|
طقس معتدل بأمر السلطات ...! خضر حسين خليل
|
كدت أيأس من إستطاعتي لسماع أغنيات مصطفي ـ أي والله فأنا ومنذ عام بتمام الكمال قررت ونفسي عدم الإستماع لمصطفي لا لكونه لا يطربني أو لكونه ما عاد يشجيني بلحنه الأليم ـ بل لأنني رأيت نفسي أقل كثيراً من هكذا حضور موسيقي ولحني وأداء ـ حتي إنني في المنتصف من يناير كل عام أهرب ـ ها ناس أهرب بجلدي عديل . تاركاً خلفي أزمنة التآبين والتناصات العدم . فمصطفي بتاعي ده جواي وأنا ما مِت بعد .
والكومسنجي ينادي عربي عربي عربي تقدمت شأني شأن كل السحنات التي أمامي بحثاً عن مقعد خالي سودانيون ـ وحبوش ـ ومصارنة فارين ـ وبنغلاديش ـ وإيش وإيش وعرب ـ وصينيون ـ وشعوب ما تعرف من أي وادي هبطوا بالضبط ليزاحمونا كراسي الحافلات ـ وأنا أحلم ـ بـ مقعد وبس ـ مُقعد أنا ومقعدة أحلام هادا الشارع ، من الأزقة الخلفية نخرج ـ في الإنتظار المميت نلتقي ـ نتزاحم ـ يزاحم بعضنا البعض ـ ومعنا ما معنا ـ نشالون ـ لصوص صغارـ موظفوا دولة ـ موظفات تتقدم خطاويهن الثياب البيض ـ ورجال (بيض) والبيض كثير في هذا الوطن البيض ـ بواليس ـ مجانين ـ صعاليق ـ بنات ـ شحادين ـ ونتزاحم ياخي نتزاحم كل منا يقدم نيته .
صباح اليوم خرجت فاتراً ـ فاترة الحياة في دواخلي خرجت ـ لا أمل يلوح في الأفق ـ غبار كثيف علق بسماوات البلاد ـ غبار ما (نعرفوا) أتي من وين وهيئة الإرصاد تحدثنا أوان عودتنا في الأمسيات عن طقس معتدل .
معتدل هو طقس الهيئة القومية للإرصاد الجوي ـ معتدلةً أجواءنا بأمر السلطات تقريباً غير أن مزاجنا عكر .... عكره السهر في إنتظار حنفيات المياه ـ عكره الدولار والبوبار والكوراك والـــ غاغات ... عكرته السلطات بحاجاتها التي ما عرفنا لها (رأساً من كراع) ـ عكرته تصاريفنا السيئة وحظوظنا الأسوأ ـ عكره كون أننا لا زلنا نري في إنتصارات الغير إنتصار لنا ـ ياخ لا زلنا نتابع محكمة مبارك وحبيب العادلي بشغف رغماً عن الف مبارك وألف حبيب ظالم يعيثون في أرضنا الفساد .
قال قائل اليوم : علي الأيمان الناس ديل شغالين بالكجور يعني الناس ديل كم نفر بالضبط ثم حسبهم حساب أصابع اليد ثم فاجأني بسؤال بدأ لي غريباً ونحن كم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
كل ذلك وأنا لم أفرغ من مزاحمتي للناس في الحافلة (الهايس) أم اربعتاشر راكب وبعد ده كل البجيبو ربنا كويس .
سائق الحافلة وكونه حسبما عرفت لاحقاً ثوري قديم وغنيوة ثورية وراء غنيوة ثورية حتي أنه وبمجرد خروجنا من دائرة بواليس المرور عبث بقلق يخصه علي محتويات بجانبه حتي شويتين وبدأ ود الأمين يغني : وهزمنا الليل وهزمنا الليل وهزمنا الليل وطني أنحنا سيوف أمجادك نحنا مواكب تحمي ترابك
أنحنا ديل تخيل ؟ يا للغرابة ـ هؤلاء نحن الناس المهزومين الما عارفين زاتو شن يسووا بقوا بقدرة اللحن سيوف أمجادك يا وطني ـ تغللت الأشياء داخلي ـ كلها جاءت ـ فجأة أدرت مصطفي ويا مشرع (الحلم الفسيح) بكيت والله ـ يعني عادي الزول ببكي مرات في الأمور البتخصوا ورأيت أنه أي مصطفي خصني بذات دفئة القديم ذات الارتعاشات انتابتني ومفاصلي ـ وبقيت ماعارف اسوي شنو ـ ساحت مني الركب ـ والقلب الثوري تمرد وأنا أعزل ـ أنا رجل عادي ـ رجل شارع عادي يمشي بين الناس في الاسواق ويركب المواصلات ويبكيه مصطفي فهربت بشكوتي إليك يا مصطفي فأسمع ما أقول :
أضُطهدنا كشعب وكقبائل وكناسات بلد واحد (واحد) حرمونا كل شئ تقريباً كل شئ مصطفي (اتنين) دواء مافيش ـ علام مافي ـ شغل مافي ـ جنوب مافي تخيل ؟ (تلاتة)
صار أصغرنا أكبرنا وصار سفيه القوم عالمه وعلامه وموازين البلد كلها إنقلبت (اربعة) .
يقيني انك مشيت في زمن كويس ـ ياخ بركة المشيت : وكيفنو قلبك كان يشوف موت المغنين من طرف موت البلاد موت الولاد موت العصافير البتحلم بي وطن قول لي كيف
غير اننا ورغم رغم الرغم لسانا نتنفس هواك . والله كريم ياخ
خضر
|
|
|
|
|
|
|
|
|