الى الذين تسللوا الى جامعة فاس المغربية -نداء عاجل

Quote: إنتخابات السودانية وتجارب الحكم الرشيد في المغرب ===================================== أحمد عثمان محمد المبارك المحامي ====================== [email protected] ها نحن نقترب من اللحظة التاريخة لإختيار من يحكم السودان وتأسيسا لممارسة ديمقراطية رشيدة... فقد أعلنت مفوضية الإنتخابات أسماء المرشحين لكافة المستويات وبدأت بالفعل الحملة الأنتخابية والتي نتمني أن تتسم بالمنافسة الشريفة الحرة بين كافة المرشحين.. كما نتمني أن يكون التركيز علي البرامج الإنتخابية وما سيقدمه المرشح لنخابيه..وعلي المرشحين أن يعوا خطورة المرحلة وكبر المهمة التي سوف توكل إليهم من هذا الشعب الصابر الذي يصبو الي حلول لكل مشاكله التي ما فتئت تتراكم عاما بعد عام.. فالمشكل الأجتماعي في السودان متجزر ويتجلي في كون فئات كبيرة من أبناء هذا الوطن تعيش في ظروف صعبة وتعاني من حالات فقر وتهميش تتنافي مع كرامة الأنسان وتطوره ورفاهيته ..فعلي المرشحين القادمين التركيز علي المناطق التي تفتقر الي أبسط الخدمات الضرورية والتي أصبحت مرتعا لإستفحال الأمية ، والبطالة ، وضعف فرص العمل ، وغياب كافة الأنشطة الإجتماعية والإقتصادية التي تجلب الدخل المناسب للعيش الكريم.. إن مشكلةالسودان منذ أن نال إستقلاله تتمثل في عدم التوازن التنموي الواضح علي كافة الأصعدة وفي جميع المناطق بما فيها ولاية الخرطوم ..وأعلموا أن تشخيص المعضلة الإجتماعية وحده لايكفي ما لم يقترن بالعمل الجاد والملموس ، الكفيل بمعالجتها وتغييرها الى الأحسن.. لأن مصداقية تشخيص هذه المشكلة تقاس بمدى تقبلنا للدوافع ، وطموحنا نحو تحقيق التقدم الاجتماعي ، وبهذا المعيار ، يزول أي استغلال للفقر والبؤس الاجتماعي، لاغراض سياسية ، أو لاذكاء نعرة التطرف ، او لإشاعة روح التشاؤم والانهزامية واليأس.. ولنعلم جميعا بان اعادة التأهيل الاجتماعي عملية معقدة وشاقة وطويلة ، لا يمكن اختزالها في مجرد تقديم اعانات ظرفية ، او مساعدات موسمية مؤقتة ، كما لا يمكن التعويل فيها على الاعمال الخيرية ، او الاحسان العفوي ، او الاستجابة لوازع اخلاقي ، او لصحوة ضمير... وان التنمية الفعالة والمستدامة لن تتحقق الا بسياسات عامة ضمن عملية متكاملة ومتماسكة ، ومشروع وطني شامل، وتعبئة متعددة الجهات ، تتكامل فيها الابعاد السياسية والاجتماعية ، والاقتصادية ، والتربوية والثقافية والبيئية.. فأجعلوا هدفكم الأسمى في توسيع دائرة الاستفادة من الإمكانات المتوفرة ، وإتاحة أكبر قدر من فرص الاختيار أمام كل السودانيين ، رجالا ونساء شوخا وشبابا وأطفالا .. وهو الأمر الذي لن يتأتى إلا بالعمل على استئصال آفـة الفقر والبؤس التي تقف عقبة في وجه استثمار المواطن السوداني لأمكانياته والتي تحول دون إسهامه واندماجه الكامل في الحياة الاجتماعية والاقتصادية... وعلي رئيسنا وولاتنا ونوابنا القادمين أن يبحثوا عن الحقيقة ويتوخوا الإنصاف والعدالة في شئون الأنسان السوداني والعمل علي حفظ حقوقه من أي أنتهاك ومحاسبة المعتدين عليه.. ليس نبشا في الماضي أو "نشرا للغسيل القذر" أو فتنة كما قد يري ويقول المتحفظون ، بل تأسيسا لمستقبل لا تتكرر فيه مثل هذه الانتهاكات ، وضمانة لعدم الرجوع إلى الوراء ، وتعميما لثقافة عدم الإفلات من العقاب...