صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-19-2024, 00:52 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-10-2012, 08:20 PM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7346

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر (Re: طه جعفر)

    عاد الفاتح إلي البيت مثقلا بإحزان أثارها منظر بعض الجنود و الضباط البدينين بكروشهم المقززة في تأبين محمد عبد القادر . عاد حزينا منتظرا الليل ليجلس إلي زجاجته .كان الجو في البيت مشحونا بالترقب، انعقد فيه غبار الذكريات الكاتم للأنفاس . حاجة آمنة و نفيسة في غاية الغم أثار حادث ذهابهم إلي التأبين ذكريات و إبتعث مرارات فاجعة من مراقدها.
    نام الفاتح و استيقظ للغداء متسائلا عن علاقة الإسلاميين بالجيش ، بصّاصيهم و أتباعهم من عضوية التنظيم في الجامعة، التي لم تكن غير خط دفاع رث و ######## عن نظام مترنح يخاف من هبة الطلاب ، حتى طلاب الثانويات يميتون النظام خوفا.
    بين صحو ونوم تذكر الفاتح كيف تخلص الناس من النظام في أيام من الانتفاضة و الثورة إلي أن سقط نظام اللصوص و القتلة , وتذكر أيضا ما يفعله الإقصائيون أعداء الوحدة و السلام الآن , تذكر الأمس كأنه كان في عصر الديناصورات . و قال بهمس إلي داخله : الآن هو عهد الزواحف الطائرة التي لا تثمر إلا بيضا حجريا, يفقس عنه" ورل" او" ضب خلا" مرة في كل قرن، سنوات من الرمل الحارق في انتظار النار.
    فتح عينيه من حالة النوم المتعبة تلك , ليجد أمامه عمر زوج أخته سمية مختتما صلاته.
    سأله الفاتح يا مولانا ما الذي تجده في الصلاة ؟
    أجاب عمر الصلاة عندي موجدات ،هي عتبات ارتقي بها سلما إلي نفسي ، و هو سلم اليوم من الصباح إلي المساء، أوقات أقف فيها عاريا من كل شيء أمام كمال مطلق، ليس عندي تجاهه غير التعظيم و الحاجة و السؤال. اسأله القبول و المغفرة .. في صلاتي أغيب عن عذاب الحياة . عذاب الحياة قائم أنا أغادره للحظات، أتغيب عن منازلته . اترك للحياة جسدا تغادره روحي التي لا تشيب ولا تعجز عند القرب من الله هناك في صعيده الطاهر قبالة قبلته التي حددها، هناك عند طهر جسدي و سلامة نفسي من أذي القلوب و البصيرة.

    "مولانا عمر لا يأخذ أمرا إلا بالجد و بالجد فقط يدير شئون يومه متحركا في فضاء تدينه الخاص الذي لا يزعج احدا" هكذا حدث الفاتح نفسه غارقا في همّ سارحاً في خيال بعيد ؟ أعاده سؤال مولانا عمر: لكن يا الفاتح لِمَ السؤال ؟ ورد الفاتح قائلا: أريد أن اعرف هل انت من يذهب إلي الصلاة أم هي التي تحين و تناديك ؟
    "الأمران معا" قال عمر تحين و أنا اذهب إليها، و لكن لا تسألني ما أجد بعدها، لأنه عطاء مخصوص مرتبط بكيفية علاقة كل منا بالله.
    يا مولانا ما رأيك في اتفاقية السلام الاخيرة؟
    ورد عمر قائلاً:
    هذا عمل افترضه حسن تدين السيد و علمه بعذاب الناس إبان الحرب , إذا لم يدرك رجل الدين جائحة الحرب و تعذيبها, ما الذي يجعله يدعي و يتصنع التدين وما الذي يجعله يزعم قيادة الناس في دينهم أو دنياهم . الثائر الحقيقي باحث عن السلام و الرخاء كلاهما من خيرة الناس . رئيس الوزراء حاول الأمر و سعي لانجاز السلام، لكن حكم الوقت هو الذي قاد الأمور إلي ما هي عليه، ديل رجال بركتهم كتيرة و خيرهم موفور. وواصل عمر حديثه.
    الدين يا لفاتح أُنزل ليعلم الناس كيف يحيوا سعداء بقربهم من أنفسهم و قربهم من الله , الله جعل النفس مستودع أمانته و لقد قيل ( أحَبَكُم إليّ أحَسَنكُم إلي عيالي) الدين الذي يورث الشقاء و يعذب الناس لا خير فيه هو تحريف و انحراف و شذوذ

