في ذكرى حبوبتي حليمة ، من على بنبرها الوثير ! ( نص معاد )

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 07:37 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-30-2012, 00:20 AM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
في ذكرى حبوبتي حليمة ، من على بنبرها الوثير ! ( نص معاد )

    سلام للجميع ... وددت أن أعيد هذا النص لمن فاتتهم مطالعته في حينه ، مع تغيير في العنوان ، حيث تم نشره من قبل بعنوان : ( فلما أن جاء البشير .... ) ... وأنا سعيد جداً بنشره الآن مرة أخري لشدة إشتياقي ولوعتي وحنيني ومعزتي لحبوبتي الغالية المرحومة ( حليمة محمد صديق ) ( بت كللولة ) .. والدة أمي ، الحنونة ، الودودة ، العالمة ، الحالمة ، القطانية ، الأمدرمانية .. رحمها الله رحمة واسعة ، وسلام عليها وعلى كل رصيفاتها وقريناتها ، في العالمين .... آملاً إسعادكم ومشاركتكم سعادتي الغامرة بطيفها اللطيف الظليل الرحيم ،، وبطيف تلك الأيام الجميلة الزاهية الغابرة ، على تلك الجنة الوارفة من عمر ذاك الزمان !

    لم أك أعلم بماهية تلك الرسالة القيمة ، وماتنطوي عليها من مفآجأة عجيبة مُذهلة ! يحملها إلي ، مرسال من الشوق الرهيب ، على جناحي أخي الأصغر ( صلاح الدين ) . العائد لتوه من السفر ، حيث كان في إجازة قصيرة بالسودان . حقاً إنها لم تك تخطر على الخاطر ولا على البال ولا على تلك المخيلة الخرِبة التي أكل وشرب عليها الدهر ، ثم نام نومته الطويلة ، التي لطالما أضحت تشبه الموت !
    ولم يك لدي أى شعور أو أقل إحساس ، ولاحتى مجرد خيط صغير ، أو بصيص من ضؤ لتخيًلها ! حيث أنها لم تك على البال ولا الخاطر ، ولم تك في الحسبان ! ... ولقد فشلت كل محاولاتي لإستدراج أخي صلاح حتى يبوح بمكنون ماكان يخبئه بين يديه المعكوفتين خلف ظهره ! .... ثم انبرى ممازحاً ببسمته تلك العريضة ، قائلاً : ( والله أصلو ما حتقدر تعرف أو تتخيل الجماعة مرسلين ليك شنو من السودان ! )
    بعد غياب لأكثر من ثلاثين سنة في هذه الغربة الكئيبة الموحشة ، التي أكلت الأخضر واليابس ، وتلاشت معها كل الصور والمشاهد والحكاوي ، والذكريات الجميلة القديمة التي ما فتئت أن تسربت رويداً رويداً بفعل الزمن والغياب المرير .. وبعوامل التعرية النفسية والروحية القاسية ، التي ضربت الروح والقلب والفؤاد ، وأدمت هذه المخيلة المُعتمة المُتعبة وشوهت معالمها ، وأفسدت رؤاها وجردتها من من كل أطيافها الحالِمة ، وظلال أشيائها وأطلالِها .. فلم تذر منها شيئاً ، حتى تركتها أرضاً صلدة ، جرداء ، قاعاً صفصفا ! وجعلتها خاويةً على عروشها ( وما خلت فيها نفاخ النار ! ) .
    هذه الغربة العصيبة الصعيبة التي لا يعلم مداها ونهايتها إلا الله ! .. ونحن لا نعلم عنها ، سوى أنها كانت قدراً محتوماً علينا وعلى أهل السودان ، وكانت أمراً محسوماً !!! بيد أنها لا زالت ناراً مستعرة تتلظى في كل ساعة وكل حين ! ليشتد أوارها ويتأجج غليانها ، وتتكشف في كل يوم عن وجه جديد ! .... بعيداً عن تلك الأيام وعن ذاك الماضي البهيج التليد ! وعن تلك الرُبا البعيدة المرتسمة فوق هاتيك النواحي الفريدة الخالدة ، التي كانت ولم تزل تستلقي بين حنايا الفؤاد ومسام الضلوع ! كبستان أخضر وريف ، مورق ويانع ! وهو يتوسد سويداء القلب ، ويتوهط في تلك الجنة الباسقة المنعمة العريضة التي كانت منبسطة على ضفاف أهلنا الطيبين ، وعشيرتنا السمحة ، وسماواتنا الظليلة ، وأرضنا الحنونة الطيبة السمراء !
    أدخل أخي صلاح يده في جيبه مبتسماً ، ثم عاد ليخرجها في حركة سريعة تنم على نية الإخفاء ! واضعاً كلتا يديه خلف ظهره ، وهو ممسكاً بذاك الشىء المجهول المبهم ! ثم قال ممازحاً : ( ما قلت ليك دي حاجة أصلو ما ممكن تتخيلها شنو ! ) ثم أردف قائلاً : ( غمِّض عينك ) هكذا قالها مقهقهاً ....... ولكم أن تتخيلوا كيف يُمكن لشخص كبير في مثل سني ، وقد بلغ من العمر عتياً ، أن يغمض عينيه مستسلماً كطفل صغير ينتظر هديته في يوم عيد !
    وما أن أغمضت عيني لبرهة صغيرة ، ما برحت أن تحولت إلى حلمٍ عريض وحالِم وجميل ! وسرعان ما امتد إلى أيام طويلة وسنواتٍ عراضٍ طِوال ! عبرت فيها خواطري عبوراً سريعاً لشتى الأحداث والحكايات والمواقف والصور ! وطاف فيها عقلي طوافاً عميقاً ، وهو يُقَّلِّب في تلك الدفاتر والصفحات الثرية القديمة ... لعله يتنسم أنسامها ، ويرشف من معينها الفياض ، ومن معانيها برشفةٍ تروي ظمأ هذا الفؤاد المهدهد بالأسى والسُهاد ، وجوع النوى ، وعطش البُعاد .
