الى الذين تسللوا الى جامعة فاس المغربية -نداء عاجل

Quote: الطبيعة بين البحترى وجعفر محمد عثمان النوراني الحاج الفاضلابي [email protected] أتحفنا الأستاذ محمد مبروك بعدة فرائد من مخطوطات الأستاذ الأديب جعفر محمد عثمان ، ونأمل أن ترى بقية آثار الأستاذ جعفر الأدبية النور كما فعلت جمعية خريجي الجامعات والمعاهد المغربية ، فقد نشرت ديوانه الأول توائم الشعاع ، وإنني أحبتي القراء الكرام أسجل بين يديكم هذه الخواطر الأدبية ، التي تحكي لقائي الأول بالأستاذ جعفر في منتصف الستينات ـ عندما سعدت بلقائه بمدرسة الجنينة الثانوية للبنات. فقد سعدنا بتدريس طالبات نجيبات ، للأدب عندهن مكانة مرموقة ، حيّاهن الله حيثما كنّ ، ومدينة الجنينة ، تبدو في الخريف غُوطة خضراء في أجوائها استمعنا لكثير من شعر الأستاذ جعفر ، ومن محفوظه الرائع ومنه عرفنا معنى المقولة الأدبية الشهيرة ـ أبو تمام والمتنبي حكيمان والشاعر البحتري ، وكان الأستاذ جعفر يقرأ لنا من سينية البحتري ما يقرأ ـ وكأننا لم نسمع بها الا في قراءته الجميلة المهموسة مع السين في قول البحتري: صنت نفسي عما يدنس نفسي .. وترفعت عن جدا كل جبس وكان يردف هذه القراءة بشئ من سينية شوقي ومطلعها: إختلاف الليل والنهار ينسي .. اذكرا ليَ الصبا وأيام أنسي وسلا مصر هل سلا القلب عنها .. أو أسّا جرحه الزمان المؤسى كلما مرت الليالي عليه .. رق والعهد في الليالي تقسي من تلك القراءات ازدادت أذني احساسا بحلاوة جرس السين ، وأدركت أن البحتري هو الشاعر ، وأن المتنبي هو الحكيم إذ يقول: لولا المشقة ساد الناس كلهم .. الجود يفقر والإقدام قتّال وكانت قراءتنا مع الأستاذ جعفر ، معظمها من شعر الطبيعة ، وهو القائل في مقدمة ديوانه (توائم الشعاع) (والالتفات إلى مظاهر الطبيعة والتعاطف معها ، وإسباغ الروح عليها ، وكأنها كائن حي يسمع ويتكلم). ومن رائع ما قرأه الأستاذ جعفر علينا ـ أبيات البحتري في الربيع ، وهي قوله: أتاك الربيع الطّلق يختال ضاحكا .. من الحسن حتى كاد أن يتكلما وقد نبّه النيروز في غسق الدجى .. أوائل ورد كن بالامس نُوَّما يفتقهـا برد الـندى فكـأنـه .. يبث حديثـا كان قبل مكتما ومـن شجر رد الربيع لباسه .. عليه كما نشرّت وشيـا منمنمـا أحـل فأبـدى للعيـون بشـاشـة .. وكان قذى للعين إذ كـان محرمـا ورق نسيم الريـح حتـى حسبتـه .. يجـيء بأنفـاس الاحبـة نعـمـا وإني لأعجب كيف فات على أحبابنا في مناهج اللغة العربية أن يجعلوا هذا النص مقررا على طلاب الصف الثاني بدلاً عن النص المقرر الآن ، وشتان ما بين النصين.