** ما يوهموكم بنجاح الاسلاميين في مصر**

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-19-2024, 10:05 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-25-2012, 07:39 AM

محمد على طه الملك
<aمحمد على طه الملك
تاريخ التسجيل: 03-14-2007
مجموع المشاركات: 10624

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
** ما يوهموكم بنجاح الاسلاميين في مصر**

    الما مصدقني يرجع يقرأ المقال دا ..
    كتبتو قبل سنتين ونشر بسودانايل..
    بعنوان : الانقاذ والحركة
    الاسلامية ومخلب صراع الحضارات
    Quote: (1)
    قد يبدو العنوان غريبا أو ربما عبثيا ، ولكن..
    ما الذي يحول دون إمعان النظر ، وإعادة قراءة الحال ، على ضوء المتغيرات والتحولات والانشقاقات التي طالت جسوم كافة الفعاليات السياسية ، خلال ربع قرن الا قليلا من دورات الزمن ، كانت آثارها حاضرة في التجربة الديموقراطية الرابعة.
    لقد ولدت الانقاذ وحبلها السُري موصول بأشواق الحكم الاسلامي السُنّي ، أشواق أطلقها المؤسسون ، من لدن الأفغاني والإمام محمد عبده في المراحل الاعدادية ، مرورا بالإمام حسن البنا ، وسيد قطب ، والماودودي ومن تبعهم في زمان محاولات التطبيق الأولى ، وانتهاءاً بعصرنا الذي غدت فيه الجماعات ، أكثر قدرة على التأثير الجماهيري والفعل التنفيذي .
    جاءت الجبهة القومية الاسلامية السودانية ، بقيادة الشيخ الدكتور حسن الترابي ، تسبق خطى الأخريات نحو دست الحكم ، عبر انقلاب عسكري ، قادة الرئيس الحالي عمر أحمد البشير ، في الثلاثين من يونيو 1989 .
    هذه المقدمة على الرغم من وضوحها كمعلومة عامة ، نادرا ما يربط العقل الجمعي بينها وبين مستحقاتها المحلية ، ومردودها على النطاقين الاقليمي و العالمي .
    في هذه الورقة ..
    لست معنيا بالحديث عن الكيفية التي أتت بها الجبهة القومية الاسلامية للحكم في السودان ، فذاك شأن كُشف النقاب عن بعضه ومازال أكثره مستترا ، غير أننى بصدد الحديث عن آليات نادراً ما يشار اليها ، على الرغم من حضورها المهيب ، وبصمتها الواضحة ، خاصة عندما يتعلق الشأن بحكومات الدول ، ولعل السؤال الابتدائي الذي يفرض نفسه هو :
    لماذا كان النجاح حليف الجبهة القومية الاسلامية السودانية دون غيرها ؟
    وأعني بغيرها - التنظيمات المماثلة الأخرى في العالم الاسلامي ، في مصر والجزائر وتونس والأردن ، في الكويت والمملكة السعودية والباكتسان وافغانستان .. الخ ، مع إن الجبهة القومية الاسلامية السودانية ، لم تكن أعرقهن تأريخا ، ولا أفضلهن تنظيما ، ولا أغزرهن عطاء فكريا ، ولا أوسعهن عضوية ، ولا أعلاهن صوتا ، ولا أمتنهن عسكريا ،غير أنها كانت أكثرهن ثراء بلا منازع .