وتطلعا للمستقبل لا تصفية حساب مع الماضي.. ولنسخلص العبر من تجاربنا السابقة، ومن النماذج الموفقة لبعض البلدان ، في مجال محاربة الفقر وتنمية البشر وإنصاف المظلومين ومعاقبة الظالمين بالعدل والقيم الإسلامية والقوانين الرادعة.. إن محبتي وتقديري للمملكة المغربية التي قضيت فيها ، حيزا مهما من حياتي حيث كنت طالبا في جامعة فاس أثناء فترة الثمانينات من القرن المنصرم ، وظللت متابعا لكل ما يحدث من تطورات وتغيرات في هذا البلد الجميل بأخلاق شعبه وشجاعة ملكه وحبه لشعبه.. وهذا ما دفعني إلى أن أستعرض التجارب المغربية في مجالات عديدة ..ولكم تمنيت من كثرة إعجابي بالسياسات التي يتبعها الملك محمد السادس في حكمه للمغرب أن يحذو قادتنا وساستنا حذو هذا الملك الشاب الصادق في تصالحه مع شعبه وإهتمامه بتطويره وترقيته وتنميته بشريا ومدنيا وسياسيا.. وبما أن المغرب قد خطا خطوات كبيرة في العديد من المجالات السياسية... وكما كتبنا سابقا حول تجربة المغرب في التعديلات القانونية المتعلقة بقانون الأحوال الشخصية والمكاسب التي حققتها المرأة المغربية في هذا الشأن رأينا أن نتستعرض المزيد من تجارب الحكم الرشيد في هذه المملكة الدستورية حتي ييستفيد القادمين للحكم عبر صناديق الأنتخابات القادمة من هذه التجربة الثرة وحتي تجعل حكومتنا المنتخبة القادمة من التنمية البشرية والمصالحة أهم أولويات العمل الحكومي إن أرادت الحفاظ علي السودان موحدا قويا متعافيا من كل أشكال التشتت والتشرزم وعدم الإستقرار ... لقد إتضح لي من خلال متابعتي لما يحدث من تطورات في المغرب في سنواته الأخيرة، أن الملك محمد السادس وبشجاعة غير مسبوقة قد قدم أنموذجا متطورا في ميادين إصلاحية عدة كتجربة التناوب على السلطة، والتعددية السياسية والحزبية النشطة ، ومدونة الأسرة الجريئة في تعاملها مع "النص الديني"،.. وفي سابقة هي الأولى من نوعها، شكل الملك محمد السادس في أبريل 2004 هيئة أطلق عليها "هيئة الإنصاف والمصالحة" ذات اختصاصات غير قضائية أوكل لها مهمة البحث والتحري والتقييم والتحكيم وتقديم الاقتراحات في مجال تسوية ملف ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب...وقد أنهت هيئة الأنصاف والمصالحة أعمالها بإصدار تقرير شامل عن تحقيقاتها فيما شهده المغرب من انتهاكات لحقوق الإنسان خلال الفترة التي أعقبت الاستقلال وحتى نهاية القرن المنصرم ، وقد بحثت اللجنة في آلاف الوثائق والحالات والشهادات ، متتبعة الحقيقة والمسؤولية عن هذه الانتهاكات بدءا بملف "مجهولي المصير" مرورا بملفات "الاعتقال التعسفي" و"التعذيب وسؤ المعاملة" وانتهاء بحالات القتل. وقد خلصت الهيئة إلى صياغة جملة توصيات تتعلق بجبر الأضرار وإنصاف الضحايا ، بعضها يشتمل على التعويض المادي والتأهيل الصحي ، وبعضها الآخر بجبر الضرر على النطاق الاجتماعي... وقد خرجت الهيئة بإستراتيجية عامة لمنع تكرار ما حدث ، وفي هذا السياق أعتمدت الهيئة ثلاث استراتيجيات تفصيلية وأوصت بها، وهي: * دعم التأصيل الدستوري لحقوق الإنسان. * إقرار وتطبيق إستراتيجية وطنية لمناهضة الإفلات من العقاب. * إقرار جملة من الإصلاحات في مجال الأمن والعدالة والتشريع والسياسة الجنائية لتوطيد دولة القانون. التجربة غير مسبوقة في العالم العربي، برغم تفشي مظاهر انتهاك حقوق الإنسان في جميع الدول والمجتمعات العربية من دون استثناء ، وهذا يسجل للمغرب ومسارات تحوله الديمقراطي ، وهي خطوة ما كانت ممكنة لولا شجاعة ووطنية الملك محمد السادس...فقد أثبتت التجربة المغربية بتحقيقها في المخالفات والإنتهاكات أنها مبادرة غير مستعصية التحقيق ، فلا ضير أن نأخذ منها نحن السودانيين ونراجع ونحقق ونتصالح مع أنفسنا بجبر الضرر وتحقيق العدل والإنصاف تمشيا مع مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف.. وقبل أن يرفع رئيس هيئة الإنصاف التقرير الختامي للجلالة الملك في نوفمبر من العام 2005 كان الملك محمد السادس علي موعد آخر مع شعبه طارحا مشروع تنموي جديد يهدف الي تحسين الأوضاع الاقتصادية والإجتماعية للشعب المغربي ، فأطلق مشروع التنمية البشرية في مايو 2005... وقد أستندت المبادرة علي المعطيات الموضوعية للاشكالية الاجتماعية في المغرب والمتمثلة في كون فئات ومناطق عريضة في المغرب تعيش في ظروف صعبة ، بل وتعاني من حالات فقر وتهميش تتنافى مع كرامة المواطن ، وان الكثير من الجماعات تفتقر الى ابسط المرافق والخدمات والتجهيزات الاجتماعية الضرورية... كما أستندت المبادرة علي محاربة العجز الاجتماعي عن طريق توسيع الخدمات الاجتماعية الأساسية والنهوض بالأنشطة المنتجة للعمل وتوفير دخل للاشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة . وقد أحرز المغرب بفضل هذه المبادرة تقدما ملحوظا في نسب الالتحاق بالتعليم الأساسي وسد الفجوة النوعية و الفجوة بين الريف و الحضر... وما كان لهذا الإنجاز أن يتحقق لولا إحساس القائمين علي شئون الدولة بالمسئولية تجاه الشعب المغربي ورعاية جلالة الملك محمد السادس لهذا المشروع الإجتماعي الهام ، وإعتبار مشروع دعم المبادرة الذي يموله البنك الدولي احدي البرامج الرئيسية في مجالات الدعم الواردة في الاستراتيجية القطرية للمغرب والتي تهدف إلي تحسين مستوي المعيشة والفرص الاقتصادية للفقراء والفئات المعرضة للخطر في المناطق الريفية والحضرية. كما يساهم المشروع في ترويج مبادئ الحكم الجيد مثل الشفافية والمساءلة والتضمين.. لا أعتقد أن هناك من يختلف معي في كون أن هذه التجارب جديرة بالدراسة والتقيم.. وأنكم أيها المرشحون القادمون لن تضاروا من الإخذ بها بل ، بالتأكيد سوف تنصب في ميزان حسناتكم وتؤكد وطنيتكم وصدق أنتماءكم وحبكم لهذا الوطن..وأن التاريخ دون شك سيسجل لكم تولي مسئولية قيادة هذه الأمة... إن الشعب السوداني يتمني ويطالب الحكام القادمون في السودان أيا كانت خلافياتهم وأيدولوجياتهم السياسية إن إرادوا لهذا الوطن خيرا ونماء .. وأن إرادوا الإستمرار في الحكم أن يتبنوا مثل هذه المبادرات .. وأن يعلموا أن هذا الشعب السوداني شعب كريم يكرم من يكرمه ويعقاب بقوة من يذله ...