    ذهب عمر إلي بيته تاركا الفاتح في خواطره. قال الفاتح محدثا نفسه "هذا ما يعتقده عمر". تذكر الفاتح حوارات سمية و عمر معه في بداية علاقتهما.

    سمية تكبر الفاتح بأربعة أعوام سمية كانت مهتمة بدراستها ، كانت تحاول إكمال الجامعة بنجاح باهر و فعلت. كما حدثته كثيرا لم تكن تهتم بالسياسة في الجامعة إلا أيام الانتخابات، كانت دائما تصوت لصالح قائمة التحالف الوطني الذي كان دائما في صف ضد أعوان النظام التكفيرين الجهلاء . و كانت تصفهم بسعاة الجهل و الرذائل.
    كانت سمية تكرههم في الجامعة , هذا الكره أمر موروث في البيت ، والدها قتله النظام الذي أعلن قوانين الشريعة لاحقا و ارتمي في أحضانهم المتسخة بمال الحرام عابر للبحار . أعوان النظام عندها كانوا دوما دعاة عنف و إقصاء في الجامعات و كانوا تكفيريين و جهلاء . التقت سمية بعمر و هو شقيق احد صديقاتها من بنات مدني. عمر كان زاهدا في الدنيا و مازال, خريج اقتصاد من جامعة الخرطوم من دفعة متقدمة علي دفعة سمية شقيقة الفاتح ، يعمل في القطاع المصرفي ،متصوف يهتم بشئون دينه و يقوم برحلات عديدة خلال العام إلي مزارات الشيوخ من كركوج مرورا بالجزيرة إلي كدباس، و له مع كل شيخ حكاية .
    تعبت سمية كثيرا بعد إعدام الأستاذ( محمود محمد طه ). بهذه الطريقة يتذكر الفاتح التفاصيل" إعدامه علي أيدي قضاة الشريعة أيام الرئيس المشير أمير المؤمنين الأخير، الرئيس الذي إصابته لوثة دينية بعد بدايات علمانية و ربما يسارية ، فطفق يستكتب الصحفيين المأجورين باسمه النهج الإسلامي كيف؟ و النهج الإسلامي لماذا؟. هنا ضحك و الفاتح و قال في هضربة نهاره تلك " أمور مضحكة أن لنا تاريخا يشبه مهزلة ، مات نظام المشير الأمير الأخير للمؤمنين , اغتيل الأستاذ محمود محمد طه، مازال الناس متلجلجون حول القوانين المتخلفة "

    في تلك الأيام المفجعة التقت سمية بمولانا عمر . اتفقا علي أن إعدام الأستاذ محمود محمد طه هو بداية مأساة في السودان لا يعرف احد الناس نهايتها. و اتفقا أيضا علي الزواج و الإنجاب و الفرح في دوائر ضيقة و محصورة مثل بيت و عائلة .. لان الشارع و الحياة ليست إلا مسارات للحزن ، الهزائم ، المنغصات ، العذاب المديد و الكوابيس الماثلة
    تواصل هدير الهضربة في نهار الفاتح:
    "لعن الله الفاسدين من عساكر هذا الزمن لا يعجبهم اتفاق لإنهاء الحرب... و لا تعجبهم الحرب نفسها فيديروها بأخلاق الرجال الشرفاء.. جرائم حرب ضد المدنيين و الأسري ، فساد مالي و تجارة، و ثراء ليس بعده ثراء، مؤسسة كاملة بلا خير و بلا طائل، نقليات الضباط إلي الجنوب تتحول إلي رحلات تجارية بناقلات الأخشاب أو الجنود لقطع الخشب الفاخر التك و الزان و الابنوس و هي بالأساس بعثات لقتل المدنيين ". تحرك الفاتح تاركا هضرباته تلك .
    غادر الفاتح فراش قيلولته متجها إلي غرفة حاجة آمنة , كانت الغرفة مشتملة علي ثلاثة أسِّرة مفروشة بملاءات كلها بلون واحد و رسم واحد، يتوسط الغرفة مجموعة من الترابيز، الوسطي كبيرة نوعا ما و تحتها تنحشر أربعة ترابيز شبيهة في تصميمها بالتربيزة الأم و لكنها اصغر بكثير ، علي حوائط الغرفة الأربعة تنتشر صور مثبوتة في إطارات أنيقة واحدة للحاج محجوب الإعيسر معتمرا عمامة بوجهه النحيف الذي تجلل ملامحه الطيبة و الهدوء و شاربه الكث . وصورة اخري الذي لعثمان أبيه في بزة عسكرية تملأ ملامحه حكمة و هدوء غريبان علي الجيش و ضباطه ، و الثالثة لمحمد محجوب الإعيسر خاله بلباس إفرنجي و وجه يضج بالذكاء و المثابرة . في غرفة حاجة آمنة دولاب كبير تتوسطه مرآة ، جوار الدولاب تتمدد مصلاية أنيقة عليها رسومات للحرم المكي. غرفتها مكان يمكن أن يأتي إليه أي فرد من أهل الحوش صغارا و كبارا لكنها في هذا الوقت كانت فارغة. تطايرت أسئلة في رأس الفاتح أهمها لماذا كان أبي عسكريا ؟. دخلت سمية شقيقته بالكاد أحس بدخولها.
    و نادته قائلة: يا الفاتح كيف كان التأبين ؟ . مقرف! أجاب الفاتح باقتضاب
    سمية خرجت للتو من الحمام ، تحب دائما تسريح شعرها هنا جالسة في احد الترابيز قبالة مرآة دولاب حاجة آمنة جلست أمامه أختا فائقة الحسن، تحركت يداها ممسكة المشط اللامع من اثر الدهن الملتصق علي أسنانه و ظهره بيد، و بقية جدائل شعرها بيد مادة صدرها إلي الأمام أما شديدة الجمال و البهاء .
    " ياخ انسانا "قالت سمية عبر ابتسامة أنارت عتمة الغرفة ! يا الفاتح عاوزة ارجع الشغل، اليوم حمل عمر خطابي إلي ديوان الضرائب و وعده مدير المكتب بالرد عليه خلال يومين.
    قال الفاتح .( حمودي ) البكاي ما عنده مشكلة! البيت مليان أمي و( أمي آمنة) لن يفعلا غير إسعاده.
    - إن شاء الله تكوني شاورت محجوب؟
    - عمر أنجز ذلك مع الجميع ؟!
    - يعني انا اخر من يعلم؟
    - لا لا والله ضاحكة ! الموضوع كله إتقال أمس و أنجزت أهم خطواته اليوم .

