في صحيفة أم القرى فقال:"إنني أعتبر كبيركم بمنزلة الوالد وأوسطكم أخا وصغيركم ابناً فكونوا يداً واحدة وألفوا بين قلوبكم لتساعدوني على القيام بالمهمة الملقاة على عاتقنا، إنني خادم في هذه البلاد العربية لنصرة هذا الدين وخادم للرعية." ويواصل اليوم سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يحفظه الله- هذه السياسة المبنية على أسس الدولة من حيث نصرة الدين وخدمة الحرمين الشريفين والمسلمين، والحرص على شعبه وعلى ما يخدمهم وينميهم ويسهم في رقيهم. ولاشك أن هذا الحرص الذي يوليه الملك عبدالله لشعبه وبلاده والذي يوليه أيضا جميع إخوانه وأبناء هذه الأسرة لهذه البلاد هو استمرار لهذا المنهج وهذه الأسس التي تقوم عليها المملكة. أيها الإخوة والأخوات: إن شرعية هذه الدولة هي في منهجها وتاريخها الطويل الذي بدأ ببيعة شرعية للالتزام بالدين الصحيح منهجاً ومسلكاً في الحكم والبناء السياسي والاجتماعي وليس في حادثات الفكر المستورد أو الفوضى والتخبط الفكري الذي لانهاية لجدله ولا فائدة من مبادئه. فأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض وأما الزبد فيذهب جفاء. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أبرز محاور المحاضرة ( مرتبة حسب ورودها في السياق ) : 1 ـ خصوصية المملكة لاحتضانها الحرمين الشريفين . 2 ـ المملكة دولة دينية . 3 ـ الحلف بين القرآن والسيف . 4 ـ إسلامية لا وهابية . 5 ـ كلنا بناة الوطن وواجبنا المحافظة عليه. 6 ـ سياسة الدولة : نصرة الدين . 7 ـ شرعية الدولة بدينها لا بفكر مستورد . • ـ المحور الأول ، خصوصية المملكة لاحتضانها الحرمين الشريفين: قال سموه : لقد أكرم الله عز وجل هذه البلاد، المملكة العربية السعودية، بأن تتشرف بوجود مكة المكرمة فيها أول بيت وضع للناس، ومهوى أفئدة المسلمين وقبلتهم، وبأن تكون هذه البلاد أيضا منطلق الإسلام والعروبة معا. فلقد أنزل الله عز و جل في هذه الأرض العربية القرآن الكريم بلغة عربية، وعلى نبي عربي من أرضها عليه أفضل الصلوات والتسليم. وفي هذه المدينة المباركة طيبة الطيبة بدأت نهضة الدولة الإسلامية الأولى على الكتاب والسنة النبوية. وفي هذه الأرض العربية منطلق العروبة والإسلام تأسست الدولة السعودية على المبادئ ذاتها متأسية بتلك الدولة الإسلامية الأولى وأسسها العظيمة التي تقوم على راية التوحيد، وتدعو إلى الدين الخالص من أي ابتداع أو ممارسات ليست في الكتاب أو السنة وأقوال السلف الصالح. كلام سموه يؤكد بشكل واضح خصوصية المملكة ، رغم محاولة البعض التنكر لهذه الخصوصية او مهاجمتها لفتح المجتمع امام أعاصير التغريب والتغيير . إن خصوصية المملكة أمر صرح به قادتها في أكثر من مناسبة ، من ذلك ما قاله سمو أمير منطقة الرياض أثناء افتتاح الملتقى الأول للمثقفين السعوديين عام 1427 هـ : ... فبلادنا ليست بلاداً قفراً من الثقافة بل هي منطلق الثقافة وهذه البلاد لها خاصية تميزها بين جميع البلدان وخاصيتها اتجاه الملايين من البشر إليها وهي مهبط الوحي وانطلاق الرسالة، ومهمتنا في هذه البلاد الحفاظ على هذه الرسالة التي اقتحمت العالم ككل وقد تأثر المسلمون بثقافات العالم أثناء نشر هذه الرسالة واستفادوا منها وأضافوا حسنها إلى ثقافتهم ... إلى آخر كلام سموه وفقه الله . وتتمثل هذه الخصوصية في عناصر كثيرة منها : 1- السعودية مهبط الوحي وقبلة المسلمين ومحضن الحرمين الشريفين ما يجهلها لها خصوصية عن غيرها من الدول الاسلامية . كما أن للفاتيكان خصوصية لدى النصارى كونها معقل الكاثوليكية . و كما أن لإسرائيل خصوصية لدى اليهود . وكما أن للولايات المتحدة خصوصية فيما يتعلق بالنظام الرأسمالي. وكما كان للإتحاد السوفياتي السابق خصوصية كونه مهد الاشتراكية في العالم . 2- السعودية دولة قامت على التحالف بين الدعوة والدولة ، حينما تعاهد على ذلك رجلان صالحان مصلحان هما الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله ، على منهاج واضح في السياسة والحكم والدعوة والاجتماع . هذا المنهاج هو الإسلام عقيدة وشريعة . ( الإسلام في السياسة الخارجية السعودية 19 ) . 3 ـــ السعودية هي الدولة الوحيدة في العالم التي تحمي جناب التوحيد وتمنع مظاهر الشرك وتنص قوانينها وأنظمتها على محاربة ومنع كل ما يخالف القيم والأخلاق الإسلامية الفاضلة . ولذا جاءت جميع سياساتها في مجالات الحياة المختلفة نابعة من روح الالتزام بالإسلام والعمل لخدمته ، وهذا ما أكده قادتها : فمن كلمات الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل رحمه الله : " إنكم تعلمون أن أحكامنا ونظمنا هو الشرع الإسلامي ، وأنتم في تلك الدائرة أحرار في سن كل نظام وإقرار العمل الذي ترونه موافقاً لصالح البلاد على شرط أن لا يكون مخالفاً للشريعة الإسلامية ، لأن العمل الذي يخالف الشرع لن يكون مفيداً لأحد ، والضرر كل الضرر هو السير على غير الأساس الذي جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم " . ( المصحف والسيف 59 ) . وفي مناسبة أخرى يقول : " وأما الأمور العصرية التي تعنينا وتفيدنا ويبيحها دين الإسلام فنحن نأخذها ونعمل بها ، ونسعى في تعميمها ، وأما المنافي منها للإسلام فإننا ننبذه ونسعى جهدنا في مقاومته ، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، ولا مدنية أفضل وأحسن من مدنية الإسلام ، ولا عز لنا إلا بالتمسك به ". ( المصدر السابق71 ) . في السياسة التعليمية - على سبيل المثال - تنص الأهداف على جملة وافرة من هذه المعاني ومنها : " فهم الإسلام