مدوّنة لأنوار العشاق

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 03:25 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-25-2012, 08:50 PM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد (Re: محسن خالد)

    ظلال فلسفية للأفاتار
    محسن خالد







    http://www.muhsinkhalid.org/index.php/2011-04...-2011-09-24-19-12-41


    (1)





    في تقديري، يُمَثِّل هذا الفيلم واحداً من الأعمال المُمَيَّزة للغاية، والوثيمة بالإيشاء الجمالي والفلسفي، مما أنتجته السينما الأمريكية مؤخَّراً .

    وأرى أهمّيتَه تعود بشكل أساسي -حسب تأملاتي- إلى الأرضية الفكرية المعقَّدة التي تنهضُ عليها ظلالُ هذا الفيلم. وهي أساسات غير منظورة للجميع، إلا من خلال تراميز شديدة الرهافة مزروعة في شكلانية الفيلم الصناعية، وقد جاءت هي الأخرى، أعني هذه القدرات الصناعية، في تَمَيُّز رفيعٍ وفَذٍّ. نلمحه من خلال مُكَوِّنات الفيلم جمعاء، البصرية، والمسموعة، وفي الفكرة الحائكة لهذه المُكوِّنات كلّها، وتربيطها ببعضها بعضاً، في نسق فكري وجمالية سينمائية، بديعة، وخلابة، ومتقنة حدَّ الإدهاش .

    بطل الفيلم طفلٌ عمره اثنا عشر عاماً، هو الـ Airbender الأخير، أو الأفاتار Avatar ، وأدَّى دورَه الصبيُّ نوح رينقر. ومع كل مفردة من هذه المفردات تبدأ تراكيب فكرة الفيلم الفكرية والجمالية، ذات الظلال شديدة الإيحاء والتعقيد كما أسلفت، في التنامي، والتَّكَثُّف .

    فمن هو الإيربندر؟ وكيف يمكننا أن نفهم هذه الكلمة من ناحية الـ Etymology الإتمولوجيا، أي العلم المختص بدراسة أصول الكلمات ونشأتها؟ وما هو الأفاتار في عمومه، خصوصاً جذوره المستمدة من عموم تاريخ الأسطورة الإنسانية؟

    الإيربندر لفظة مصنّعة حديثاً من الدمج بين المفردتين "بندر Bender" و "Air" ، واللفظة الثانية تعني الهواء وهي معلومة في بيئات اللغة العربية وغيرها من اللغات، لأنَّها تستخدم في خطوط الطيران، ويقال سودان أيرويز، إيجبت أيرويز.. إلخ. أمَّا اللفظة الأولى وهي اسمُ فاعلٍ مشتقٍّ من الفعل Bend الذي له مدلولات كثيرة أهمّها وأشهرها يلوي أو يثني، وهذا ليس المعنى المُراد "حرفياً" هنا. وإنّما المعنى المقصود هو استخدامٌ آخر، أقَلُّ تداولاً، لهذا الفعل، وهو القدرة على توجيه طاقة الذهن وتركيزها، وأحياناً يستخدم في معنى الإخضاع. والمعنى المُراد بخصوص الفيلم، هو تجميع معنيي توجيه طاقة الذهن لأجل إخضاع الهواء. إذن الأيربندر هو الشخص الذي يستطيع أن يتحكّم في الهواء من خلال قواه الذهنية.

    وبسؤال.. لماذا التحكّم في الهواء "تحديداً" من خلال الطاقة الذهنية؟ من هنا سنلج إلى ظلالٍ شاسعة من التصورات الفلسفية والعلمية والدينية والأسطورية، التي بدأت في التأسيس لأهميّة "الهواء" هذه، على نحو خاص منذ آمادٍ ضاربة في القدم من تاريخ الحضارة الإنسانية.

    فالتاريخ الإنساني بشقيه، الفكري، والميثولوجي الذي يجثم تحت ظلال هذا الفيلم سيعود بنا بأبسط الحسابات إلى ما لا يقل عن ثلاثة آلاف سنة مما قبل ميلاد المسيح. منذ المعتقدات الميثولجية عن أوزيريس إله الأبدية.

    والتصوُّر الفرعوني بشقيه المصري والكوشي يعتقد بأنَّ الحياة كلّها جاءت مما يمكن أن نسميه بـ(فوضى المياه) أو الـنو Nu، دوّامة المياه الأسطورية، وهي المفردة التي تولّدت منها مفردة "الأنواء" وعلومها في الثقافة العربية. أي من فوضى المياه تلك التي بَزَغ عنها أوَّلُ إلهٍ وهو أتوم Atum، المعروف بالإله الغامض، أو الخفي، والذي من ضمن تراميزه الكثيرة التي يُصَوَّر عليها، هيئةُ الضفدع. ومن تولّدت عن اسمه مفردة الخريف Autumn في اللغات اللاتينية، على نحو خاطئ ولّدته الوثنية الأولى، ظنّاً منها بأنَّ الاسم يعود في أصله إلى هذا الإله المرتبط بتلك الفوضى الكونية، والدوامة الأسطورية للمياه، من الأسطورة.

    وهذا التصوّر الأسطوري جعل الملوك/ الآلهة الفرعونيين بعدها ينسبون أنفسهم إلى (المياه) بشكل أعم وإلى غيرها من العناصر كذلك. فبخصوص المياه مثلاً يرد في كتاب "برت إم هرو" الذي عُرف خطئاً بـ"كتاب الموتى" مع أنَّ الكتاب ذاته لا يعترف بالموت ويسمّي الميّت بـ"الواهن"، يرد الآتي:

    {يقول "أوزيريس-آني" الكاتب: أنا –بالحقيقة أنا (2) مَن بَزَغ من الفيضان الذي جعلته يتدفَّق والذي يصير عظيماً كالنيل (حابي)}.

    وهذا انتسابٌ لفرعون من شمال الوادي، مصر الحالية، إلى المياه. وأدناه انتسابٌ لفرعون من جنوب الوادي، ما عُرف بالحضارة الكوشية، في السودان الحالي، يرد على لوح أماني بَيَّا قوله:

    {وإنِّي سأستولي عليها "أي المدينة" بوصفي فيضان الماء فقد أمرت} يقول بَيَّا منتسباً إلى فيضان المياه أيضاً، والمدينة المعنية هي مدينة "منف" بمصر، هذا حين غزوه للشمال ومحاصرته للمدن المصرية واحدة تلو الأخرى، حتى أسقطها جميعاً، وأحكم سيطرته على الشمال.

    والإله "أتوم" هذا نفسه، يُعْتَبَرُ نصيراً لثلاثة أشياء، تهمّنا منها الآن واحدة بخصوص موضوعة الأيربندر، وهي أنَّه الإله الذائد عن ثلاثٍ هُنَّ "مصر" و"الخصوبة" و"الهواء".

    فهو إذن أيربندر أسطوري قديم، منذ تصوُّراتٍ إنسانية أولى تفصلنا عنها آلافُ السنين. وليس هو الأيربندر الوحيد في الحضارة الفرعونية، أبداً.. فهناك أيضاً الإله "رع" الذي استمنى، أو مارس العادة السريّة، ومن نُطَفِ منيّه تشكّل له ابنٌ وابنة، هما الابنة تفنت Tefnut التي تُتَرجم على أنَّها إلهة الرطوبة ومنهم من يترجمها النَّدى. أمَّا ابنُ رع الذي أنجبه لنا ذلك الاستمناء فهو الأيربندر شو Shu إله الهواء.

    مع تثبيت الفوارق بين آلهة الهواء القديمة بحسبانها آلهة في تمامها، ووصفة الهواء هنا شيءٌ من التخصصية فحسب، وبين جميع أنواع الأفاتار، الذين ما هم بآلهة، ولا يُمَثِّلُ الأيربندر إلا نوعاً واحداً فقط منهم. وبلغة الرياضيات، ونظرية المجموعات تحديداً، الـSet Theory، فمجموعة الأفاتار هي "مجموعة شاملة"، وكذلك "غير منتهية" ما دمنا لا نعرف ما يمكن أن تفاجئنا به تلك الآلهة الأسطورية. بينما الأيربندر "مجموعة جزئية" من أولئك الأفاتار الكثيرين.

    فما هو الأفاتار إذن؟ ولماذا يُسمّي صُنّاع هذا الفيلم بطلهم الصغير بالأيربندر، وكذلك يسمونه بالأفاتار!؟





    (2)


    بتعريفنا للأفاتار، سنعرف الفرق الجوهري بين هذه الآلهة التي أطلقتُ عليها من باب التقريب والتسهيل "فقط" اسم الأيربندر، أعني "أتوم" و"شو"، وبين الأفاتار؟

    كما ستفيد هذه المقاربات والتأملات بخصوص ما تحدثتُ عنه سابقاً في موضوعة البؤرات الثقافية للحضارة الإنسانية، التي بتوحيد العلوم لإنسانها، فلا بُدّ من إيجاد موئل ثقافي تَوَلَّدت عنه جَمِيُعُهَا، وهو بلدها الأم السودان، بفحص ما يكمن في هذا الإرث الفكري، المتناظر، والمتناسخ، من الأساطير، والألغاز، والأحاجي، والأمثال.. إلخ .

    بأي حال، مفردة "أفاتار" مأخوذة عن اللغة السَّنَسْكِريتية(1)، أي الهندوآرية القديمة، وتدلُّ على الآلهة التي تتنزّل من السماء إلى الأرض، فـتتجلَّى، على النحو القرآني، كما تجلّى الله للجبل فخرَّ دكّاً حينما سأله النبي موسى أن يراه. ولكنّ الله في النهج القرآني لا يتجسَّد على النحو الهندي، في الكائنات، وهذا في عقيدة المسلم مما هو غير مقبول، ما خلا قلّة من المتصوّفة لها تخريجات تقل أيضاً عن حيّز التجسّد ومعانيه في الهندية. مثل من يعتقدون في "الحلول"، رُغم أنَّ مفاهيمه تقوم على نحوٍ مغاير بمعنى دفع طاقة الله بدلاً عن طاقة المخلوق. أي مثلما يرد في الحديث القدسي من أنَّ الله إذا أحبَّ عبداً (كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يُبصر به). وهذا أيضاً لا يفي بمعاني التجسّد في الهندية الذي يتم على نحو أسطوري، أكثر تجسيماً لمسألة أن يكون الإله مقيماً بجسد المخلوق .

    ورُغم ذلك، فإله الهواء هو إله بكامل جبروته وقدراته الإلهية، بينما الأيربندر هو أفاتار فحسب، أي كائن أرضي حلّت فيه روحُ الإله فقط. وبخصوص هذا الفيلم تحديداً، هو إنسانٌ، تجسّدت فيه قدرات إله، بحيث حوّلته إلى أفاتار، بوسعه استخدام طاقته الذهنية في تسخير ما يشاء تسخيره من العناصر الأربعة، الماء، والهواء، والتراب، والنار. بينما يعجز الآخرون، من الممالك الثلاث الباقية، عن السيطرة على كافّة العناصر الأربعة، هم بوسعهم فقط السيطرة على العنصر الذي خُلقوا منه .

    وغالباً يرتبطُ الأفاتار الحقيقي في الثقافة الهندية بتجسُّد الإله فيشنو Vishnu في الكائنات .

    وهو بوسعه التجسُّد من خلال مخلوقات كثيرة، ولكن المخلوق الذي يهمنا الآن ونجده معروضاً في الفيلم هو السمكة، الواردة بصفة أنَّها روحٌ للقمر والمحيطات، كما وجد الكوماندور في الوثائق التي نهبها من المكتبة العظيمة بعد أن شَنَّ عليها غارة، من قوله بنفسه :

    l conducted a raid

    on the Great Library

    والقمر كان موضوعاً مهماً للغاية، في الحضارات القديمة، وربما له مئات الآلهة والأسماء، ولكن ارتباطه بالأنثى شاعري وخصبٌ بالتساؤلات، فهناك على سبيل المثال في الحضارات السَّلتية الاسم الإلهي (سِرِّدونCerridwen ) وهي كلمة توجد حاضراً في اللغات الويلزية، كاسم لفتاة، وفي تقديري هي تسمية تتحدّر عن هذه الكلمة الإلهية القديمة .

    والاعتقادات حول القمر، سواءٌ القديمة أو الحديثة، وفيرة للغاية ولم تنقطع عن دنيا الناس أبداً. ففي الأذهان ما صَرَّح به دكتور موريس شارلس قبل عدّة أعوام من أنَّ ربّاني المركبة أبولو 11 أبقوا في الكتمان لما يربو على الأربعين عاماً خبرَ التقاطهم في العام 1969م لتمثال من على ظهر القمر. ويقول الدكتور موريس إنّ التمثال كان لملاك مؤنّث جرى نحته من الحديد، ويستنتج من ذلك وجود حضارة سالفة كانت غايةً في التحضّر والإحساس بالجمال. وأقوال الدكتور هذه بالوسع مقارنتها مع الكثير من المنحوتات والنقوش للحضارات القديمة، الفرعونية بشقيها المصري والكوشي والمتوسطية واللاتينية.. إلخ. وأيضاً يمكن مضارعتها بالآية القرآنية التي تقول {أم خلقنا الملائكة إناثاً وهم شاهدون}، والآية الأخرى {أفأصفاكم ربّكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثاً، إنّكم لتقولون قولاً عظيماً}. فواضح أنَّ القول الذي ينسبه القرآن إلى أهل مكّة، من ربطٍ للملائكة بالإناث، يتحدَّر من إرث حضاري أقدم وأسبق نجده على منحوتات الحضارات الأقدم وأرشيف آثارها. أمّا ربطه بقول الدكتور موريس هنا، فهذه موضوعة أخرى لا أود الانسياق خلفها حالياً، وستجري مناقشتها ضمن نظرية الكوشرثيا. والمعلومة القصيرة التي أحب تثبيتها هنا، هي أنَّ حضارة المايا أيضاً تعتقد في إلهة للقمر هي إكس شيل Ix Chel ، أو "سيّدة قوس قزح ".

    أمَّا الذي يهمّنا من الأسماك التي عرضها علينا الفيلم، بعد أن ربطها لنا بالتواضع والرقة، هو سعينا أكثر لربطها بأساطير تلك الحضارات التي يتحدّر عنها مصطلح الأفاتار "مباشرة"، وهي الحضارة الهندية التي تزوّدنا كذلك بأسطورة السمكة "ماتسيا"، وهي أول أفاتار كان للإله فيشنو .

    ونشاهد بعدها قيام الكوماندور بقتلها في الفيلم، كي تموت روح القمر التي تستمد المياه قوّتها منها، فينهزم بناءً على ذلك جنود مملكة الماء أمام جنود مملكة النار، على حد فرضية الفيلم. ما يضطر ابنة ملك المياه لمحاولة افتداء تلك السمكة الحاملة لروح القمر بروحها، بعد أن تبرّنا بعبارة جميلة وعظيمة من كون الحب لا يكون من دون تضحية، ملمّحة لعلاقتها البادئة لتوّها مع الشاب فتُغْرِقُ الشابّةُ روحَهَا في النبع لأجل إنقاذ تلك السمكة-روح القمر، فيما يشبه تبادل الأرواح. لأنَّ الفتاة بالأصل كانت قد وُلدت دون حراك والقمر هو الذي وهبها الحياة، أو روحاً من عنده.


    --------

    (1) إضافة ألف للمفردة (avatara) تغيّر معناها تماماً لتصبّح تجسّد الشيطان في الحُرّاس ما يحيلهم إلى وحوش سادية تتلذَّذ بتعذيب البشر. القاموس الهندي، الإنجليزي.





    (3)




    والأسطورة السَّنَسْكِرتية تقول إنّ السمكة ماتسيا قتلت الديمون، أو الروح الحارسة، لأجل تخليص مانيو، آدم البشر أو جدهم الذي تحدّروا منه، وملك الأرض الأوّل .

    ولكن الأسطورة الهندية تربط مانيو هذا بالفيضان، ليعادل النبي نوح لدى ما عُرِف بالكتب السماوية. والمصادفة الطريفة هي أنَّ الفتى الذي أدَّى دور الأفاتار في الفيلم اسمه الحقيقي "نوح رينقر" يُبادد ذلك الاسم، رُغم الاختلاف القليل في النطق. أي هو الاسم عينه الذي تدفع به الكتب السماوية كاسم لنبي الفيضان. أمَّا قصته في القرآن التي تقول إنَّ السفينة قد رست على "الجودي" ما فسّره العاملون على القرآن بأنّه اسمٌ لجبل. فنجد أنَّ الأسطورة السنسكريتية تقول في المقابل إنَّ السفينة قد رَسَت على جبال الملايا .

    وتضيف الأسطورة، بما يُبادِد نصّ القرآن تماماً، إنَّ مانيو كان بأسفل الجبل وجاءت المياه حتى ارتفعت به إلى القمّة .

    وبقتل الكوماندور في الفيلم للسمكة، روح القمر، نلمح بالخارج انطفاء معالم الحياة. بالضبط، كما رأينا في فيلم أفاتار الآخر، أنَّ معالم الحياة أيضاً تنطفئ حينما تقوم الجيوش باقتلاع الشجرة التي ترتبط بها منابع النورانية المؤسّسة للضياء، الذي يأتي عن نظام داخلي، روحاني، أهم وأعقد من نظام الخارج الذي ينبني على علاقات الكلوروفيل والضياء الملموس. هذا، غالباً، تحت زعم القصص القديمة التي تربط الحياة ببعضها بعضاً، وهنا بقلب فيلم الأيربندر تسطع الإسكرين في احمرار باهت، جَرَّاء الفعلة الشنعاء لأمة النار هذه. وهي فعلة سيتأذى منها الجميع كما قال الأمير .

    وفي هذا تحضير لأجواء الفيلم ذاتها وللمشاهد، لأجل تجلي الإله في الأفاتار نفسه، ولذلك المشهد المهيب والعظيم الذي يقوم فيه الصبي رينقر بتحريك المحيط لما فوق سفن أمّة النار، ونلاحظ أيضاً أنَّه لا يؤذيهم أو يقضي عليهم، كما جاء في كلمات التنين له، من كون الأفاتار لا يكره، ويقوم بدوره تجاه الناس أجمعين. التحضير هذا كان ضرورياً بقتل السمكة-روح القمر، وانطفاء شيءٍ من روح العالم، وبلوغ العالم بذلك ذروة كُبرى من اليأس والفساد، ولنقرأ متى يظهر الأفاتار من النص الفعلي لـ"الغيتا ":




    Whenever righteousness wanes and unrighteousness increases I send myself forth.

    For the protection of the good and for the destruction of evil,

    and for the establishment of righteousness,

    I come into being age after age. ”

    (Gita:4.7–8)


    فهذا النزول للإله، والتجلّي، أو التجسّد وبزوغ الأفاتار، يحدث بناء على نص الغيتا عندما تتضعضع الاستقامة ويعم الفجور. لأجل حماية الخير ومكافحة الشرور، ولتشييد الفضيلة من جديد -لذلك فالإله يخبرنا- بمجيئه للوجود حيناً بعد حين .

    وكما أسلفت، فالأسطورة ترد هذا القدوم الأوّل، أو تزعم بأنَّ الأفاتار الأوّل تحقّق عبر سمكة، هي السمكة "ماتسيا". وهي سمكة صالحة، حسب مفهوم ثقافتها، ومقدّسة مثل الأسماك ليبتوس وفاغروس وأكسورنيشوس عند الفراعنة. أمّا سمكة الكانومي Mormyrus kannume فيقال إنّها هي التي أكلت الأعضاء التناسلية لأوزيريس في الأسطورة الشهيرة عن موته وتقطيع جسده ورميه في النيل وبحث زوجته بعد ذلك عنه .

    كما هنالك الإلهة "حات محيت" وهي إلهة السمك التي تُصوَّر في شكل سمكة، أو امرأة تحمل تمثالاً لسمكة على رأسها. وفي الفيلم نلاحظ أنَّ معبد رهبان الهواء مُزَيَّن بنحوت لأسماك كذلك. من المؤكّد لاستنهاض أسطورة ماتسيا في الأذهان، بوصفها الأفاتار الأوضح للإله فيشنو. أمّا بربط القمر والأسماك معاً، من الأسطورة الفرعونية فتدلنا على بداية الصراع مع الديمون من أسطورة أوزيريس، وإن كان فيها القمر يتضح جلياً ولا يموت كما في الفيلم .

    والفيلم، باختصار، ينبني من ممالكٍ أربعٍ، هي مملكة الماء، ومملكة النار، ومملكة التراب "الأرض"، ومملكة الهواء. ونجد هذه الرباعية متجسِّدة في شكل أممٍ حقيقية منفصلة عن بعضها بعضاً، وفي ذات الوقت متداخلة. وتعاني من فوضى شديدة وحروب عالمية استطاعت أمّة النار أن تكسبها وتفرض سيطرتها على باقي الأمم وتستعبدها. مع فرضية أنَّ أية أمّة من هذه الأمم تستطيع أن تتحكّم في العنصر الذي خُلقت منه فقط، أي لها هؤلاء البيندرز، ما يشبهون الكهنة، أو المتحكمين بشكل أكبر في مادة وجودهم. أمّة النار تستطيع أن تتحكم في النار وتستخدمها على النحو الذي تشاءه، وكذلك أمّة التراب أو الأرض تتحكّم في التراب، وأمّة الماء تتحكّم في الماء وحده. باستثناء أمّة الهواء، فالفرضية التي يطرحها الفيلم أنّ هذه الأمّة هي الوحيدة التي بوسعها أن تتحكّم في العناصر الأربعة مجتمعة. وكل فرد من هذه الأمم يعرف بالبندر حسب أمّته. الفَيَرَبندر، الناري، بالنسبة لأمّة النار. والأيرثبندر، الأرضي، بالنسبة لأمّة الأرض أو التراب. والوتربيندر، المائي، بالنسبة لأمّة الماء. والأيربندر، الهوائي، الذي يمثّله هنا الطفل، بطل الفيلم، بالنسبة لأمّة الهواء. التي كانت قد تعرّضت لإبادة ولم يتبقَّ منها سوى هذا الطفل، الذي يعرف بالأيربندر، وكذلك بـأفاتار Avatar ، لندخل بذلك في مستوحياتٍ لتراكيب وتعقيدات حضارية ثانية مستمدَّة من الكتاب المقدّس .

    فهذا الإيربندر الذي نراه في الفيلم، هو في الحقيقة كاهن، ويرتدي زي الكهان في الثقافات الشرقية ونظراً لصغر سنّه فهو لا يجيد بشكل كامل الاستفادة من قدراته وقد كان يتدرب في ما يشبه الأديار الشرقية الهندية والصينية وغيرها، لفنون الروح المرتبطة بالجسد. وتقوم أمّة النار بقتل أساتذته في الدير وزملائه الصغار. ويبدو أنَّ ذلك قد تمَّ بمساعدة خائن ما، ففي الأحداث المتقدمة جدا من الفيلم يتم القبض للمرة الثانية على الإيربندر بمساعدة كاهن هواء، بينما الأيربندر كان يحسب أنّ الجميع قد مات، مع زملائه وأستاذه الذي يظهر معه في الكثير من اللقطات الصامتة، فيما يشبه أن تكون تلك العلاقة بينهما على درجة كبيرة من الحب، والود، والترابط الشديد. هذا الكاهن هو الخائن إذن، من بقي حيّاً، والذي أوقع بالدير الذي تفوق إمكانات كهنته بقية الأمم. فالخيانة هي ما يفسّر كيفية تمكّن أمّة النار من السيطرة على أمّة الهواء أيضاً، التي تفوقها من ناحية القدرات .

    والكاهن يقول له بعد أن يستدرجه لجوف المعبد، كي يُلقى القبض عليه هناك، لقد عشت في فقر بسبب غيابك يا أفاتار، ولذا ستغفر لي ما حدث اليوم! ثم يدس أحد الضباط بعدها مبلغاً من المال في يد الرجل، كثمن له ومكافأة لقاء استدراجه الأفاتار إلى باطن المعبد كي يقبضوه، فهو ما يزال صغيراً ولم تكتمل تدريباته بعد .

    وبسؤالنا عن لماذا هو صغيرٌ بالأساس، وكيف أصبح كاهناً؟ وهل هنالك دوال من ثقافات أخرى بوسعها ربط الطفولة بالنار والتجسُّد والقرابين؟




    (4)



    وبسؤالنا عن لماذا هو صغيرٌ بالأساس، وكيف أصبح كاهناً؟ وهل هنالك دوال من ثقافات أخرى بوسعها ربط الطفولة بالنار والتجسُّد والقرابين؟

    فالإجابة هي نعم. بوسع سفر اللاويين من الكتاب المقدّس أن يلهمنا الكثير في هذا الصدد. والهدف من استدعاء هذه المواد الدينية والفلسفية والتاريخية والأسطورية كلها، المتشابكة، والمتشابهة، هو التدليل على أنَّ منبع التصورات الإنسانية هذي لا بُد أنَّه قد انطلق عن مشكاة واحدة كما أرى. فمسألة ربط الفراعنة المصريين تحديداً لبدء الحياة بالماء، يمكن أن نرد إليه كافّة التصورات اللاحقة، التي تفرعت أو تطورت أو استلهمت هذه الرؤية، من لدى هذه النقطة تحديداً، وهي في تقديري تحيل إلى قصة نوح بكل وضوح .

    إذن فمبدأ الوحدة لأصل الوجود عند الفيلسوف طاليس (635 "ق.م") الذي يتعيّن لنا، في مقولته الشهيرة {الماءُ أصلُ الأشياء كلّها}، ما هو إلا فكرة مستقاة من هذا المنبع الفرعوني الأوَّل، عن (فوضى المياه) أو الـنو Nu ، التي جاء منها أتوم. والمعتقدات الفرعونية لدى طاليس وفيرة، فهو من مدرسة الإسكندرية وممن عاشوا زماناً بمصر، ولكن هذا بابٌ طويل ولا يهمنا الآن. تركيزي الحاضر على تبنيه لفكرة المياه هذه من الفراعنة، كي تمضي في المستقبل أكثر، ولتكون هي الفكرة ذاتها التي عَبَّر عنها القرآن من خلال الآية {وجعلنا من الماء كلَّ شيء حي }.

    ولمقولة طاليس هذه أهميّة استثنائية في الفلسفة اليونانية لكون الفلاسفة الشهيرين الذين عُرفوا بالفلاسفة الطبيعيين قام عملهم بشكلٍ أساسي على توسعة هذه المقولة التي تَرُدُّ الوجودَ إلى الماء وحده، وأضافوا لهذا التصور أساسات أخرى هي الهواء والنار والتراب. فأصبحت بعدها الفلسفة الإغريقية تتحاور مع الوجود الواقعي وتدرسه بدلاً عن ذلك الوجود الميثولوجي، وثبّت هؤلاء الفلاسفة الطبيعيون فكرة جديدة وهي أنّ مرجعية الوجود تعود إلى هذه الأساسات الأربعة، وهي التراب، الماء، النار، والهواء .

    ولكي لا نسرف في هذه المادَّة الفلسفية نكتفي هنا ببلوغنا مرحلة الفلاسفة الطبيعيين وتصوّراتهم لماهيّة الوجود، ولظهور مفردة الهواء، التي تظهر أيضاً في اسم الفيلم مقترنة بمفردة البندر، والأفاتار، صغير السن، ومن هو في الثانية عشر من عمره فقط .

    وبالعودة إلى الكتاب المقدَّس، العهد القديم تحديداً، أو التوراه كما في ثقافة المسلمين، نجد أنَّه يتكوّن من سبعة وعشرين سفراً، تتفرّع بدورها إلى الكثير من الأصحاحات، ونجد من ضمن هذه الأسفار العديدة سفراً بكامله يُسَمَّى "سفر اللاويين ".

    إذن فَلِلّاوي، أو لمجموعه "اللاويون"، سفرٌ بكامله داخل العهد القديم .

    وهو السفر نفسه الذي ترد فيه الوصيّة الشهيرة التي تحضُّ الناسَ على أن يحبوا أقرباءهم كأنفسهم {لا تنتقم ولا تحقد على أبناء شعبك، بل تحب قريبك كنفسك. أنا الرب} 18-19 سفر اللاويين. والتي ينصُّ عليها الإسلام المتأخّر أيضاً من قول النبي محمّد عليه السلام الذي رواه البخاري ومسلم {لا يؤمنُ أحدُكُم حتى يحبَّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسه }.

    وتوضيح هذه المسألة لأجل تفكيك تراميز الفيلم أجده نقطةً ضرورية، لأنّنا قلنا إنّ الأيربندر كان كاهناً، على الطريقة الشرقية، ويعيش بمدرسة كهنة. تَمّت إبادة شعبه ليبقى وحيداً ومفرداً. ورُغم ذلك عليه أن يخلّص تلك الأمم بجميع عناصرها المختلفة من قبضة أمّة النار، وأن يحبّها كما يحبّ نفسه. وهذا الحب يتضح حينما يقوم ابنُ زعيم أمّة النار بأسر الأفاتار للمرَّة الأولى بعد العثور عليه مباشرة. فهو قد تم أسره ثلاث مرّات بطول الفيلم. وقد كان بوسع الأيربندر الصغير أن يقاوم منذ لحظتها، ولكن الأمير يهدّده بأنّه إذا فكّر في المقاومة فإنّ جنوده سيقومون بتدمير تلك القرية لأمّة الماء التي آوته. هذا بالطبع، بعد أن عثر عليه الشقيقان، فتىً وشقيقتُه، وجلباه منهكاً من على ظهر البايسون Bison الذي يظهر في شكل دابّة أسطورية كان يمتطيها، واحتُبِست معه بأسفل الثلج طوال تلك المائة عام. ومن الممكن لتلك الهيئة الأسطورية التي يظهر عليها البايسون، فهي كما لاحظنا، علاوة على غرابة شكلها، كان بوسعها المشي والسباحة والطيران، وفي هذا رمزية خافية لقوّة بندر الهواء نفسه الذي بوسعه أن يتحكّم في مجموع القوى الأربع .

    وكلمة Bison تُرَدُّ في جذورها إلى الإغريق. والحيوان ذاته يعتبر رمزاً من رموز الغرب الأمريكي ولثقافاته بلا منازع، مثلما كان وحيد القرن رمزاً لدى السودانيين. فهو في قلب هذا الفيلم لا يخلو من حمل دلالاتٍ ما، ومن إلهامه للمشاهدين الكثير خصوصاً حينما ننتبه للونه الأبيض، وحينما نلاحظ أنّ الفيلم يخلو من الخيول تماماً. فالجاموس Buffalo في أساطير الهنود الحمر، وأبيض اللون منه على وجه التحديد يعتبر حيواناً مقدّساً مثل الثور لدى الكوشيين، الذي كان شعاراً لمجلّة أركماني، والثور شعارٌ لدى معظم الحضارات القديمة، كما نذكر ثور الأشوريين المجنّح. وهو التحريف الوثني لمدخل مدينة توريت كما بيّنتُ في مدن الأسماء .

    ففي الفيلم استخدم هذا الاسم القديم Bison له، ولم تستخدم معه مفردة البفلو مثلاً، وفي المعاجم أنَّ مفردة "البفلو" كلمة حديثة من صنع الفرنسيين. فالبايسون في أزمان الأسطورة مما يجلب الحظ ويُتفاءل به خصوصاً لدى قبيلتي اللاكوتا Lakota والسيوكس Sioux.

    وملاحظة أنَّ الفيلم يخلو من الجياد هذي، أريد تمتينها باستعراض أسطورة "امرأة البفلو الأبيض " White Buffalo Woman الأشهر من إرث هنود أمريكا. فالأسطورة هذه حين حكايتها تبدأ بلازمة كهذه على سبيل المثال (كان يا ما كان، في أزمان ما قبل وجود الخيل)، لذلك استخدم هذا الحيوان في الفيلم. ثم تمضي الأسطورة المعروفة لتقول إنّ هناك امرأة جاءت برسالة من أمّة البفلو، وبعد أحداث كثيرة وبعد أن تعطيهم البايب، أو غليون العجل المقدس، واربط هذا الرمز بالعجل المقدّس لدى اليهود والفراعنة بشقيهم الكوشي والمصري، ثم تنقلب المرأة في نفسها إلى بفلو أبيض، ولا تنسى الأسطورة أن تخبرنا بأنها تركع ناحية الجهات الأربع، جهات الدنيا، والأرض التي تقول لهم بأنها جدتكم وأمكم. ونجد أنَّ هذا البايسون عندما يكون أبيض، كما هو في الفيلم، يرتبط لديهم بحكماء مجلس النَّار السبعة، وهو عندهم كما أسلفت دلالة على اليُمْن وحسن الطالع، واللاتوكا كلّهم بوصفهم جيلاً من النَّاس يعرفون بـ"تاتانكا أوياتي " Tatanka Oyate.

    إذن هذا الأيربندر، الذي يمتطي بايسون غريباً بوسعه المشي والسباحة والطيران، والذي يستطيع التحكّم ذهنياً في مرجعية الوجود الرباعية تلك، ويُسمّى بالهوائي، هو بلغة الفيزياء المعاصرة (بطل الأشياء كلّها) أي Grand Unified Hero اقتباساً من بحوث (نظرية "الوحدة- التوحيد" العظيمة.. Grand Unified Theory وتختصر GUT)، النظرية الكليّة التي تحاول على طريقة فلاسفة الطبيعة القدماء ذاتها.. أن تحصر قوى الوجود الأساسية في ثلاث قوى كالآتي (قوّة نووية شديدة، قوّة نووية ضعيفة، قوة كهرومغنيطسيّة), ومن ثَمّ يبدأ سَعْيُهُا في توحيد هذه القوى في كُلٍّ واحدٍ، كي نفهم من خلاله مسألة الوجود هذا، كلّه، ودفعةً واحدة. فالملاحظ هنا أنّ الأسطورة هي أصل المعارف كلّها، أو بالأحرى لا تُوجد أسطورة من أساسه، وإنّما هناك حلم أبدي بفهم وتفسير هذا الكون، ما يزال يجري، متقطّعاً، وضبابياً هو ذاته، مع تسمية له هو عينه، تناسبه في كل عصر، بناءً على مواصفات الأسطورة المتوفّرة، والصحيحة بمواصفات زمانها الذي تعيش فيه وحسب، كما ورد في رواية إحداثيات الإنسان.

    ولنتأكّد من مسألة العودة إلى الأسطورة الرباعية تلك، التي تشكّل بُنى وماهيّة الوجود في تمامه، فقد عادت الفيزياء وعدّلت في نظريتها السالفة من ناحية تَعْدَادِهَا الثلاثي هذا، ليصبح رباعياً بالضبط، كحال الفلاسفة الطبيعيين أمثال إيمبدوكليس، الذي عاش في القرن الخامس قبل ميلاد المسيح. فهو أوَّلُ من طَرَحَ موضوعة العناصر الأربعة المؤسِّسة للوجود.

    وذلك بأن أجرت الفيزياء تطويراً لهذه النظرية لتتبوتق فيها القوى الأربع الأساسية، ويصبح اسمها (نظرية الأشياء كلّها.. Theory of everything‏ وتختصر TOE).

    بعد أن قام العلماء بإضافة القوَّة الرابعة للثلاثي سالف الذكر وهي "الجاذبية" ليصبح مجموع القوى المُراد توحيدها، والتي بوسعها تفسير هذا الوجود، هي (القوّة النووية الشديدة، القوّة النووية الضعيفة، القوة الكهرومغنيطسيّة، الجاذبية، وبذا يكون لدينا نظرية الأشياء كلّها (TOE)، ولو شئت، أسطورة الأساطير بمواصفات هذا الزمان).

    ولا بُدَّ من التنبيه هنا، والتشديد كذلك، على أنَّ الفيلم يتبنى نظرة الفيلسوف الإغريقي أنكسيمانس حرفياً (عاش في القرن السادس قبل ميلاد المسيح). فهو من اعتقد أنّ الهواء هو أصل الوجود وليس الماء كما يرى طاليس. وأنكسيمانس يتبع لمدرسة الفلاسفة الأيونيين الأقدم قليلاً من مدرسة الفلاسفة الطبيعيين التي ينتمي إليها إيمبدوكليس الذي اقترح العناصر الأربعة الماء، النار، الأرض، والهواء.

    وما نجده في الفيلم، أنَّ البطل الصغير كان بوسعه السيطرة على مجموع القوى الأربع، ولكن تسميته الإجمالية هي "بندر هوائي"، أي بوسعنا القول إنّ ما يسنده هو رؤية أنكسيمانس هذا الفيلسوف الأيوني. ولكن تصميم الفيلم في كامل بنائه يتبنَّى رؤية الفلاسفة الطبيعيين التي ابتكرها إيمبدوكليس، وذلك بتغطية الفيلم للعوالم الأربعة، وإن كان يضع على رأسها هذا الكاهن الهوائي، أي يُسَيِّده عليها بأن يجعل له ملكة القدرة على توحيد وتذليل القوى الأربع، دون الآخرين.

    وبالعودة مرّة ثانية لسؤال لماذا كان بطلُ الفيلم طفلاً، في تقدير هذه القراءة التي تستنبط، وأحياناً، تصطنع ظلالاً فلسفية للفيلم! في بناء موازٍ، دون أن نجيب على هذا السؤال إلى الآن؟ بذا، نجد أنفسنا قد فتحنا تفاصيل سفر اللاويين من العهد القديم.







    (5)


    وبالعودة مرّة ثانية لسؤال لماذا كان بطلُ الفيلم طفلاً، في تقدير هذه القراءة التي تستنبط، وأحياناً، تصطنع ظلالاً فلسفية للفيلم! في بناء موازٍ، دون أن نجيب على هذا السؤال إلى الآن؟ بذا، نجد أنفسنا قد فتحنا تفاصيل سفر اللاويين من العهد القديم .

    إذ ترد فيه قصة الأخوين "ناداب" و"أبيهو"، ولدا هارون، اللذان تقول عنهما آيات العهد القديم {وأخذ ابنا هارون ناداب وأبيهو كُلٌّ منهما مجمرته، وجَعَلا فيهما ناراً، ووضعا عليها بخوراً، وقَرَّبَا أمام الربِّ ناراً غريبة لم يأمرهما بها. فخرجت نارٌ من عند الربِّ وأكلتهما فماتا أمام الرب}، (لا 10 : 1 – 2 ).

    أوَّلاً تأمّل مسألة القرابين هذه، واربطها بالقربانين الأوّلين، لولدي آدم هابيل وقابيل، حيث تُقُبِّل هنالك أحدُهُمَا ورُفض الآخرُ، بينما رُفض القربانان في حالة ولدي هارون .

    وواضح أنَّ المذكورين قد قاما بمخالفة تعاليم معيّنة في تقديم القربات إلى الله، حينما قَدَّما "ناراً غريبة"، فتم إهلاكهما بالنار ذاتها، ليكون العقاب من جنس الخطيئة .

    التفاسير لهذه الآيات كثيرة، ومنها ما ينوف على تقديم تلك (النار الغريبة)، بأن يرد خطيئة هذين الكاهنين، علاوة على تقريبهما النار الغريبة، لكونهما كانا سكرانيْن، وخالفا طقوس تقديم القربات إلى الله وما نحوه الكثير .

    وجملة (النَّار الغريبة) هذه، هي في الحقيقة عبارة فاتنة وغامضة، لم يجرِ فيها أيُّ وصفٍ ولا تعريف لتلك النار الغريبة، ولا تبيان لماهيّة غرابتها تلك، ولماذا هي غريبة! أو كيف هي غريبة؟ فهذا ما يهمنا بصدد تفكيك رموز هذا الفيلم. تلك النار الغريبة، التي قدّمها الكاهنان، دون أمرٍ من الله بذلك، والتي ماتا بغموضها ذاته، إذ خرجت نارٌ ثانية من عند الربِّ لتأكلهما، غريبة هي الأخرى .

    وفي تأويل ذلك، ومعالجة رمزيته في الفيلم، دعنا نصطحب بعض تفسيرات علماء الكتاب المقدّس لنربط هذه النار الغريبة، والأسطورية، بواقع الناس .

    يقول العالم أوريجانوس {لقد سمعت أن الذين قدّموا ناراً نجسة أمام الربِّ ماتوا، وأنت إذ تلتهب أيضاً فيملأك غضبك وتحرقك الثورة ويشتعل فيك الحب الجسداني تصير ضحيّة لشهوة مخجلة، فإنَّ هذه النار كلّها نجاسة وضد الربِّ، من يشعلها ينال بلا شك نصيب ناداب وأبيهو }.

    وهكذا ربما يتضح شيئاً من رمزية النَّار في الفيلم، التي تتحدّث عن أمّة النَّار تلك، التي تستعبد النّاس وتسيطر على كل شيء، ويحرّكها الجشع الذي لا يحد، وتحاول القبض بكل السبل على الأيربندر الهوائي، الطفل القوي والماستر، من هو برئٌ بنبله وقِلُّ تجاربه، ولكنّه يمتلك القوى الأربع مجتمعة، ما لا تمتلكه أمّة النَّار والجحيم، ولا غيرها من الأمم الأخرى. وسفر اللاويين ذاته يُعْرَف في أدبيات العهد القديم بـ(إنجيل الخطاة)، فهل هناك أمّة من الخطاة لجهنّم أكثر من هذه الرأسمالية الحاضرة، الجشعة، المسيطرة على خِطَام الحياة، ومشعلة الحروب أينما كانت؟

    ولم تنتهِ مدلولات قصة النار الغريبة بعد بجوف الفيلم. فهي التي اصْطُنِعَ منها عُمُرُ البطل، الكاهن، اليافع. ونحن لم نبلغ اللاويين بعد، وهذه الإضاءات مجرّد توطئة ضرورية سيتخلّق عنها اللاويون .

    الحديث عن اللاويين وفير، شائك، وكثير الروايات، فلليهود تصوّراتٌ خاصّة بهم، وهم في توراة السامريين يختلفون قليلاً عنهم في توراة العبرانيين، عن تصورات المسيحيين لهم بالتالي، وكذلك عن تصورات المسلمين .

    بأي حال هم ظهروا للوجود متأخرين قليلاً عن العهود التي كان يسيطر فيها أبناء هارون على الكهانة وحدهم، كما كانت لهم حظوة خدمة خيمة الموعد التي نُصبت بعد الانتصار على عبدة العجل. فاللاويون إذن أمّةٌ من الاثنتي عشرة أسباطاً، من الأمم، التي يحدّثنا عنها القرآن في الآية التي تقول {وقطّعناهم اثنتي عشرة أسباطاً أمماً }.

    ومما هو أكيد أنّهم ظهروا بعد احتراق "ناداب" و"أبيهو" بنار الرب، حينما قدّما ناراً غريبة .

    فباحتراق الكاهنيْن الخاطئيْن "ولدا هارون"، اللذان قدّما تلك النار الغريبة، تنتقلُ الكهانة وتقريب التقدمات إلى "لاوي بن يعقوب، وذرّيته"، ليكونوا في خدمة هارون كبير الكهنة. واسم لاوي هذا نجده في الإنجليزية معادلاً لاسم Levi وكذلك في بعض اللغات اللاتينية الأخرى .

    ومن الكتاب المقدَّس {قَدِّم سبط لاوي فأقمهم أمام هارون الكاهن، فيخدموه. وينوبون عنه وعن الجماعة أمام خيمة الموعد ويقومون بخدمة المسكن. ويحافظون على جميع أمتعة خيمة الموعد وينوبون عن بني إسرائيل بالقيام بخدمة المسكن. وسلم اللاويين إلى هارون وبنيه، إنهم موهوبون له هبة من بين بني إسرائيل. وأقم هارون وبنيه ليحافظوا على كهنوتهم، وأيٌّ غيرهم تقدَّم، فليقتل }.

    ويتلو ذلك ظهور الفوارق بين عموم الكهنة، وبين الكهنة اللاويين على وجه التحديد. فالكهنة اللاويون يقومون بصنع أصل العبادات، بينما الكهنة من غيرهم، يقومون بتنفيذ ذلك وتتميمه. أو بالوسع القول إنَّ اللاويين يقفون بين الكهنة والربِّ، ليقف الكهنة بدورهم بين الشعوب والربِّ، في مسألة تقديم الذبائح والقرابين هذي .

    والميزة التي هي أهم من ذلك، وتهمّنا بخصوص هذا الفيلم، أنَّ اللاويين كانوا يبدؤون من عمر شهر فصاعداً، ليدخل علينا صاحبنا نوح رينقر من هنا، بعكس الأسباط الذين يبدؤون من عمر عشرين عاماً. فاللاويون كانوا قد أُخِذُوا بدلاً عن كل بكر من بني إسرائيل وحتى بهائمهم كذلك {أحص كل بكر ذكر من ابن شهر فصاعداً، واحسب عدد أسمائهم. وخذ اللاويين لي أنا الرب، بدل كل بكر من بني إسرائيل، وبهائم اللاويين بدل كل بكر من بهائم بني إسرائيل }.

    واستلهام النار "الغريبة" هذي، لم ينضب أو يتوقّف منذ بروميثيوس Prometheus ، الجبّار الإغريقي سارق النَّار، الذي انحاز إلى المورتالز -المخلوقات البشرية- وأمدَّهم بالنَّار أي بالمعرفة، ما جَرَّ عليه غضب جوبيتر، أو زوس، إله الآلهة وكبيرهم. فعُوقب بأن قُيِّد إلى صخرة، وتُرك لصقر ضخم وشرير يأتي ليأكل كبده كلّما اكتمل نموُّها، فتنبت الكبدُ من جديد بعد أكلها، ويستمر الحالُ هكذا، في عذاب لا نهائي. ولكن يبقى بروميثيوس بطلاً محبوباً في كتاب الأرض، من قِبَل البشر، ولم يتوقف استلهام الفنانين الكبّار له واستدعاؤهم لتضحيته منذ عهود الشاعر الكبير أوفيد وإلى الميوزيشن بيتهوفن والشاعر شيلي وآلاف الرسامين والنحّاتين الذين صوروه بطرائق كثيرة جداً، واعتبروه مخلّصاً للإنسان ومنحازاً للفضيلة والأرض ضد كل ما هو مستعلٍ ومتجبِّر من حال تلك الآلهة الكذوبة ذات التصوُّر البشري .

    ويمتد استلهام تلك النّار، إلى أزمان ما عُرف في التاريخ القريب بنيران الإغريق Greek fire ، كما عُرفت أيضاً بـ"النَّار الرطبة". وقد استُخدمت هذه النار من قبل البيزنطيين ضد الجيوش الأموية وضد جيوش محمد الفاتح العثماني، كما يقول المؤرخون. أمَّا الطريقة التي يصفونها بها في كتب التاريخ فتشبه لحد كبير الطريقة التي يعرضها علينا الفيلم حين مواجهة أمّة النار مع أمّة الماء، فقط لو كان يسبق ضخ النّار سوائل أو مركّبات مشتعلة، تنطلق عبر تلك الآلات ذات المواسير، التي كانت تضخ النّار على الأعداء، في الفيلم .
                  

العنوان الكاتب Date
مدوّنة لأنوار العشاق mustafa mudathir04-04-12, 05:32 AM
  Re: مدوّنة لأنوار العشاق بله محمد الفاضل04-04-12, 03:14 PM
    Re: مدوّنة لأنوار العشاق mustafa mudathir04-05-12, 04:00 AM
      مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد mustafa mudathir04-10-12, 04:07 AM
        Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد mustafa mudathir04-10-12, 01:32 PM
          Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد محسن خالد04-25-12, 08:24 PM
            Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد محسن خالد04-25-12, 08:37 PM
              Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد محسن خالد04-25-12, 08:50 PM
                Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد محسن خالد04-25-12, 09:13 PM
                  Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد mustafa mudathir04-26-12, 05:58 AM
                    Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد mustafa mudathir04-29-12, 10:18 PM
                    Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد mustafa mudathir04-29-12, 10:20 PM
                      Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد mustafa mudathir05-04-12, 04:50 AM
                Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد EL fahal Abdelatif05-04-12, 05:56 PM
                  Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد محسن خالد05-05-12, 00:41 AM
                    Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد طارق عمر مكاوي05-05-12, 00:59 AM
                    Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد محسن خالد05-05-12, 01:41 AM
                      Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد EL fahal Abdelatif05-05-12, 04:39 AM
                        Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد محسن خالد05-05-12, 07:59 PM
                          Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد EL fahal Abdelatif05-05-12, 08:46 PM
                            Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد Kabar05-05-12, 10:41 PM
                              Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد محسن خالد05-06-12, 09:27 AM
                                Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد محسن خالد05-06-12, 09:50 AM
                                  Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد mustafa mudathir05-08-12, 02:21 AM
                                    Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد mustafa mudathir05-08-12, 01:38 PM
                                      Re: فيصل هاجي غرب mustafa mudathir05-10-12, 01:34 AM
                                    Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد EL fahal Abdelatif05-10-12, 05:29 AM
                              Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد EL fahal Abdelatif05-10-12, 06:17 AM
                                Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد mustafa mudathir05-10-12, 12:58 PM
                                  Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد mustafa mudathir05-11-12, 02:08 AM
                                    Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد mustafa mudathir05-11-12, 07:34 PM
                                      Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد mustafa mudathir05-12-12, 06:47 PM
                                        Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد mustafa mudathir05-14-12, 06:50 AM
                                          Re: An invitation to those who love the weird or use the weed mustafa mudathir05-23-12, 10:17 PM
                            Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد بله محمد الفاضل05-24-12, 11:33 AM
                              Re: مدوّنة يا مصطفى تستضيف محسن خالد mustafa mudathir05-24-12, 04:41 PM
                                Re: المدوّنة في دق لم يرغب في الحفر mustafa mudathir05-25-12, 04:09 AM
                                  Re: المدوّنة في linkedin mustafa mudathir05-25-12, 04:53 PM
                                    Re: المدوّنة في لذيذ mustafa mudathir05-25-12, 05:47 PM
                                      Re: المدوّنة في لذيذ mustafa mudathir05-25-12, 06:08 PM
                                        Re: المدوّنة في لذيذ mustafa mudathir05-28-12, 01:14 PM
                                        Re: المدوّنة في لذيذ mustafa mudathir05-28-12, 01:31 PM
                                          Re: المدوّنة في لذيذ mustafa mudathir05-30-12, 06:27 PM
                                            Re: المدوّنة في لذيذ mustafa mudathir06-01-12, 03:56 AM
                                              Re: المدوّنة في لذيذ محسن خالد06-01-12, 11:58 PM
                                                Re: المدوّنة في لذيذ mustafa mudathir06-02-12, 10:51 PM
                                                  Re: المدوّنة في لذيذ mustafa mudathir06-06-12, 01:38 AM
                                                    Re: المدوّنة في لذيذ mustafa mudathir06-06-12, 12:39 PM
                                                      Re: المدوّنة في لذيذ mustafa mudathir06-06-12, 10:18 PM
                                                        Re: المدوّنة في لذيذ mustafa mudathir06-07-12, 05:39 PM
                                                          Re: المدوّنة في لذيذ mustafa mudathir06-08-12, 01:34 PM
                                                            Re: المدوّنة في لذيذ mustafa mudathir06-10-12, 02:45 AM
                                                              Re: المدوّنة في stumble upon mustafa mudathir06-11-12, 08:31 PM
                                                                Re: المدوّنة في stumble upon mustafa mudathir06-14-12, 01:29 AM
                                                                  Re: المدوّنة في stumble upon mustafa mudathir06-14-12, 01:05 PM
                                                                    Re: المدوّنة في stumble upon محسن خالد06-18-12, 12:05 PM
                                                                      Re: المدوّنة في stumble upon mustafa mudathir06-18-12, 01:03 PM
                                                                        Re: المدوّنة في stumble upon mustafa mudathir06-18-12, 01:44 PM
                                                                          Re: المدوّنة في stumble upon محسن خالد06-19-12, 12:55 PM
                                                                          Re: المدوّنة في stumble upon محسن خالد06-19-12, 12:58 PM
                                                                            Re: المدوّنة في stumble upon محسن خالد06-19-12, 04:03 PM
                                                                              Re: المدوّنة في stumble upon mustafa mudathir06-20-12, 12:54 PM
                                                                                Re: المدوّنة في stumble upon محسن خالد06-20-12, 11:47 PM
                                                                                  Re: المدوّنة في stumble upon mustafa mudathir06-21-12, 01:23 AM
                                                                                    Re: المدوّنة في stumble upon محسن خالد06-21-12, 09:34 AM
                                                                                      Re: المدوّنة في stumble upon mustafa mudathir06-22-12, 03:10 AM
                                                                                        Re: المدوّنة في stumble upon munswor almophtah06-22-12, 03:59 AM
                                                                                          Re: المدوّنة في لذيذ دوت كام mustafa mudathir06-23-12, 08:45 PM
                                                                                            Re: المدوّنة في لذيذ دوت كام محسن خالد06-23-12, 09:55 PM
                                                                                              Re: المدوّنة في لذيذ دوت كام Mohamed Adam06-23-12, 11:05 PM
                                                                                                Re: المدوّنة تحديث mustafa mudathir06-28-12, 04:03 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de