أعظم وأرقى وأصدق ما كُتب عن الموسيقى والفنون في التاريخ !

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 11:09 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-22-2012, 08:54 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أعظم وأرقى وأصدق ما كُتب عن الموسيقى والفنون في التاريخ !

    إلى الذين يُسّفِهون الفن والفنانين ، ويقللون من شأنهم ، ولا يعرفون قدرهم ! ولا يفهمون حقيقة الأشياء ! ويجهلون دقائق وأسرار الوجود !

    هذا كتاب ( الإسلام والفنون )

    للأستاذ المفكر الشهيد / محمود محمد طه ..

    وهو بالتأكيد ، معبرنا وجواز مرورنا الوحيد نحو الفنون ، بكل قوة قلب ، وثقة ، ومعرفة حقيقية ، بطبيعة الأشياء .. والحياة البشرية ، وآفاقها العميقة الثرية !


    الإهداء مني :

    إلى جميع الموسيقيين والفنانين والمتذوقين على مشارق الأرض ومغاربها .. فإلى هذا الفكر الجديد الفريد ، العميق ، الشافي ، الكافي ، الوافي !

    هذا بمثابة عرض للكتاب فقط .. وإن كانت هنالك حوارات ، أو تساؤلات حول هذا الموضوع ، فإني أحيلها تأدباً ، إلى إخوتي الجمهوريين .. ولتكن في نهاية هذا الخيط ، بعد عرض فحوى الكتاب ، لمن أراد ...

    إبتداءً :

    ( فلنترحم على لحن الحياة الخالد ، المبدع محمد عثمان وردي .. بما حوى صدره المترع ، من روعة وجمال وغنا لأهل السودان ونهر مجدهم القديم العظيم ! )


    مع خالص التحيات ..



    الكتاب :

    الإسلام والفنون :

    للأستاذ محمود محمد طه

    الأهداء :

    إلى المنفتحين على الله ، السالكين إليه كل السبل ، فانه ان من شىء إلا وهو إلى الله سبيل !


    ( وان من شىء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم )

    ( تسبح له السموات السبع ، والأرض ، ومن فيهن .. وان من شىء إلا يسبح بحمده ، ولكن لا تفقهون تسبيحهم .. انه كان حليماً غفورا .. )

    صدق الله العظيم


    المقدمة :

    هذه مقدمة كتاب ( الإسلام والفنون ) وهو عبارة عن متن محاضرة القيت على طلبة ( كلية الفنون الجميلة والتطبيقية )، وضيوفهم ، وذلك في يوم الثلاثاء ، 24/9/1968 .. ولقد أُخذت هذه المحاضرة عن الشريط ، وهي تجري بلغة الكلام ، لا بلغة الكتابة .. كذلك وردت في الأصل ..
    ولقد اسمينا هذا الكتاب : ( الإسلام والفنون ).. ولقد كان من الممكن أن نسميه : ( الفنون والإسلام ) ، ولكننا آثرنا الأول لأن تقديم كلمة الإسلام فيه توخ للحكمة التي توجب تقديم الفاضل على المفضول ، فذلك أمر لا معدى عنه ، ولكننا كنا ، حين تعديناه في فكرنا ، وحين هممنا بتسمية الكتاب على النحو المشار إليه آنفاً ، كنا نعتذر بهذا الصنيع بخطتين اثنتين : كون هذا الكتاب يُعنى ، في المكان الأول ، بالفنون ، ثم يضعها موضعها في الإسلام .. هذه واحدة ، والثانية أن الفن ، والإسلام ، لصيقان ، وتوأمان ..... وهذا يقتضي تعريف الفن ، وتعريف الإسلام ..

    الفن :

    فأما الفن فقد سبق لنا أن عرفناه في متن هذه المحاضرة ، وذلك حيث قلنا : أن الفن هو وسيلة التعبير عن ملكة التعبير .. وقلنا يومها أن ملكة التعبير إنما هي الحياة .. والحياة تُعبر عن نفسها بوسائل مختلفة ، في مستويات مختلفة .. فهي تُعبر عن نفسها بالحركة ، وتُعبر عن نفسها بالغذاء ، وتُعبر عن نفسها بالتناسل ، كما تُعبر عن نفسها بالشعر ، وبالنثر ، وبالغناء ، وبالرقص ، وبالنحت ، وبالرسم ، وبالتصوير ، وبالتمثيل ، وبالموسيقى ، وبغيرها من ضروب الطاقة الفكرية ، والجسدية ، التي تفيض وتنبجس ..
    فهل يعني هذا أن كل أساليب الحياة للتعبير عن نفسها فن ؟! .. نعم !! هذا على التعميم ، وفي جملة الأمر ، صحيح .. بيد أن صور التعبير التي تمارسها الحياة البدائية تعتبر فناً فجاً ، وتزيد فجاجته كل ما انحصر في التعبير عن مجرد نوازع المعدة ، والجسد ..
    إننا لا نسمي أساليب الحياة ، في التعبير عن نفسها ، فناً ، بالمعنى المخصص لهذه الكلمة ، إلا إذا ما دخلت هذه الأساليب على مستوى التعبير عن القيمة – القيمة في الحياة – وأعلى قيم الحياة الحرية ..
    هناك الطاقة الحياتية ، وهناك الطاقة العقلية ، وإنما بالطاقة العقلية دخلت القيمة في الحياة .. فالفن إنما هو تعبير الطاقة الحياتية عن نفسها من خلال مصافي العقول المرتاضة ، الصافية ، القوية الإدراك ..
    الفن هو التعبير عن حياة الفكر ، وحياة الشعور ، في آن معاً ...... والطاقة الحياتية إنما هي أصل الحياة ، في سذاجة ، وبساطة ............ وهي لا تفلسف ، ولا تتأنف ، ولا تحتفل ، حين تعبر عن نفسها ...... وأسلوبها في التعبير أسلوب القصد الصريح ، في ممارسة اللذة ، واجتناب الألم ..... ولكننا نحن لا نتعتبر اندفاعات الشهوة في هذا المستوى فناً من الفنون .. وإنما الفن تعبير الشهوة المحكومة بالعقل المهذب ، المروض المنضبط بقواعد الخلق الرصين .. وإنما من أجل ترويض ، وتهذيب ، العقول حمدت مساعي الفنون ، في صورها المختلفة ، وبأساليبها المختلفة ...... وإنما قيمة كل أسلوب من أساليب الفنون هي قيمة ما يقربنا من تلك الغاية .. وفي هذا المضما يقع التفاوت بين أفانين الفنون ، وفيه أيضاً يقع إختلاف ما بين الفن والدين – الإسلام .. ومعلوم أنه انما هو دائماً اختلاف مقدار .. ولقد تعرضنا لتعريف الفن في الأسطر القليلة الماضية ، ولقد قررنا هناك أن الفن والإسلام لصيقان ، وهذا يعني أنهما وجهان لأمر واحد .... هذا الأمر إنما هو الحياة ...... فالفن أسلوب تعبير للحياة به به يزيد عمقها ، واتساعها .. والإسلام أسلوب تعبير للحياة به يزيد عمقها ، واتساعها ..
    ولكن أسلوب الإسلام أشمل ، وأعمق ، وأبعد مدى ، من أسلوب الفنون ..... ولقد وردت الإشارة إلى الأسلوبين : أسلوب الفنون ، وأسلوب الإسلام ، في الآية الكريمة :
    ( سنريهم آياتنا ، في الآفاق ، وفي أنفسهم ، حتى يتبين لهم أنه الحق .. أولم يكف بربك انه عل كل شىء شهيد ؟؟ ) .... فهذه آيات الآفاق ، وآيات النفوس .... وهي جميعها موضوع الفنون ، وموضوع الإسلام ...... فأما الفنون فانها تُعنى بآيات الآفاق ، أكثر مما تُعنى بآيات النفوس ، ولكن عنايتها بهذه غير غائبة .... وأما الإسلام فانه يُعنى بآيات الآفاق ، و يتخذها مجازاً إلى آيات النفوس ، وعنايته بهذه ، وبخاصة في أُخريات مراقيه ، أكبر وأعظم .. وللعلم التجريبي في هذين مجال ، ولكنه ليس هنا بذي بال .. ويكفي فيه أن يقال :
    أن الفن ، والدين ، والعلم ، متداخلة ، والإختلاف بينها إنما هو اختلاف مقدار .

    الإسلام :

    وعند الإسلام آيات النفوس مقصودة بالاصالة ، وآيات الآفاق مقصودة بالحوالة ، بمعنى أن الإنسان يعبر على آيات الظاهر ليصل إلى فهم آيات الباطن ، فينسقها مع الظاهر حتى تستقيم له حياته ، وتتعمق ، وتتسع ...... وفي الإسلام الظاهر إنما هو ظل الباطن – الكون الظاهر إنما هو الكون الباطن في حالة بروز وتجسيد ...... والإسلام إنما يعني الإنقياد ، والإستسلام . وهو يبدأ بمحاولة الحى أن يوجد نوعاً من العلاقة الحميمة بينه وبين البيئة الطبيعية التي يعيش فيها وذلك باقامة نوع من المصالحة ، والمصادقة ، والمودة معها .. أو نوع من التقية، والمحاذرة ، والخشية منها ...... ومن ههنا نشأت العبادة ، ونشأ العلم ، ونشأ الفن .

    إن الوجود المادي ، المحسوس ، إنما هو لحن من الموسيقى العلوية .. هو لحن متسق ، منسجم ، مهذب ، لا نشوز فيه ، ولا شذوذ ...... ونحن الآن انما نتعلم العلم لكي نستطيع به أن نسير بحياتنا في مصاقبة ، وفي سلام مع هذا اللحن العلوي العظيم ..
    نحن انما نتعلم العلم الذي يعيننا على تنغيم حياتنا مع بيئتنا ...... ولقد علمنا أن هذا العلم لن يكون علم الظواهر الطبيعية ، فحسب ، وانما هو علم الظواهر والبواطن – علم آيات الآفاق ، وآيات النفوس – وبواطن الظواهر تقول : أن الكون المادي ، المحسوس ، إنما هو الإرادة الإلهية جمدت ، وتجسدت .. ان الكون هو مظهر قدرة الله ، تبارك ، وتعالى ، فانه ، تبارك وتعالى ، عندما أراد إظهار المخلوقات أحاط بها علماً ، باسمه العالم .. ثم خصص الصورة البدائية لظهورها ، وذلك باسمه المريد ، ثم أبرز هذه الصورة ، إلى حيز المحسوس ، وذلك باسمه القادر .. وباسم القادر تم تجسيد العلم الإلهي .. والعلم الإلهي صفة قديمة ، قائمة بذات الله القديمة .. فما هو غيرها ، وانما هو هى ، في مرتبة التنزل ، لتظهر ، لتُعرف .
    إن البيئة التي يعيش فيها انما هي بيئة روحية تجسدت ، وكان من تجسيدها السموات ، والأرض ، وما فيهما ، وما بينهما ، وأصبح علينا ، كي نعيش في وئام مع بيئتنا ، أن نعلم ظاهرها – آيات الآفاق ، ونعلم باطنها – آيات النفوس .. قال تعالى ، في ذلك :
    ( سنريهم آياتنا ، في الآفاق ، وفي ، أنفسهم ، حتى يتبين لهم أنه الحق .. أولم يكف بربك أنه على كل شىء شهيد ؟؟ ) ونحن ، من أجل هذا العلم ، نحتاج العلم التجريبي ، وهذا أكثر تركيزاً على الظواهر ، منه على البواطن .. بل هو يكاد يقتصر على الظواهر وحدها .. ونحن، من أجل هذا العلم ، نحتاج الفنون ، بكل صورها ، وضروبها ، وهذه موزعة مابين الظواهر والبواطن ، وتركيزها على الظواهر أعظم ، ودخولها في البواطن غير موجه بالنهج الذي يضمن لها التغلغل في هذه البواطن ، مما يزود الفنان بالقدر الكافي من علم أسرارها ، وانما هى تقتصر على إلهامات نفس الفنان ، وموهبته .
    ونحن نحتاج إلى الدين من أجل هذا العلم .. والدين يبدأ بالظواهر ، ويتخذها معبراً إلى البواطن .. وهو انما يزيد تركيزه على البواطن كلما تمرس المتدين بمنهاج العبادة ، وكلما روض عقله ، وقلبه ، على أدب الشريعة ، وأدب الحقيقة .. ( أولم يكف بربك أنه على كل شىء شهيد ؟؟) إشارة إلى الإستغناء بالبواطن عن الظواهر ... إشارة إلى الإستغناء بالله عن جميع الخلق .. وذلك إنما يكون عند الإستواء ، حيث لا يبقى ، في الوجود ، غير العبد ، والرب – العبيد الآخرون موجودون ، ولكن وجودهم لا يتخذ وسيلة إلى معرفة الله ، وإنما معرفة الله وسيلتها ذاتها – هذه تبدأ عند نهاية البدايات ، ويطالع بها المصطفون ، الأخيار ، في هذه الدار ، ثم لا تكون لنهايتها نهايات ، وإنما هو الترقي السرمدي ..