    كانت صيغ الاقتصاد الاسلامي التى سربتها ، وعملت على توطينها عقب المصالحة الوطنية في البلاد ، بمثابة مفتاحها السري لبوابة الاقتصاد الوطني . انداحت عبرها استثمارات الجماعات الاسلامية نحو البلاد من مختلف بلدان العالم الاسلامي ، ووضعت البنوك الاسلامية ، وشركات المضاربة ، والاستثمارات العقارية ، اللبنات الأولى لنظرية الاقتصاد الاسلامي على أرض الواقع . وجيّرت بتؤدة منتجات السودان ورؤس أمواله لصالحها ، لأول مرة في تاريخ عالمنا المعاصر. هذه الخلفية الاقتصادية - بقدر ما كانت ضرورية - كمهد مخملي يشبُّ في كنفه جنين تطلعها لحكم البلاد ، ويربو زنده حتى يوم تتويجه ، حملت جينته المرض الذي شلّ حركته ، وأصابه بالكساح عند بلوغه سن الحكم .
    بالطبع لم يكن العامل الاقتصادي وحده الدرج الذي ساعد على صعودها للحكم ، بل أيضا القوى الكبرى برفقة إقليمية ،
    وهذه إحدى الآليات التي يحذر الكثيرون الاقتراب منها ، بل يرفض قبولها البعض ابتداءً ، إما لعموم فهم بمجريات الأحداث ، في عالم أضحت عيونه منصوبة ومصوّبة ، لا يعجزها حتى انقاذ حيوان جريح في أقصى الأرض ، وبين أكثر أحراشها وعورة ، أو لعله حرص في اجتناب ما يسمى بنظرية المؤامرة ، على الرغم من الدراسات التي تفيد أن مفاهيم نظرية المؤامرة تم سكها في الأصل من قبَل الذين يحتكرون النفوذ و السلطة ، بهدف النيل من المزعجين الذين يطرحون الأسئلة الكشفية في القضايا الحساسة .
    تجاربنا السياسية بدورها عملت على ترسيخ مفاهيم خاطئة ، لا تفرق بين الدولة وشخص الحاكم وحزبه ، بحيث تكون الدولة هي الحزب ، والحزب هو الدولة ، هذا المفهوم يقود بالضرورة لتقييم خاطئ للسياسات الخارجية التى تعمل بها دول العالم الاول .
    إن دور القوى الكبرى وأتباعهم في الإقليم ، كان باديا منذ أن تخلّيا عن دعم التجربة الديموقراطية الثالثة ، التي خلفت حكما شموليا دام عقدا ونصف من الزمان ، ليس هذا فحسب - بل حالت دون نجاح المساعي المبذولة من قبّل نظام الحكم الديموقراطي ، لتسوية نزاع نازف مع الجيش الشعبي .
    لقد فتح الموقف الثالب للقوي الكبرى والاقليمية تجاه التجربة الديموقراطية الوليدة ، شهية الجبهة الاسلامية للاستيلاء على الحكم . وكان دافعها الحقيقي وراء ذلك ، مواصلة إنتفاعها بالمكتسبات الاقتصادية ، وحماية استثمارات التنظيمات الاسلامية العالمية التى استوت صكوك أرباحها داخل ادراج مكاتبهم ، ولا اظنني في حاجة لدعم مصداقية فرضية الدافع الاقتصادي ، بمصادر وثائقية ، فهي فرضية وقائعها محضورة ومشاهدة إلى اليوم ، فضلا عن ذلك - كتب العديدون من منسوبي هذا التنظيم ، معبرين عن خيبة أملهم والفشل الذي صحب تجربتهم ، منوهين لأسباب عديدة ليس منها الدافع الاقتصادي ، على الرغم من أثره الذي لا تخطئه عين ، في جرها ساعد القوى الكبرى ، للعبث بهم وبمصير وطن بأثره .
    هذه الفرضية التى خلصت اليها ، تدفع للأذهان .تساؤلا منطقيا مفاده :
    ما هي مصلحة القوى الكبرى والاقليمية ابتداءً لتمكن تنظيما اسلاميا في السودان للاستيلاء على الحكم ؟
    ثم العودة لتحجيمه وتفتيته بعد تمكينه ؟
    خاصةَ وأن سياساتها البادية للعيان بعد الحرب الباردة ، ظلت تبارك وتدعم اجراءات الاجهاض المبكر ، لأي محاولة يقدم عليها تنظيم اسلامي في البلدان الأخرى ، حتى وان جاءت محاولتهم بالطرق الديموقراطية .
    ونالت من سياستهم المتشددة تلك كل من الجزائر وتونس ومصر والأردن والباكستان وأخيرا افغانستان .
    ولكي لا تنزلق إجابتي عن السؤال ، وأغرق في عمومية مخلة ، دعوني ابدأ بالشق الأول المتعلق بمصلحة القوى الكبرى وهي مصلحة يصعب استشرافها وسبر غورها ، دون إعمال نظرة تاريخية للظروف والدوافع التي حوّلت هذه الحركات إلى حركات جهادية ، عقدت أهدافها بثيمة السلطة والحكم دون العناية بالتربية الايمانية وتقويم بنية المجتمع الدينية ، ولعل تلك الاستراتيجية المصوبة نحو ديوان الحكم من قِبلَهم ، هي التي دفعت خصومهم لنعتهم بحركات الاسلام السياسي ، وكان قد اصبح لبعضها ما يربطها باستراتيجيات القوى العظمى ، بعد تشكلها وانقسامها لمعسكرين عقب الحرب العالمية الثانية ، حيث دارت بين المعسكرين حروب تنافسية خفية ، طوال النصف الأخير من القرن الماضي ، اصطلح على تسميتها بالحرب الباردة . وهي حروب كانت تستصحب في تنافسها ، منجزات التفوق العلمي والعسكري والاقتصادي ، بغية الحد من قوة المعسكر الآخر ، وعرقلة مساعية في الانتشار تمهيدا لاخراجه من المنافسة ، ولعل الناظر لبؤر التنافس على الحدود بين المعسكرين ، يجدها تلامس الأطراف الجغرافية للعالم الاسلامي ، كدول الشمال الأفريقي المطلة على البحر الأبيض ، ودول الشمال في الجزيرة العربية وشبه القارة الهندية. هذه الخارطة الجغرافية لبؤر التنافس بين المعسكرين ، تبين الدافع الرئيس من وراء ظهور حركات الاسلام السياسي فيها ، وربما بصمات استغلالها من قبل المعسكر الغربي ، كترياق عقدي مضاد للحد من انتشار الفكر المادي .
    هذه الفزلكة الخرائطية ، ضرورية لاغراض الإجابة على الشق الأول من السؤال .
    حيث نمت لتلك الحركات أجنحة جهادية في نهاية المطاف ، جندت تنظيماتها أعدادا غفيرة من الشباب المجاهد ، صوّبت أهدافها نحو مقاعد الحكم في بلادها . غير أن الحرب الباردة بين القوتين العالميتين ، كانت قد وضعت أوزارها ، ولم تعد تشغل الحركات الاسلامية الجهادية ، حيزاً في استراتيجيات التنافس بين المعسكرين ، بعد تفتت الاتحاد السوفيتي وتخليه عن منهج النظم الشمولية .
    من الثابت أن حكومات العالم الأول ، تعمل وفق استراتيجيات مبنية على نتائج أبحاث ونظريات ، تعدها مراكز بحثية متخصصه ، يقودها علماء وفلاسفة ، لا يتوقفون عن إثراء استراتيجية الدولة وخططها ، بنظريات ودراسات حديثة تستوعب التحولات وتطور الأحداث في الزمان والمكان ، لا يحيد السياسيون عن موجهاتها ، كيفما اشتد بينهم التنافس على مقاعد الحكم ، وتلك هي مؤسسية الدولة التي يخضع لها النظام السياسي وليس العكس .