فهماً صحيحاً متكاملاً ، وغرس العقيدة الإسلامية ونشرها ، وتزويد الطالب بالقيم والتعاليم الإسلامية وبالمثل العليا وإكسابه المعارف والمهارات المختلفة وتنمية الاتجاهات السلوكية البناءة " ، و"تنمية روح الولاء لشريعة الإسلام ، وذلك بالبراءة من كل نظام أو مبدأ يخالف هذه الشريعة واستقامة الأعمال والتصرفات وفق أحكامها العامة والشاملة " ، و"تزويد الفرد بالأفكار والمشاعر والقدرات اللازمة لحمل رسالة الإسلام " ، و" بيان الانسجام التام بين العلم والدين في شريعة الإسلام، فإن الإسلام دين ودنيا ، الفكر الإسلامي يفي بمطالب الحياة البشرية في أرقى صورها في كل عصر" . (الانطلاقة التعليمية في المملكة 1 / 126، 127 ). ومثل هذا التوجه نجده في السياسة الإعلامية حيث نص القانون الإعلامي في البند الثامن على : (إعادة بناء الإعلام بكافة وسائله، وفق الساسة الإعلامية المعتمدة للمملكة ، ليخدم الإسلام ويعبر عن أخلاقيات المجتمع ، ويرفع من ثقافته وتنقيته من كل ما يتعارض مع هذه الأهداف ، مع ضمان حريته في نشر الوعي من خلال الخبر الصادق والنقد البناء بالضوابط الشرعية ) . وجاء في القرار الصادر من مجلس الوزراء بخصوص نظام الإعلام السعودي ( الذي نشر في الصحف المحلية في 2 محرم 1403هجرية الموافق:19 أكتوبر1982 ميلادية ) ما يلي : (تنطلق السياسة الإعلامية على المبادئ والأهداف التي يرتكز عليها الإعلام في المملكة ويتطلبها. وتنبثق هذه السياسة من الإسلام الذي تدين به الأمة عقيدة وشريعة وتهدف إلى ترسيخ الإيمان بالله عز وجل في نفوس الناس والنهوض الفكري والحضاري والوجداني للمواطنين وإلى معالجة المشكلات الاجتماعية وغيرها وإلى تعميق فكرة الطاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولأولي الأمر، والحث على احترام النظام وتنفيذه عن قناعة، وتشمل الخطوط العريضة التي يلتزم بها الإعلام السعودي لتحقيق هذه الأهداف من خلال التثقيف والتوجيه والأخبار والترفيه. وتعتبر هذه السياسة جزءا من السياسة العامة للدولة ) . 4 ـــ السعودية هي الدولة الوحيدة التي طبقت تجربة تعليمية فريدة في تعليم البنات من مرحلة الحضانة إلى درجة الدكتوراة من خلال مؤسسات تعليمية نسوية مستقلة بدون اختلاط . 5 ـــ السعودية دولة تُعظم في الممارسات الحياتية شعائرُ الله حيث تتوقف الأعمال وتغلق الأسواق عند كل صلاة ، وتمنح إجازات رسمية في أيام الحج والأيام الأواخر من رمضان ، ليتفرغ الناس لأداء هذه العبادات والطاعات. 6- السعودية هي الدولة الوحيدة في العالم التي تفرض الحجاب وتمنع السفور والاختلاط وتحافظ على خصوصيات المرأة . 7 ـــ السعودية هي الدولة الوحيدة في العالم التي أنشأت هيئة متخصصة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . 8- السعودية هي الدولة الوحيدة من بين جميع دول المنطقة التي لم يحتلها أحد ولم تحكمها أي دولة أجنبية. 9- السعودية هي دولة المقر لأشهر وأكبر المؤسسات الممثلة للدول الإسلامية ، ففيها منظمة المؤتمر الإسلامي ، و البنك الإسلامي للتنمية ، ورابطة العالم الإسلامي ، والندوة العالمية للشباب الإسلامي. 10- السعودية هي الدولة الوحيدة في العالم التي تقرر بشكل مركز تدريس العلوم الشرعية إلى جانب العلوم المادية في المراحل الدراسية المختلفة ، لينشأ الفرد مزوداً بالعلوم الحديثة التي تمكنه من عمارة الأرض والتطوير والبناء وفق ضوابط الشريعة وأصولها . 11 ـــ السعودية هي الدولة الوحيدة لها الدور الأكبر في إشاعة ونشر التعليم الشرعي بين أبناء العالم الإسلامي بإيفادهم للدراسة على أرضها وفي جامعاتها أو بتدريسهم في بلادهم من خلال معاهدها وكلياتها. وقد بلغت المساجد والمراكز الإسلامية التي بنتها في العالم أكثر من مائة مركز ومسجد . انطلاقاً مما سبق ، جاءت البيئة الاجتماعية انعكاساً لتلك الخصوصية وصدى للتعليم ومناهجه ، فهي بيئة في جملتها محافظة وتستشعر خصوصيتها وتمثيلها الإسلامي . وبرزت سمات المحافظة والالتزام في مظاهر الحياة العامة ، فلا خمور في الفنادق ولا غيرها ، ولا وجود للملاهي الليلية ونحوها . كما برز الدور الاجتماعي الخيري الكبير لأبناء المملكة في الداخل والخارج من خلال المؤسسات الخيرية . ولا زالت سياسات الدولة على كافة الأصعدة تنسجم مع هذه الخصوصية، مراعية تحقيق التطور من جهة والحفاظ على الثوابت ومراعاة الضوابط الشرعية من جهة أخرى . موقف البعض من هذه الخصوصية : برغم حرص الدولة وولاة الأمر على مراعاة خصوصية المملكة ، إلا أن فريقاً أرقته هذه الخصوصية لأنها تمثل عائقاً أمام مخططه لنشر دعوى التغريب والعلمنة وإفساد المجتمع ــــ الذي يسميه تطويراً وتقدماًـــ فخلط الأوراق وضخم الأخطاء التي وقع فيها البعض ، وأعلن الحرب على هذه الخصوصية وصولاً إلى محاربة الأحكام الشرعية ، لأمرين اثنين : الأول : أن التصريح بمحاربة أحكام الشرع أمر لا يقبله المجتمع . الثاني : أن الخصوصية تحتمل معنى آخر وهو العادات التي درج عليها المجتمع ، فإذا عارضهم أحد في محاربة الشرع باسم الخصوصية أمكنهم التخلص بأنهم إنما يهاجمون العادات . يقول أحدهم ( مازن عبد الرزاق بليلة ، الوطن 9 رجب 1424 ، الموافق 6 سبتمبر 2003 العدد 1072) : كلمتان متكررتان أصبحتا تسببان لنا كثيراً من التصدع وربما التخلف " الخصوصية السعودية " "ونضج المجتمع السعودي " ... يقال لا تنجرفوا مع العولمة ، فنحن لنا خصوصية سعودية . . . أو علينا الالتزام بما لدينا فنحن لنا خصوصية سعودية . . الغريب أننا عندما يكون الأمر يخدم مصالحنا، لا نجد أحداً يتحدث عن