اطمأن البشير وظن كما ظن الفراعين من قبله أنه استقر له ملك السودان وأن الأنهار تجري من تحته دليلا على عظمته، ونسي أنه مجرد بيدق صغير في رقعة الشطرنج، أتت به قوى ظلت تسير مصير العالم منذ آلاف السنين ليحقق لها هو والتنظيم الذي أتى به أهدافا معينة فحقق كل ما رسموه له وزاد. حين كان التيار القومي العربي هو السائد في المنطقة أنشأت تلك القوى الأحزاب القومية العربية لتحكم باسم القومية العربية وتهدمها من الداخل فكانت النتيجة أن جعلت تلك الأحزاب العربي يحقد على العربي ومن ثم يكره القومية العربية، وكان ممن واصلوا تنفيذ ذلك المخطط صدام حسين الذي ظن أيضا أن سادته أصبحوا لايستغنون عنه وأنهم سيدعمونه حتى النهاية فكان أن تخلصوا منه ورموه في مزبلة التاريخ مثلما رموا من قبله بنورييغا وبينوشيه، رفع البشير رأسه تيها وفخرا وهو يوجه الضربات الأخيرة لجاره القذافي ليموت عاريا بخازوق غرس في دبره، ودخل الثوار مقر مخابرات القذافي ليجدوا ملفات التعاون الأمني مع الدول العظمى ملقاة على طاولات الاجتماعات التي فر منها كبار الضباط، مات القذافي أبشع ميتة بعد كل تعاونه الأمني ورغم أن أمه يهودية لأن من يحركون الخيوط من وراء أعالي البحار رأوا أن مهمته انتهت وأنهم لايريدون أن يشوهوا سمعتهم بمواصلة التعاون معه، فهل وعى البشير الدرس؟ كلا!
ومثلما أتت تلك القوى بالأحزاب القومية لهدم القومية العربية، انتقلت للخطوة التالية من اللعبة وهي نقل السلطة للأحزاب الإسلامية لكي تهدم الفكر السياسي الإسلامي فكان لحزب البشير شرف أن يكون أول تلك الأحزاب استلاما للسلطة في المنطقة فنفذ المخطط المرسوم له بكل دقة وطرح شعارات الإسلام قولا وناقضها فعلا حتى ارتد من ارتد من الشعب وكفر من كفر والحد من ألحد واقتنع ن أقتنع بأن الحكم الإسلامي هو أسوأ أنواع الحكم، وأكمل مهمته بتقسيم البلاد على أساس ديني، وتقسيم ما بقي منها على أساس عرقي حتى أصبح الانتماء القبلي في الشمال أهم من الانتماء الديني ورجع بالناس لحمية الجاهلية، والآن في الحلقة الأخيرة من المسلسل عاد البشير لسيرته الأولى قتلا وتشويها لمدنيي النوبة المساكين فامتلأت الانترنت بالأشرطة التي تصور جرائمه فهل يظن أن سادته سيرضون به باقيا على عرش السودان بعد أن ارتكب أضعاف ما ارتكبه القذافي ونورييغا؟ هل ظن أن من تخلصوا من صدام والقذافي سيبقون سيد الجنجويد إلى ما لا نهاية لكي يواصل عمله القذر؟ أوهام العظمة الزائفة وبريق علامات رتبة المارشالية الزاهية على كتفيه أسكرته وأعمته عن رؤية الفخ الذي يقاد له والخازوق المنصوب له في نهاية الطريق، أما أهل السودان الذي انتظروا طويلا زوال هذا الكابوس فلهم أن يجلسوا الآن ويراقبوا الحلقة الأخيرة من هذا المسلسل البشع.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة