نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
|
Re: الصحافى السودانى الراحل عوض برير والثورة الجزائريه (Re: Elmoiz Abunura)
|
Quote: أقام عوض برير في ذات الفندق الذي اتخذه الصحافيون مقراً لعملهم و نُزلاً يسكنونه بتلك البلدة الفرنسية الجنوبية. كان الصحافيون يخرجون من الصباح الباكر الى حيث المفاوضات، ينتظرون الوفدين و يتسابقون لالتقاط كلمة من هنا و تلميحاً من هناك، أو نظرة شاردة من بعيد ربما تفصح عن قلق من سير المحادثات و صعوبات تكتنفها، ما عدا عوض برير الذي يتمهل في خروجه من غرفته الى مقهى الفندق، ثم الى حانته. يظل هو وحيداً في الفندق حتى يأتي الزملاء بغضهم و غضيضهم. يهرعون الى ارسال حصيلتهم، ثم يدلفون الى الحانة يروون ظمأهم و يفرغون تعبهم في أكوابها و في لفافات التبغ التي سرعان ما تزيد سحبها من عتمة المكان، ثم يلمحون عوض برير جالساً هناك ممسكاً بكتاب يقرأه دون أن يكترث لهم. هنا يبدؤون في السخرية من هذا الافريقي الاسمر الذي تزين وجنتيه شلوخ بادية، و قد بعثت به الصحيفة لكي يكد و يجهد في معرفة ما يدور فإذا به لا يبرح هذا الفندق!
"أيحسب نفسه في عطلة؟ أنها فرصة نادرة عليه أن يهتبلها ربما لا تتكرر مرة أخرى في حياته. هذا هو الرابح الاكبر من الحرب الجزائرية. جاء للاستجمام، لا ريب" و هكذا تتطاير التعليقات و القهقهات في أرجاء الحانة، و هو صامت، كأنما الامر لا يعنيه، و كأنه لا يعي ما يقولون. "ربما لا يعرف الانجليزية أو الفرنسية. ما هي اللغة التي يتكلمها؟ يا الهي! هل يقرأ في ذلك الكتاب أم يعجب كيف صُفت الحروف و ُزيّنت؟ أفيه صور؟" قال عوض برير إنه كان يطرب – دون أن يبدو على محياه ما ينبئ - لسماع تلك التعليقات التي استمرت يومين حتى قرأوا أول تقرير له في جريدة صنداي تلقراف، فذهلوا! كان فيه من المعلومات و التصريحات ما لم يحصل عليه أي واحد منهم. ثم توالى الاستغراب و الدهشة مع كل صباح حينما يقرؤون صحيفته و هي تحفل بما لم يتحصلوا عليه و لم يسمعوا به. هنا تبدلت تلك التعليقات الى نعوت و حذر و وجل أحياناً. "لقد عرفت التلقراف من تبعث الى هذه المحادثات. لقد اختاروا ساحراً أفريقياً لتغطيتها. إنه يعلم ما لا نعلم. عفاريته تحضر المباحثات، تجلس على الطاولة، و تعود اليه بالأخبار." و هكذا دواليك. لم يعرفوا سره أبداً، و ظلوا على اعتقادهم أنه ساحر ماهر باهر، يرسل الجن الى حيث المجتمعين ثم يعودون اليه محملين؛ و يأتيك بالأخبار من لم تزود!
أقام عوض برير في ذات الفندق الذي اتخذه الصحافيون مقراً لعملهم و نُزلاً يسكنونه بتلك البلدة الفرنسية الجنوبية. كان الصحافيون يخرجون من الصباح الباكر الى حيث المفاوضات، ينتظرون الوفدين و يتسابقون لالتقاط كلمة من هنا و تلميحاً من هناك، أو نظرة شاردة من بعيد ربما تفصح عن قلق من سير المحادثات و صعوبات تكتنفها، ما عدا عوض برير الذي يتمهل في خروجه من غرفته الى مقهى الفندق، ثم الى حانته. يظل هو وحيداً في الفندق حتى يأتي الزملاء بغضهم و غضيضهم. يهرعون الى ارسال حصيلتهم، ثم يدلفون الى الحانة يروون ظمأهم و يفرغون تعبهم في أكوابها و في لفافات التبغ التي سرعان ما تزيد سحبها من عتمة المكان، ثم يلمحون عوض برير جالساً هناك ممسكاً بكتاب يقرأه دون أن يكترث لهم. هنا يبدؤون في السخرية من هذا الافريقي الاسمر الذي تزين وجنتيه شلوخ بادية، و قد بعثت به الصحيفة لكي يكد و يجهد في معرفة ما يدور فإذا به لا يبرح هذا الفندق!
"أيحسب نفسه في عطلة؟ أنها فرصة نادرة عليه أن يهتبلها ربما لا تتكرر مرة أخرى في حياته. هذا هو الرابح الاكبر من الحرب الجزائرية. جاء للاستجمام، لا ريب" و هكذا تتطاير التعليقات و القهقهات في أرجاء الحانة، و هو صامت، كأنما الامر لا يعنيه، و كأنه لا يعي ما يقولون. "ربما لا يعرف الانجليزية أو الفرنسية. ما هي اللغة التي يتكلمها؟ يا الهي! هل يقرأ في ذلك الكتاب أم يعجب كيف صُفت الحروف و ُزيّنت؟ أفيه صور؟" قال عوض برير إنه كان يطرب – دون أن يبدو على محياه ما ينبئ - لسماع تلك التعليقات التي استمرت يومين حتى قرأوا أول تقرير له في جريدة صنداي تلقراف، فذهلوا! كان فيه من المعلومات و التصريحات ما لم يحصل عليه أي واحد منهم. ثم توالى الاستغراب و الدهشة مع كل صباح حينما يقرؤون صحيفته و هي تحفل بما لم يتحصلوا عليه و لم يسمعوا به. هنا تبدلت تلك التعليقات الى نعوت و حذر و وجل أحياناً. "لقد عرفت التلقراف من تبعث الى هذه المحادثات. لقد اختاروا ساحراً أفريقياً لتغطيتها. إنه يعلم ما لا نعلم. عفاريته تحضر المباحثات، تجلس على الطاولة، و تعود اليه بالأخبار." و هكذا دواليك. لم يعرفوا سره أبداً، و ظلوا على اعتقادهم أنه ساحر ماهر باهر، يرسل الجن الى حيث المجتمعين ثم يعودون اليه محملين؛ و يأتيك بالأخبار من لم تزود! |
نعم والله ياعمر جعفر, فالراحل المقيم عوض برير كان ساحر القلم, والكلمه, وعاشق للادب والفن.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الصحافى السودانى الراحل عوض برير والثورة الجزائريه | Elmoiz Abunura | 05-17-12, 04:47 AM |
Re: الصحافى السودانى الراحل عوض برير والثورة الجزائريه | Elmoiz Abunura | 05-18-12, 04:55 AM |
Re: الصحافى السودانى الراحل عوض برير والثورة الجزائريه | Elmoiz Abunura | 05-19-12, 05:02 AM |
Re: الصحافى السودانى الراحل عوض برير والثورة الجزائريه | Elmoiz Abunura | 05-19-12, 07:01 AM |
Re: الصحافى السودانى الراحل عوض برير والثورة الجزائريه | Bashasha | 05-19-12, 07:28 AM |
Re: الصحافى السودانى الراحل عوض برير والثورة الجزائريه | Elmoiz Abunura | 05-19-12, 07:51 AM |
Re: الصحافى السودانى الراحل عوض برير والثورة الجزائريه | Elmoiz Abunura | 05-19-12, 08:10 PM |
Re: الصحافى السودانى الراحل عوض برير والثورة الجزائريه | Elmoiz Abunura | 05-20-12, 04:12 PM |
Re: الصحافى السودانى الراحل عوض برير والثورة الجزائريه | Elmoiz Abunura | 05-20-12, 06:50 PM |
Re: الصحافى السودانى الراحل عوض برير والثورة الجزائريه | Elmoiz Abunura | 05-21-12, 07:22 PM |
Re: الصحافى السودانى الراحل عوض برير والثورة الجزائريه | عادل نجيلة | 05-21-12, 10:39 PM |
Re: الصحافى السودانى الراحل عوض برير والثورة الجزائريه | Elmoiz Abunura | 05-22-12, 01:01 AM |
Re: الصحافى السودانى الراحل عوض برير والثورة الجزائريه | Bashasha | 05-22-12, 03:52 AM |
Re: الصحافى السودانى الراحل عوض برير والثورة الجزائريه | عادل نجيلة | 05-22-12, 07:22 AM |
Re: الصحافى السودانى الراحل عوض برير والثورة الجزائريه | Elmoiz Abunura | 05-22-12, 12:19 PM |
Re: الصحافى السودانى الراحل عوض برير والثورة الجزائريه | Elmoiz Abunura | 05-22-12, 08:30 PM |
Re: الصحافى السودانى الراحل عوض برير والثورة الجزائريه | Elmoiz Abunura | 05-23-12, 03:02 PM |
|
|
|