الخصوصية السعودية ، لكن عندما يترتب على هذا الأمر الالتزام أو التغيير الداخلي، تبرز لنا ظاهرة الخصوصية السعودية ، لترفض التقدم، وترفض الالتزام، وترفض التغيير... ويتابع : علينا إجراء التغيير ، لا مناص من ذلك ، رضيت الخصوصية السعودية أم لم ترض) . وتهاجم كاتبة أخرى ( ليلى الأحدب ، جريدة الطن 7 / 6 / 1425 ، الموافق 24 / 7 / 2004 ) الخصوصية وتعتبرها وهماً ، وأنها سبب العديد من المشاكل . ويعترض ثالث ( د/ يوسف مكي ، الاثنين 3 إبريل 2006 ، في مقال له نُشر في موقع التجديد العربي ) بقوله بعد كلام : ... الخصوصية السعودية التي استخدمت كثيرا ككرباج يشهر في مواجهة أي مطلب لتحديث أو تغيير في البنية الثقافية والفكرية لمجتمعنا، وبشكل خاص ما يتعلق منه بحقوق المرأة. وقال في موضع آخر : والواقع أنني شخصيا لفرط ما سمعته عن الخصوصية السعودية ، حسبت للحظة أننا في كوكب آخر، ولسنا على هذه الكرة الأرضية . وتقول أخرى (هيا عبدالعزيز المنيع ، جريدة الرياض ، 2/8/2003 ) : جميعنا تشبعنا إلى حد النخاع بأن المجتمع السعودي له خصوصية معينة تميزه عن غيره ... تعثر الكثير من برامج التنمية بل إن بعضها عُطَّل تماما لأن خصوصيتنا التي رسمناها وصدقناها أخرت الكثير من المشاريع المهمة والايجابية للوطن والمواطن . وقال أحدهم (د/ يوسف أحمد العثيمين ، جريدة الجزيرة ، 6/12/1426 هـ ، الموافق 6 يناير 2006 ، العدد 12153) : لقد مرّ على المجتمع السعودي عقود خسر فيها الكثير على طريق الإصلاح بسبب التمسك بما يُسمى (الخصوصية السعودية) . وقال آخر (خالد السعيد في نشرة الحوار المتمدن الالكترونية بتاريخ 22/10 / 2005 ) معلقاً على تعميم الرئاسة العامة لرعاية الشباب والرياضة بمنع أي من أنواع من الموسيقى أو الغناء أثناء أداء الحصص التدريبية . قال هذا الكاتب : هناك إسراف مبتذل في استخدام تعبير الخصوصية السعودية هذه الخصوصية تعبير هلامي وغير محدد الملامح، ولكنه مزيج من الدين الإسلامي والعادات المجتمعية. الخصوصية السعودية ما هي إلا مصيدة للإمساك بأي محاولة للإفلات من قبضة دين متزمت وعادات غليظة، وجدار برلين الذي يقف في وجه موجات التحديث والتطوير. هل الخصوصية من أسباب التخلف وعدم التقدم كما يزعم هؤلاء؟. أولاً : لا بد من التأكيد على أن هذه الخصوصية لا تعني تزكية مطلقة وأن المملكة بلغت الكمال في كل شيء ، فلا زالت هناك جوانب من النقص تحتاج إلى معالجة ، لكن لا يجوز بحال أن ينسب سبب التجاوزات والأخطاء إلى الخصوصية كصفة لها ولا كسبب موجب لحدوثها . ثانياً : الواقع أن هذه الخصوصية لم تكن يوماً عائقاً يحول بيننا وبين التطور والتقدم في كافة المجالات ـــ والإحصاءات التي سنذكرها بعد قليل تؤكد ذلك ـــ ففي مجالات الطب والهندسة والعلوم والتقنية والزراعة والصناعة والتعليم ، قفزت المملكة قفزات جبارة ، ولم تحل الخصوصية بينها وبين الانفتاح العالمي والعلاقة بالمؤسسات الدولية والأخذ بأسباب الحياة العصرية. وهاكم بعض الإحصائيات والوقائع : أ ـــ على الصعيد الداخلي : ــــ التحولات الاقتصادية : لم تحل الخصوصية دون تحول الاقتصاد من اقتصاد تقليدي إلى اقتصاد حديث يقوم على الصناعة النفطية . ـــ التحولات الاجتماعية : ولم تحل الخصوصية دون انتشار الحياة المدنية ، إذ انخفضت نسبة من كانوا يفضلون الحياة البدوية من 75% إلى حوالي 20.3% . ـــ القطاع الزراعي : ولم تكن الخصوصية مانعاً من نمو القطاع الزراعي، إذ ارتفع إنتاج القمح وحققت المملكة الاكتفاء الذاتي منه ، وصدرت ما فاض عن حاجتها من المحاصيل المتنوعة إلى حوالي 45 دولة . كما حققت الاكتفاء في إنتاج الحليب ، واحتلت المركز الأول في إنتاج التمور. ــــ وفي مجال تحـــــــلية المياه : نجحت المملكة في تجاوز مشكلة تأمين مياه الشفة والمياه الصالحة للخدمة ، التي كانت التحدي الأول لمسيرة التنمية بسبب ندرة مصادر المياه الطبيعية ، فأصبحت تحتل المركز الأول على مستوى العالم في إنتاج المياه المحلاة حيث تبلــغ كميتها أكــثر من (500) مليون جــالون يومياً ، وذلك بإنشاء (22) محطة منها 16 محطة على ساحل البحر الأحمر و7 محطـات على سـاحل الخليج العربي . وقد تضاعفت كمية المياه المحلاة بنسبة 5000% وبلغ طول الأنابيـب التي تنقل المياه حوالي (3)بلايين متر لتغذية المدن والقرى . ـــ القطاع الصناعي : شهد نمواً كبيراً حيث أنشأت المملكة صندوق التنمية الصناعي لمسـاعدة رجال الأعمال وتوفير القروض دون فوائد وتوفير الاستشارات الفنـية ومراكز المعلومـات والخطط. وقد ارتفع عدد المصانع إلى أكثر من 3300 مصنـع ووصل تصديرها إلى 120 دولة في جميع أنحاء العالم ووصل معدل النمو الصناعي 9.6% . فأين التخلف الذي سببته الخصوصية كما يزعم التغريبيون ، وها هي منتجاتنا الصناعية والزراعية تباع في مئات الدول ؟!. ـــــ وفي مجال الصحة : لم تحل الخصوصية دون النهضة الكبرى في القطاع الصحي . ولم تحل الخصوصية دون أن تقوم المرأة بدورها بكفاءة عالية مع المحافظة على الضوابط الشرعية : ـــ في المجال الطبي ، حصلت الباحثة السعودية عايدة العقيل على المركز الأول في مسابقة العالم المتميز التي نظمتها الجمعية الأوروبية لعلم الوراثة البشرية في براغ . ـــ وعلى المستوى الأكاديمي ، فازت السعودية منى صلاح الدين بجائزة الأمم المتحدة لمشاريع الإنماء العالمية حيث قدمت مشروعاً لتفعيل عمل الجمعيات النسائية في السعودية . ـــ وفي مجالات البحث العلمي ، تم تكريم الدكتورة ريم الطويرقي من قبل معهد العالم العربي في باريس لبحوثها المتميزة في الفيزياء . ـــ حصلت خبيرة الأمن الإلكتروني بأرامكو ، منال مسعود الشريف على شهادة الاختراق الإلكتروني الأخلاقيEthical Hacking Certificate، التي يمنحها المجلس العالمي لمستشاري التجارة الإلكترونية، لتكون بذلك أول سعودية تحصل على هذه الشهادة العالمية المرموقة في مجال أمن المعلومات الإلكتروني.