|
|
 نصب تذكاري للمعتقل/ة المجهول/ة
|
لااعلم ماذا دار في خاطرهذا الجسد المتكوم حين اشتغلت عشرات الايادي والخراطيش السوداء علي الظهر والرأس وفي كل موضع محتمل تعرف الايدي المدربة جيدا كيف تستخرج منه اكبر شحنة من الالم والانين المنتزع بحرقة رغما عن الاسنان التي تصدر صريرا كالمصروع و الشفتان المنطبقتان بتصميم لم يضع في الاعتبار طاقة احتمال الجسد البشري المحدودة،واللهاة تلتصق اعلي الحلق الناشف كانه يغص بالتراب والنار ، النار الحارقة كلما استعرت السياط في ارتفاعها ونزولها مرة، وكلما انخزل الجسد واصدر الانين المرير الموجوع ضد العزيمة والارادة
هل كان الم السياط هو الاقسي ام كان المؤلم حد اشتهاء الموت العواء المرتفع للكلاب المسعورة والضاحكة بهستريا والمحتفلة بالبذاءة والشتائم :
جيبو بي جاي وجيب دي بي جاي .. رصهم مع الحيطة ايوة
................................
ارفع قميصك غطي عيونك
...........................
تاني بتجي هنا يا ########
.................................
نزلي راسك تحت في الواطة يا معفنة
.................................
سخن ال############ دي خلينا نشوفا ترقص كاروشة
................................
ما كانت ابدا اصواتا بشرية،هل هذه هي الطفابيع؟ * اوربما جنس جديد ولدته طفرة طبيعية نادرة وتكاثر في المجارير والمساكن القديمة المهجورة وانقض علي الناس فجأة ليقيم احتفاله ويرقص مع ازيز السياط والقهقهات والشتائم وانين الجسد المتكوم الذي يضاري رأسه بذراعيه حتي يصل الالم حدا لا يطاق حين يصطدم الرأس بشئ صلب كأنما انفجر داخله فيدور ويغيب وعيه مع رائحة الدم والعرق
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
بعد انتهاء حصيلة اليوم من الاعتقالات،تكون الكلاب المسعورة قد اصابها الانهاك من انزال الصفعات والركلات والسياط، والعواء والضجيج والقفز والصراخ يجمعون الاجساد المتكومة في زنزانة ضيقة ومظلمة ويرمونها بعضها فوق بعض ورغم الظلام الشديد رأيت الجسد يتكوم في احد الاركان، لكنني لم استطيع رؤية وجهه، وفكرت في انني حتي لو رأيته فستغيب عني ملامحه ، سيكون مشوها بالجراح والدم النازف ومتورما تحت اثر السياط والصفعات
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
لا اعلم اين هجمت عليه هذه الكلاب المسعورة -هذا الجسد-ومن اين اختطفته
قديكون من الشارع ، وقد يكون من منزله ومن وسط اهله واسرته
قد يكون من مكان عمله، بائعا علي الطريق، عامل بناء، موطفا،ست شاي، وقد يكون لا زال يدرس في الجامعة ربما، لم نعلم عنه اي شئ
...
هذا الجسد
هل لديه اهل؟ هل نامت امه وفي عينيها امان الدنيا ويقينها بان عناية الرب تغطي اولادها وبناتها؟ هل لديه زوج/ة تآكله/ا القلق والغم من فقدان الاتصال به، هل لعن/ت اهماله وتجرده من المسئولية ظنا انه تأخر في مشوار ولم يهتم باخطاره/ا
هل حلم حبيبه او حبيبته به والابتسامة ترتسم من ذكراه؟
هل لديه اشقاء وشقيقات ؟
هذا الجسد:
ربما كان لشخص التقيته يوما في مكان ولم تعلق الملامح بذاكرتك ولم تحفظ الاسم، ربما تزاملتما في الدراسة، او ربما تصادفتما في المواصلات العامة وجلس بجوارك،ربما وقفتما في ذات البقالة مرة وساعدك في حمل ما اشتريته من اشياء ، وربما كان يحب (الجان) محمود عبالعزيز مثلك وكنتما في ذات الحفلة ذات يوم،ربما جلس علي الارض بقربك في حديقة (حبيبي مفلس) وربما تجاذب اطراف الحديث مع بائعة الشاي التي علي الناصية وانشغلت انت بتلك المحادثة الهاتفية الطويلة، فلم تنتبه لملامحه،
هذا الجسد المتكوم ذو الانين المكتوم :
