الثنائي/ د.( محمد جعفر +الصادق حسن).. بجمهورية مصر في الثمانينيات...تجربة ثرة يجب أن لا ننساها

Quote: كانت الأدوار قد تم توزيعها و التكاليف قد تم الاتفاق عليها ليلة السابق ليوم الإعتصام،،،،، و تم تحديد ساعة الصفر!!! هيئات عدة كانت فى حالة انعقاد دائم و شبه دائم تلك الليلة و قبلها،، مركزية الجبهة الديمقراطية ، مكتب الحزب، اللجنة السياسية المركزية لتجمع القوى الوطنية ، اللجان السياسية الفرعية لتجمع القوى الوطنية ، مجالس الإتحادات الفرعية و لجانهاالتنفيذية، و كذلك هيئات أخرى خاصة بالقوى السياسية الأخرى و التى كانت حتما تجتمع،،، تخطط ،،، و تنسق ،،، الطلاب فى مجالسهم، سكناتهم ، مقابعهم كانوا يخططون و يعدون أنفسهم بشكل أو بآخر و لكل واحد منهم بالتأكيد حكاية خاصة مع تلك الليلة و الليالى التى تليها ،،، الجهود كانت جماعية و كل فرد كان له دور ،،، و لا تستطيع جهة ،،، قوى ،،، أيا كان ،،، أن تعزى لنفسها فضل تلك الأيام التى لا تنسى ،،، لا تستطيع حتى إن أرادت ذلك ،،، فالمشاهد تفضحها و تدحض إدعاءاتها بالدليل القاطع و بمقاييس و لغة جماهير كرة القدم (سارق ،،، راية و صفارة) ،،، كانت الخطة بسيطة و واضحة و الكل كان يعى أن دوره يمثل حلقة هامة ضمن حلقات مترابطة من الأدوار و المهام الأخرى (و لا مجال للتكاسل و الإهمال ، أو الخذلان) ،،، فقد كانت الخطة و بشكل أساسى تركز على: 1- أن الهدف الرئيسى هو الدخول فى الإعتصام لحين إلغاء الرسوم على الطلاب الراسبين بشكل نهائى سواء بإلغائها من قبل السلطات المصرية أو بأن تتحملها الحكومة السودانية، و المهم أن الطالب غير مسئول عن ذلك.. فهذا كان هو تحديدا الهدف الرئيسى و المطلب الوحيد المباشر للاعتصام ،،، 2- على اللجان السياسية الفرعية لتجمع القوى الوطنية الطلابية ، مجالس الإتحادات الفرعية و لجانها التنفيذية تعبئة الطلاب نحو قرار الإعتصام و الحرص على تواجدهم بمقر السفارة بجاردن سيتى فى زمن معين أقصاه التاسعة من صباح يوم المعركة المحدد سلفا. 3- ضرورة أن يتم التعامل مع الموضوع بدرجة عالية من السرية حتى لا تشتم رائحته كلاب العسس و تجار الدين و أذيالهم بالسفارة و يأتى بالتالى مباغتا قويا ، محيرا ، يختل أمامه توازن المرء تماما و لا تتاح له الفرصة لإستجماع قواه فيكون الاستسلام خياره الوحيد المتاح ،،، 4- و لذلك شددت قوى التجمع الوطنى الطلابى على ضرورة الإلتزام الدقيق بساعة الصفر و المواعيد المتفق عليها سلفا لاستنفار الطلاب كل حسب التكليف المنوط به بالذات طلاب الاتحادات الفرعية من خارج القاهرة. 5- و قد تم الاتفاق على أن يتخذ طلاب القاهرة ذمام المبادرة و يلعبوا الدور الطليعى بالحضور فى الموعد المحدد و احتلال مواقع استراتيجية يسهل معها اقتحام السفارة عندما تدق ساعة الصفر دون وجود مقاومة تحول دون ذلك. 6- الحرص على اقتحام السفارة من أكبر حشود ممكنة من الطلاب و تمركزهم بداخل السفارة كان باختصار شديد جدا أهم التكتيكات المستهدفة و مخططا لها ،،، فكلما ذاد عدد الطلاب المعتصمون داخل مبنى السفارة كلما شكل ذلك عاملا ضاغطا حاسما فى التفاوض مع السلطة ،،، و ضمانا لتحقيق الهدف الرئيسى من الاعتصام!!! فى فجر ذلك اليوم حط بنا و برفقة حبيبنا الرائع محمد طه أحد أتوبيسات القاهرة الكبرى بميدان التحرير بثوبه القديم قبل مترو الأنفاق و التعديلات الجوهرية اللاحقة التى تمت عليه ،،، و برغم أن ميدان التحرير كان يصنف ضمن الميادين الأكثر رقيا بحكم موقعه بجوار المتحف ، هيلتون النيل ، مقر جامعة الدول العربية ، وزارة الخارجية ،،، و بحكم إطلالته على وكالات السفر و السياحة و محلات الأناتيك الراقية و تلك المداخل الرئيسية لأرقى شوارع مصر المؤدية لوسط البلد ،،، كان ميدان التحرير يحتفظ ببعض مظاهر الحارة المصرية و سوق روض الفرج ،، يعج بعربات الكشرى والمكرونة ،،، الباعة المتجولون ، عربة الفول المدهش بعيش الجينز ، الفلفلية ، و فحل البصل ،،، و لا ننسى بائع العرقسوس باتكائته و تقويسته المميزة التى نقشت منه لوحة فلكلورية و تراثية خالدة فى ذاكرة المصريين و غير المصريين. كانت الساعة حينها حوالى السابعة صباحا و كان نصيب كل واحد منا فى ذلك الصباح طبق مكرونة حار بالصلصة و الشطة الحارة بربع جنيه للطبق ،،، طبق لا ينسى ،،، تمتعنا بالصحن و أحسنا به ،،، إحياءا للسنة ،،، و لم نكن كمثل أولئك الذين إذا أعجبهم الطعام قالوا "أحسنوا الصحن" ،،، و إذا لم يعجبهم قالوا "ما ملأ بن آدم وعاءا شرا من وعاء بطنه!!!" و نواصل ،،،،،،