    - يا سمية عندك فكرة ليه ابونا اشتغل في الجيش؟
    - انت الليلة ما براك يا (توحة) ؟؟
    أحب الفاتح هذا الاسم. يذكره بزمن كانت فيه طلباته تجاب حتى إذا سأل الجبال إن تتحرك أو القمر أن ينزل .ولد له أكثر من ام ! . قالت سمية: امي زمان قالت لي." عندما تخرج ابوكم من الجامعة لم يكن أمام مهندسي المساحة غير فرص محدودة في وظائف مدنية ، و كانت رواتب الضباط اكبر قليلا و المخصصات اكبر، أمي و ابوي كانا يحتاجان بيتا مستقلا و لا يتوفر ذلك إلا بالعمل في الجيش ! "
    .اغتمت سمية ، كسا الحزن وجهها ، أطرقت, دافعة جديلتيها واحدة في كل صوب مرتميتين حول جيدها البهي ... ازدادت عتمة الغرفة وانتشرت رائحة حزن سمية في أجواء غرفة حاجة آمنة ، خليطا من رائحة الصابون و مزيل العرق و رائحة الطعام برائحة النهار .
    حزن الفاتح لحزنها. سمية فمها واسع من غير إفراط، أسنانها كبيرة بجمالها، بياضها و حسن تراصها. في بشرة وجهها خشونة ناعمة، يضيء وجهها بجمال براق. بينها و الفاتح رابط عجيب خليط من كل المشاعر حب ، حنان و شوق رغم إنهما في نفس المكان!. أحزان الطفولة وحدت بين نفسيهما، موت أبيهما غرس خنجراً واحد في نفسيهما. يقول الفاتح محدثا نفسه عندما يراها ساهمة " عندما يحزن مثل وجه سمية تتوقف الحياة"
    تذكرت سمية أمهما و أحزانها!؟ وفالت :لو ما اشتغل في الجيش.. يا الفاتح... أبوي ما كان مات..! و لم يكن من الضروري أن تموت أمي. وهي حية و تتعذب كل هذا العذاب ،لا تذوق طعما للحياة .. أمي ماتت حزنا عليه، قطعوا قلبها الله يقطع قلوبهم حزنت سمية و حزن الفاتح و كره نفسه و أحس بالذنب ؟ خطا نحوها أمسك بيديها و قائلا: معليش يا سمية! عندك عمر و أولادك ، أنا ، أمي و الجميع .قالت باكية: كلهم ما زي أبوي و .. ملعون ابو الجيش!!؟ . سكتت قليلا لتقول: البركة في امنا واصلت حديثها بين الدموع و انقباضات الصوت المتكررة
    لو بس عرفنا مكان تربته ( قبره) . كان نمشي نقرأ عليه الفاتحة و ندعو له بالمغفرة , نتشمم رائحته من بين ذرات التراب في الترب بين القبور.
    شق الصمت سعال حاجة آمنة، و دخلت لم تقل شيئا سكتت و سكتت. صمت الجميع

    - حبوبه مالك؟ سأل الفاتح
    - ما في عوجة يا أولادي! ردت بحزم يجلله خليط الحزن و الغضب
    تغيرت نبرة صوتها، تعمقت ، خفت و صارت كطيف كلام علي سطح الصوت الأحدب . سال دمع من عيني حاجة آمنة اهتز له وجدان الفاتح ، ارتعدت له دواخله ، أحس بالخوف و استشعر كراهية كبيرة للعالم .
    قالت سمية: "حبوبة خلاص ، عليك الله اسكتي قبل أن تأتي أمي إلي هنا و يتقلبن علينا اليوم الاصلو مقلبن ده.!.". . لم تسكت حاجة آمنة ثم بكي الجميع ، لولا دخول الصغار إلي الغرفة لاستمر الأمر طويلا.

    غادر الفاتح المكان مسرعا .. أحس باحتياج أو خرمه لسيجارة و سفه معا و تذكر طعم الغصة الذي يقطع دابر كل( كيف) و يتحول معها طعم التبغ إلي خليط محزن . هو مزيج من الغبن و الإحباط و الدخان.
    ذهب إلي الديوان ، أشعل سيجارة. انتهت بسرعة، بحث عن الكيس. وجده ثم وضع سفه كبيرة و تمدد علي الفراش قائلا يا الله حسنك و جمالك ، الله يرحمك يا أبوي ... هتف بداخله هاتف .. "عاش نضال الحزب الشيوعي السوداني. عاش نضال الشعب السوداني. الموت و الدمار لأعداء الشعب. الموت الدمار لأعداء الحزب الشيوعي السوداني " انتهي هتاف نفسه. مكتفاً بصمت المكان و هدوء النهار المجحف. لم يخرج مع الهتاف إلا القليل من الحزن. خرجت مع الهتاف حسرات .. حسرات ! و حشرجة او بلغم ، اختلطت الغصة بطعم التبغ و أصبح الحزن أكيدا ومازال راكدا في أعماق النفس.
    غادر الفانح الديوان إلي بيت حسين، وجد أمل زوجة حسين بوجهها إلي الحائط ، و مني جالسة علي احد الكراسي في البرندة. عندما دخل الفاتح تحركت أمل و أدارت وجهها لتجد الفاتح ، جلست لتبكي مجددا، وقفت مني و أخذت الفاتح في حضنها المكين. بكي كما يبكي الأطفال. لم يفلتها رغم ترديدها للقول" يا ولد البركة في أمكم و أولاد خالك، و البركة في أمنا آمنة ، يا ولد الحي أولي من الميت، يا ولد الموت يوم ، و الموت حق و البركة فيك أنت و أختك"
    تَعَالي صوت بكائه و تواصل النحيب ..
    و اصلت بالقول " يا الفاتح استغفر الله ! أولادي وأولاد حسين يقولوا عليكم شنوا" و انتهرته مني قائلةً: يا ولد عاين للصغار ديل .
    عندما رفع وجهه عن كتفها بكت مني مرتمية علي الكرسي ، و لم تقل شيئا بكت، و بكت أمل أيضا . ومازال الفاتح باحثا عن حضن ابيه و دفئه في نهارات الشؤم المذلة.
    دخل محجوب قائلا : الفاتح يلا الديوان.!
    و هناك كان حسين في حال أسوأ من حال الفاتح ، ذهب مع محجوب بخطوات غاضبة و مسرعة أثارت غباراً تشمم الفاتح فيه رائحة نهار كريهة .
    كان عمر جالسا في مصلايته ، مطرقا و مستقبلا القبلة جالسا كما يجلس الرافع من السجود أو جلسته عندما يردد التشهد و الأوراد..
    قال عمر: يا محجوب لم تكن مخطئا. كان الواجب أن نذهب إلي التأبين. كان الواجب أيضا أن نذهب إلي أولاد محمد عبد القادر رغم عدم توفيق الرجل فيما يفعل. كان الواجب أن تتصافي الأسرتين. كان الواجب أن يقوم محمد عبد القادر بخطوة كبيرة قبل موته لاسترضاء حاجة آمنة
    و لكن كما تعلمون ضباط الجيش من أمثاله لا احد ينتظر منهم غير ما يفعلون من سوءات لا تفضي إلا إلي الكوارث و الألم .
    محجوب كأنه كان في انتظار هذا الكلام لينفجر قائلاً : أنا تعبت يا مولانا، أنا أكثر الناس فاجعة، أنا أتذكر كل الأحداث... أنا أتذكر خفقان قلب أمي عندما كان أبي كان في السجن.. أنا أتذكر عندما عاد أبي مريضا و حزينا و تعسا لحالة نفيسة أخته . فرحت أمي قليلا بعودته ولكن عندما أدركت مرضه و انقضي الأمل في معرفة مصير عمي عثمان الناير ، مات في أمي كل شيء حتى ذلك الفرح الصغير بمقدم أبي من السجن مثقلا بتلك الهموم و فظائع السجون و ظلام لياليها الظالمة . أنا أتذكر، إلي أن حدثت كل تلك الأمور و بعدها مات أبي , و مات فيّ اثر ذلك.....!؟
    بكي محجوب و ابكي الجميع , وقال: "هل هنالك إنسان يجد في موت أمه شيئا ايجابيا؟ انا من وجد ذلك الشيء ، لو لم تمت أمي لكفرت بالله و انقطع أملي في رحمته، أمي قتلها الحزن و بددت حياتها الفواجع ، لو لم تَمت أمي في ذلك الوقت لتعذبنا عذابا لا حدود له , كانت مفجوعة بحياتها في تلك الأيام إلي أن أراحها الله و ألحقها بزوجها في ذلك الغياب المر"

    قال عمر: يا محجوب استغفر الله، أنت ركيزة هذا البيت.
    بكاء محجوب اسكت الفاتح و حسين و فتح أبواب الفواجع التي لا تموت فأخرست حياتها حزن الأحياء و المكان
    قال محجوب: لا حول و لا قوة إلا بالله و استغفر الله و أتوب إليه و خرج مسرعا .
    خرج الفاتح ودار في أطراف البيت.. كأنه يتفقد المكان، اندهش الفاتح لصمت الصغار و هدوءهم و احتماء كل فريق ببيت أمه و آبيه ولم يكن هناك غير الصمت .
    دخل غرفة حاجة آمنة ووجدها تصلي، أتمت صلاتها و حملت مسبحتها و اكملت تسبيحها ، لم يغادر الفاتح ظل منتظرا .. فالت حاجة آمنة: "محمد عبد القادر تطارده اللعنات أينما ذهب ، لا يترك وراءه غير الفواجع و الآلام, ربنا لا يريحك دنيا و آخرة يا عسكري الشؤم".