( الشرق الأوسط 2 رمضان 1426 هـ ، الموافق 5 اكتوبر 2005 م ) . ـــ تشير الإحصائيات إلى أن عدد السجلات التجارية الرئيسية والفرعية، التي تعود ملكيتها لسيدات الأعمال، يتجاوز 30 ألف سجل، برأس مال يبلغ نحو مليار ريال . ــــ وتشير التقديرات إلى أن عشرة بالمائة من الشركات السعودية الخاصة تديرها نساء. وقد سهلت شبكة الإنترنت عمل المرأة السعودية إذ أصبح بإمكانها الاتصال بعملائها من الرجال دون الحاجة للقائهم وجها لوجه. ( موقع بي بي سي 21 / 1 / 2001 ) . ـــ صحياً، شاركت 10 سيدات سعوديات في أبحاث لعلاج السرطان في سابقة تعد الأولى من نوعها على مستوى السعودية.( الشرق الأوسط 23 ذي القعدة 1422هـ ، الموافق 6 فبراير 2002م). هذه الانجازات والاختراعات التي حققتها المرأة السعودية تحققت في ظل خصوصية تامة تراعي حجاب المرأة وتحميها من كل سوء . ويشهد لذلك التحقيق الصحفي الذي أعده " سكوت بيترسون " لمجلة " كرستيان ساينس مونيتور " حيث قال : " لغز الحجاب الذي يثير حفيظة الغرب غير مطروح للتساؤل هنا في السعودية ، الحجاب لم يقف حائلاً أمام تطور المرأة هنا ، فالسعوديات مؤهلات للتعامل مع أحدث برامج الحاسوب والإدارة ونظريات التعليم ، بل إن القطاع الواسع من النساء السعوديات المتعلمات يدافعن عن الحجاب كمنظومة تحكم علاقة المرأة بالرجل في إطار أوسع " ، ثم ينقل في تحقيقه عن امرأة سعودية قولها : " نحن نعتقد أننا نعرف عنكم وعن الأخلاق المتفشية بينكم إلى الحد الذي لو سألتني هل أريد هذه الحرية الغربية فإن إجابتي ستكون في ثلاث كلمــات ، لا ثم لا ثم لا " . بـــ أما على الصعيد الخارجي ، فلم تمنع الخصوصيةُ المملكةَ أن تقوم بدورها الذي يمليه عليها موقعها ووزنها . فقد تميزت بمسارعتها لإغاثة المتضررين من الكوارث الطبيعية والحروب الأهلية التي أصابت العديد من الدول العربية والإسلامية كما سخرت كافة إمكاناتها السياسية والدبلوماسية لخدمة القضية الفلسطينية في كافة المحافل الإقليمية والعالمية . وكانت المملكة العربية السعودية وما زالت صمام أمان ومعادلة حكيمة، ومرجعية صادقة في التوفيق العادل بين الأشقاء العرب . كما قامت بدور بارز في إصلاح ذات البين بين الجزائر والمغرب، ، وكان لها دورٌ ملموس في إنهاء قضية لوكيربي بين بريطانيا وليبيا . فأين أعداء الخصوصية من هذه الوقائع التي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك في أن المملكة استطاعت أن تسير في ركب المدنية والتقدم مع المحافظة التامة على خصوصيتها في شتى المجالات ؟!. • ـ المحور الثاني ، المملكة دولة دينية : قال سموه عن الملك المؤسس : لم يؤسس الدولة على عصبيته أو قبيلته، بل أسسها على الدين والتزم هو وأبناؤه وأحفاده إلى يومنا هذا بهذا التأسيس وبهذا الامتداد الذي يماثل ما تأسست عليه الدولة الإسلامية الأولى.أ . هـ . إن كون المملكة دولة دينية أمر جلي واضح منصوص عليه ومحرر محفوظ من كلام المؤسس الملك عبد العزيز رحمه الله ، ومسطر في نظام الحكم في مادته الأولى ، حيث ورد فيها ما نصه : المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة دينها الإسلام ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله e. فقل لي بربك كيف تكون دولة إسلامية ولا تكون دولة دينية والله عز وجل يقول {ورضيت لكم الإسلام ديناً}. وجاء في المادة السابعة من نظام الحكم أيضاً : يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله وسنة رسوله e . وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة . إن محاولة بعض الليبراليين التلاعب على المصطلحات امر مكشوف ، حيث زعم بعضهم أن المملكة دولة مدنية لكنها تستمد دستورها من الكتاب والسنة . وجواباً على هذا الطرح نورد بعض المفاهيم الهامة عن الدولة المدنية، وهي : ـ أن مفهوم الدولة المدنية نشأ من رحم الفلسفة الغربية . ـ أن مفهوم الدولة المدنية لدى الغرب يعني تنحية الدين من الحياة السياسية. ـ أن مفهوم الدولة المدنية لدى العلمانيين والليبراليين العرب يعني مناقضتها للدولة الدينية ، والدولة الدينية عندهم هي الحاكمة بالشريعة سواء حكمها سياسيون أو علماء الشريعة (رجال الدين في اصطلاحهم). أكد د / عبد العزيز الخضر في جريدة الوطن هذا الأمر بقوله: "إن تشكل هذا المفهوم (أي مفهوم الدولة المدنية) في الأصل جاء ليلغي ويقصي فكرة الدولة الدينية ". وقال د/ إبراهيم الجوير ما نصه: "والدولة الإسلامية تأخذ جوانب كثيرة من أنماط الدولة المدنية في تنظيماتها الإدارية والقانونية ولكن أساسياتها من الشريعة الإسلامية، فإذا أخذنا بهذا المفهوم فهي دولة دينية لأنها تستمد أصولها وقواعد وأساسياتها من الشريعة الإسلامية" . قال الملك عبد العزيز :" فأما الدين فوالله لا أغير شيئاً مما أنزل الله على لسان رسوله r ، ولا أتبع إلا ما جاء به ، وليغضب علينا من شاء وأراد ، أما الأمور العصرية التي تعنينا وتفيدنا ويبيحها دين الإسلام فنحن نأخذها ، ونعمل به ، ونسعى في تعميمها ، أما المنافي منها للإسلام فإننا ننبذه ، ونسعى جهدنا في مقاومته ، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، ولا مدنية أفضل وأحسن من مدنية الإسلام ولا عِزَّ لنا إلا التمسك