    الموسيقى :

    الموسيقى أسمى الفنون ، وأعلاها ، وأقدمها ... وهي ، في حقيقتها القديمة ، هذا اللحن العلوي ، الذي تحرك في سلمه السباعي ، يحكي منازل الإنسان وهو يسير في طريق الإغتراب ، ثم يحكيها وهو يسير في طريق الرجعى إلى الوطن القديم .. هذه الحركة هي المحكية في قوله تبارك ، وتعالى : ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم * ثم رددناه أسفل سافلين * إلا الذين آمنوا، وعملوا الصالحات ، فلهم أجر غير ممنون ) .. في هذه الثلاث آيات جاءت صورة الإغتراب ، وصورة العودة من الإغتراب .. هذه الحركة في الهبوط ، وفي الرجعى ، هي حقيقة الموسيقى .. وهي ، في جميع مراحلها في البعد والقرب ، ذات سلم سباعي ...... مرحلتها الأولى ، في طريق البعد ، الصفات السبع : الحي ، العالم ، المريد ، القادر ، السميع ، البصير ، المتكلم ... ومرحلتها الثانية ، الحواس السبع : القلب ، والعقل ، والسمع ، والبصر ، والشم ، والذوق ، واللمس ... ومرحلتها الثالثة ، النفوس السبع : الكاملة ، والمرضية ، والراضية ، والمطمئنة ، والملهمة ، واللوامة ، والأمارة ... ومرحلتها
    الرابعة ، الأيام السبعة : الأحد ، والإثنين ، والثلاثاء ، والأربعاء ، والخميس ، والجمعة ، والسبت ... ومرحلتها الخامسة ، السموات السبع : السماء السابعة ، والسادسة ، والخامسة ، والرابعة ، والثالثة ، والثانية ، والأولى ... ومرحلتها السادسة ، الأرضين السبع : الأرض الأولى ، والثانية ، والثالثة ، والرابعة ، والخامسة ، والسادسة ، والسابعة ... ومركز هذه هو أسفل سافلين ، المشار إليها في الآية الكريمة ، حيث قال ، جل من قائل : (( ثم رددناه أسفل سافلين )) ... وقد نزل الإنسان هذه المنزلة في مرحلة التنزل السابعة .. ثم انه استأنف سيره، في طريق الرجعى ، من هذا البعد السحيق ... ولقد جاءه الإذن بأن يأخذ في طريق الرجعى ، وذلك حيث حكى الله تبارك وتعالى عنه : (( فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه ، إنه هو التواب الرحيم .. )) وانما تاب عليه ليتوب – يعني ليرجع ..
    وفي أسفل سافلين ، وهو مركز الأرض السابعة ، كان آدم في أدنى درجات التجسيد – ذرة غاز الهيدروجين .. ثم انه استأنف سيره في طريق الرجعى فنزل المنازل المختلفة .. وحين دخل مرتبة المادة العضوية ، وظهر في حيوان الخلية الواحدة ، بدأت الحواس بحاسة اللمس ( الحس ) .. واطرد ترقية حتى دخل مرتبة الحيوان السوي ، المكتمل .. وهذا معنى قوله تبارك وتعالى : (( فإذا سويته )) .. ثم اطرد ترقية ، ودخل مرتبة البشرية ، وصار له عقل .. فذلك معنى قوله تعالى : (( ونفخت فيه من روحي )) ... ثم أنه نزل منزلة التكليف ، حين صار له عقل ، وحين أصبح له في ملكوت الله ذكر ، بعد إن لم يك .. فذلك معنى قوله تعالى : (( هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً ؟؟ ))
    هذه هي الموسيقى في حقيقتها العليا .. هذا اللحن المنسجم ، المتسق ، المهذب الحواشي ، المنطلق في طريقي الصدور والورود – الصدور من موطنه الأول إلى موطن البعد والإغتراب، والورود من هذا البعد آيباً إلى موطنه الأول من جديد بعد طول هذا الإغتراب ، وطول هذا البعد – هذا اللحن – هذه الحركة المحتشدة – هو الموسيقى في حقيقتها العلية .. وطريق الأوبة ، من أسفل سافلين ، إلى الموطن الأول ، في أحسن تقويم ، طريق مرسوم عبر الأرضين السبع ، والسموات السبع ، في تعاقب الأيام السبعة ، في مراقي النفوس السبع ، والحواس السبع ، والصفات السبع ، إلى مرتبة الإنسان الكامل ذات المقامات السبعة ..

    وفي أثناء طريق العودة ، ومن خلال تعاقب الأيام السبعة ، نشات العناصر المختلفة ، ثم نشأت الحياة ، ونشأت الأديان ، ونشأت العلوم ، ونشأت الفنون ، وذلك في الآماد السحيقة ، من الأزمنة السحيقة .. ونحن ، في هذا المجال الضيق ، لا يسعنا إلا أن نقفز قفزة كبيرة ، نصل بها إلى نهايات البدايات ، حيث الأديان والعلوم التي نألفها اليوم ، وحيث الفنون في المستوى الذي نعرفه عن الكلمة المنظومة ، والكلمة المنثورة ، وحيث النحت ، والرسم ، والتصوير ، والغناء ، والرقص ، والموسيقى ، والتمثيل ، وبقية ضروب الفنون ..
    وأعرق الفنون ، وأعظمها ، وأشرفها ، على إطلاقها الموسيقى .. وانما يجىء شرفها من أمرين : احدهما إرتباطها بالأصوات ، والصوت لازمة لا تنفك عن الحركة ، والحركة أصل الوجود الحادث ، على إطلاقه ... وثانيهما أنها تُدرك بحاسة السمع .. وحاسة السمع أشرف الحواس السبع ( ما عدا القلب والعقل ) فهي تلي القلب ، والعقل ، وتجىء بعدها حاسة البصر، ثم حاسة الشم ، ثم حاسة الذوق ، ثم حاسة اللمس ( الحس ) ..
    ويجىء شرف حاسة السمع عل حاسة البصر ، وبقية الحواس الأخرى ، من سعة ما تؤدي إلى العقل من معلومات ، وإلى القلب من أحاسيس ... هذا من أجله قدم السمع على البصر في سائر آيات القرآن ، وأعطي منزلة الشرف فيها ..
    السمع يتأثر بالأصوات ويؤديها إلى العقل ، والقلب ... والأصوات هي الأكوان جميعها ، المرئي منها ، وغير المرئي .. والمسموع منها ، وغير المسموع ... فانه ما من شىء في الكون الحادث إلا وهو في حركة لا تنقطع ، حتى أكثف المواد التي نراها ، ونعرفها ، فانها في الحقيقة ، مهلهلة ، مخللة بفجوات تتحرك فيها ذرات تكوينها حركة متصلة كما تتحرك ذرات البخار في السحابة (( وترى الجبال تحسبها جامدة ، وهي تمر مر السحاب .. صنع الله الذي اتقن كل شىء .. إنه خبير بما تفعلون .. )) ..... وكل متحرك لابد مصوِّت ، ولكننا نحن لا نسمع إلا قطاعاً خاصاً ، وصغيراً جداً ، من أصوات هذه العناصر المتحركة ... إن ما نسمعه منها بالنسبة إلى ما لا نسمعه ، كالنقطة من المحيط بل هي أصغر .. ولقد قيدنا بعض الأصوات التي نسمعها فيما سمي بالحروف الرقمية وهي ، عندنا في اللغة العربية ، ثمانية وعشرون حرفاً ، هي الحروف الأبجدية المعروفة ، هذا إذا لم نعد لام الألف والهمزة المقطوعة .. وهناك كثير من الأصوات التي نسمعها لا تخضع في ضبطها للحروف الرقمية .. وجاء تسجيل الموسيقى للأصوات بصورة أوفى من تسجيل الحروف الرقمية .. وهو ذو سلم سباعي هدفه دقة التنغيم في الإنتقال بين مستويين من مستويات الصوت ، وكأنه ، في ذلك ، حكاية لأطوار الخلق السبعة التي سبقت الإشارة إليها ، في أمرالصفات ، والحواس ، والنفوس ، والسموات ، والأرضين ، والأيام ...... وغرض الموسيقى من اللحن المنغم ، المتسق ، المهذب الحواشي ، أن توجد في داخل النفس البشرية نوعاً من التنغيم ، والإتساق ، والتهذيب ، يحل محل التشويش ، والنشاز ، الذي يعتمل فيها ...... هذا هو السر في الراحة التي تجدها النفس عند الإستماع إلى قطعة من الموسيقى الراقية ، ومع ذلك فإن الموسيقى في جميع مستوياتها ، قاصرة عن تأدية هذا الغرض ، إلا لفئة قليلة جداً من الناس ... وهي حين تؤديه إنما تؤديه في حد ضيق جداً ، وذلك يرجع لسببين رئيسيين ، أولهما : ضيق نطاق الأصوات الذي تعمل فيه الموسيقى ، إذا ما قورن بالأصوات من الحركات التي هي موروث النفس البشرية في منازلها المختلفة التي أوردنا إليها الإشارة آنفاً .. وثانيهما : هو أن الموسيقى لا تملك منهاجاً يقوم بترويض النفس البشرية ، وتدريجها ، حتى تستطيع أن ترتفق بالموسيقى الراقية فتحقق بسماعها قدراً من التنغيم الداخلي والمواءمة .


    يتبع
                  

02-23-2012, 01:47 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أعظم وأرقى وأصدق ما كُتب عن الموسيقى والفنون في التاريخ ! (Re: مامون أحمد إبراهيم)

    واللحن في الحقيقة تتأثر به الحيوانات والنباتات

    (والألحان على التحقيق، لأول مرة تعرض في معارضنا، واللحن أقدم من كل لغة، وأقدم من كل مخاطبة تتوجه إلى العقل.. واللحن في الحقيقة تتأثر به الحيوانات والنباتات، ومن المحقق أن هزاته تؤثر في الكون كله، حيث إن الكون كله لحن متحرك.. الصورة لحن مجسد ويمكن أن يقال أن اللحن صورة غير مرئية، والصورة لحن مرئي.. ولذلك فإن الصورة واللحن سيكسبان هذه الحركة الميمونة لونا جديدا من الحيوية، ولونا جديدا في الاتجاه إلى مخاطبة شعور الناس.. والشعور بطبيعة الحال سابق على الفكر، وأقرب طريق لإفهام الناس، هو مخاطبة شعورهم أولا، فإذا كانت المخاطبة من النوع المتسامي بالعاطفة، يستعد العقل لتقبل المعاني التي تطرح)..
    مقتطفات من كلمة، تناولت علاقة الأديان بالفنون، افتتح بها الأستاذ محمود معرضا للفكر الجمهوري عام 1975م بمنزل الأستاذ محمد فضل الصديق بالموردة،
                  

02-23-2012, 01:52 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أعظم وأرقى وأصدق ما كُتب عن الموسيقى والفنون في التاريخ ! (Re: عبدالله عثمان)

    فإذا فهمنا، فإن كل الأشياء مطايانا إلى الله، وبصورة مؤكدة الفنون

    ومن غير شك، فإن الزواج بين الدين والفن زواج قديم، زواج أزلي، ولكنه لم يكن زواجا موفقا، كانت المناكفات فيه كثيرة، زيجة فاشلة كانت.. المناكفات ذهبت إلى أن تكون الأديان محرمة لألوان من الفنون، وحٌقّ لها أن تحرمها لأن الفنون انصبغت بمصاحبة اللهو، والديانات في عباداتها انصبغت، واتجهت لتصر دائما على نوع من الجدية ونوع من الانضباط.. ولكننا نحن في الدعوة الإسلامية الجديدة التي تقوم على بعث أصول الدين، نرى أن المسيرة ستتجه إلى رفع الحواجز جميعها، حيث يفضي الأمر في نهاية المطاف، إلى إعادة الأشياء كلها إلى الحل، إذ أن الحرمة، خاصة فيما يتعلق بالفنون، حكم عقلي.. الحكمة وراءه سوق الناس إلى الجد والانضباط بدل أن يتوزعوا، ويشتتوا خواطرهم باللهو، أو ما يدعو إلى اللهو.. وبطبيعة الحال، كل الحرمة من حيث هي، إنما هي حكم عقلي، وإذا استغنت العقول عن الحرمة، ترجع الأمور إلى الحل في نهاية الأمر "ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما ".. الفكر الإسلامي في تساميه يسير إلى أن يرتفق بكل ما في الوجود، ليصل إلى الله، لأنه ليس لله عدو، وليس لله ضد، وإنما كل الأشياء تسبح بحمده، وتسجد له، وتقدسه، وتكبره وتعبده، ولكننا نحن لا نفهم هذا التقديس وهذا التسبيح.. فإذا فهمنا، فإن كل الأشياء مطايانا إلى الله، وبصورة مؤكدة الفنون)..انتهى..