    وجالت خواطري سريعاً ، وهي تبحث عن رأس خيط أو بصيص من ضؤ ،، أو أى شىء يُمكن أن يُشّكِل تلك المفآجأة الرهيبة المنتظرة ! ..... فماذا ياتُرى يمكن أن يكون ؟!
    لعله دفتراً من تلك الدفاتر القديمة المُكتظة بالأفكار الساذجة الفطيرة ، أو قصاصات من تلكم الأسئلة الوجودية الحائرة ! وكثير من الحكم والأمثال والفلسفات التي لا تخلو من حقائق ومن قيم ومفاهيم كبيرة قيمة ، كانت مركوزة في قرار تلك الروح العتيقة ، وفي ذاك العقل الحكيم القديم ! ،، ولكنها أصبحت مدفونة بأتربةالأوهام والأباطيل ،، وبأوحال تلكم المخاوف الأزلية ! ..... أو لعلها قصيدة من تلك القصائد الفجة الركيكة البدائية ، التي كانت تعج بها أدراج الدواليب العتيقة !
    أم لعلها تلك ( الفنيلة ) الكحلية الشهيرة ، أو شبط الشدة الذي طاف كل أرجاء المدينة القديمة وأحيائها العريقة ، من العباسية إلى الموردة ، مروراً بأبكدوك وحي الضباط وبانت وأبعنجة ، وتجوالاً وذهاباً ومجيئاً إلى العرضة وحي البوسطة ، وفريق السوق والمسالمة والمظاهر ، وحي العرب ، ووددرو ، والقلعة ، والدومة ، والهجرة ، وودنوباوي ، وبيت المال ، وأبروف .. وكل أطراف وضواحي أم در من الفتيحاب وحي الصقور وأمبدة والمهدية ! .... أم هو ( حذاء الباتا ) القديم المهترىء من لعب الدافورى ،، والمرمي في قعر الزقاق !
    وما أن أوشكت أن أفتح عيني ، حتى أحسست بطقطقة ذاك الشىء ، وخشخشته أما أنفي ،، وبصوت صلاح أخوي وهو يقول : ( كدي بإلله شم الريحة دي ، وحاول شوف بتذكرك شنو ؟!! ) .... ويالها من رائحة ذكية مُبهجة فريدة ! تلك التي أنعشت في ، ذاكرة كل تلك السنين الغابرة العامرة ! حينما ذكمت أنفي بعطرها الفواح العجيب الفريد ! الذي طار بفؤادي وبعصافير روحي ، وحلَّقَ بي فوق سماوات رحبة فسيحة من ذاك الماضي الحافل البهي البهيج ! ... وانطلقت بي حتى سرحت مسافراً عبر تلك الدنيا المخملية ، الهانئة ، الحالِمة الندية ،، على تلك الحقبة الجميلة ، وذاك الزمان البديع المجيد ! ..... فما كان إلا أن إرتعشت حواسي ، وارتعدت فرائص عقلي ، وروحي المكلومة ،، وارتبكت خواطري ، وتلخبط كياني ، و ( جاطت ) كل حواسي ومشاعري وأفكاري من فرط تلك الرائحة العطِرة الذكية الخرافية ، ومن فوحان عبقِها المعتق بروعة ذاك الزمان !
    لم أستفق من غمرة نشوتي تلك ، إلا بصوت ( صلاح ) وهو يُفصح عن سر ذاك الشىء المُفاجىء ، وهو يقول : ( دي سبحة حبوبتك حليمة ! ) ........ فيا لها من مفآجأة مُذهِلة ! جعلتني أفتح عيوني متشوقاً متلهفاً ومنبهراً ! ولم أعي بنفسي وأنا احتضن تلك المسبحة المضيئة الفريدة التاريخية ! بفصوصها الأبنوسية اللامعة المتلألئة ، وبألوانها اليانعة المشعة ! وسرَّت بجسدي قشعريرة طاغية ونشوى رهيبة غامرة وعارمة ! فعُدت على إثرها تارةً أخرى ، مُغمض العينين ! وارتديت بصيرا ، لأرى بأم عيني ، وبأنوار قلبي وفؤادي ، فيض عشقها الكبير الخرافي !
    هاهي ذاتها ( حبوبتي حليمة ! ) وهي متربعة على عرش ( بنبرها الوثير ) ، حية ، نضرة ، زاهية ، ومفرهدة بحيويتها المبهرة ، ورونقها المُهيب ! وبشحمها ولحمها الغض الندي ، وبطلعتها البهية ! .... ومن ورائها وحواليها ذلك العالم الملائكي العلي .. وتلك الدنيا العامرة المسالمة الثرية !
    قالت لي ، وهي تُهبهب النار من على كانون منقدها المتقد : ( أكُب ليك الشاي يا عشاي ؟ ) ... فسمعت ذاك الصوت الرحيم ، وأنا في غمرة حلمي ، وفي أوج سمعي البصير ! وشممتُ رائحةَ ذاك السمن البلدي الأصيل ، التي كانت تفوح من زجاجة كانت بجانبها ، فتختلط بذاك الحليب الساخن ( المقنن ) .. وبضع لقيمات مغمورة بالزيت ، تصطلي على قدح نار موقدها ، وتداعب أنفي برائحتها المنعشة المشبِعة ! ... وثمة ديك أبيض بدين مدلل ، وهو يصيح ، مزهواً بنفسه ، وبصوته الواثق المُترع الرخيم ، معلناً عن جمال ، وعن وروعة تلك الحياة ! ... وثمة دجاجاتٍ مُترفات ، يمرحن وهن مُتباهيات بألوانهن الزاهية المزركشة ، في فرحٍ وهناءٍ وحبور ،، مابين بيضهن المنثور ، وكتاكيتهن الفرِحة الوديعة السعيدة .
    سكبت حبوبة حليمة الشاي ،، فجلسنا نحتسي خمر عشقها الأزلي ، ونحن نرقب في ركن حوش تلك الدار الرحِبة العامرة الثرية ، معزةً جميلة ، رشيقة ، معافية ، وهي تُناطح أختها في فرح ومرحٍ ووداعة ، وفي سلام !

    وحينما جنَّ ليلُ ذاك اليوم ،، أبصرتُ فيما أبصرت تلك المسبحة المُشعة المُضيئة ، وهي تلمع في البعيد ، وتبرق ما بين أنامل أمي الحبيبة حليمة ، كنجماتٍ تكاد تهطل من بحر السماء !


    تمت .
                  

العنوان الكاتب Date
في ذكرى حبوبتي حليمة ، من على بنبرها الوثير ! ( نص معاد ) مامون أحمد إبراهيم08-30-12, 00:20 AM
  Re: في ذكرى حبوبتي حليمة ، من على بنبرها الوثير ! ( نص معاد ) مامون أحمد إبراهيم08-30-12, 06:14 AM
    Re: في ذكرى حبوبتي حليمة ، من على بنبرها الوثير ! ( نص معاد ) مامون أحمد إبراهيم08-30-12, 06:52 PM
      Re: في ذكرى حبوبتي حليمة ، من على بنبرها الوثير ! ( نص معاد ) مامون أحمد إبراهيم08-31-12, 01:11 PM
        Re: في ذكرى حبوبتي حليمة ، من على بنبرها الوثير ! ( نص معاد ) مامون أحمد إبراهيم08-31-12, 06:26 PM
          Re: في ذكرى حبوبتي حليمة ، من على بنبرها الوثير ! ( نص معاد ) سلمى الشيخ سلامة09-01-12, 03:12 AM
            Re: في ذكرى حبوبتي حليمة ، من على بنبرها الوثير ! ( نص معاد ) مامون أحمد إبراهيم09-01-12, 01:46 PM
              Re: في ذكرى حبوبتي حليمة ، من على بنبرها الوثير ! ( نص معاد ) مامون أحمد إبراهيم09-01-12, 03:19 PM
                Re: في ذكرى حبوبتي حليمة ، من على بنبرها الوثير ! ( نص معاد ) سلمى الشيخ سلامة09-01-12, 04:28 PM
                  Re: في ذكرى حبوبتي حليمة ، من على بنبرها الوثير ! ( نص معاد ) مامون أحمد إبراهيم09-02-12, 11:38 AM
                    Re: في ذكرى حبوبتي حليمة ، من على بنبرها الوثير ! ( نص معاد ) مامون أحمد إبراهيم09-03-12, 09:27 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de