به". ويقول سمو وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز -حفظَهُ اللهُ ورعاهُ- : " إننا دولة سلفية ، نحن سلفيون ، بمنطلقاتها وليس باجتهادات عالم، والكاتب عندما يكتب يجب عليه أن يتفقه بذلك الأمر ويحيط به، وإذا لم يكن متمكناً فخير له أن يترك أهل العلم يتحدثون ويتفرغ هو لما يمكن أن يلم به ويكتب عنه من أمور أخرى". وقد أعاد سموه التأكيد على هذا المبدأ في محاضرته ، فقال : ولأهمية ارتباط هذه البلاد بالدين الإسلامي فقد نص النظام الأساسي للحكم في مادته الأولى على أن المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. كما تنص المادتان السابعة والثامنة على أن الحكم في المملكة العربية السعودية يستمد سلطته من كتاب الله تعالى وسنة رسوله، وأن الحكم فيها يقوم على أساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية. وعندما خاطب الملك عبدالعزيز المواطنين في أثناء زيارته المدينة المنورة في محطة العنبرية في 21 ذو القعدة 1346هـ أشار إلى أهمية نصرة الدين الذي هو أساس هذه الدولة وذلك حسب ما نشر في صحيفة أم القرى فقال:"إنني أعتبر كبيركم بمنزلة الوالد وأوسطكم أخا وصغيركم ابناً فكونوا يداً واحدة وألفوا بين قلوبكم لتساعدوني على القيام بالمهمة الملقاة على عاتقنا، إنني خادم في هذه البلاد العربية لنصرة هذا الدين وخادم للرعية." وقال سموه : ويواصل اليوم سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يحفظه الله- هذه السياسة المبنية على أسس الدولة من حيث نصرة الدين وخدمة الحرمين الشريفين والمسلمين، والحرص على شعبه وعلى ما يخدمهم وينميهم ويسهم في رقيهم. ولاشك أن هذا الحرص الذي يوليه الملك عبدالله لشعبه وبلاده والذي يوليه أيضا جميع إخوانه وأبناء هذه الأسرة لهذه البلاد هو استمرار لهذا المنهج وهذه الأسس التي تقوم عليها المملكة. أ . هـ . • ـ المحور الثالث ، الحلف بين القرآن والسيف : قال سموه : وبرغم سقوط الدولة السعودية الأولى، إلا أنها عادت مرة ثانية ومرة ثالثة. ولقد توقع المؤرخ الفرنسي فيلكس مانجان الذي عاصر سقوط الدولة السعودية الأولى عودة الدولة مرة أخرى بسبب جذورها التاريخية وأسسها الدينية في المنطقة، وكتب قائلا: "مازالت المبادئ نفسها موجودة، وقد ظهرت منها بعض البوادر، ومع أن أسرة آل سعود قد تفرقت، ومع أن الفوضى تعم بين الزعماء، فما زال هناك أُسٌّ خِصْبٌ يمكن للزمن والأحداث أن تجعله يتفتح من جديد." وقال سموه : إن هذه الدولة المملكة العربية السعودية التي هي امتداد للدولة السعودية الثانية والدولة السعودية الأولى بل الدولة الإسلامية الأولى قدرها واستمرارها إنما هو بالمحافظة على دينها الذي هو سبب عزتها ونصرتها والذي التف حوله حواضر هذه البلاد وبواديها و حكامها منذ قيام الدولة السعودية الأولى والدولة السعودية الثانية وفي عهد الملك عبدالعزيز وأبنائه الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد -رحمهم الله، والملك عبدالله وولي عهده الأمير سلطان حفظهما الله . أ . هـ . إن أساس قيام هذه الدولة هو الحلف بين القرآن والسيف ، وهذا الحلف هو سبب قيامها وسبب بقائها ، رغم أنها تعثرت مرتين . ومن هنا ندرك خطورة الدعوات التي تنادي بتغيير نظام الحكم ، أو تلك التي تهدف إلى محاربة التدين في المجتمع ، كالطعن في العلماء وفي الدعوة وفي مكاتب توعية الجاليات وفي مدارس تحفيظ القرآن وغيرها من مجالات وأنشطة الدعوة في المجتمع . يقول أحدهم (حمزة المزيني في جريدة الوطن : ( ويعلم القارئ الكريم أن أحد الأنشطة التي صارت في مقدمة اهتمام كثير من المؤسسات والأفراد ما يسمى بـ " الدعوة" فقد أصبحت نشاطاً تمتلئ بأخباره الصحف ... فهناك مخيمات دعوية ومعارض بمسمى " كن داعياً " وتوسع الأمر حتى وصل إلى أن يكتب على فاتورة الكهرباء شعار يقول : " الدعوة إلى الله علم وعمل ووسيلة " لهذا أصبحنا محاطين بـ " الدعوة " و " الدعاة " من كل جانب . (الوطن عدد 921). ويهاجم آخر ( سعد طفلة العجمي ، في جريدة الشرق الأوسط ) تعليم الناس الأدعية والأذكار الواردة في السنة قائلاً : علموهم الأدعية لكل عمل مهما صغر شأنه ، ونتج عن الأدعية الوساوس والهواجس. والأمثلة كثيرة جداً . ولعله من المفيد الإشارة إلى اليهود أكثر فطنة وذكاء وتمسكاً بدينهم رغم تحريفها من بعض الليبراليين ، فهم ـ أي اليهود ـ يدركون أن سر بقاء دولتهم في فلسطين هو تمسكها بالتوراة . يؤمد ذلك أنه بعد أن تساءل اليهود داخل الكنيست في تفسير السر وراء انتصار جيش الدفاع الإسرائيلي على العرب في يونيو عام 1967م ، قام وزير الشؤون الدينية ليقول بكل ثقة :( أنا أريد أن الخص الانتصار وأفسره في كلمتين اثنتين هما : إننا آمنا بعقيدة التوراة ثم خدمنا هذه العقيدة). فصفق له معظم أعضاء الكنيست موافقين ومؤيدين . • ـ المحور الرابع ، إسلامية لا وهابية : دحض سموه المفاهيم المغلوطة حول دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، فقال :البعض يقوم بإطلاق مصطلح (الوهابية) على تلك الدعوة لتنفير المسلمين من هذه الدولة ومبادئها الصحيحة.وقال سموه "أنا هنا أدعو الجميع إلى العودة إلى تراث الشيخ محمد بن عبدالوهاب والبحث في ثناياه عن أي شيء يخالف الكتاب والسنة النبوية المطهرة، ولن يجدوه. أين الجديد أو الاختراع في هذه الدعوة حتى يطلقون عليها أشنع الألقاب والصفات ويصمونها بأنها تتضمن أشياء غريبة خارجة عن الدين الإسلامي؟"!أ . هـ . إنما أطلق أعداء التوحيد لفظ الوهابية على دعوة الأمام محمد بن عبدالوهاب تنفيراً ولمزاً وتعييراً . فالوهابية هي دعوة خارجية أباضية في شمال إفريقيا نشأت في القرن الثاني الهجري ، نسبة إلى عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم الخارجي الأباضي . يؤكد ذلك ما ورد في كتاب الفرق الإسلامية في شمال إفريقيا للفرنسي: ألفرد بل، وترجمه للغة العربية : عبد الرحمن بدوي ، حيث قال : الوهابية : فرقة خارجية أباضية أنشأها عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن رستم، الخارجي الأباضيّ ، وسميت باسمه وهابية ، الذي عطّل الشرائع الإسلامية ، وألغى الحج ، وحصل بينه وبين معارضيه حروب.. إلى أن قال : المتوفى عام 197 هـ ، بمدينة تاهرت بالشمال الأفريقي ، وأخبر بأن فرقته أخذت هذا الاسم؛ لما أحدثه في المذهب من تغيرات ومعتقدات ، وكانوا يكرهون الشيعة قدر كراهيتهم لأهل السنة" . ( مستفاد بتصرف كبير من كتاب : تصحيح خطا تاريخي حول الوهابية ، د / محمد بن سعد الشويعر 8 ـــ 9 ) . " وعبد الوهاب بن رستم قد اختلف في تاريخ وفاته ، عند من كتب عنه ، ويرى الزر كلي في ( الأعلام ):أن وفاته نحو 190 هـ". (المصدر السابق 9 ). وقد أفتى بضلال هذه الفرقة علماء المغرب و الأندلس ممن عاصرها وجاءوا بعدها. منهم الشيخ أحمد بن محمد الونشريسي صاحب كتاب المعيار المتوفى عام 914 هـ ، أي قبل ولادة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بقرنين ، ونقل في كتابه هذا فتوى الشيخ علي اللخمي في الفرقة الوهابية وأنها فرقة خارجية ضالة ، وقد توفي الشيخ علي اللخمي عام 478 هـ أي قبل ولادة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بسبعة قرون . وإن المتتبع لفتاوى العلماء في الوهابية الرستمية يجد أنه لم يتكلم فيها سوى علماء المغرب لأنها ظهرت في شمال إفريقيا والأندلس فقط دون باقي بلاد المسلمين . هذه هي الوهابية التي فرقت بين المسلمين ، وصدرت بشأنها فتاوى من علماء وفقهاء الأندلس وشمال إفريقيا .أما دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التي ناصرها الإمام محمد بن سعود رحمهما الله السلفية التصحيحية ، فهي ضد الخوارج وأعمالهم ؛ لأنها قامت على كتاب الله وما صح من سنة رسوله ، ونبذ ما يخالفهما وهم من أهل السنة والجماعة . والشبهة التي انتشرت في بلاد الإسلام عن دعوة التوحيد بأنها وهابية قد روجها أعداء الإسلام والمسلمين من مستعمرين وغيرهم لبث الفرقة في صفوفهم ، فقد كان المستعمرون يسيطرون على غالب العالم الإسلامي في ذلك الوقت ، ويعلمون من واقع حروبهم الصليبية ، أن عدوهم الأول في تحقيق مآربهم هو الإسلام النقي ، وتمثله السلفية ، فوجدوا لقب ( الوهابية ) ثوباً جاهزاً ألبسوه هذه الدعوة تنفيراً ، وتفريقاً بين المسلمين لأن مبدأهم فرق تسد " . ( المصدر السابق 9 بتصرف يسير ) . ومن أوضح الأمثلة على ذلك ما قاله مصطفى العقاد رحمه الله ونقله عنه الشيخ أحمد بن عبد الغفور العطار في كتابه ( محمد بن عبد الوهاب ) ، حيث قال : ( سرعان ما ظهرت دعوة ابن عبد الوهاب بجزيرة العرب حتى تردد صداها في البنغال سنة 1804 واتبعتها طائفة الفرائضية بنصوصها الحرفية ، فاعتبرت الهند دار حرب إلى أن تدين بحكم الشريعة ، ثم تردد صدى الدعوة الوهابية بعد ذلك بزعامة السيد أحمد الباريلي في البنجاب ، وأوجب على أتباعه حمل السلاح لمحاربة السيخيين ، وتقدمهم في القتال حتى قتل سنة 1881. وقاوم الإنجليز حركة الإصلاح التي نهض بها السيد أحمد ، ولم يجدوا سبباً في إثارة العامة وبعض علماء السوء إلا أن السيد أحمد(وهابي)، فحدثت الفرقة بين صفوف المسلمين ، وأفاد أعداؤهم الإنجليز والسيخ ، وقضوا على السيد أحمد وحركته الشابة الفتية ، مما ثبّت أقدام الإنجليز ، ومكَّن لقادتهم وجنودهم أن يقتِّلوا شعب القارة الهندية تقتيلاً ، لا فرق بين مسلم وهندوكي ، وإن كانت النقمة والحقد أشد على المسلمين. ولولا مقاومة الإنجليز والسيخ الدعوة الشيخ أحمد لنالت الهند خيراً كثيراً ) . ( مستفاد بتصرف يسير من بحث في الانترنت بعنوان : الكتب والمؤلفات التي تحدثت عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بإنصاف أو دافعت عنها ) . قال الأمير سلمان : وأنا هنا أدعو الجميع إلى العودة إلى تراث الشيخ محمد بن عبدالوهاب والبحث في ثناياه عن أي شيء يخالف الكتاب والسنة النبوية المطهرة، ولن يجدوه. أين الجديد أو الاختراع في هذه الدعوة حتى يطلقون عليها أشنع الألقاب والصفات ويصمونها بأنها تتضمن أشياء غريبة خارجة عن الدين الإسلامي؟! وقال الملك عبدالعزيز -رحمه الله-كما جاء في صحيفة أم القرى: "يسموننا الوهابيين، ويسمون مذهبنا بالوهابي باعتبار أنه مذهب خاص وهذا خطأ فاحش نشأ عن الدعايات الكاذبة التي كان يبثها أهل الأغراض...نحن لسنا أصحاب مذهب جديد، أو عقيدة جديدة، ولم يأت محمد بن عبدالوهاب بالجديد، فعقيدتنا هي عقيدة السلف الصالح التي جاءت في كتاب الله وسنة رسوله وما كان عليه السلف الصالح. ونحن نحترم الأئمة الأربعة لا فرق عندنا بين مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة." • ـ المحور الخامس ، كلنا بناة الوطن وواجبنا الحفاظ عليه : قال سموه : لا يوجد أسرة أو قبيلة في هذه البلاد إلا و لآبائها أو أجدادها مشاركةٌ فاعلة في توحيد البلاد وبنائها وتعزيز قوتها ورسالتها. والجميع في هذا الوطن جزءٌ لا يتجزأ من هذا الانجاز التاريخي لهذه الدولة المباركة وأسهم حقيقة في بنائها ووحدتها وتماسكها. أ . هـ . المتأمل في تاريخ هذه البلاد ، يدرك أنه بتكاتف جميع أبنائها قامت واشتد ساعدها ، وبتنا نتفيأ نعمة الاستقرار