عطـــــبرة رواية لسعيد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-17-2024, 05:52 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عثمان تراث(تراث)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-22-2005, 12:43 PM

تراث
<aتراث
تاريخ التسجيل: 11-03-2002
مجموع المشاركات: 1588

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد (Re: تراث)

    وقفنا في صفوف طويلة أمام دائرة الجوازات وظللنا نزحف ببطء في هذا السراط كأنه يوم الحشر00 وكنت أحمل أعداداً من الأكياس المليئة بالهدايا للأهل والأصدقاء كما هي عادتنا التي لا يمكن أن نتخلى عنها في جميع أسفارنا، فأرهقتني أيما إرهاق فتضاعف الإحساس بالتعب والملل والشعور بالضيق وعندما طال كرهت اليوم الذي جاء بي إلى هذا المكان 00 ولو ملكت قوة سحرية لقفلت راجعاً غير أسيف00
    واصلت زحفي مع عدتي وعتادي حتى وصلت إلى شباك ضابط الجوازات وقد بلغ مني التعب مبلغه، فرميت الأكياس في ضيق بادٍ يعلن عن نفسه ويحكي عن حالتي فقدمت جوازي مع فورم المعلومات المملوء الفراغات بمحتويات الجواز المطلوبة 00
    أخذ السيد الضابط ينظر إليَ محدقاً كأنه يتفحص مجرماً ثم ينظر ثانية إلى الصورة الملصقة بالجواز ثم يعيد الكرة مرات ومرات ويترك هذا الوضع الذي لا أجد له تفسيراً غير محاولة إثبات الذات والصلافة0 ويتصفح الجواز ويقارن المعلومات الموجودة فيه مع المعلومات التي دونتها في الفورم وعلى وجهه صرامة منفَرة تجعلك تتخذ موقفاً عدائياً منه كرد فعل لسلوكه الذي اختار أن يعامل به الناس 00 وذهب خيالي بعيداً لأقارن بينه وبين ضباط جوازات قابلتهم في أماكن شتى من أرض الله الواسعة فأجد الفارق المذهل بين من يصدمك بقسمات وجه مكفهر وآخر يأخذك إليه بتقاطع وجه ضاحك 00 وقلت في نفسي (هل من ضمن مهام هذا الضابط تعذيب القادمين إلى البلاد أم أن مهمته هي تسهيل أمورهم قدر ما يستطيع 00 فالأمر لا يحتاج لكل هذا الوقت الذي يأخذه مع كل من يقف أمامه) ومما لا شك فيه أنه شعر بضيقي وحالة الملل التي حرصت أن أشعره بها لكن كل ذلك لم يشفع لي في أن تحرك فيه نوازع الحرج بل تمادى وسألني: متى آخر مرة جئت فيها؟ لم أحضر منذ أن خرجت 00
    أخذ جوازي وخرج تاركاً مكانه دون أن ينادي على من يحل محله لحين عودته 00 وغاب فترة وأنا والناس من خلفي ننتظر فتعاظم ضيقنا 00 وسمعت همهمات من طفحت روحه بغضب لم يعد قادراً على السيطرة في التستر عليه صابراً ومتحملاً 00 لابد أنه يلعني ويلعن الضابط واليوم الأغبر الذي وضعه في هذا الصف 00 ولكن أنا ما ذنبي، وأنا نفسي أعاني مثلهم جميعاً وربما أشد حنقاً 00 فترة كأنها الدهر ونحن في الانتظار الممل00 لعل كل واحد من هؤلاء الذين يقفون خلفي يتخوف من هذا المصير الذي يدل على أن شيئاً ما يقود ربما إلى اتهام معين 00 أو الشك في شخصه باعتباره شخصية معينة مطلوبة للعدالة أو القبض عليها00 انتابني قلق وخوف 00 فأنا أكره أي موقف أجدني مضطراً فيه للدفاع عن نفسي 00
    وفيما أنا في هذه الحالة من الخوف والتوتر، تأخذني الظنون إلى أماكن بعيدة مجهولة ثم تعود بي وقد تقطعت أنفاسي في لهاث راكض، ظهر ضابط الجوازات في الطرف الآخر من الصالة المستطيلة وهو يحمل جوازي بيمناه ويخبط به فوق أعلى ركبته اليمنى كلما تحرك 00 وظل على هذا المنوال إلى أن وصل إلينا ودخل كبينته وجذب الباب خلفه بطريقة أحدثت دوياً تنبه على إثرها كل من كان غافلاً 00 ولم ينظر إليَّ أو يتحدث معي أو يسألني أي سؤال وإنما شرع في وضع خاتمه على صفحة يبدو أنه اختارها بعناية ثم سلمني جوازي فتنفست الصعداء 00
    أخذت جوازي، وحملت متاعي من الأكياس التي حبست الدم في عروق أصابعي فأصابها اليباس وضعف الحركة، وخرجت مهرولاً كغريق لفظته أمواج النجاة بعيداً عن اليم إلى الشاطئ، فعادت إليه أنفاس الحياة تردُ إليه شيئاً فشيئاً هدوء نفسه وتماسكها00 وتحركت إلى صالة العفش وقد تحررت تماماً من حالة الخوف والهلع والتوتر وفي نفسي كثير من الفضول لأعرف ما دار من حديث حولي بين مسؤولي ضباط الجوازات وما هو سبب كل ذلك؟ وهل غيبتي الطويلة في الغربة هي التي أثارت الشكوك؟ لعل تلك الغرفة شهدت مناقشات ضد ومع وانتهت أخيراً إلى سلامة موقفي 00
    تناولت عربة من عربات حمل العفش ذات خطاف وضعت فيه كل الأكياس التي نالت من أصابعي وأرهقتها بآلام حادة، فشعرت بالراحة 00 ونسيت ما حل بي من هواجس سوء الفهم مع ضابط الجوازات وانشغلت مع السير المتحرك وعليه متاع المسافرين بحثاً عن حقائبي الثلاث 00 أشعر بفرح غامر كلما وجدت واحدة منها إلى أن اكتمل عددها 00 وكنت حقيقة خائفاً من ضياعها أو تخلفها أو ضياع أو تخلف أي منها في مطار من المطارات التي مررت بها في هذه الرحلة 00 إنها حقائب كبيرة مليئة بالهدايا للأهل والأصدقاء وسأكون حزيناً إن ضاعت أو تخلف أي منها لأن ذلك سيحرم صاحب النصيب من سعادة غامرة، وسيحرمني أنا من لذة العطاء وأنا أشاهد الفرحة في عيون نال منها الحرمان زمناً طويلاً 00
    أكملت وضع الحقائب الثلاث ذات الوزن المهول والحجم المفرط السعة على عربة العفش التي كانت معي فاحتوتها بصعوبة 00 وعندما دفعتها أمامي كانت حركتها أكثر صعوبة ولكن عجلاتها استدارت بشيء من الإصرار والقوة في الدفع والحذر من الوقوع إلى أن قادني الطريق المحدد بعناية إلى طاولة الجمرك، فوقفت أمام أحد ضباطه وقد أمر أحد العمال بمساعدتي في وضع عدتي وعتادي من حقائب وأكياس على تلك الطاولة المستطيلة التي يمكن أن تسع عدداً كثيراً من أمتعة السفر 00 استعداد كامل للبحث والتنقيب في متاع القادمين ونبش أعماقها بحثاً عن الممنوعات والإلكترونيات0 أمرني الضابط بفتحها وهو منكب على الأكياس يتخلل أعماقها بحذق ومهارة 00 وعندما لم يجد فيها ما يستحق اهتمامه علم عليها بلون برتقالي يدلل على خضوعها للفحص الجمركي 00 قلت مستجدياً: (داخل هذه الشنط هدايا عبارة عن ملابس وأحذية وأقمشة وثياب نسائية وبعض المواد الغذائية المعلبة وحلويات ولعب أطفال) نظر إليَ كأن خطابي لا يعنيه وقال: (أفتح الشنط) 00 قلت: (ما عندي مانع لكن ترتيبها وقفلها مرة أخرى صعب جداً، وقد لا تقفل) لم ينظر إلي هذه المرة وإنما تركني وذهب لغيري معلناً بسلوكه هذا أنه يرفض كل كلمة قلتها، فلم أجد أمامي غير الانصياع لأوامره.. ما هذا البلد الذي يعمل على تعذيب كل قادم إليه وبأساليب في إجراءات الأمـن والسلامة تجاوزتها بلاد الدنيا كبيرها وصغيرها.. وبلدان العالم الأول والثاني والثالث.. إنها إجراءات فضيحة ومنفَّرة بل طاردة لأهل البلد قبل زواره الأجانب.. فتحت الحقائب الثلاث وارتمت أغطيتها على الجانب الموازي لأرضياتها فنفرت أحشاؤها خارجة من بطونها على أطرافها الثلاثة والأغطية من الطرف الرابع لقواعدها.. وجاء الضابط الهمام وعملت يداه داخل كل حقيبة ما جعل عاليها سافلها.. وتسللت أصابعه إلى كل ركن والى كل زاوية فيها فامتلأت الطاولة بفيضان الحاجات التي كانت في بطون تلك الحقائب فانتابني إحساس أن هذا السلوك تجاوز تأدية الواجب إلى أغراض قصد منها التعذيب وربما الإهانة.. وقفت صامتاً أتابع ما يجري وهمي كله منصب في كيفية إعادة ترتيب هذه الحقائب فاعتلاني اليأس.. وأقسمت بيني وبين نفسي أَلا أعود ثانية ومهما كانت الأسباب.. عدت إلى حقائبي متثاقل الخطى وقد استبد بي الإحباط أحاول إعادة ترتيب الحاجات في أمكنتها داخل الشنط وقد أضناني هذا العمل ولولا تدخل الخيرين الذين ربما شاهدوا ما فعله ضابط الجمارك معي فأشفقوا على حالي وهرعوا لنجدتي لما استطعت قفل هذه الحقائب الكبيرة المانعة مرة أخرى.. ترى ماذا ينتظرني خارج هذا المبنى وفي الدنيا الفسيحة وقد عانيت في هذه الساعات القليلة كل هذه المعاناة؟! إنني كثير الأسفار في بلاد الله الواسعة فلم تصادفني حالة واحدة مما لاقيت الآن.. الحياة هناك تنساب سهلة بلا تعقيد تحترم فيها إنسانية الإنسان.. وهنا الحياة صعبة كلها تعقيد وتهان فيها كرامة الإنسان بإجراءات بالغة الصرامة موغلة في التخلف..
                  

العنوان الكاتب Date
عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:35 PM
  Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:37 PM
    Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:39 PM
      Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:41 PM
        Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:43 PM
          Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:44 PM
            Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:46 PM
              Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:48 PM
                Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:49 PM
                  Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:51 PM
                    Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:53 PM
                      Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:54 PM
                        Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:56 PM
                          Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:57 PM
                            Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:59 PM
                              Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:01 PM
                                Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:02 PM
                                  Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:03 PM
                                    Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:05 PM
                                      Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:06 PM
                                        Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:09 PM
                                          Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:11 PM
                                            Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:12 PM
                                              Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:13 PM
                                                Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:15 PM
                                                  Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:17 PM
                                                    Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:19 PM
                                                      Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:21 PM
                                                        Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:23 PM
                                                          Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:24 PM
                                                            Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:25 PM
                                                              Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:26 PM
                                                                Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:28 PM
                                                                  Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:31 PM
                                                                    Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-24-05, 03:09 PM
                                                                  Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث03-18-05, 12:26 PM
  Re: عطـــــبرة رواية لسعيد Amin Elsayed02-24-05, 04:23 PM
    Re: عطـــــبرة رواية لسعيد Tumadir02-25-05, 06:35 AM
  Re: عطـــــبرة رواية لسعيد AlRa7mabi02-25-05, 09:16 AM
  Re: عطـــــبرة رواية لسعيد adel alsaed02-28-05, 02:11 AM
    Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث03-18-05, 01:06 PM
      Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث03-22-05, 03:01 PM
        Re: عطـــــبرة رواية لسعيد صلاح الدين عبدالله محمد03-23-05, 03:20 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de