    مقتطفات من كلمة، تناولت علاقة الأديان بالفنون، افتتح بها الأستاذ محمود معرضا للفكر الجمهوري عام 1975م بمنزل الأستاذ محمد فضل الصديق بالموردة،
                  

02-23-2012, 04:33 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أعظم وأرقى وأصدق ما كُتب عن الموسيقى والفنون في التاريخ ! (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: وبطبيعة الحال، كل الحرمة من حيث هي، إنما هي حكم عقلي، وإذا استغنت العقول عن الحرمة، ترجع الأمور إلى الحل في نهاية الأمر "ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما ".. الفكر الإسلامي في تساميه يسير إلى أن يرتفق بكل ما في الوجود، ليصل إلى الله، لأنه ليس لله عدو، وليس لله ضد، وإنما كل الأشياء تسبح بحمده، وتسجد له، وتقدسه، وتكبره وتعبده، ولكننا نحن لا نفهم هذا التقديس وهذا التسبيح.. فإذا فهمنا، فإن كل الأشياء مطايانا إلى الله، وبصورة مؤكدة الفنون)..انتهى..

    الله الله الله يا عبد الله !


    خالص الشكر والتحيات


    ونرجوك أن تواصل لرفد هذا الخيط بالتحف والنفائس !
                  

02-23-2012, 04:17 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أعظم وأرقى وأصدق ما كُتب عن الموسيقى والفنون في التاريخ ! (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: (والألحان على التحقيق، لأول مرة تعرض في معارضنا، واللحن أقدم من كل لغة، وأقدم من كل مخاطبة تتوجه إلى العقل.. واللحن في الحقيقة تتأثر به الحيوانات والنباتات، ومن المحقق أن هزاته تؤثر في الكون كله، حيث إن الكون كله لحن متحرك.. الصورة لحن مجسد ويمكن أن يقال أن اللحن صورة غير مرئية، والصورة لحن مرئي.. ولذلك فإن الصورة واللحن سيكسبان هذه الحركة الميمونة لونا جديدا من الحيوية، ولونا جديدا في الاتجاه إلى مخاطبة شعور الناس.. والشعور بطبيعة الحال سابق على الفكر، وأقرب طريق لإفهام الناس، هو مخاطبة شعورهم أولا، فإذا كانت المخاطبة من النوع المتسامي بالعاطفة، يستعد العقل لتقبل المعاني التي تطرح).

    أستاذي عبدالله ، شكراً جزيلاً ..

    ويا لها من مقتطفات ! يا لها من كلمات تثلج الروح !


    ويا له من فكر يأخذ الفؤاد أخذاً !
                  

02-23-2012, 04:29 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أعظم وأرقى وأصدق ما كُتب عن الموسيقى والفنون في التاريخ ! (Re: مامون أحمد إبراهيم)

    ســقانى مـحبوبى بــكأس المـحبة
    فتهت على العشاق سكرا بخلوتي
    ولاح لنا نـــــور الجلالة لو أضـا
    لـصم الجبــال الـراســـيات لدُكت
    تجلى لي المحبـوب فى كل وجهة
    فشـاهدته فى كل معنى وصــورة
    الشيخ ابراهيم الدسوقي
                  

02-24-2012, 06:05 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أعظم وأرقى وأصدق ما كُتب عن الموسيقى والفنون في التاريخ ! (Re: عبدالله عثمان)

    ســقانى مـحبوبى بــكأس المـحبة
    فتهت على العشاق سكرا بخلوتي
    ولاح لنا نـــــور الجلالة لو أضـا
    لـصم الجبــال الـراســـيات لدُكت
    تجلى لي المحبـوب فى كل وجهة
    فشـاهدته فى كل معنى وصــورة
    الشيخ ابراهيم الدسوقي



    الله عليك يا عبد الله !
                  

02-23-2012, 12:59 PM

Elmosley
<aElmosley
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 34683

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أعظم وأرقى وأصدق ما كُتب عن الموسيقى والفنون في التاريخ ! (Re: مامون أحمد إبراهيم)

    الاستاذ مامون قراته منذ فترة طويله وادهشني

    وساقرآ الان واكتب ايضا

    كل الود
                  

02-23-2012, 04:52 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أعظم وأرقى وأصدق ما كُتب عن الموسيقى والفنون في التاريخ ! (Re: Elmosley)

    Quote: الاستاذ مامون قراته منذ فترة طويله وادهشني

    وساقرآ الان واكتب ايضا

    عزيزي الفنان القدير المبدع الموصلي ،


    أرجوك أن تكتب فأنتم أهل مكة وشعابها !


    الأستاذ فتح الطريق وفجر الطاقات ، فأخرج لنا ماعندك ياموصلي


    ( موصلي يارفيق الدرب ، لن أنسى أبداً .. فلقد كنت رفيقي الكتف بالكتف في ركن العرديبة 1980م .. كنا ندفع عن الدالي الأذى ونناصره سوياً وندعم حججه ! )


    أنسيت يا رفيق ؟!! ... أنا لم أنس لأنك كنت فناني المفضل ، من المحدثين !


    تحياتي مطر .
                  

02-23-2012, 05:22 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أعظم وأرقى وأصدق ما كُتب عن الموسيقى والفنون في التاريخ ! (Re: مامون أحمد إبراهيم)

    القرآن وحقيقة الموسيقى :

    القرآن المقروء ، والمحفوظ بين دفتي المصحف الشريف ، قد حوى جميع الأكوان القديمة ، والحديثة .. وهو اللحن العلوي الكبير ، المنطلق يرسم طريق صدور الإنسان ، من منبعه ، وطريق رجوعه ، إلى مصبه الذات الآلهية – حواها ، وحوى حركاتها ، فلم يغادر منها شيئاً .. قال تعالى ، في الإشارة إلى ذلك: (ووضع الكتاب ، فترى المجرمين مشفقين مما فيه ، ويقولون: ياويلتنا!! مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا احصاها .. ووجدوا ما عملوا حاضراً ، ولا يظلم ربك أحداً ..) معلوم ، لدى المعنى القريب ، أن الكتاب المقصود هنا هو كتاب أعمال الأفراد ... ولكن ، لدى المعنى البعيد ، فإن الكتاب هو القرآن ... وهو لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ، في ذرات ، واجرام ، الأكوان إلا احصاها ، قيداً وشمولاً .. وفي نفس هذا المعنى يرد الحوار الذي جرى بين فرعون وموسى (قال فمن ربكما يا موسى * قال ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى * قال فما بال القرون الأولى * قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ..) فإن هذا الكتاب إنما هو القرآن .. والقرآن إنما رصد سير موجة الأكوان ، العلوية والسفلية ، وفي مقدمتها الإنسان – رصدها بين الصدور والورود إلى المنبع الذي منه صدرت – لأنه إنما هو كتاب تسليك وهداية .. وفيه يقول تعالى: (وقلنا يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة .. وكلا منها رغداً حيث شئتما ، ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين * فازلهما الشيطان عنها ، فأخرجهما مما كانا فيه ، وقلنا أهبطوا!! بعضكم لبعض عدو ، ولكم في الأرض مستقر ، ومتاع إلى حين * فتلقى آدم من ربه كلمات ، فتاب عليه .. انه هو التواب الرحيم * قلنا أهبطوا منها جميعاً!! فأما يأتينكم منى هدى ، فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ، ولا هم يحزنون ..) هذه هي لمحة من قصة اكتمال الخلقة ، واكتمال التقويم ، (يا أدم أسكن أنت وزوجك الجنة ، وكلا منها رغداً حيث شئتما) وهي قصة الخروج في طريق البعد (قلنا اهبطوا!!) وهي قصة الصراع في موطن البعد ، والاغتراب ، (بعضكم لبعض عدو) وهي قصة أجل الاغتراب ، في موطن الاغتراب ، (ولكم في الأرض مستقر ، ومتاع إلى حين) .. ثم هي قصة الاذن بالعودة إلى الوطن القديم (فتلقى آدم من ربه كلمات ، فتاب عليه) ومن باب التوبة إهداء طريق العودة إلى الوطن القديم (فاما يأتينكم مني هدى ، فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ، ولا هم يحزنون) وهذا الهدى إنما هو القرآن (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) .. ومعنى ما في هذه الآيات الكريمات هو ما ورد في قوله تعالى في سورة التين (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم * ثم رددناه أسفل سافلين * إلا الذين آمنوا ، وعملوا الصالحات ، فلهم أجر غير ممنون ..) ولا تتم الهداية ، في طريق العودة بالقرآن ، لجميع الخلائق ، في دار واحدة ، فإن منهم من تبدأ هدايته في الدار الدنيا ، ومنهم من تبدأ هدايته في الدار الأخرى ، وكلهم مصيره إلى السير السرمدي على طريق الرجعى إلى الله ، فإنه ما من الله بد .. (يا أيها الإنسان انك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه).

    لقد تحدثنا في متن المحاضرة ، عن أن الأصل في صناعة الأوتار التي تنقل الألحان ، إنما هي تجربة بخيط ، يثبت في طرفيه ، ثم ينقر ليتذبذب بكليته ، ترصد ذبذبته ، ثم يقسم إلى نصفين ، وينقر كل نصف ، ثم يقسم إلى أثلاث ، وإلى أرباع ، وهكذا .. وترصد ذبذبة كل جزء .. هكذا الشأن في القرآن ، فإن الوتر الذي يعزف فيه لحن مشدود بين طرفي الصدور والورود ، وتتحرك فيه نقطة ، تمثلها ، في الوتر الموسيقى ، النقطة التي تقسم الخيط إلى أثلاث ، وارباع واثمان .. الخ ألخ ، فالطرفان المشدود بينهما وتر القرآن هما الذات لدى الصدور "الحقيقة العبدية" والذات لدى الورود "الحقيقة الإلهية" (أن مثل عيسى ، عند الله كمثل آدم ، خلقه من تراب ، ثم قال له كن فيكون * الحق من ربك ، فلا تكن من الممترين ..) ثم بدأ تحرك الحق ، تنزلاً من الحقيقة ، في منازل البعد ، منزلة ، منزلة ، في سلم سباعي ، حتى نزل الحق منزلة أسفل سافلين .. وهذا التنزل ، في طريق البعد ، هو ما وردت إليه الإشارة بقوله تعالى (ثم رددناه أسفل سافلين) ومنزلة أسفل سافلين منزلة حق .. فما هي بمنزلة باطل ، إلا في حكم الشريعة .. والحق دائماً نسبي ، والحقيقة مطلقة ... والحق يتحرك يطلب الحقيقة ، وهو يدخل مداخلها كلما تخلص من طرف الباطل الذي اقام عليه حكم الشرع ... ونحن لطرف التنزل من المصدر إلى منزلة أسفل سافلين ، لا نعطي مجالاً في مقدمتنا هذه ، وإنما نعطي كل اعتبارنا لطرف العودة إلى المصدر من منزلة أسفل سافلين ... وإنما ذلك لمكان الإرادة البشرية في هذا الطرف وانعدامها في ذلك ولم تجيء الإرادة البشرية في طرف الورود – السير في مراقي القرب – إلا في وقت متأخر ، ولكنها مع ذلك ، قد أعطت هذا الطرف منزلة الشرف على طرف التنزل ... والموسيقى القرآنية التي تهمنا الآن ، إنما هي معزوفة على الوتر المشدود بين أسفل سافلين ، وبين الحقيقة الآلهية ، في أول نقطة الورود .. في هذا المضمار يرد الترقي بوسائل الشريعة .. ووسائل الطريقة ، ووسائل الحقيقة .. وهذان الطرفان (الحقيقة الآلهية ، وأسفل سافلين) نقيضان ، أو قل ضدان ، أو قل زوجان ، وكما أن الموسيقى حركة بين طرفين تريد أن تملأ الفراغ بالنغم المنسجم ، المتسق ، فكذلك العبادة ، هي محاولة لملء الفراغ بين طرفين بتحرك منسق ، ومهذب ، من الطرف الأدنى إلى الطرف الأعلى ، من غير قفزات ، ولا نشوز ، ولا اضطراب ، وهذا وجه من الشبه كبير بين اللحن الموسيقي ، في الموسيقى ، واللحن الموسيقي ، في حياة الحي ، العاقل ، السالك .. وإنما جاء القرآن بموسيقاه التي ذكرناها ليرشد السالكين في طريق عودتهم ، من الاغتراب إلى الوطن – من البعد إلى القرب – أو قل: من الأدنى إلى الأعلى ، أو قل: من الحيوانية إلى الإنسانية .. (الم * ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين ..) والضدان ، أو قل الزوجان هما أصل الوجود الحادث (ومن كل شئ خلقنا زوجين ، لعلكم تذكرون * ففروا إلى الله ، أني لكم منه نذير مبين) .. وإنما خلق الله ، في الوجود ، الزوجين .. لنفهم عنه نحن لأن عقولنا لا تميز الأشياء إلا باضدادها .. فنحن لا نعرف الحلو إلا بوجود المر ، ولا نعرف الخير إلا بوجود الشر ، ولا نعرف الحياة إلا بوجود الموت ، ولا نعرف النور إلا بوجود الظلام .. فكل شئ قد خلق زوجين اثنين (سبحان الذي خلق الأزواج كلها: مما تنبت الأرض ، ومن أنفسهم ، ومما لا يعلمون ..) وفي قمة الأزواج الله والإنسان الكامل .. وإلى هذا الإشارة بقوله تعالى (ومما لا يعلمون ..) .. وفي سيرنا في العوالم إنما نحن سائرون إلى الله – انما نحن مرتفعون من الأدنى إلى الأعلى – نستعين ، في سيرنا ، بالتمييز المستمر الذي تروض عقولنا عليه الأزواج المختلفة ، في الموجودات المختلفة ، إذ نحن مأمورون بالسير من الموجودات إلى الموجد ، ومن الأكوان إلى المكون (ففروا إلى الله ، أني لكم منه نذير مبين) وإنما انزل الله القرآن ليعيننا على تسديد وترشيد ، فرارنا هذا ، من كل ما سوى الله ، إلى الله ، .. ولقد استعمل القرآن في موسيقاه الحرف ، واستعمل الكلمة ، استعمل الكلمة في دقة من المعاني معجز ، وفي جمال من التركيب معجز ، وفي لحن من النظم الفني يبعث في النفس الطرب ، والنشاط ، والرغبة في التكرار الذي لا يمل ، ولم يستعمل القرآن الحروف إلا بعد ان استنفد وسع الكلمات ، وهو إنما استعمل الحروف ليخبرنا أن معانيه أكبر من أن تؤديها الكلمات ، مهما طوعت .. وتبدأ الحروف ، على ذلك ، بعد أن تعجز الكلمات .. ولقد استعمل القرآن أربعة عشر حرفاً ، من الحروف الأبجدية الثمانية والعشرين ، في افتتاح تسع وعشرين سورة ، على أربع عشرة تشكيلة .. ومعاني الحروف عنده تنزل في ثلاث مراتب: مرتبة الحروف الرقمية ، وهذه هي الثمانية والعشرون حرفاً المعروفة في أبجدية اللغة العربية .. وأعلى منها مرتبة الحروف الصوتية ، وهذه تتعلق بالأصوات .. والأصوات بدورها تتعلق بالحركات .. ولقد قررنا أن جميع ذرات الوجود في حركة لا تنقطع .. فهي أذن مصوتة ، وأصواتها لا تنقطع .. فنسبة الحروف الرقمية إلى الحروف الصوتية كالقطرة من المحيط ، ثم أوسع من هذه ، وتليها في الرفاعة ، مرتبة الحروف الفكرية .. وحركة الفكر أسرع من حركة المادة ، في ألطف صورها – الضوء .. حركة الفكر أسرع من سرعة الضوء .. فالحروف الفكرية تكاد في سعتها تلحق بالإطلاق .. وهي في الحقيقة ، تقف على عتبة الإطلاق .. فعندما يتناهى الفكر في الحركة يعجز عن الحركة ، ويتوقف .. وفي نقطة توقفه يبدأ الإطلاق .. وهذه النقطة هي قمة ما توصل إليه إشارة القرآن .. فالقرآن ، في جملة ما تؤدي كلماته ، وحروفه ، ليس هو عبارة عن الذات ، وإنما هو مجرد إشارة إلى الذات .. فالذات فوق العبارة ، وهي ، في الحقيقة ، فوق الإشارة .. فغاية ما تؤدي إليه موسيقى القرآن هي توصيلنا إلى عتبة الذات ، ثم تخلي بين حياتنا ، وبين الحياة السرمدية ، الخالدة ، التي لا تحيط بها العبارة ، وتقصر عنها حتى الإشارة .. (راجع الرسالة الثانية من الإسلام).

    فقمة ما تؤدي إليه موسيقى القرآن إذن هو قمة ما تنتهي إليه الحروف الفكرية .. وإنما تنتهي الحروف الفكرية إلى حالة التوقف – إلى حالة عجز الفكر عن التفكير – وذلك ما سمى ، عند الصوفية ، بحالة العجز عن الإدراك ، وقد قالوا فيه: العجز عن الإدراك ، إدراك .. وهو بعينه ما يعرف عندهم بحالة الحيرة .. وعن هذه الحالة يقول سلطان العاشقين ابن الفارض :

    ( زدني بفرض الحسن فيك تحيرا * وأرحم حشى بلظى هواك تسعرا )

    وهذه الحالة هي حالة الوقوف على عتبة الذات .. وإنما يحار الفكر فيها لانقطاع الضدية عنها .. فهي أحدية الصفة ، وترية الوجود .. وفي هذا المستوى يبلغ الفكر ذروة قوته ، واستحصاده .. ويبلغ القلب ، تبعاً لذلك ، قمة رحابته ، وسلامته .. ويبلغ الحي بهذين قمة حياة الفكر وحياة الشعور .. وهذه هي الحياة التي ينتهي إليها الترقي في الصفات السبع ، التي هي صفات إلهية ، وقد وردت الإشارة إليها في أول المقدمة ، وهي الحياة ، والعلم ، والإرادة ، والقدرة ، والسمع ، والبصر والكلام .. هذا باعتبار التنزل – باعتبار السير في طريق البعد – أما باعتبار المعراج – باعتبار السير في طريق الرجعى من البعد إلى القرب ، ومن الاغتراب إلى الوطن ، فهي تتصعد هكذا:- الكلام ، فالبصر ، فالسمع ، فالقدرة ، فالإرادة ، فالعلم ، فالحياة .. وهذا هو اتجاه موسيقى القرآن الذي سقناه إلى عتبة حيرة الفكر.

    ان الفكر لهو الأكسير الذي به تتسع الحياة ، وتتعمق ... وهو من أجل ذلك ، وظيفة القرآن الأولى .. ولقد قال تبارك وتعالى في ذلك (وما أرسلنا ، من قبلك ، إلا رجالاً ، نوحي إليهم ، فأسالوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون * بالبينات ، والزبر .. وأنزلنا إليك الذكر ، لتبين للناس ما نزل إليهم .. ولعلهم يتفكرون) .. (وأنزلنا إليك الذكر) يعني القرآن كله (لتبين للناس ما نزل إليهم) وهو القدر من القرآن الذي يطيقونه ، ويحتاجونه ، تبينه بالتشريع ، وبالتفسير .. (ولعلهم يتفكرون) يعني ان الغرض من إرسال الرسول ، ومن انزال القرآن ، ومن تبيينه بالتشريع وبالتفسير ، هو أن يتفكر الناس ، وأن يقوى تفكيرهم بالرياضة ، وبالمرانة في العبادات .. ولقد أفادت الآية السابقة لهذه نفس المعنى .. فكأنما جميع رسالات السماء ، وجميع كتب السماء ، مطوعة لترويض الفكر .. فالفكر هو خادم الحياة القوي ، الأمين ... ولقد سايرت موسيقى القرآن الفكر ، من لدن أسفل سافلين – من لدن بروز الإنسان في المادة غير العضوية "ذرة غاز الهيدروجين" ، حتى بلغت هذه المادة غير العضوية مرتبة المادة العضوية ، ببروز حيوان الخلية الواحدة ، وما أنفكت تسايره ، وتتعهده ، وتمخضه ، من حياة الحي ، كما تمخض الزبدة من اللبن ، حتى بلغت به طور البشرية الحاضرة ، وهي لن تنفك تسايره ، وتتعهده ، وتروضه ، وتهذبه ، حتى تبلغ به مرتبة الإنسان الكامل .. وهيهات!!.

    لقد قررنا أن موسيقى القرآن معزوفة على وتر مشدود بين طرفين ، وتتحرك فيه نقطة .. وقررنا أن هذين الطرفين هما "الباطل والحقيقة" .. وقررنا أن الباطل ليس باطلاً مطلقاً ، وإنما هو أدنى منازل الحق .. وقررنا أيضاً أن النقطة التي تتحرك إنما هي الحق ، متطوراً نحو الحقيقة ، منطلقاً من أدنى منازله .. ونقرر هنا أن هذه الهيئة إنما هي هيئة الفكر .. فالفكر حركة بين طرفين ، هما: الذاكرة ، والخيال .. فكأنما الهيئة هيئة ثالوث ، على الطرفين النقيضان ، ويتحرك بينهما متحرك هدفه التوحيد بين النقيضين ففي ذلك اكتماله ، واستواؤه .. فالفكر يبلغ أقوى ما يكون حين يستوي على خط الاستواء بين هذين النقيضين – الذاكرة والخيال .. وعندما جعلت وظيفة القرآن ترويض هذا الفكر ، وتهذيبه ، جعل خير ما فيه الكلمة "لا إله إلا الله" .. ولقد جاءت لا إله إلا الله ، بين النفي "لا" والإثبات "إلا" فلكأنها تقرر أن الحق ، أقوى ما يكون الحق ، لا هو إلى طرف النفى ، ولا هو إلى طرف الإثبات ، وإنما هو "بين بين" ونقطة البين بين هي نقطة الاستقامة التي قال عنها المعصوم (شيبتني هود وأخواتها) ، وذلك في قوله تبارك وتعالى من سورة هود (فاستقم كما أمرت ، ومن تاب معك ، ولا تطغوا .. انه بما تعملون بصير) ... ففي تحقيق الاستقامة تدريج الفكر ، وتهذيبه ، وتقويته ، وتحييده عن الميل لأي من الطرفين اللذين يتجاذبانه ... وهذه هي وظيفة تحقيق التوحيد ، بكلمة التوحيد "لا إله إلا الله" وإنما من أجل تحقيقها جاءت عبادات الإسلام ، وعاداته ، جاءت الصلاة بحضرتيها ، - حضرة الإحرام ، وحضرة السلام- ولقد فرضت الصلاة فوق السموات السبع ... وجعلت حركات الركعة سبع حركات .. وجعل السجود ، الذي هو قمة حركات الصلاة ، على سبعة عظام ، من عظام الجسد ... فهذه الحركات "السباعية" هي بسبيل من منازل الحركات السبع ، التي أكثرنا ذكرها في حديثنا في هذه المقدمة ، حتى لقد تحدثنا عن السلم السباعي في الموسيقى.
    وبمناسبة سلم الموسيقى السباعي ، فإن حركة الفكر أيضاً تسير في سلم سباعي ، لقد سبق أن قررنا أن الفكر يتحرك بين طرفين ، هما الذاكرة والخيال ، ونحن لا نخرج عن هذا المعنى إذا قررنا أن هذين الطرفين هما الماضي ، والمستقبل .. فجولان الفكر بين طرفي الذاكرة (الماضي) والخيال (المستقبل) ، يعزف على سلم سباعي ، هذا السلم السباعي يعرف عند السادة الصوفية بمراتب النفوس السبع ، وهي: النفس الإمارة ، والنفس اللوامة ، والنفس الملهمة ، والنفس المطمئنة ، والنفس الراضية ، والنفس المرضية ، والنفس الكاملة .. ومراتب النفوس هذه إنما هي طبقات العقل ، وهي هي طبقات النفس في عين الوقت ، فالأطراف اللطيفة من مراتب النفوس هي مراتب عقول ، إذ ما الفرق بين العقل والنفس إلا الفرق بين الإرادة والشهوة ، فللعقل الإرادة ، وهي مسيطرة ، وللنفس الشهوة ، وهي مقهورة ، ومروضة ، عند العقلاء العارفين ، فالعارف لا يتحرك عن شهوة ، وإنما يتحرك عن إرادة ... وجولان الفكر بين الماضي والمستقبل إنما يبتغي أن يعيش صاحبه في اللحظة الحاضرة ، لأن اللحظة الحاضرة هي وحدها الزمن الحقيقي ، والذي يعيش فيها وحده هو الذي يحيا الحياة الكاملة ، الخالدة .. هل تدرون لماذا نجد المتعة في الفنون؟ لأنها تريح فكرنا من الذبذبة بين الماضي والمستقبل ، وتتيح لنا فرصة العيش في اللحظة الحاضرة .. هذه خاصية في جميع الفنون .. تتفاوت فيها بضروبها المختلفة ، مع الأشخاص المختلفين ... فأنت إذا سمعت قطعة موسيقية راقية .. أو شهدت فليماً سينمائياً جيد الموضوع ، متقن الأداء ، فإنك تظل مشدوداً إلى الشاشة مثلاً ، منحصراً في تسلسل صور الممثلين ، ومنشغلاً بأدائهم ، بجمعية لا تبقي لك فرصة للتوزع بين الماضي والمستقبل ، حتى لكأن الزمن قد توقف ، في حقك ، في تلك اللحظة التي تعيشها ، وهي لحظة تكاد أن تكون خارج الزمان ... الانتصار على الزمن الذي تحققه لنا الفنون الجميلة هو أس سعادتنا بها ، ومن ثم هو أصل تعلقنا بها .. هذا الانتصار على الزمن هو الحكمة في مشروعية الصلاة ، التي هي أعلى العبادات .. ولقد قررنا أنها فرضت من فوق السموات السبع .. ونقرر هنا أيضاً أنها فرضت في موضعين ، على مستويين ، فأما الصلاة الفرعية ، وهي المعروفة بالصلاة الشرعية ، فقد فرضت في موضع مقام قاب فوسين أو أدنى (ثم دنا فتدلى ، فكان قاب قوسين أو أدنى) .. وهذا مقام شفعية – شفع جبريل فيه النبي – وهي ، لمكان الشفعية هذه ، قد جاءت مرهونة بمواقيت (ان الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) يعني "فرضاً" له أوقات يؤدى فيها .. وأما الصلاة الأصلية فقد فرضت في موضع مقام ما زاغ البصر وما طغى (إذ يغشى السدرة ما يغشى * ما زاغ البصر وما طغى) وهذا مقام وترية .. تمت الوترية فيه للنبي بتخلف واسطته عنه – جبريل – إذ ليس له ههنا مقام .. وإنما دل على وترية هذا المقام وصف الله حال النبي فيه بقوله تبارك من قائل (مازاغ البصر وما طغى) و"البصر" ههنا "الفكر" .. و"زاغ" يعني ما انشغل بالماضي .. "وما طغى" يعني ما انشغل بالمستقبل .. وإنما توقف في لحظته الحاضرة .. فكأن النبي قد توحد ههنا .. حتى لقد أصبح وحدة ذاتية ، في وحدة مكانية ، في وحدة زمانية .. وتدق هاتان الوحدتان حتى أنهما لتخرجان عن المكان والزمان .. ومن ههنا فقد تمت له رؤية من لا يحويه المكان ولا الزمان .. ولما كانت هذه الصلاة في مقام الوترية فإنها ليست مرهونة بميقات .. وإنما مواقيتها الأنفاس الصاعدة والهابطة .. ولقد قال النبي عن الصلاة الفرعية .. (الصلاة معراج العبد إلى ربه) .. وعن الصلاة الأصلية (الصلاة صلة بين العبد وربه) .. فجعلت الصلاة الشرعية سلماً يرقى باتقانه المصلي إلى مرتبة الصلة ، حتى يكون في حضرة دائمة مع ربه .. راجع "رسالة الصلاة" و"تعلموا كيف تصلون".

    معلوم أن الصلاة الشرعية تبدأ بداية هي من البساطة بحيث يطيق أداءها بإحسان أقل الناس ذكاء .. وهذه الصلاة تشكل قاعدة الهرم الذي قمته في صلاة الصلة .. فإذا وضح أن الصلاة هي موسيقى القرآن – ولقد حاولنا توضيح ذلك في مقدمتنا هذه – فإن هذه الموسيقى ، إذا ما قورنت بالموسيقى المعروفة لدينا في الفنون ، فإن المقارنة لا تنهض ، وتنقطع من جميع الوجوه .. والإنشغال بها ، وبضروب الفنون الأخرى ، بخاصة للمبتدئين ، إنشغال بخلاف الأولى ، وتقديم للمفضول على الفاضل .. ومضيعة للوقت في غير وجه حكيم ... وهذا ما من أجله حرمت الفنون في الإسلام ، في المرحلة .. أما للمنتهين المستوين على الجادة في نهايات السلوك ، فإنها غير محرمة ، على النحو الذي بينا ، في متن المحاضرة ، ذلك لأن المستوين على الجادة من أصحاب النهايات يعرفون كيف يعطون كل مقام مقاله ، وكيف يرتفقون بجميع الأحياء والأشياء في السير إلى الله .. وإلى هؤلاء تقدمنا بإهداء هذا الكتاب ، ولقد قلنا في صيغة الإهداء:

    إلى المنفتحين على الله ... السالكين إليه كل السبل ... فإنه أن من شئ إلا وهو إلى الله سبيل ..... (وان من شئ إلا يسبح بحمده .. ولكن لا تفقهون تسبيحهم ...).

    وأما المبتدئون فإنا ندعوهم إلى أن يعبدوا بذكاء ، مبتدئين من الصلاة الفرعية – صلاة المعراج – الصلاة الشرعية المعروفة سائرين في تقليد المعصوم بإتقان ، وبذهن مفتوح ، في سنة عبادته ، وفيما يطيقون من سنة عادته .. أنهم أن يفعلوا ذلك ، يرتقوا ، كل يوم جديد ، درجة جديدة من درجات القرب من الذات العلية ، ويتهيئوا ليسمعوا تسبيح المسبحين بحمد رب العالمين. أما بعد ، فإن هذه المقدمة قد طالت ، وإنا لنجد مجال القول فيها ذا سعة .. ولكن المجال ، والزمن لا يسعفان ، فلنقبض عنان القلم .. ولنضرع إلى الله أن يهدينا .. وأن يهدي بنا ، وأن يعلمنا ، وأن يعلم بنا .... أنه نعم المولى ونعم النصير.


    يتبع
                  

02-24-2012, 03:17 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أعظم وأرقى وأصدق ما كُتب عن الموسيقى والفنون في التاريخ ! (Re: مامون أحمد إبراهيم)

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الإسلام والفنون

    ( هذه المحاضرة تجري بلغة الكلام .. منقولة عن الأشرطة )

    متن المحاضرة :

    نبدأ حديثنا عن: "الفنون والإسلام" أو: "الفنون في نظر الإسلام" ... ولابد من الإشارة إلى المقدمة الطيبة ، البليغة ، التي تكرم بها السيد رئيس الجلسة ، فهي فاتحة خير ، ان شاء الله ، لحديث نرجو أن يرفع نظر الناس لما تدخره لهم السماء من سعة في حياة الفكر ، وسعة في حياة الشعور ... وما من شك أن الحديث عن الفنون يفتح هذه السعة ، في الفكر ، وفي الشعور – يفتح باب الفكر على مصراعيه .. وخاصة إذا ما قرنت الفنون بفيض السماء ، في القرآن ، وفي الإسلام .. ولذلك فقد كنت سعيداً جداً ، لأجد هذه الفرصة ، لأتحدث لهذا المستوى من المستمعين ، في موضوع هو أصل ما قام عليه الفكر ، وما قامت عليه الحياة ، في مدى ما عرف الإنسان الفكر والحياة ...

    ماهي الفنون؟

    الفنون هي عبارة عن وسائل التعبير عن ملكة التعبير في الإنسان .. وملكة التعبير في الإنسان أعمق من مجرد أنها عمل فكري ، هي في الحقيقة الحياة .. ملكة التعبير في الإنسان هي الحياة .. وكل حي معبر ، حتى في حيواته الدنيا .. وتعبيره بالحياة في الحياة ، هو حياته نفسها ... الحي عندما يأكل ، الحي عندما يتناسل ، الحي عندما يفر من الألم ، ويحاول تحصيل اللذة ، هو في كل أولئك معبر .. هو معبر في حياته بحياته – هو كليته تعبير .. ثم نحن ، بطبيعة الحال ، لانطلق عبارات الفنون على الحياة في درجاتها الدنيا ، حيث تعبر بكينونتها كلها ، وإنما نطلق عبارات الفنون على وسائل التعبير ، عن ملكة التعبير ، في الفكر – في الذهن البشري .. الإنسان يمكن أن يرى ان ارتفاع الإنسان ، في سلم الفكر ، عن الحيوات التي دونه ، من الحيوات العليا ، إنما هو ارتفاع مقدار ، وليس ارتفاع نوع .. الإنسان في درجات ، وأطوار ، تعبيره عن وجوده ، عندما تغشته الحيوات السفلى ، كان يعبر بلسان حاله ، زي ما دايما يقال في التصوف ، في عبارة بالمقال ، وفي عبارة بالحال .. فالحي ، قبل أن يكون عنده عباره باللسان ، وهو ما أمتاز بيهو الإنسان فيما بعد ، بيسمى معبر بلسان حاله .. بعدين ظهر الإنسان ، وأصبح منقسم ، بين التعبير بلسان الحال ، وهو التعبير القديم ، الذي ورثه عن الحياة الدنيا ، وبين العنصر الذي جد بظهوره ، وهو التعبير بلسان المقال ... وفي المستوى دا الفنون خدمتها كبيرة لي آخر درجة للإنسان .. الغرض منها أن ترتفع بعقله ، تفتق عقله ، تزيد من حيله ، وتضبط تفكيره ، تدقق تفكيره ، تفتح مجال تخيله ، وعاطفته إلى الحد الممكن يرتفع بيه عقله حتى يكون تعبيره بلسان المقال في مساواة تعبيره بلسان الحال .. الكان قبيل في بدنه ... نحن باستمرار عقلنا بينمو .. عقل أحدنا وجسده كأنما في كفتي ميزان .. نحن في وضعنا ، أجسادنا عارفة .. دي نقطة افتكر كثيرا ما تجهل .. الأجساد عارفة ، الأجساد لا تخطئ ، ولكن تخطئ العقول ... نحن بوسائل التعبير والتمرين ، عاوزين نرفع عقولنا إلى درجة الانضباط ، الذي به لا تخطئ ، حتى لكأننا بنحاول أن نوزن كفتي الميزان ، كفة أجسادنا مع كفة عقولنا .. إذا استطعت أنت أن ترى فان كفة واحدة شائله ، والكفة الثانية نازلة .. ولكن باستمرار عقولنا بتنمو ، حتى إذا استقام الميزان بالقسط ، تبقى عقولنا لا تخطئ ، كما أن أجسادنا لا تخطئ ، عبارة أن الأجساد لا تخطئ ، أنا أفتكر بتحتاج إلى شئ من الشرح الزائد .. لكني لا أنوي أن أشرحها في المقدمة .. سأتركها للنقاش ، فيما بعد .. لكن أؤكد لكم أنها نقطة مجهولة تماماً.


    الصورة أصل الفنون :

    الفنون كثيرة ، ما نعرف منها وما سنعرف ، كل مرة ، كثيرة – الكلمة في الشعر ، أو النثر ، الصورة بالفوتغرافيا ، أو باليد ، الموسيقى ، النحت ، الرسم ، الكلمة عندما قلناها تجئ فيها الغناء ، وتجي فيها المسائل البتدخل فيهو .. لكن كثيرة ، ويمكن للإنسان أن يقول: الأصل فيها كلها الصورة .. الأصل في الفنون الصورة .. ويمكن أن أقول: انو الصورة – الرسم – يمكن أن يكون أبو الفنون كلها .. جائز ، في نفس الوقت ، نشأت الموسيقى .. ما من شك أنو قبل ما تتطور الموسيقى ، بفنونها المختلفة ، وعلميتها ، ودقتها ، كانت نشأت بدائية ، كبدائية نشأة الصورة والرسم .. الصورة هي في الحقيقة قيمتها في الفهم وفي الإدراك ، أكبر من قيمة الموسيقى ، وأكبر من قيمة الشعر ، والنثر ، والمسائل الأخرى المشاكلة لها .. والصورة إنما عرفها الإنسان وألفها من الاحلام ، الاحلام صور .. انت لما تحلم حلمه بتشوف صور متحركة .. الصور دي ، عند التأويل ، تنقلب إلى معاني .. ومن بدري الصورة ، في الحلم ، صحبت الإنسان .. لعله من مجرد ما بدأ يكون إنسان وينقسم .. الحيوان ينام ولكنه ما بحلم .. والإنسان ينام ولكنه بيحلم. مافي عبره بأنو ما بتذكر الحلم ، عندما يصحى ، فإنه ، وأن أصبح ناسي ، هو بيحلم .. لكن في أحلام بيذكرها ، وفي أحلام بينساها… في أحلام صافية ، وفي أحلام مشوشة ، ومخلوطة .. ولكن ، مهما كان الأمر فإن الصورة قد كانت أول أسلوب تعليم وأسلوب تعبير للإنسان .. لعلنا ، نحن البشر ، أتعلمنا عن الدين ، وعن الحياة الأخرى ، من الصور ، ومن الأحلام .. وبكل بساطة ، الإنسان الأول لما كان بيرى أن أبوه المات ، بيراه بيعمل في عمل زي العمل الكان بيمارسه في حياته ، شايل طوريته يزرع ، أو شايل حربته يصيد ، أو بيعمل عمل في بناء بيت ، صور زي دي أعطتنا الفهم الأولاني عن الحياة الأخرى .. ثم توكد هذا الفهم حتى جاء الوقت الذي أصبح الناس فيه متأكدين من الحياة دي - متأكدين حتى أنهم كل ما يحتاج إليه الإنسان في حياته يدفنوه معاهو عندما يموت – الصور دي ، هي المستمرة لغاية الوقت الحاضر ، فيما نصور نحن الاشياء ، والمعاني المجردة ما ها معاني مجردة ، الإ لأن ادراكنا ليها قاصر ، ورؤيتنا لصورها عاجزة .. العقل القوي بيدرك المعنى المجرد كأنما هو صورة مجسدة .. النشأة دي إذا نشأة قديمة جداً ، صحبت الانقسام الأولاني ، بين العقل الواعي ، والعقل الباطن .. الأحلام عبارة عن محاولة العقل الباطن – الذي هو ، بإيجاز ، الجسد القبيل قلنا عنه ما بيخطي .. الجسد وقع عليه كبت ، في معنى ما وقعت سيطرة العقل على الشهوة عندما دخل الإنسان مرحلة الإنسانية .. الكبت دا عندما يرفع – الكبت البمارسه العقل الواعي على العقل الباطن (العقل على الجسد) – عندما يرفع بالنوم ، العقل الباطن (الجسد) بيحاول أن يعبر عن وجوده بالصور البنسميها نحن احلام .. إذا كان الإنسان شاف في الأحلام الصور بالصورة دي ، يمكنك أن تدرك ، بصورة واضحة ، أن الرسم – التصوير تابع ليهو – هو أصل الفنون .. وبمجرد من أن الإنسان عرف كيف يعبر ، كان التعبير بالصوت .. وبالإشارة ، وبالصورة ، ومما لا شك فيه الإنسان الأولاني كان ، في أغلب الأحيان ، بيرسم الحيوان البيصيده ، وكان في فكره ، أن رسم الحيوان البصيده يعطيه قوة روحية وسحرية تعينه عليه .. الحيوان الانت رسمته دا ، أن كان رسمته في الأرض ، أو في جدار الكهف ، أنت بتصيده .. ويمكن للإنسان أن يقول – ودا على التحقيق – أن الحروف الأبجدية التي نحن ، فيما بعد ، أخذنا نكون منها الكلمة ، هي صورة من تطوير هذا الرسم الأولاني .. يعني أنت إذا كنت عاوز تعبر لي أنا عن تور ، بترسم لي التور .. مافي عبرة ، بطبيعة الحال ، بأن الرسم دا دقيق أو ما دقيق ، لكن المهم أني أنا بفهم عنك ما تريده .. بعض الناس يجيدوا الرسم ، وبعضهم ما بجيدوه ، لكن ، على كل حال ، العبارة بتجئ .. قليل ، قليل ، تمشت العبارة وتطورت ، وبدل انت ما ترسم التور كله ، يمكنك أن ترسم رأسه والقرنين ، وأنا أفهم عنك .. ما في داعي لرسم باقي الجسم…


    يتبع بإذن الله
                  

02-25-2012, 01:06 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أعظم وأرقى وأصدق ما كُتب عن الموسيقى والفنون في التاريخ ! (Re: مامون أحمد إبراهيم)

    الموسيقى :

    تطويراً من الصور جات الحروف .. الحروف الابجدية ، في كل لغة من اللغات ، هي تطوير لصور كان الإنسان بيخططها وبيرسمها في الأول .. اذن الرسم ، هو بالصورة دي ، أول الفنون ، وأهمها .. تجئ مسألة الموسيقى .. الموسيقى برضها قديمة .. هي قديمة ، قدم الصورة لأنها الحركة ... الموسيقى هي الحركة التي بها برز الوجود .. من دي جات موسيقى الصوت الموقع وموسيقى الآلآت ، ومشينا نحن فيها نطورها لي قدام .. فالوجود دائماً في ثنائية ، بالصورة دي ال نحن شايفنها .. مثلاً الليل يعقبه النهار ، فهما نغمتان ، مثلاً ، نحن بنمشي على رجلين ، بالصورة البنمشى بيها ، كأنه نغمتان ، كذلك ضربات قلوبنا نغمتان ، بعدين الإنسان لما تقدم لي قدام ، حاول أن يملأ بالنغم المحسوب ، الهادي ، المسافة ما بين هاتين النغمتين .. قل أن شئت حاول الإنسان بطريقة علمية ، وحسابية ، أن ينتقل بين النغمتين الأولى ، والثانية ، انتقالاً هادئاً ، منسجماً ، منغماً ، من غير شذوذ ، ولا نشاز .. وهذا ما سمى بالسلم الموسيقى ، فالسلم الموسيقى قد توصل إليه بأخذ خيط يشد أوله من هنا ، وأخره من هناك ثم يضرب ضرباً خفيفاً وتقاس ذبذبته ، ثم يقسم نصفين ، وبعدين يضرب ضرباً خفيفاً ، ويشوفوا الذبذبة بتاعته وتقاس ، ثم يقسم إلى أثلاث ، وأرباع ، ثم تقاس الذبذبة وهكذا .. السلم الموسيقى جاء من حاجة زي دي .. وكذلك ملئت الفرقة بين النغمتين الكبيرتين .. زي ضربة قلبك الأولانية والثانية الفرقة دي بتملأ بنغمات هادئة وموزونة تصعد على السلم الموسيقى السليم .. ولذلك الموسيقى عريقة بالصورة اللي يمكن للإنسان أن يقول أنها تضارع الرسم ، لكن إدراكها جاء متأخر اًكتر ... إذا جينا نحن للنحت برضو قديم .. الغناء قديم.

    الفنون والأديان :

    لكن يمكن للإنسان أن يقول: أنه ما من فن من الفنون ، إلا ونشأ في معابد الدين ... أصلو ما عرف دين ، ما فيهو موسيقى .. يجوز مسألة الرسم ، والنحت ، في بعض الأديان مافي ، لكن الموسيقى ، بصورها المختلفة ، ما عرف دين ما عندو ، حتى ولو كان الإيقاع البكون بالطبل ، أو بكون بالطار ، أو بكون بالنوبة ، إلى أن يجيء "الاورقن" بتاع الكنيسة ، بالصور المختلفة فيه .. لكن ما من شك في أن الصلة كبيرة بين الفنون وبين الأديان.
    والسبب في علاقة الفنون بالأديان ، هو أن الأديان تعبير ، زي ما قلنا قبيل ، الملكة الفينا ، عاوزة التعبير ، هي الحياة


    سنتابع .
                  

02-25-2012, 04:04 PM

Elmosley
<aElmosley
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 34683

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أعظم وأرقى وأصدق ما كُتب عن الموسيقى والفنون في التاريخ ! (Re: مامون أحمد إبراهيم)

    Quote: [إلى الذين يُسّفِهون الفن والفنانين ، ويقللون من شأنهم ، ولا يعرفون قدرهم ! ولا يفهمون حقيقة الأشياء ! ويجهلون دقائق وأسرار الوجود !

    هذا كتاب ( الإسلام والفنون )

    للأستاذ المفكر الشهيد / محمود محمد طه ..

    وهو بالتأكيد ، معبرنا وجواز مرورنا الوحيد نحو الفنون ، بكل قوة قلب ، وثقة ، ومعرفة حقيقية ، بطبيعة الأشياء .. والحياة البشرية ، وآفاقها العميقة الثرية !


    الإهداء مني :

    إلى جميع الموسيقيين والفنانين والمتذوقين على مشارق الأرض ومغاربها .. فإلى هذا الفكر الجديد الفريد ، العميق ، الشافي ، الكافي ، الوافي !

    هذا بمثابة عرض للكتاب فقط .. وإن كانت هنالك حوارات ، أو تساؤلات حول هذا الموضوع ، فإني أحيلها تأدباً ، إلى إخوتي الجمهوريين .. ولتكن في نهاية هذا الخيط ، بعد عرض فحوى الكتاب ، لمن أراد ...

    إبتداءً :

    ( فلنترحم على لحن الحياة الخالد ، المبدع محمد عثمان وردي .. بما حوى صدره المترع ، من روعة وجمال وغنا لأهل السودان ونهر مجدهم القديم العظيم ! )


    الاستاذ الصديق مامون
    تشكرك آولا على هذه المقدمة الوفيه
    ثم نعود لننهل من محيط عسل الاستاذ
    الذي آوضح المقام الرفيع للفن لمن آغشتهم فتاوى المضللين
    كل الود

    (عدل بواسطة Elmosley on 02-25-2012, 04:05 PM)

                  

02-26-2012, 04:22 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أعظم وأرقى وأصدق ما كُتب عن الموسيقى والفنون في التاريخ ! (Re: Elmosley)

    Quote: تشكرك آولا على هذه المقدمة الوفيه
    ثم نعود لننهل من محيط عسل الاستاذ
    الذي آوضح المقام الرفيع للفن لمن آغشتهم فتاوى المضللين

    عزيزي د. الموصلي ،

    ومن حسن التوفيق وتقدير المشيئة الحكيمة ، أن يكون قمة هرم الفن والعلوم الموسبقية في بلادي ، سنداً لهذا الفكر المنير !


    والغريب في الأمر أستاذي الموصلي ، أن الأستاذ يتحدث عن الموسيقى حديث العالِم المتمكن ! وكأنه عالم موسيقى متبحر !


    هنالك بعض المقاطع في حديث الأستاذ ، تحتاج إلى شرح وافي من عالم ميزيكا !



    سأوردها فيما بعد ، بعد نهاية الطرح .. ويا حبذا لو حدثتنا عنها . .
                  

02-26-2012, 08:48 PM

هيثم طه
<aهيثم طه
تاريخ التسجيل: 08-30-2011
مجموع المشاركات: 1153

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أعظم وأرقى وأصدق ما كُتب عن الموسيقى والفنون في التاريخ ! (Re: مامون أحمد إبراهيم)

    العزيز مأمون سلامات و عساك طيب
    Quote: أعظم وأرقى وأصدق ما كُتب عن الموسيقى والفنون في التاريخ
    فعلا (بالنسبة لي) اعظم ما كتب عن الموسيقي و فلسفة الموسيقي
    و اذا كان الاستاذ الموصلي يري-بحق -ان المقال ( آوضح المقام الرفيع للفن لمن آغشتهم فتاوى المضللين) لكني اراه اعلي منزلة من الفتوي !

    اتعرف يا مأمون - كثيرا ما افكر في كيف للسودان ان ينجب مفكرا و فيلسوفا بقامة الاستاذ و لا نري اثرا يذكر في السودان كمقابل موازي لهذه الفلسفة الانسانية العظيمة !
    و بالرغم من محاولة تلاميذته و مقتنعيه فكره جاهدين نشر الفكر الجمهوري لكن لي عتب انهم يقدمون فلسفة الاستاذ في قالب دعوي ! و في ظني عندما تقدم الفلسفة او طرائق التفكير في قالب دعوي -غالبا يؤدي الي اقتناع الفكرة و الدعوة كاملا او رفضها كاملا !
    و اري هذا السبب اساسيا بجانب الاسباب الاخري كالدعوة الشنعاء و المحاربة التي وجدها الفكر الجمهوري في السودان

    و الشيء الاخر هنا مثلا في هذا المقال ثمة فقرات -في ظني- تخص الاستاذ كمعرفة (حقة) منتجة من تجربته الروحية العميقة و الدينية- فكيف اتناولها كمعرفة موضوعية او فلسفة للموسيقي -

    تحياتي لك
                  

02-26-2012, 10:48 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أعظم وأرقى وأصدق ما كُتب عن الموسيقى والفنون في التاريخ ! (Re: هيثم طه)

    Quote: فعلا (بالنسبة لي) اعظم ما كتب عن الموسيقي و فلسفة الموسيقي
    و اذا كان الاستاذ الموصلي يري-بحق -ان المقال ( آوضح المقام الرفيع للفن لمن آغشتهم فتاوى المضللين) لكني اراه اعلي منزلة من الفتوي !

    العزيز المفكر الرائع ، هيثم طه ،

    ويالها من إضافة ثرة ، وقيمة ، دخولك هنا لإثراء هذا الخيط .. سأعود للنقاط التي أوردتها ... سنفتقد في هذا الحوار المهم الإخوة الأعزاء ، الأستاذ جمال المنصوري ، والأديب عبدالغني كرم الله ،، وفي ظني أنهما فقدا ( الباسوورد ) الخاص بالدخول للمنبر ! ........ وأرجو من الأخ العزيز الريس / بكري ، تفعيل حساباتهما على وجه السرعة ..... ولكن لاضير ، نرجو مشاركة الكثيرين لإثراء الحوار .


    تحياتي وخالص ودي ،


    وراجع ليك بالتأكيد .
                  

02-27-2012, 08:39 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أعظم وأرقى وأصدق ما كُتب عن الموسيقى والفنون في التاريخ ! (Re: هيثم طه)

    Quote: و اذا كان الاستاذ الموصلي يري-بحق -ان المقال ( آوضح المقام الرفيع للفن لمن آغشتهم فتاوى المضللين) لكني اراه اعلي منزلة من الفتوي !

    عزيزي المفكر الحبيب / هيثم طه ،

    هو فعلاً فوق الفتوى ! لأنه كشف وعلم لدني !


    سأعود للنقاط العميقة التي طرحتها عقب الفراغ من عرض الكتاب


    تحياتي
                  

02-26-2012, 09:11 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أعظم وأرقى وأصدق ما كُتب عن الموسيقى والفنون في التاريخ ! (Re: مامون أحمد إبراهيم)

    نشأة الأديان :

    الأديان نشأت من تجاوبنا مع البيئة .. الإنسان الأول عندما شاف البيئة الحوله ، والقوة الهائلة الفيها ، أستطاع بذكائه الفطري البسيط أن يرى أنو القوة في البيئة المحيطة بيهو ، يمكن تقسميها إلى قسمين: في قوة هائلة ، رهيبة ، كبيرة ، شعر من الأول أنو ما عندو بيها قدرة .. وفي قوة بسيطة ، مثل الحيوان المفترس ، أو العدو .. المشاكل البتقع في المستوى دا هدته إلى أن يتفنن في الحيل لمواجهتها ومقاتلتها .. وكذلك فعل .. وأما القوى الهائلة ، فقد حاول أن يوجد نوع من الموافقة بينه وبينها .. حاول أن يوجد نوع من الصداقة ، حاول يتملقها .. حاول يعبدها .. دي كلها صور من الحيلة وعنها نشأت العبادة .. نشأت العبادة نشأة ساذجة .. الواحد يحب أن يقول ، ودي نقطة بتحتاج لتوكيد ، أنو الانبياء ما جو ليقولوا لينا "الله في" .. لي دي نحن ما محتاجين .. نحن البشر ، ما محتاجين لأن يورونا أنه هناك قوة هائلة نحن بازائها قاصرين ، وعن منازلتها عاجزين ، وأن من الواجب أن نوجد نوع من المصالحة معها .. سميها ماشئت ... ما من شك اننا نحن ما سميناها بالصور المجردة من الاسماء التوحيدية .. الرسل جو لي دي .. الرسل جو ليعرفونا صفات الله ، واسماءه ، لكن ، للشعور به ، فقد وجدوا الاستعداد عندنا مركوز في فطرتنا .. اننا بنعرفه بمعنى اننا بنحس بيهو ، لكن صفاته ، أو أسماؤه ، وأفعاله ، لكن المعاني المجردة فيها ، البتخرجنا من التجسيد في العبادة إلى التجريد ، دا هو ما من أجله جاء الرسل ، فلذلك الإنسان الذكي ، والعارف يشعر بأن الدين نشأ نشأة فطرية ، وفي الأرض ، وسابق للرسل ، ولعل الرسل السابقين للأديان هم رسل العقول ، مش رسل البشر .. العقول دي أدركنا بيها وجود الله إدراكات ساذجة ، وبدائية .. هنا عبرنا عن مخاوفنا بأزاء القوة الهائلة ، فكان الدين .. ومن أجل دا العلاقة الكبيرة بين ملكة التعبير وبين الدين ، وبين استخدام الدين لوسائل التعبير المختلفة في الفنون .. قررنا أن الموسيقى كانت نشأتها قديمة جداً .. ونقرر هنا عن النحت برضو .. الناس كانوا بينحتوا الآلهة كأصنام ، من بدري خالص ، قبل ما يجئ اساتذة الفنون ، من اليونان ، ومن الرومان ، ومن غيرهم.

    النحت والعبادات :

    النحت الساذج كان محاولة لتجسيد ما يتصوره الإنسان عن الله .. ودايماً الإنسان بيتصور الوجود في صورته ، حتى الله ، نحن بنصوره في صورتنا .. وكذلك حكمته الالهية جات على ألسنة الرسل لتعطيه صفات زي صفاتنا ، فلولا أن الصفات مشتركة بيننا وبينه ، ما بنعرفه ، في الغالب الأعم ، يمكنك أن تطلق المسألة دي ، أن النحت كان قد نشأ لنجسد بيه الصورة البنعبدها نحن ، في حيز نقدر نحيط بيهو ، ونعرفه ، وندركه ، ودا ما سمى بالأصنام .. ومافي عبادة من العبادات إلا ونشأ التجسيد في معابدها ، النحت والفنون الأخرى .. الواحد يمكن أن يقول أنها كلها في البداية وجدت ملكاتها الأولى ، ثم تطورت ، بصور مختلفة ، فيما بعد.


    الحياة والفنون والجمال :

    إذا كان قلنا: الفنون هي وسيلة التعبير عن ملكة التعبير فينا ، يبقى ملكة التعبير دي عاوزة شنو ؟؟ ملكة التعبير (الحياة) عاوزة أن يكون في تنغيم للحياة ، عاوزة أن تكسر ، وتطامن الشذوذ ، والنشوز الفي الحياة ، عاوزة تناسق ، عاوزة جمال ، ان شئت .. لأنه في الجمال ، النفس البشرية بتجد طمأنينتها ، بتجد راحتها بتجد خروجها من شذوذ المغامرة ، والمخاطرة ، والمفاجأة .. يعني النغم الموسيقي المنسجم يريح أنفسنا لأنو بيوجد ، في الداخل ، طمأنينة تخرج مسألة الانزعاج البيجئ بالأصوات الصاخبة ، المفاجئة ، النشاز ، زي ما بنسميها ، كل صورة فنية من صور التعبير محاولتها هي أن توجد الجمال .. الفنون بشتى وسائلها ، وطرقها ، محاولتها انما هي أن توجد الجمال .. إذا كان الإنسان سأل عن الجمال هو شنو :


    سنتابع
                  

02-28-2012, 08:13 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أعظم وأرقى وأصدق ما كُتب عن الموسيقى والفنون في التاريخ ! (Re: مامون أحمد إبراهيم)

    ما هو الجمال ؟

    إذا كان قلت: أن الجمال هو التناسق ، مثلاً ، فأنت على حق ، ولكن ما كل الحق .. أنا أحب أن اقترح حاجة هي في البداية في الموضوع ، اقترح أن الجمال هو العدل الإنساني ، العدل الإنساني يمكنك أن تقول عليهو جمال .. زيد على العدل الإنساني ... تعال في المحبة الإنسانية ، المعيشة مع الناس في سلام – السلام .. أنا أحب أن أقدم ليكم النقطة دي لتكون هي نقطة اعتبار .. ما من شك أنا عندي أن الجمال هو السلام .. بعدين نحن ما بنصل للسلام مع الآخرين إلا إذا كنا في سلام مع أنفسنا .. السلام مع أنفسنا معناهو إخراج النشاز القائم في البنية البشرية .. البنية البشرية مقسومة .. القسمة الأولانية ، القبيل قلناها .. ولولا أن الإنسان انقسم لما اترقى ، في المكان الأول .. الحيوان ما منقسم ، الطفل ما منقسم ، إلا بما ورث ، لكن في عمره البيعيشه في بداية حياته ، ما منقسم ، لكنو وارث للانقسام ، وبيعش في المجتمع البيقسمه ، ماشي لينقسم ، فلولا أن الإنسان انقسم لما ترقى ، ولما كمل .. انقسامه بيمثل أنو عندو رغائبه الأولانية البسترسل فيها كحيوان ، ما بقيف عند حد .. مافي ضابط ، إلا تحصيل اللذة ، والفرار من الألم .. وأستمر الاندفاع دا ، ولكنه عندما جاء الإنسان ليكون بيعيش في مجتمع ، وجاء العرف ، وجاء القانون ، وجاء الحلال والحرام ، اللي نحن نوشك أن ندخل في الكلام عنو ، فيما سنتحدث عن الإسلام ، لما جاء الحلال والحرام ، أو قل ، إن أردت الدقة لما جاء العرف الأولاني (يمكن دا تجوز كثير في استعمال الكلمة ، لما نحن نبدأ في البدايات) ، لكن مجرد أن يكون في عرف يقول أنو دا يعمل ، ودا ما يعمل ، بدأت الشخصية البشرية تنقسم ، بمعنى أنو أنت أصبحت في حاجة تضبط اندفاعاتك الأولانية ، الكانت قبيل عندك مندفعة بدون ضابط .. رغائبك كلها ما في استعداد لأن تستجاب .. المجتمع عاوز حاجات ما تعمل .. أنت أحد رجلين بتكون .. الفرد كان في الوضع دا احد رجلين .. أما رجل استرسل ليقضي لبانته ، زي ماكانت ، وبطبيعة الحال ، بتقع عليهو العقوبة البتقع ، وهي قد كانت عقوبة صارمة جداً في المجتمعات البدائية .. أو رجل يكون عندو مقدرة على أن يضبط نفسه .. كانت العقوبات العملت في المجتمعات الماضية جلها من شريعة التحريم والتحليل .. العقوبات التي لا تزال عندنا الآن .. هذه العقوبات الغرض منها أن تقوى الإرادة البشرية البتسيرك وفق ما يجب .. ومن ههنا جاء الانقسام .. والانقسام دا مرحلة .. لولا أن الانقسام جاء ، لما ترقى الإنسان .. إذا لم يزل الانقسام ، لا يكمل الإنسان .. فنحن إذن بنترقى في مرحلتين: المرحلة الأولانية هي الانقسام ، والمرحلة الثانية هي ضم الانقسام ، وتوحيد البنية البشرية الانقسمت.
    إلى حد كبير ، الفنون في التعبيرات المختلفة ، في إبراز الجمال ، وقيم الجمال ، في تنغيم حياتنا الداخلية ، وحياتنا الخارجية ، غرضها أن يكون الإنسان مع المجتمع إنسان محب للقانون ، إنسان منظم ، إنسان عندو سيطرة على اندفاعاته ، وعلى نفسه ، إنسان يملك أن يسير بسفينته وسط الأنواء في الجماعة ... وهناك نوعان من التنغيم: تنغيم الفرد مع الجماعة .. وتنغيم الفرد مع نفسه .. نحن بنحاول أن نطور الجماعة لتكون راقية ، حتى أنك لمجرد تنغيمك نفسك معها ، وإنسجامك فيها ، وتوائمك معاها ، تكون أنت ترقيت .. ثم لا بد لك من المحاولة الفردية في أن توجد التنغيم الداخلي بين انقسامك ، لأننا نحن لما انقسمنا قامت فينا قوة ضد قوة – قوة العقل الواعي (الإرادة) ضد الفطرة الأولانية (الشهوة) العاوزة تحصل لذتها بكل سبيل .. نحن عاوزين نوجد التنغيم دا بيناتن .. يمكنك أن تقول: في نغمتين نحن عاوزين نملا الفراغ بيناتن .. زي ما قلت ليكم عن الموسيقى ، عن التعبير الفني كله .. بالصور دي نوجد السلام الداخلي .. بالسلام الداخلي يجيء السلام الخارجي .. إذا كان الأمر بالصورة دي ، فإني محق إذ قلت أن العدل هو الجمال ، وزدت على المسألة دي وقلت الخلق ، وزدت وقلت المعيشة في سلام .. السلام .. هو الجمال .. أنا افتكر أنو دا قمة ما نحاول أن نعبر عنو .. حتى التناسق في أعضاء الجسد اللي انت بتنحته ، دا يمكنك أن تسميه عدل ، إذا شئت .. اذا زدت عليهو ، فهي تبقى مسألة إعطاء كل كل عضو مكانته من الضبط والنسبية ، والدقة ، والقوة ، حتى لكأنك بتوجد جسد في سلام مع بعضه ، ما متنافر .. التناسق سلام .. دا كل ما يمكن أن تهدف ليهو الكلمة .. إذا كانت شعراً أو نثراً أو غناء .. كل ما تهدف ليهو الموسيقى .. كل ما يهدف ليهو النحت .. والتصوير .. كل ما تهدف ليهو التعبيرات في الرقص .. وفي كل وسائل التعبير عن ملكتنا .. وهو هو كل ما تهدف ليهو العبادة أيضاً.
    ما أفتكر ضروري نتكلم عن الفنون أكثر من كدا ، لأن المجال مفتوح فيها لنقاش أطول .. والآن نجئ لنظرة الإسلام للموضوع دا:



    يتبع
                  

02-28-2012, 10:24 PM

Elmosley
<aElmosley
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 34683

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أعظم وأرقى وأصدق ما كُتب عن الموسيقى والفنون في التاريخ ! (Re: مامون أحمد إبراهيم)

    فللنظر ادناه ولنرى الاتفاق المحكم بين مقولات الاستاذ وهؤلاء


    Quote: مقتطفات مما قال الفلاسفة والعلماء وكبار الموسيقيين عن الموسيقا
    سحر النغم يزيل تجاعيد الهموم(شيلر)

    اللحن المبهج خيرمن دواء للخيال السقيم (شكسبير)

    اثر الموسيقى اسمى من ان ينحصر في نشوة الحواس بحلوالنغم ومجرد اللهو بها انما هو في تطهير النفس والتخفيف عنها(ارسطو)

    لا ينبغي ان يكون درس الموسيقى بمعزل عن بقية مواد التعليم في المدرسة انما يجب ان ينسلك فيها (فرانز ليست)

    اقل ما يمكن ان يكون التعليم الموسيقي في برامج التعليم العام (شينبرج)

    اعتنو بالفنون واهتمو بثقافتها تتخلصو من المجرمين وتقطعو دابر اللصوص (لاو_تسي)


    المصدر
    https://sites.google.com/a/elhilf.tzafonet.org.il/hilf/music-1/ajmlmaqalalflasftewallmawkbaralmwsyqyynnalmwsyqa

    (عدل بواسطة Elmosley on 02-28-2012, 10:25 PM)

                  

02-29-2012, 04:46 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أعظم وأرقى وأصدق ما كُتب عن الموسيقى والفنون في التاريخ ! (Re: Elmosley)

    Quote: فللنظر ادناه ولنرى الاتفاق المحكم بين مقولات الاستاذ وهؤلاء


    Quote: مقتطفات مما قال الفلاسفة والعلماء وكبار الموسيقيين عن الموسيقا
    سحر النغم يزيل تجاعيد الهموم(شيلر)

    اللحن المبهج خيرمن دواء للخيال السقيم (شكسبير)

    اثر الموسيقى اسمى من ان ينحصر في نشوة الحواس بحلوالنغم ومجرد اللهو بها انما هو في تطهير النفس والتخفيف عنها(ارسطو)

    لا ينبغي ان يكون درس الموسيقى بمعزل عن بقية مواد التعليم في المدرسة انما يجب ان ينسلك فيها (فرانز ليست)

    اقل ما يمكن ان يكون التعليم الموسيقي في برامج التعليم العام (شينبرج)

    اعتنو بالفنون واهتمو بثقافتها تتخلصو من المجرمين وتقطعو دابر اللصوص (لاو_تسي)


    أستاذنا الموصلي ،

    وديل قمة الفكر الإنساني في الفلسفة والأدب !