بعد الفتن، ونعمة لم الشمل بعد الفرقة ، بعد أن أذهب الله عنا عُبِّيَة الجاهلية ،وقتال الجاهلية ،وعصبية الجاهلية بفضله أولاً ثم بالتحاكم إلى الكتاب والسنة {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون } . وهذا أمر ينبغي أن نتذكره دوماً ونذكر الأجيال به ونربيهم على شكر النعمة العظيمة والمنة الربانية يوم أن جَعل الله هذه البلاد منطلقًا للرّسالة الخالدة، ومتنزَّلاً لوحيه، ومهدًا لدعوة نبيّه عليه الصلاة والسلام، وقِبلةً لعبادِه، ومهوًى لأفئِدَتهم، ومحلاًّ لأداء مناسِكهم، حماها الله فلم تطَأها قدمُ مستَعمِر، وسلَّمها الله فلا تعبَثَ بأمنِها يد دَعيٍّ مستهتِر. فأصبح الناس يؤدون عباداتهم في يسر وسهولة وحرية لا يجدون مضايقة في ذلك. الوطن للجميع فحذار من معاول الهدم من الداخل . إن واجب الحفاظ على هذا الوطن يكون بحفظه من الضياع ، وضياع الأوطان يكون بتضييع أمر الله ، وما أهون الخلق على الله إذا عصوا أمره، فحفظ الأوطان يكون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الحدود، والتراحم بين الراعي والرعية، بهذا تحفظ الأوطان وبهذا تجتمع الكلمة، الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم من العلماء والأمراء، لا يستبطن العبد لهم غشًا ولا غلاً ولا دغلاً، وإنما ينصح لهم من قلبه.بهذا تحفظ الأوطان، وبهذا تحفظ النعم. ليست الوطنية بالاحتفال وإقامة المهرجانات ، وليست مجرد مادة دراسية باسم "التربية الوطنية" ، إن الوطنية عقيدة فكرية وتربية نفسية نزرعها في نفوس أبنائنا ونربي الناشئة عليها ونحذر أن نكون نحن أول من دق المسامير في نعشها . إن ما تمر المنطقة من فتن واضطرابات يدعونا إلى الحفاظ على الأمن والاستقرار داخل الوطن، وعدم السماح لأي عابثٍ أو دخيلٍ بالإخلال بأمن الوطن أو المزايدة عليه. ويدعونا إلى أن نعزز الانتماء لهذه البلاد وأن نترجم محبتها إلى أقوال صادقة، وأفعال نافعة. ويحتم على الجميع حكاماً ومحكومين أن يقوم كل بما أوجب الله عليه. فالإمام له حق الطاعة وعليه واجب العدل ، والمأموم عليه واجب الطاعة وله حقوق قررتها الشريعة . صحيح أن طاعة الإمام دعامة ضرورية للمواطنة الصالحة، لكنها لا تعفيه من أداء حقوق الرعية لتحقيق الوطنية وتعزيز المواطنة، ولذا قال تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل } ثم قال بعدها {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } فذكر ما يجب على الطرفين. حذار من اختطاف الوطنية واختزالها في مسائل شكلية وإن من التناقض العجيب اتخاذ بعض العلمانيين والليبراليين والتغريبيين دعوى المواطنة وحب الوطن مركباً لتسويغ أفكاره، ومحاصرة وإرهاب كل من يخالفه، ورميه بالإرهاب والتمرد على الوطن، وينسى أنه هو أول من ينقض دعواه بأطروحاته التي لا تخدم المصلحة الوطنية، ولا تتفق والأسس التي قامت عليها البلاد، واجتمع عليها شمل الوطن . إن الواجب علينا جميعاً أن نعزز قيم التعايش والعدل ونحذر من اتخاذ الوطنية لتصفية الحسابات والوشاية والتحريض، والاحتراب الداخلي الذي يفرح الأعداء المتربصين. إن من خيانة الوطن اتخاذ بعض عواصم الغرب منصات لمهاجمة الوطن وولاة الأمر . وإن من خيانة الوطن ، السعي لنشر العلمنة والتغريب في المجتمع لأن هذا يصادم الأسس التي قام الوطن عليها . وإن من خيانة الوطن أن يعصى ولي الأمر في غير معصية الله، أو تخلع يد من بيعته . وإن من خيانة الوطن أن يخونَ المسؤول – أياً كانت مسؤوليته - الأمانة، وأن يوظِّفَها لمصالحه الشخصية. ليس من حب الوطن مهاجمة العلماء الذين وضع ولي الأمر ثقته فيهم ورضيهم المجتمع أمناء على دينه . وليس من الوطنية مهاجمة خصوصية هذه البلاد وعدم مراعاة مكانتها الدينية وريادتها في الأمة الاسلامية . • ـ المحور السادس ، سياسة الدولة : نصرة الدين . قال سموه : ويواصل اليوم سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يحفظه الله- هذه السياسة المبنية على أسس الدولة من حيث نصرة الدين وخدمة الحرمين الشريفين والمسلمين، والحرص على شعبه وعلى ما يخدمهم وينميهم ويسهم في رقيهم. ولاشك أن هذا الحرص الذي يوليه الملك عبدالله لشعبه وبلاده والذي يوليه أيضا جميع إخوانه وأبناء هذه الأسرة لهذه البلاد هو استمرار لهذا المنهج وهذه الأسس التي تقوم عليها المملكة. قدر هذه الدولة أن تتحاكم إلى الشريعة ، وأن تخدم الحرمين ، وأن تنشر الإسلام ، وإلا ذهبت ريحها وكسرت شوكتها . وهذا ما أكده قادتها جميعهم . 1 ـ قال الملك عبدالله في الأيام الأولى من ولايته في 26/6/1426 هـ: أعاهد الله ثم أعاهدكم أن أتخذ القرآن دستورا والإسلام منهجا وأن يكون شغلي الشاغل إحقاق الحق وإرساء العدل وخدمة المواطنين". 2 ـ قال خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله في خطابه في الثالث من شوال عام 1402هـ بمناسبة عيد الفطر : لقد جاء موحد هذه الجزيرة وجامع شملها الملك عبد العزيز رحمه الله ليقيم دولة التوحيد والشريعة الإسلامية والدعوة السلفية، رمز الإسلام الحقيقي، ومظهره العلمي، حيث يتحد الدين بالدنيا، وتسير الأمة كلها في طريق الله، طريق الجهاد الصادق والعمل المثابر، وإني أعمل جهد الطاقة في سبيل إعلاء كلمة الدين، وإجلال عقيدة السلف الصالح…وإني داعية أدعو لعقيدة السلف الصالح، وهي التمسك بكتاب الله، وسنة رسوله محمد ، وما جاء عن الخلفاء الراشدين، وإنني مسلم أحب جمع كلمة الإسلام والمسلمين، وليس أحب عندي من أن تجمع كلمة المسلمين،ويتحد شملهم ويعلو شأنهم 3 ـ قال الملك عبد العزيز رحمه الله: إنني