    قطعت حديثهم سلمي بنت محجوب ابن خاله قائلة: يا حبوبة الليلة بتحجينا؟
    يا حبوبة .
    .يا حبوبة الليلة بتحجينا؟
    ردت أمي آمنة بالحيل ..
    الليلة بحجيكم .
    دخلت أمل زوجة خاله حسين قائلة : حبوبة تعالي، نادي لينا خالتي نفيسة و تعالوا نغتدي مع مني في بيت محجوب، يا الفاتح ودوا ليكم الغداء في الديوان عمر معاهو ضيوف . !!؟
    غادر الفاتح و صوت سلمي يتردد برنين محبب في أذنه

    يا حبوبة الليلة بتحجينا؟
    يا حبوبة الليلة بتحجينا؟
    يا حبوبة الليلة بتحجينا ؟
    يا حبوبة الليلة بتحجينا؟

    جاءته أصوات من طفولته حجيتكم.... ما بجيتكم! .. خيرا جانا و جاكم


    النوم النوم بكريك بالدوم
    دومتين حلوات
    دومتين مرات
    بي البحر فايتات
    ..................................

    حلاة البلال
    ال بستر الحال
    بيتو في الجوار
    وزادو بجينا حار
    ..................
    يا ستنا شوفي السرور
    شوفي الفاتح الدكتور
    كبر بقي لي مدير
    كبر بقي لي وزير
    ..................
    .ديراك متل ابوي ال للتقيل مدخور
    الرافع حلقتو بعشم ال بيدور
    يا ابوي قبال الزمان ما يدور
    في الصيف و الشتا يسوق جدولك مبلول
    يا بنينة هوي !
    دايراك متل ابوي الحارة بيلاقيها
    دايراك متل ابوي السمحة بيسويها
    دايراك متل ابوي الصيفة بيعديها
    دايراك متل ابوي الحجة بيطافيها
    يا بنينة هوي!
    احمد يا ربي بي دا اليل
    شفت الحنة في ايديك يا صباح الخير
    يا جبل التكية الما رقد بالميل
    جدك والد ابوك فارسا يلاقي الويل
    يا بنينة هوي !
    دايراك متل ابوي عينو حمرة و شرارة
    دايراك متل ابوي تترفق تساعي السارة
    تطامن وكتين الرجال تنضارا
    ابواتك قبيل لابسين دروع الغارة

    و يقول الفاتح محدثا نفسه:
    وكانت الاسئلة تتطاير. نتسابق انا و سمية و حسين ابن خالي بالأسئلة
    يا حبوبة احمد ده منو؟... اسئلة بسيطة ..ترد حاجة علي اسئلتهم الصغيرة باهتمام قائلةَ:
    " احمد هو الراجل الزين زي ابواتكم !؟ " الصيفة بيعديها يعني شنو يا حبوبة؟" يدخر مؤونة الصيف وقت الجفاف حتي لا يجوع الناس و "الحجة بيطافيها " يعني شنو يا حبوبة ؟ يخرس أصوات الرجال البتلجلجوا في الكلام و ماعندهم حجة . "يا جبل التكية الما رقد بالميل"؟ الرجل يقف مستعدا لمواجهة النوازل لا يتزحزح و لا يميل متجنباً خطرا، و يواجه الأخطار. ديل ابهاتكم محجوب الاعيسر و محمد و عثمان الله يرحمهم أجمعين."



