|
Re: إسـقاط النظام... أم صناعة البديل؟ (Re: عبدالغفار محمد سعيد)
|
Quote: مقدمة : سبق الشعب السُّوداني الشعوب العربية الأخرى -الربيع العربي- بتحقيقيه لثورتين/انتفاضتين شعبيَّتين أسقطتا نظامين عسكريَّين استبداديَّين، في الستينات «1964» والثمانيات «1985» من القرن المنصرم. والشاهدٌ، أن الحرب الأهليَّة فى جنوب السودان ألقت بظلالٍ كثيفة على أسباب ودوافع الانتفاضة الشعبيَّة في شمال السُّودان الجغرافي. ولكن، لم تبلغ الثورة، في التجربتين، هدفها الرئيس في تأسيس واستدامة نظام حكم ديمقراطي حقيقي، يلبِّي طموحات قوى التغيير، بل ارتدَّت على أعقابها، ليعود حُكمُ الفرد أو الحزب الواحد، ويتعثَّر بناء دولة المواطنة والديمقراطية، المستوعبة لتعدُّد وتنوُّع مكوِّنات السُّودان السياسيَّة والإثنيَّة والدينيَّة والثقافيَّة، والفشل في معالجة كافة أشكال الإقصاء والتهميش لشعوبه. كما يرجع فشل الثورة فى تحقيق أهدافها، أيضا جزئيا، لإخفاق القوى الثورية، خاصة النقابية، من تحويل نفسها إلى كتلة سياسية منظمة ويعتد بها. وبالرغم من أن بعض الدارسين والمُحلِّلين يُرجِعون أزمة البلاد السياسيَّة إلى هذه -الدورة الخبيثة-، إلاَّ أن هذا الوصف يمثل مجرَّد أحد أعراض الأزمة الحقيقيَّة، الكامنة في تماثُل عقليَّة الطبقة السياسيَّة، خاصة النُّخب الحاكمة، سواءً جاءت بزي عسكري أو لباس مدني. فقد افتقرت هذه النُّخب للقيادة المُبصرة للرؤية الثاقبة، لبناء دولة المواطنة القائمة على الحقوق والواجبات المتساوية لكل السُّودانيين. ولكن، يظل انقلاب يونيو 1989 مختلفاً نوعياً وكيفياً عن ما حدث في المرَّتين السابقتين، فلم يكن انقلاباً عسكرياً مجرَّداً، أي مُتَّبعاً النمط التقليدي والمعهود للانقلاب عندما استولى الجيش على السلطة باسمه في 1958، وانقلاب نميرى في 1969، رغم ميوله الأيديولوجيَّة اليساريَّة. أما في 1989، فقد كان الانقلاب أيديولوجياً بحتاً للجبهة الإسلاميَّة القوميَّة كحزبٍ سياسيٍ له أيديولوجيته ورؤيته للمجتمع، جسَّدها نظام -الإنقاذ- في مشروعه -الحضاري-، الذي اتَّسم بالأحاديَّة والإقصائيَّة، وتقديم الحزب على الوطن، وشعار «إعادة صوغ الإنسان السودانى» الذى عبرت عنه سياسات «التمكين» والهيمنة التامة على مؤسَّسات الدولة السياسية والأمنية والخدمية والعدلية والاقتصادية، بما في ذلك القوَّات المسلَّحة، وما رافقها من شعارات الأسلمة والجهاد، مع تفشي الفساد وتجيير السياسات والممارسات الاقتصادية لصالح الشرائح والفئات الاجتماعية المرتبطة بالنظام. كما يقف نظام الإنقاذ كمسئولٍ مباشر في تسعير حدَّة الحرب، بتحويلها إلى حربٍ دينيَّة للمرَّة الأولى في تاريخ النزاع بين الشمال والجنوب، مع إشعال الحرب في دارفور وما صاحبها من معاناة إنسانيَّة، لحد إدانة رئيس الجمهورية من قبل محكمة الجنايات الدولية، وإهانة المرأة «خاصة فى مناطق الحرب ، إضافة إلى تصعيده لحملات تحُضُّ على التمييز العرقي والثقافي ضد غير المسلمين والمُنتمين لأصولٍ أفريقيَّة، وتبنى الدولة لخطاب سياسى إقصائى وإستعلائى. تتفق مع هذا الطرح قطاعات واسعة وسط الإسلاميين أنفسهم وفى داخل المؤتمر الوطنى، كما عبرت عنه مذكراتهم المتتالية وكتاباتهم الصحفية.
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|