    لذا لم يكن مستغربا أن يطالع العالم عقب إنتهاء الحرب الباردة ، نظريات من شاكلة صراع الحضارات لصامويل هنتنجتون ، أو نهاية التاريخ لفرانسيس فوكوياما . غير أن نظرية صراع الحضارات هي الأقرب عندي لتفسير استراتيجية العالم الأول تجاه قضايا العالم الاسلامي ، فالنظرية ذهبت بوضوح لا لبس فيه ، لتحديد بؤر الصراع الحضاري المقدّر لها مصادمة الحضارة الغربية . ولو أنك عقدت مقارنة بين دلالات تلك النظرية ، وردود الفعل العملية للحكومات الغربية ، تجاه طموحات الحركات الاسلامية لما داخلك شك في كونها غدت ضمن استراتيجيتهم ، ولا اعاظل وهما حين انسب الأحداث التى تلت الحرب الباردة ، في الشرقين الأدنى والأقصى لتقديرات تلك النظرية ، فسعي القوى الغربية وحرصها على عدم بلوغ أي حركة اسلامية لمقاعد الحكم في دول بعينها له من الأمثلة ما يعضده ، منها على سبيل الحصر الباكستان ومصر ، ذلك لما لهما من قوة عسكرية ومواقع جغرافية متميزة ، وتأثيرات فكرية على محيطيهما ، كذلك دول الطوق المطلة على البحر والمحيط في الشمال الأفريقي ، لما لها من ذكريات تاريخية من زمان دولة الأندلس ، ظلت عقدتها كامنة في العقل الأوربي.
    - 2 -
    إن استشراء الفساد والظلم وكبت الحريات في الدول الاسلامية ، أوجد الأرضية التي وقفت عليها حركات الاسلام السياسي وامست واقعا لا يمكن إغفاله . ازاء ذلك - لم يكن أمام القوى الغربية سوى إتاحة الفرصة أمام ثلاث نماذج ، تعطي أمثلة تجريبية حية للحكم الاسلامي ، يحبط أشواق هذه الجماعات ، ويحجمّ نشاطها المتزايد. كان إحداها الجماعة السودانية ، ولاخنيار جماعة السودان محفزات يمكن إيجازها في الآتي:
    1 – إتساع رقعة البلاد الجغرافية وتنوعها الإثني والعقدي ، مما يسهل معه السعي لتفتيته ، وحصر تجربتة في اطار ضيق إذا ما دعت الضرورة لذلك.
    2 - ضعف البنيات التحتية للاقتصاد السوداني ، الامر الذي يخلق في ظل سياسات السوق المفتوح ، طبقة طفيلية من الأثرياء ، لن تجد مجالا لتدويرعائدها النقدي ، الا من خلال أسواق االعملة السوداء والمضاربات والسمسرة ، الأمر الذي يحد من قدرة الاقتصاد الاسلامي على منافسة أسواق الاقتصاد الرأسمالي.
    3 - ضعف الآلة الثقافية والاعلامية فنيا وتقنيا في السودان ، مما يجعل تأثيرها ضعيفا على المحيط الاسلامي .
    4 - الحواجز الطبيعية التى يوفرها الاسلام الصوفي بميراثه الباطني ، وتطبيقاته المتقاطعة مع فقه الظاهر.
    5 - الوجود المسيحي الطاغي في الجنوب.
    6- الفشل الملازم لانتشار تنظيم الحركة الاسلامية بين القطاعات الشعبية والريفية ، بسبب تقوقع نشاطها حول الشرائح الطلابية ، ومجموعة من مثقفي المدن القليلة اصلا في السودان ، الامر الذى يحرمها من التأييد الشعبي الطاغي على نطاق الوطن. والجدير بالذكر أن اختيار الجماعة السودانية ، لم يأت مباشراً وعلنياً كما توحي العبارات بعالية ، فالكثير من خطط واستراتيجيات القوى الكبرى ، تأخذ طريقها للنفاذ في العالم دون أن تكون بصمتها مرئية ، الا لمن يشاء التقصي والتدقيق.
    المرائي الستة الآنفة على سبيل المثال لا الحصر ، عكست وجه صلاحية السودان وشعبه ، لاستقبال التجربة ونظريتها الاقتصادية ، على أن تظل خيوط التجربة ، مشدودة بيد القوى الغربية الكبرى والاقليمية ، وأن يظل الحصارالاقتصادي ووسائل الضغط الأخرى ، متوازنة بين النظام ورموزه لتخرج معطيات التجربة الاسلامية ، فطيرة عبثية فاسدة ومنفرة أمام العالم .