    مقطع من رواية
    حدث لاولاد الاعيسر

    طه جعفر
                  

العنوان الكاتب Date
صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر طه جعفر08-10-12, 06:27 PM
  Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر النذير حجازي08-10-12, 06:33 PM
    Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر طه جعفر08-10-12, 06:52 PM
  Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر أمين محمد سليمان08-10-12, 06:33 PM
    Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر طه جعفر08-10-12, 06:54 PM
  Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر معاوية عبيد الصائم08-10-12, 06:33 PM
    Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر معاوية عبيد الصائم08-10-12, 06:39 PM
      Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر Bushra Elfadil08-10-12, 07:16 PM
        Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر Murtada Gafar08-10-12, 07:27 PM
          Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر طه جعفر08-10-12, 07:33 PM
            Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر طه جعفر08-10-12, 08:20 PM
              Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر طه جعفر08-10-12, 08:44 PM
              Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر بخاري عثمان الامين08-10-12, 08:51 PM
                Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر طه جعفر08-10-12, 09:47 PM
                  Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر Elbagir Osman08-10-12, 10:03 PM
                    Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر طه جعفر08-10-12, 10:10 PM
                    Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر خالد العبيد08-10-12, 10:14 PM
                      Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر طه جعفر08-10-12, 10:45 PM
                        Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر الرفاعي عبدالعاطي حجر08-10-12, 11:07 PM
                          Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر طه جعفر08-11-12, 01:32 AM
                            Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر حبيب نورة08-11-12, 03:27 AM
                              Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر Ridhaa08-11-12, 04:29 AM
                                Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر الزاكى عبد الحميد08-11-12, 05:12 AM
                                  Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر abdelrahim abayazid08-11-12, 05:42 AM
                                    Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر حامد بدوي بشير08-11-12, 06:23 AM
                                      Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر عاطف مكاوى08-11-12, 06:50 AM
                                        Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر طه جعفر08-11-12, 10:01 AM
                                      Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر طه جعفر08-11-12, 09:58 AM
                                    Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر طه جعفر08-11-12, 09:52 AM
                                  Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر طه جعفر08-11-12, 09:44 AM
                                Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر طه جعفر08-11-12, 09:36 AM
                              Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر طه جعفر08-11-12, 09:32 AM
                                Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر Nazik Eltayeb08-11-12, 10:15 AM
                                  Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر عفاف أبو حريرة08-11-12, 10:38 AM
                                  Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر طه جعفر08-11-12, 04:49 PM
  Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر adil amin08-11-12, 11:55 AM
    Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر فضيلي جماع08-11-12, 12:52 PM
      Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر اسماء الجنيد08-11-12, 02:40 PM
        Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر طه جعفر08-11-12, 05:46 PM
          Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر Nasr08-11-12, 06:35 PM
            Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر عماد الشبلي08-11-12, 06:46 PM
              Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر mustafa mudathir08-12-12, 04:21 AM
              Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر الزاكى عبد الحميد08-12-12, 04:23 AM
                Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر نجلاء قرافي08-12-12, 08:06 AM
                  Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر aydaroos08-12-12, 08:41 AM
                    Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر عبدالله عثمان08-12-12, 10:38 AM
                      Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر طه جعفر08-12-12, 07:30 PM
                        Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر Khalid Kodi08-12-12, 08:00 PM
                          Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر عماد الشبلي08-12-12, 08:05 PM
                          Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر طه جعفر08-12-12, 09:17 PM
                          Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر هشام هباني08-14-12, 11:16 PM
  Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر موسى أحمد مروح08-13-12, 06:09 PM
    Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر Khalid Kodi08-13-12, 07:19 PM
      Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر Khalid Kodi08-14-12, 06:31 PM
        Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر سلمى الشيخ سلامة08-14-12, 06:57 PM
        Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر سلمى الشيخ سلامة08-14-12, 06:57 PM
          Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر معاوية الزبير08-14-12, 07:24 PM
          Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر طه جعفر08-14-12, 07:25 PM
            Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر نجلاء قرافي08-14-12, 09:29 PM
              Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر قيقراوي08-14-12, 11:00 PM
                Re: صدرت رواية و مجموعة قصصية لي عن دار عزة للنشر طه جعفر08-16-12, 07:50 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de