|
في الخليج العناية بتعقل المجنون .. وفي السودان (الحالة) بتجنن العاقل!
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لاحظت حاجة غريبة .. وهي ما غريبة جدا لكن المفارقة هي البتجعلها غريبة
في الخليج يوجد مرضى نفسيون شأنهم شأن جميع بلدان العالم .. الملاحظ أن هؤلاء المرضى النفسيين يجدون كل العناية والرعاية من بلدانهم وتوفر لهم الكثير من العناية والضمانات الاجتماعية وخاصة في بلدان الخليج المرطبة وعدد سكانها قليل زي ( الكويت - الإمارات - قطر ) والسعودية نوعا ما، ففي هذه الدول يوجد رعاية كبيرة للمرضى النفسيين ومرضى التوحد ومرضى التخلف العقلي والمنغوليين، والملاحظ أن بعض الدول توفر لهم معاهد خاصة وبرامج تأهيلية يتخرجون بعدها أشخاصا ربما ليسوا أصحاء ولكنهم متوازنون نفسيا، وبعض هذه الدول تتعمد إدماجهم في سلك العمل عبر توفير وظائف ربما هامشية مثل: ( موظف كبانية - موظف حراسة - موظف استقبال يكون معه مساعد - مراسل - موظف بلا أعباء "تمومة عدد" ) المهم أنهم يدمجونه في السلك الوظيفي والاجتماعي بأي طريقة مما يجعله إيجابيا ومتوازنا نفسيا.
نأتي على الصعيد الاجتماعي ونجد أن مثل هؤلاء المرضى محترمون اجتماعيا، وقد رأيت بعضهم بحكم الجيرة يجلسون في المجالس شأنهم شأن باقي الناس ومهما بدرت منه من تصرفات أو أقوال غير متزنة فالكل يحترمه ولا يبدي شيئا من السخرية أو الاستهزاء - الخليجيون الذين كانوا بدوا حتى وقت قريب تفوقوا على السودانيين في ذلك - ومن ثم يندمج مع المجتمع وأيضا يكتسب أشياء جديدة ومفيدة ويتصل توازنه النفسي والإيجابي.
كثير من هؤلاء المرضى رأيتهم بحكم الجيرة الواحد تجده عنده وظيفة وراتب مؤمن من الدولة وتجد بعضهم إذا كانت حالته غير مستقرة يلجأ أهله إلى ( تلجينه ) فيدخل لجنة طبية وتحكم بعدم صلاحيته للعمل فيعطى راتبه كاملا، ويبقى في البيت يتمتع بكافة مخصصات راتب التقاعد!! وتجد مثل هذا النوع عنده بيت وسيارة ومتزوج - في الغالب تكون زوجته أجنبية لأنه لا ترضى به مواطنة - وفي كثير من الأحيان لا تشعر أنه يختلف عن الناس العاديين إلا إذا تحدثت معه، لكن من المظهر العام شخص أنيق يرتدي ملابس نظيفة وفاخرة ومتعطر - وين لمجانيننا الذين يمشي بعضهم عرايا - وتجد مثل هذا الشخص عنده أولاد والبعض تتحسن حالته النفسية بعد مجيء الأولاد ومسؤولياتهم حتى يصل إلى درجة كبيرة من الاتزان العقلي والنفسي.
أها بعد العرض الجميل ده نجي لي سوداننا الحبيب وحكومتنا الرشيدة ^______^.
الملاحظ حكوميا: إنو الحالة الاقتصادية في السودان أدت إلى ظهور الكثير من المرضى النفسيين!! وفي ناس جنوا عديييييييييييييييييييييييل وفقدوا للأسف!! وفي ناس أصابتهم أمراض الهلع والاكتئاب والمخاوف بأنواعها!! وفي ناس أرباب أسر تخلوا عن أسرهم وطشوا عديييييييل من بيوتهم ( خرج ولم يعد ) .. فعبر سياسات الإفقار والتجويع التي تعرض لها الشعب السوداني على مدى 23 عاما، وسياسات القمع والإرهاب والتنكيل ( معتقلات - تعذيب - بيوت أشباح - كشة للإلزامية ) للأسف أصبح المجتمع السوداني يزخر بمختلف الأمراض والضغوط النفسية، ( القلق - الاكتئاب بأنواعه -الخوف - الهرع - الهلع - الرهاب - الاضطراب الوجداني)، وانمسخت شخصية السوداني المتميزة ( الواثق بنفسه - الشجاع لدرجة التهور - المعتز والمعتد بنفسه دائما وأبدا - الذي لا يرضى الضيم ولا الحقارة ) كل هذه الصفات والأخلاق الجميلة اختفى الكثير منها وحل محلها عند الكثير من الناس: ( الجبن - الكذب - الغش - الخيانة - الخداع - الاستغلال وغيرها ) وهي كلها اخلاق منكورة في الشعب السوداني ولكن الحالة والضغوط الاقتصادية هي التي أدت إلى ذلك، وكنت أقول دائما: المواطن في السودان ما داير حاجة من الحكومة يعني ما راجي الحكومة تقدم ليهو حاجة لكن بس التخليهو في حالو!! والمشكلة إنها ما بتخليهو في حالو.
نأتي للجانب الاجتماعي: كثير من المرضى النفسيين في السودان لا تكون أمراضهم خطيرة أو مستعصية ولكن بالإهمال والإقصاء الاجتماعي يستفحل المرض بالإنسان، فلو تعرض أحد ما لهزة نفسية ذات مرة فهنالك وصمة اجتماعية تلحق به طوال حياته لا تزول مهما عقل بعد ذلك، ولو قدر الله له دخول مصحة نفسية ولو فقط لمقابلة طبيب، فهو طوال حياته سيوصف ( بالمجنون المجنووووووووون المجنووووووووون )!! ويتعرض للسخرية من تصرفاته ومهما قال أو فعل بعد ذلك فهو مجنون!! وفي كثير من الأحيان تكون ردات فعل الآخرين وتعاملهم مع المريض النفسي أشد ضررا عليه من المرض نفسه.
طبعا ده حسب مشاهداتي في الخليج لكن أظن في الدول الأوروبية العناية ستكون أجود والحقوق المكفولة ربما أفضل، ولو يتفضل علينا أحد المقيمين في هذه الدول بمشاهداته.
|
|
|
|
|
|
|
|
|