    وجاء النموذج السُني الثاني ممثلا في جماعة حماس الفلسطينية ، اذ أفسح المجال أمامها لتصعد لسدة الحكم بطريقة ديموقراطية ، غير أن التجربة قدَر لها أن تبقى محاطة ومحصورة محليا واقليميا ، بحيث لا يتجاوز مردودها إطارها الجغرافي الضيق ، حيث تقف في وجهها داخليا قيادة فتح وبيدها نفوذ رأس السلطة الفلسطينية ، واقليميا تحيطها دول لن تسمح باختراقها ، هذا اذا لم يكن قدَر لها أن تجتمع وتعمل على خنق التجربة وحبسها في قمقم المحلية لتواجه الموت البطيء .
    ومثلما أُفُسح المجال لحركة الاسلام السياسي السُنّي لتطبق مثالها في الحكم ، بكل من السودان وفلسطين ، سمح لحركة الاسلام الشيعي في المقابل - تطبيق أنموذجها الإيراني . على أن يشكل العراق .بتكوينه الديموغرافي الحاضن للفكرين السَني والشيعي ، بؤرة الصراع والتصفيات الدامية بين المثالين كأفضل عيّنة عصرية ، تقنع شعوب العالم الغربي بالروح الدموية للمسلمين وتبقى أذهانهم مشدودة لذكريات الصراعات الكنسية التاريخية وآثارها الدامية المدمرة بينهم . لقد صدرت طبعة تجربة الحكم الاسلامي في السودان مخفورة بالعسكر ، واصطدمت محاولة رموزها المدنية بالعسكريين عندما سعت للحد من سيطرتهم على سلطات الدولة التنفيذية ، وذلك بغية اضفاء قدر من الديموقراطية الدستورية على التجربة ، فكانت أحداث المفاصلة الشهيرة ، التي أبعدت عن الحكم قادة الحركة ودهاقنتها.
    لم تكن أحداث المفاصلة التي انتهت سلمية ، مجرد إبعاد لرموز مؤثرة في تنظيم الحركة الاسلامية فحسب ، بل كانت انقلابا قارب بينهم وبين القوى الاقليمية والعالمية المعنية بالشأن ، ومضى ترحيب تلك القوى بالخطوة الى حد ابداء المرونة في التعامل مع النظام ، غير أن مرونة التعامل وحدها لم تكن كافية لتحمي ظهر النظام ، وقد اتسعت قاعدة خصومه بعد المفاصلة ، وتوصل التجمع الوطني المعارض والحركة الشعبية ، لتسويات جوهرية لازمات البلاد ، خرج بها مؤتمر القضايا المصيرية باسمرا ، فتحت الباب أمام الجناح الاسلامي المعزول عن الحكم ، ليصعق شركاء الأمس في النظام ، ويتخذ خطوة جريئة غير متصورة قاربت بينه وبين الجيش الشعبي .
    كان لازما لبقاء الانقاذ في الحكم ، أن تسبق الآخرين في التقاط القفاز ، والعمل على اجتذاب الحركة الشعبية لمربعها بأي كيقية كانت ، ولكن كان أمامها ميراث من العنف الدموي المرير، كانت قد لجات اليه على أمل ترجيح ميزان الصراع لصالحها ولم تفلح ، غير أن ضغطها العسكري دفع الحركة الشعبية لتحتضن التجمع الوطني المعارض ، الصيغة المستحدثة التى ابتكرها المعارضون للأنظمة الشمولية ، من التكنقراط والنقابات والأحزاب السياسية ، أواخر حكم الرئيس نميري ، ورفضت الحركة الشعبية كافة عروضها لتسوية النزاع .
    في كل الأحوال كانت معطيات الساحة السياسية وإرثها ، لا يبشران بقدرة الانقاذ بمفرها على تفكيك الغامها وتجاوزهما ، ما لم تجد عونا جاداً من القوى الاقليمية والعالمية ، وكان عزلها وإبعادها لرموز الحركة الاسلامية وقيادتها التأريخية ، بمثابة جواز مرور لأروقة اظمة اقليمية ، مهدت أمامها طرق العبور لأنظمة وكيانات عالمية مؤثرة ، كان لها القدح المعلا في تكوين شبكة دولية بقيادة اقليمية ، عبدت طريق السلام ، وقادت طرفي النزاع لتتويج اتفاقهما بمنتجع نيفاشا الكيني.
    وتجدر الإشارة هنا للدور المفتاحي الذي خطه مؤتمر القضايا المصيرية، وسارت على هديه البروتوكولات اللاحقة ، وكان حري أن يشار الية في افتتاحية ديباجة اتفاق السلام الشامل ، بحسبانه أول مؤتمر تجتمع اليه الوان الطيف السوداني ، ممثلين في الحركة الشعبية ، والاحزاب السياسية ، ورموز القوات المسلحة ، والنقابات والكيانات الجهوية والشخصيات الوطنية المنضوية تحت التجمع الوطني ، ولم يتغيب عنه سوى الحزب الحاكم .
    في كل الأحوال - استطاع جناح البشير المنشق عن الحركة الاسلامية ، بسرعة يحسد عليها ، تامين ظهر النظام في فترة وجيزة ، قبل أن يستفيق خصومه الجدد ومعارضيه القدامى من هول صدمة المفاصلة ، ولعب الصف الثاني من رجالات الحركة الاسلامية ، الذين آثروا المضي قدما بصحبة البشير ، لعبوا دورهم بذكاء ونشاط تجاه قادة احزاب الأمة والاتحادي الديموقراطي ، لردم الفجوة السياسية التي خلفتها الأحداث ، لحين استكمال إنشاء البديل السياسي للتنظيم المنشق ، ساعدهم على ذلك استقطابهم المبكر لعدد من سدنة الاتحاد الاشتراكي السابق ، ورجالات الطرق الصوفية ، ونواب المجلس الوطني واللجان الشعبية ، فضلا عن مجموعات منشقة عن أحزابها ، شكلت في مجموعها نواة لتنظيم سياسي جديد باسم المؤتمر الوطني ، استطاع بما تحت يدية من أمكانات الدولة ، أن يستقطب جموع غفيرة من الجماهير ، وذلك قبل أن يضفي انفاق السلام الشامل ، قوة ثلاثية على النظام السياسي الجديد ، أهلته للاستحواز على نتائج الانتخابات الأخيرة ، سواء بطريقة مشروعة أم غير مشروعة ، وربما عقدت الدهشة نواصي البعض ، من كم التسهيلات التي وجدها النظام ليعبر ازماته ، بعد نجاحه في إبعاد قطاع مؤثر من أقطاب الحركة الأسلامية ، ولربما تساءل البعض عن المقابل الذي قدمه النظام ازاء استقطاباته للقوى الاقليمية والمحلية المعارضة ، وهو مقابل رشحت به أقاويل سائبة لم يثبتها دليل بعد ، ولكن ظل الفتور الذي يعالج به النظام ملفات الأزمات الحدودية ، وتعاونه الأمنى مع الفطب الامريكي عوامل ظلت تفرخ سوء الظن.
    فضلا عن ذلك - فالنظام مازال يعمل تحت لافتة اسلامية ، وباسم المشروع الاقتصادي الاسلامي ، على الرغم من كم التشوهات والمفاسد المصاحبة ، وهذا مقابل جيد يبتغيه الغرب والقطب الراسمالي ، كدليل عيني ناجع على ضعف وفساد التجربة الاسلامية ، وهو لا يستعجل نهايتها المبكرة ، بل يمضى لحصارها بكم من الأزمات الطرفية ، تضع حبالا دولية حول عنق رموز النظام يمكن شدها في أية لحظة ، اذا لم تتعجل القوى الشعبية كتابة بيان الخاتمة ..


    والآن بعد أن أفسح الربيع العربي لدعاة التجربة الاسلامية تطبيق مشروعهم بكل من مصر وتونس وليبيا ..
    سوف ينعتق السودانيون من تجربتهم الفاشلة وليس العكس كما يظن البعض.
                  

06-25-2012, 08:39 AM

محمد على طه الملك
<aمحمد على طه الملك
تاريخ التسجيل: 03-14-2007
مجموع المشاركات: 10624

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ** ما يوهموكم بنجاح الاسلاميين في مصر** (Re: محمد على طه الملك)

    صدقوني سوف تواجه مصر نفس الطوق الذي ضربته القوى الكبرى حول عنق التجربة في السودان ..
    حتى لا يكتب لمشروعها الاستقرار والنجاح فيلفظها الشعب المصري في الدورة الانتخابية التالية ..
    مؤكد ستزول الغشاوة عن عيون الكثيرين إذاما تأملوا أننا لسنا وحدنا في هذا العالم ..
    وأن عالمنا اليوم لم تعد بين نظمه السياسية وانشطته الاقتصادية موانع طبيعية تبطئ أو تعرقل تداخلاته كما كان الحال في القرون السابقة..
                  

06-25-2012, 09:23 AM

محمد على طه الملك
<aمحمد على طه الملك
تاريخ التسجيل: 03-14-2007
مجموع المشاركات: 10624

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ** ما يوهموكم بنجاح الاسلاميين في مصر** (Re: محمد على طه الملك)

    أشواق العودة إلى الحكم الاسلامي في العالم العربي الحديث مازالت مستندة على رصيد عاطفي..
    وهو رصيد طئيل جداً إذا ما قورن برصيد الدب الشيوعي الذى وئد بعضه وبعضه الآخر ما زال ينازع للإفلات من الطوق المضروب حوله.
                  

06-25-2012, 09:47 AM

مهيرة
<aمهيرة
تاريخ التسجيل: 04-28-2002
مجموع المشاركات: 953

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ** ما يوهموكم بنجاح الاسلاميين في مصر** (Re: محمد على طه الملك)

    سلامات أستاذ الملك

    وشكرا على المقال الضافى.

    Quote:
    والآن بعد أن أفسح الربيع العربي لدعاة التجربة الاسلامية تطبيق مشروعهم بكل من مصر وتونس وليبيا ..
    سوف ينعتق السودانيون من تجربتهم الفاشلة وليس العكس كما يظن البعض.


    ودى زاتها بشارة النصر الله يبشرك بالخير ياالملك

    والى مزبلة التاريخ يا انغاز وليس انقاذ

    تحياتى
                  

06-25-2012, 10:31 AM

محمد على طه الملك
<aمحمد على طه الملك
تاريخ التسجيل: 03-14-2007
مجموع المشاركات: 10624

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ** ما يوهموكم بنجاح الاسلاميين في مصر** (Re: مهيرة)

    أبشري بالخير يا دكتورة ..
    الأمر مقضي والأبواب فتحت أمام نجاح الانتفاضة ..
    سوف تذهب (الانغاز) ولكن للأسف بعد أن أكملت الدور الذي كان مرسوما لها .
                  

06-25-2012, 04:17 PM

محمد على طه الملك
<aمحمد على طه الملك
تاريخ التسجيل: 03-14-2007
مجموع المشاركات: 10624

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ** ما يوهموكم بنجاح الاسلاميين في مصر** (Re: محمد على طه الملك)

    لم يزدهر العصر العباسي إلا بعد أن شكلت الاندلس حاجزا حال دون أن يأتيهم الغرب المسيحي ..
    فاتاهم ما لم يتحسّبوا له ..
    الموت القادم من الشرق.
                  

06-25-2012, 09:13 PM

محمد على طه الملك
<aمحمد على طه الملك
تاريخ التسجيل: 03-14-2007
مجموع المشاركات: 10624

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ** ما يوهموكم بنجاح الاسلاميين في مصر** (Re: محمد على طه الملك)

    الأمر حال التطبيق لن يعدو تحت أفضل الفروض لحى مسترسلة ومظهريات ..
    ثم بنوك وشركات بواجهات اسلامية تضع ثروة البلاد تحت قبضتهم .
                  

06-26-2012, 10:25 PM

محمد على طه الملك
<aمحمد على طه الملك
تاريخ التسجيل: 03-14-2007
مجموع المشاركات: 10624

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ** ما يوهموكم بنجاح الاسلاميين في مصر** (Re: محمد على طه الملك)

    واحد كان أستاذ هندسة في جامعة كلفورنيا والتاني كان في وكالة الطاقة الذرية ..
    .
    .
    تقولي شنو !
    الامركان بموتو في المهندسين ..
    أعمل حركة كدا والّ كدا يا كرمبا ..
    مين عارف.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de