سلفي، وعقيدتي هي السلفية التي أمشي بمقتضاها على الكتاب والسنة، وقدوتي من الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذلك الإمام الذي حمل الدقيق على ظهره لإحدى الأرامل المسلمين، ومن خلفاء بني أمية عمر بن عبد العزيز رحمه الله الذي ضرب بعدله وزهده المثل . وقال: عقيدتنا هي عقيدة السلف الصالح التي جاءت في كتاب الله وسنة رسوله ، وما كان عليه السلف الصالح ، عقيدة مبنية على توحيد الله عز وجل ، خالصة من كل شائبة، منـزهة من كل بدعة، فعقيدة التوحيد هذه التي ندعو إليها وهي التي تنجينا مما نحن فيه من محن وأوصاب . (المصحف والسيف 33، 35، 55، 128 بصرف يسير) . • ـ المحور السابع ، شرعية الدولة بتمسكها في دينها ، وليس بفكر مستورد أو منهج دخيل : قال سموه : إن شرعية هذه الدولة هي في منهجها وتاريخها الطويل الذي بدأ ببيعة شرعية للالتزام بالدين الصحيح منهجاً ومسلكاً في الحكم والبناء السياسي والاجتماعي وليس في حادثات الفكر المستورد أو الفوضى والتخبط الفكري الذي لانهاية لجدله ولا فائدة من مبادئه. فأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض وأما الزبد فيذهب جفاء. أ . هـ . لا للقومية ، ولا للشيوعية ، ولا للبعثية ، نعم للتمسك بالدين أساساً وحيدا لشرعية الدولة . وحذار من الليبرالية ومن التكفير والتطرف ، فهما من أخطر ما يهدد هذه البلاد . فالليبرالية توأم للتكفير والتطرف ولا فرق بينهما في الجوهر ، وإن كان ثمة اختلاف ، فهو في الظاهر فقط . 1 ـ فكلا الفريقين يعمل على زعزعة الأمن الفكري ، وذلك بمحاولة إسقاط العلماء وتهميشهم ، لإدراكهم أن العلماء هم صمام الأمان الذي يحبط ويفشل ما يخططون له من إفساد وتغريب وقتل وتخريب.وإذا أسقط العلماء خلت الساحة أمامهم لبث أفكارهم وسمومهم . 2 ـ وكلا الفريقين يضر بالمجتمع ، من حيث ادعى الحرص على مصلحته وإصلاحه ، فالطرح التغريبي الإفسادي بالدعوة إلى تنحية الشريعة وتحجيم الدعوة والدعاة والترويج لسفور المرأة والاختلاط ، وهذه أمور تهدد استقرار المجتمع ، لأن انتشار المعاصي والمنكرات من أكبر عوامل زعزعة الاستقرار ، وتستفز المتحمسين ومعهم المندسوين الذين يزعمون أن الإصلاح يكون بالقتل والتفجير . 3 ـ وكلا الفريقين لا ولاء حقيقي له . فلا ولاء لولاة الأمر ولا ولاء للوطن، بل الولاء لجهات خارجية تستخدمهم ـ من حيث شعروا أم لم يشعرواـ فالتغريبيون بطرحهم مشروع الدولة المدنية يسعون إلى ما يناقض اجتماع أهل العقل والحل والعقد والشورى على إمام واحد ولو كان ببيعة شرعية وحاكماً بالشريعة . ولا مكان فيها للشريعة في الدولة المدنية لأن الدولة المدنية نقيض للدولة الدينية الحاكمة بالشرع ، لأنها تقوم على فلسفة الديمقراطية وإلغاء مفهوم الدين من الممارسة السياسية وهو ما يعني إلغاء البيعة الشرعية والطاعة والحكم بالشريعة ، وتحويل نظام الحكم إلى ملكية دستورية تقتصر مهامها على بعض المراسم والشكليات . والتغريبيون لا ولاء لهم اتجاه الوطن ، لأنهم بمهاجمتهم خصوصية المملكة يصادمون الأسس التي قامت عليها الدولة ، وهي نشر التوحيد تحيكم الشريعة وخدمة الحرمين الشريفين ، فهؤلاء لا تروق لهم هذه الخصوصية ، فهاجموها وانتقدوها إفساحاً للمجال أمام رياح التغريب لتهب قوية على المملكة بإضعاف الدعوة ، وتهميش العلماء ونشر الفساد بصوره وألوانه والدفع باتجاه تخلي المملكة عن دورها الريادي الدعوي. ووجه آخر من عدم ولائهم للوطن ، هو ما صرح سمو وزير الداخلية وفقه الله من تورط بعضهم بالعمل لحساب جهات أجنبية . هذه الجهات التي أغرتهم بالمال والاستثمارات والامتيازات تستعملهم خنجراً في نحر الوطن وسهماً مسموماً في صدور أبنائه لإفسادهم وزعزعة قناعاتهم بتحكيم الشريعة والتحاكم إليها تزامناً مع غزو فكري غربي مركز وشرس . أما التكفيريون فقد جعلوا طاعتهم وولاءهم لأشخاص يحركونهم بالخطابات الحماسية والرسائل الانترنتية والعبارات المشفَّرة ، عبر قنوات عميلة ومواقع مشبوهة ، ولا يُعرف هؤلاء بعلم ولا فقه ولا حرص على مصالح الأمة وقضاياها . هؤلاء لا يرون في أعناقهم بيعة لولاة الأمر ، ولا يعتقدون بوجوب طاعتهم في غير معصية الله ، ولا يتبعون منهج النصح والدعاء لهم . بل إن الواحد منهم يرفض أن ينسب نفسه إلى بلاده ، فإذا سئل عن ذلك قال : أنا من جزيرة العرب ، ويرفض أن ينسب نفسه إلى المملكة، وكأن المملكة هي الفاتيكان أو تل أبيب أو هوليوود . 4 ـ وكلا الفريقين خلع اليد من الطاعة : الأول خلعها بطريقة معنوية ـــ إن صح التعبير ـــ وبطريقة خفية مبهمة لا يكاد يلحظها أحد في ظل دندنتهم الدائمة في مقالاتهم حول الولاء والطاعة ،لكن الأفعال على الأرض تناقضها . أما الفريق التكفيري فكان أقل مكراً ودهاء من الفريق الأول ، إذ أعلن صراحة أنه يخلع يد الطاعة . وفي كلا الفريقين يقول النبي صلى الله عليه وسلم :" من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاش من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه". رواه مسلم. وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره وأن لا ننازع الأمر أهله وأن نقوم أو نقول بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومه لائم". رواه البخاري . 5 ـ وكلا الفريقين ينفران الناس من التدين. فالتغريبيون يهاجمون الملتزمين والمتدينين بحجة أنهم متزمتون لا يواكبون روح العصر ولا يسايرون ركب الحضارة ، وأن الدين هو سبب التخلف . ويأتي التكفيريون بأفعالهم الدموية لينفروا الناس أيضاً بالإيحاء بأن الدين لا يعرف لغة سوى القتل والتفجير .