لم يتعرف عليه احد من المعتقلين/ات الذين كوّمت اجسادهم بقربه، ربما لانه ليس ناشطا سياسيا له رفاق يذكرونه واصدقاء ولم يكن شخصية معروفة في اي مجال، ربما شارك في مظاهرة صادفته في احد الشوارع، او من الجامعة ..احتمال،وربما في يوم تكلم رافضا لسياسات الحكومة وقال ان البشير وعائلته فاسدون وسرقوا اموال البلد ووشي به احد معارفه لهؤلاء الكلاب، هل لا زال قابعا هناك يتلذذ السفلة بتعذيبه، هل فاق المه طاقة الانسان ومات ؟ ام لا زال صامتا يئن بصوت خافت ويصرّ باسنانه؟،هل اطلق سراحه ورجع لاسرته والغضب المكتوم يسحق ضلوعه وفي عيونه لمعان غريب؟
هل تم حسابه رقما مع اعداد المعتقلين؟
هذا الجسد النبيل:
الذي لم يتضرع ولم يتذلل، لم ينكسر ولم يطلب الرحمة من الكلاب
لم يشي باحد لا صادقا ولا كاذبا تحت الضربات والسياط
لم يقرر بينه وبين نفسه انه سيخفض نظره حينما يواجه العسكر مرة اخري و ينزوي علي جانب الجدران
بل سيسير منتصب القامة قبضته مضمومة ووجهه صارم القسمات
هذا الجسد الذي اعتقلوه
لم ينشر احد اسمه في كشوفات المنظمات ولا في بيانات الاحزاب السياسية ، ولم تضع الحركات الشبابية صورته علي صفحات الفيس بوك ولا ايا من مواقع الانترنت، لم يسمع به احد ولم يشد علي يده مصافحا بقوة ويقول له يا بطل لم يزر احد اسرته في غيابه ويطمئنهم علي حاله، ربما خرج من زنازينهم وربما لم يخرج
كان بطلا وبطلة مجهولين،مجدّتهم الاشجار وحركت اغصانها لوحدها لا بفعل النسيم، والنيل لمعت مياهه، وحقولا طالت نباتاتها مقدار بوصتين في ليلة واحدة واطفالا رضّع ابتسموا فجأة واغمضوا عيونهم له /ا
فمجّدوها، مجّدوه
* الطفابيع قصة للكاتب بشري الفاضل
الخرطوم ، الجمعة 27-7-2012م
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
 Re: نصب تذكاري للمعتقل/ة المجهول/ة (Re: Abdalla aidros)
|
أستاذ عبد الله العيدروس
تحية طيبة
بالفعل يستحق هؤلاء نصب تذكاري ضخم في مكان السجن الكبير للذين أحبوا وطنهم
وحبسهم أهل الخسة والمكر .
ملاحظة :
هل المقال من كاتبك أنت أم من كتابة بشرى الفاصل !؟
لم أستطع أن أميز .
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: نصب تذكاري للمعتقل/ة المجهول/ة (Re: عبدالله الشقليني)
|
تحياتي استاذنا عبدالله الشقليني
Quote: بالفعل يستحق هؤلاء نصب تذكاري ضخم في مكان السجن الكبير للذين أحبوا وطنهم
وحبسهم أهل الخسة والمكر . |
مايحزن اكثر عند تامل حال هذه البلد المصابة وفي تطاول عهدو الدكتاتوريات التي تشيد اركان عروشها بانتهاك الحريات العامة في البدء والمنتهي
ياتري كم اعداد الذين مروا علي المعتقلات والسجون من ابناء وبنات هذا الشعب طوال هذه السنوات دون ان ينتبه لهم احد، دون ان تذكر سيرتهم وتنشر صورهم ويعلم عن بطولتهم
اقل واجب تجاههم هو تشييد هذا النصب التذكاري، ولو تلقف اهل الفنون هذه المبادرة فانهم يوفون الواجب بالنيابة عن الشعب
* النص من عندي و(الطفابيع ) كلمة استخدت في النص وهي كما تعلم من نحت استاذنا بشري الفاضل
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
 Re: نصب تذكاري للمعتقل/ة المجهول/ة (Re: Abdalla aidros)
|
Quote: ياتري كم اعداد الذين مروا علي المعتقلات والسجون من ابناء وبنات هذا الشعب طوال هذه السنوات دون ان ينتبه لهم احد، دون ان تذكر سيرتهم وتنشر صورهم ويعلم عن بطولتهم
اقل واجب تجاههم هو تشييد هذا النصب التذكاري، ولو تلقف اهل الفنون هذه المبادرة فانهم يوفون الواجب بالنيابة عن الشعب |
كثيرون وكثيرات للأسف ....مننننن قبل الإنترنت وبعده .
| |
|
|
|
|
|
|
| |
عبدالله الشقليني
AMNA MUKHTAR
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست