احتفال اللجنة القومية لتابين الامبراطورمحمد وردي يوم السبت7 ابريل لندن

Quote: المكان شمالا حيث شاطئ صوارده ، فى ثلاثينيات القرن الماضى. المكان زمان لحن مختزن فى مخيلة مترعة بتعاليم الاسرار القديمة، فنونا ومعرفة ، وعيا ونقوشا على احجار تاريخ قبل التاريخ ، الصوت حبيس حنجرة ستعلن الحب والرفض والحياة فى ازمنتها القادمات. عند سن الخامسة إلتهبت اوتار الطنبور بين انامله تغازل الماضى و تحاور الحاضر ، واشتعلت حنجرته فرق النيل ورقص النخيل وظهرت بدايات تجليات مشروع الفرعون وردى الفنى. يقول العارفون بفنون الموسيقى وحالات الاصوات ، ان آلة الطنبور السودانية القديمة تختبر القدرات الصوتية للمغنيين ،ذلك لان الطنبور آلة مشدودة الاوتار كانتظار المستحيل، كذاك القوس فى نهاية الافق عند والتقاء السماء بالارض ، كان الفرعون وردى بارعا فى مناغمة الطمبور ومفاكرة اوتاره ، كيف لا ألم يكن معلمه هو الفنان النوبى العظيم "دهب خليل"؟ وحتى بعد ان اجاد الفرعون العزف على آلة العود ، ظل له مع الطنبور الود، كل الود. عبقرية الفرعون وردى تبدت بوضوح عندما سجل للازاعة فى اول عام له فى الخرطوم سنة 1957 ، 17 أغنية ، الامر الذى رفع بموجبه من الدرجة الرابعة الى درجة فنان محترف وهذا لم يحدث كثيرا فى تاريخ الازاعة السودانية. كان فى محطته الاولى الشاعر الكبير اسماعيل حسن والذى ترك بصمه جلية فى تاريخ الشعر الغنائى فى السودان، وايضا كان الملحن الكبير القدير خليل احمد فى محطة الامبراطور الاولى ، حيث كانت الثلاث اغنيات الاولى من اشعار اسمعاعيل حسن والحان خليل احمد. الاغنية الرابعة فى مسيرته الفنية و التى سجلها الفرعون وردى للازاعة السودانية كانت من كلماته والحانه وبالطبع شدوه المتفرد ، تلك هى اغنية ( اول غرام). التقى وردى فى مسيرته الفنية بكثير من الشعراء المبدعين اصحاب الرؤى والرؤيا، المهموين بقضيا وطنهم و الجادين حيال مشاريعهم الفنية، المتجاوزين الرافضين للآنى المتراجع النكوصى المهمومين بامر العدل الاجتماعى والمواطنة والرخاء . تميز الفرعون باختيار الاناشيد التى تشدوا للوطن وتمجده وتشحز الهمم من اجل مقاومة الظلم و التسلط كما تميز ايضا بغنائه للشعر الرمزى المحتشد بالمضامين النبيلة التى تحفز الازهان فى اتجاه تنويرى وتثقفى عميق لذلك استطيع ان اقول هنا ان مشروع الفرعون وردى كان رافدا من روافد مشروع التنوير السودانى الذى الذى ظهرت وتجلت مظاهره فى ستينات القرن الماضى. وردى فنان من طراز فريد، عندما اعتقلته سلطة انقلاب مايو عام 1971 ، بعد احدث حركة 19 يوليو لمدة عام ، لم يكن يملك الة العود او اى الة اخرى طوال عام الاعتقال ، على الرغم من ذلك استطاع تلحين قصيدة ( قلت ارحل) ، شعر التجانى سعيد، مستخدما كبريته لتوقيع اللحن و مستعينا برفاق المعتقل فى حفظ اللحن. كان وردى فنانا (عضويا )، حسب توصيف المفكر الايطالى انطونيو قرامشى للمثقف الملتزم بقضايا وهموم شعبه ، فنانا له مواقف ومسئولية تجاه شعبه. ساهم وردى فى فتح افاق الوعى الوطنى عند اجيال كثيرة جيلا بعد جيل وألهمت مواقفه البطولية الكثيرين لخوض غمار النضال وتجشم صعاب المقاومة ورفض الخنوع للظلم. لوردى عشاق كثر فى القرن الافريقى وفى غرب افريقيا ، لا عجب فموسيقى الفرعون الافريقية المتفرده تجزب نحوها الاذن المتطلعة للجمال المبدع. حول مشروع الفرعون وردى توحد ابناء الوطن المتشظى الذين فرقتهم السياسات الخاطئة، واحتفى الجميع فى المليون ميل مربع بمشروعه الفنى عشقوا اغنياته واحبوه كما احبهم ، لا غرو فالفرعون وردى غنى للشعب كله، لهم جميعا وحلم بوطن يسعهم جميعا وناضل من اجل ذلك وتحمل الاعتقال و المنفى دفاعا عن وطن " بالفيه نتساوى نحلم نقرأ نتداوى" ، لكل ذلك فان مشروع الفرعون وردى رافدا من روافد نهر الاستنارة السودانى ، ولمشروع الاستنارة روافد كثر، منها الفنون بكل ضروبها.