    الأستاذ قرب الفجوة بين الفلسفة والأدب والفن والعلم والدين .. وقدم فكر يتوافق تماماً مع التطور البشري وإرتقاء الفكر ، ورقي المفاهيم !


    تحياتي وأشواقي .
                  

03-02-2012, 02:59 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أعظم وأرقى وأصدق ما كُتب عن الموسيقى والفنون في التاريخ ! (Re: مامون أحمد إبراهيم)


    نظرة الإسلام للفنون :

    أول ما يجب أن يقال أنو ما في حرام ، وحلال ، إلا في اعتبارات الشريعة .. مافي حاجة هي حرام في ذاتها ، الأعيان ما فيهن حرام ، لكن الحرمة حكم .. والسر في الحكم أن تكون عندنا الإرادة البتسيرنا بين الحلال والحرام .. نأخذ من الحلال ما شئنا ، ونتجنب الحرام .. عندما نحاول تجنب الحرام في دوافع داخلية عاوزة منك ضبط ، وقوة إرادة ، وقوة فكر ، لتمنعك من التردي .. دي الحكمة في الحرمة ، حيث وجدت ، من نشأة العرف الأولاني ، وإلى يوم الناس دا .. ما في حاجة هي حرام في ذاتها .. وربنا يعبر لينا عن دا .. ويقول (ما يفعل الله بعذابكم أن شكرتم وآمنتم؟؟ وكان الله شاكراً عليماً) .. أو يقول (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق؟؟ قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة .. وكذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون * قل إنما حرم ربي الفواحش – ما ظهر منها ، وما بطن – والإثم ، والبغي بغير الحق ، وان تشركوا بالله مالم ينزل به سلطاناً ، وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ..)
    كل المحرمات من الصور الحسية إنما هي بالحوالة وأما الحرمة بالأصالة فإنما هي عيوب السلوك .. السلوك يبدأ بالطريقة البتعيش بيها ، في سلام مع نفسك ، وفي سلام مع الآخرين ، وهذا ما سميناه "التنغيم" مع المجتمع ، أو العدل ، أو السلام – فكل ما حرم إنما حرم من أجل تربيتنا لنستطيع أن تكتمل عقولنا ، وادراكاتنا .

    الحرمة حكم شرعي :

    هنا ، إذا كان الإنسان شاف النقطة دي حقيقة ، وذلك كونو التحريم حكم شرعي ، والحكم الشرعي ، دائماً بتوخى تسييرنا نحن في المراقي المختلفة ، يبقى بطبيعة الحال ، وبالبداهة ، بنتظر أن يكون في سماحة ، أن يكون في تغيير في شدة التحريم كلما تغيرت ادراكاتنا ، ولذلك الحرمة كانت غليظة في الأول ، وبدت تقل ، وتقل لغاية ماهي ماشة لان تفضي إلى الحل ، القرآن يقول لينا (ليس على الذين آمنوا ، وعملوا الصالحات ، جناح فيما طعموا ، إذا ما اتقوا ، وآمنوا ، وعملوا الصالحات ، ثم اتقوا ، وآمنوا ، ثم اتقوا ، وأحسنوا .. والله يحب المحسنين) أو يقول هناك (قل لا أجد فيما أوحى إلى محرماً على طاعم يطعمه الا أن يكون ميتة ، أو دماً مسفوحاً ، أو لحم خنزير فإنه رجس ، أو فسقاً اهل لغير الله به) فهذه أربعة .. ثم قال مواصلاً سياقه (فمن اضطر ، غير باغ ، ولا عاد ، فلا إثم عليه) .. الضرورة ترفع الحرمة .. المعرفة ترفع الحرمة .. لأنه قد انتفى حظ النفس عند المضطر ، كما ينتفي حظها عند العارف بالله .. هنا ، إذا كان بقى واضح في اذهاننا انو التحريم أطوار ، وأن الحكمة وراءه تربيتنا ، يجي موضوعنا في الإسلام .

    الإسلام بيحرم النحت ، وبيحرم الرسم ، وبيحرم ، تبعاً لذلك التصوير . ودي فيما روي عن ابن عباس انه قال ان النبي قال (من صور صورة يعذبه الله حتى ينفخ فيها الروح ، وما هو بنافخ فيها ابداً ...).
    صور الفتوغرافيا الحرمة قائمة في حقها ، ولكن بصورة أخف .. حرمت الموسقى ، وحرم الغناء ، عند بعضهم ، ما كلهم ، بعضهم بيرى أن الغناء ، ما حرام ، لكن في عبارة ، أنو لهو ، وكل ما يلهي عن الله ، عند بعض المتشددين من الفقهاء ، فهو حرام .. الحكمة في التحريم مرحلية .. السبب فيها أنو الناس ، زي ما قلنا ، كان عهدهم قريب بعبادة الأوثان ، وبالجاهلية ، ويمكن أن يحنوا إلى الأوثان بالعبادة ، أذا مارأوها تنحت .. وبرضهم كانوا قريبين عهد باللهو ، في مواخير الجاهلية ، من غناء ، ومن رقص ، ومن موسيقى ، حرمت عليهم المسائل دي ، لتعطيهم فرصة ليجمعوا انفسهم عليهم بدل التوزيع البيحصل للإنسان المعرض للغناء - للهو .. اذن يمكنك أن تقول ان الإسلام حرم من الفنون النحت ، والرسم ، والتصوير ، وكل ما يكون ليه ظل .. حرم رسم أو تصوير الإنسان ، أو الحيوان أو الطائر ..

    رسم الطبيعة غير محرم :

    تسامح الشرع في رسم الجبال ، أو رسم الشجر ، أو زخرفة الاقمشة ، بالصورة اليمكن أن تكون ماها انسان أو حيوان ، أو طائر .. الغرض من التحريم أن يقطع حنين الإنسان للعبادة الوثنية .. أو بإيجاز ، يمكنك أن تقول: ان تحريم الدين – تحريم الشريعة الإسلامية – دا الغرض منه مرحلي .. إذا كان هسع أي واحد مننا شاف ليهو تمثال زي دا ، ما بينبعث في ذهنه أي نوع من العبادة ، أو اي شعور بيها ، أو ميل .. الناس ، في أول عهدهم بالإسلام ، بينبعث في ذهنهم شعور زي دا ، لكن ما ممكن أن ينبعث في ذهنك ، أو في ذهني ، ولا في ذهن أي واحد من الناس في الوقت الحاضر .. لذلك الحكمة في التحريم هذا ، إنما حكمة مرحلية ، الحكم فيها هو حكم الوقت ، كيفما يكون .. والسر في هذا الحكم بينسحب على حالة عبادة الناس في وقتهم الماضي كما ينسحب على حالة العبادة في الوقت الحاضر ، ولكن لكل وقت حكمه .. فهل يمكن للإنسان ، مثلاُ الداعي الإسلامي ، في الوقت الحاضر ، هل يمكن له أن يقول للناس سيروا بطرق الفن إلى الله؟؟ بمعنى آخر هل الدين (الشريعة) رفع كل اعتراضه على الفنون؟؟ تلقى أنو برضو المسألة فيها نظر .. هذا النظر هو تربية الإنسان الفي حاجة لتربية .. كل مبتدئ التوزيع يضره .. إذا كان الإنسان سار بالطريق الديني المرسوم ليهو ، وكانت محاولته هي أن ينحصر في أن يوجد نتيجة بطريقة الدين ، اللي هي العبادة بالصورة الموجودة عندنا فإن الفنون توزعه ، والتوزيع يضره .


    سنتابع .
                  

03-04-2012, 09:48 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أعظم وأرقى وأصدق ما كُتب عن الموسيقى والفنون في التاريخ ! (Re: مامون أحمد إبراهيم)

    الفنون تسير الناس إلى الله :

    أما إذا استوى ، فمن الممكن لهذا الإنسان أن يتخذ كل وسائل التعبير لتسيره إلى الله .. الإنسان الاستطاع أن يجد فرصة لتوجيه ، ورياضة نفسه ، حتى أصبحت عندو فلسفة حياة ، عندو نظرة للأشياء ، عندو اتقان للتوحيد – مافي شئ بالمرة يقطعه ، أو يوقفه عن الله .. النحت يوديهو لي الله ، يسيرو لي الله – الموسيقى تسيرو لى الله ، الرقص يسيرو لي الله ، وكل وسائل التعبير تسيرو لي الله .. في المرحلة الأولانية – في شريعة الإسلام – المسائل دي حرمت .. هي محرمة بنص الحديث القريتو ليكم ، وذلك لأنها بتوشك أن تخلي الإنسان يحن للعبادة - عبادة الأوثان – وتلك عبادة هو قد كان قريب عهد بيها .. أما في الوقت الحاضر ، في المرحلة الحاضرة ، فما أحب أن أقوله هو أن وسائل الفنون كلها ، راح تسير الناس لي الله .. هسع ، في الوقت الحاضر ، كل المطلوب من الناس هو أن يتوخوا ، في أول مرة ، كيف يسيروا ، بطريق العبادة ، ليوجدوا نوع من التماسك الداخلي ، نوع من النظرة الموسعة .. بعدين كل أنواع الفنون راح تكون مسيرة إلى الله .



    يتبع
                  

03-17-2012, 08:12 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أعظم وأرقى وأصدق ما كُتب عن الموسيقى والفنون في التاريخ ! (Re: مامون أحمد إبراهيم)

    المبتدئ يضيق عليه :

    بإيجاز .. التحريم في النهج البدائي للإسلام مؤكد .. فهو ضد الموسيقى للمبتدئ ، ضد النحت ، ضد التصوير ، ضد الرقص ، ضد كل مسألة من المسائل البتوزع المبتدئ .. إذا كان الإنسان استطاع أن يحصر نفسه في نهج واحد ، اللي هو العبادة ، ثم في محاولة احراز التوسع "بإتقان التوحيد" في المسائل الأخرى ، من أساليب التعبير المختلفة ، والفنون أقدمها والكلمة أسلمها ، افتكر بيكون في سعة فيما بعد .. لكن قبل ما تكون في سعة ، القاعدة عندهم أنو المبتدئ ، زي ما بترد العبارة الدارجية: "المبتدئ ابرته ما بتشيل خيطين" .. المبتدئ يجب أن يكون عنده اتجاه في الإنحصار ، فهو لا يمكن أن يسمح ليهو ، في مسألة الارتفاق بالفنون ، إلا بالكلمة ، وموش الموسيقى ، لأن الموسيقى لا تعطي معنى محدد ، عندما انت يكون عندك استعداد لتدرك عن الوجود كله ، فإن الموسيقى أبلغ من الكلمة ، لأن الموسيقى تقول لك كل شئ عجزت الكلمة عن أن تقوله ، لكن عند المبتدئ الموسيقى بتشوش عليهو ، وأما الكلمة فإنها محددة ، ولذلك تلقى ان القرآن يتخذ موسيقاه من الكلمات أولاً ، ثم هو ينطلق في موسيقى علوية ، كأنما هي موسيقى الوجود كله .. عند الكمال ، للمكتمل ، القرآن بيخرج عن كونو عبارات محددة ، ومضبوطة ، وبالصورة دي يبقى وحي علوي ، يعلمك كل شئ ، بدون أن يعلمك شئ بعينه ، خصوصا المتشابه من القرآن ، فإذا كان أنا شخصياً سئلت عن النهج اللي حقو يتجه ليه المسلمون كلهم ، في الأمر دا ، أنا اعتقد أنهم كلهم يجب أن يتجهو للعبادة ، بالانحصار فيها ، ثم في تفتق الذهن ، في اثناء العبادة ، في معاني الكلمات من القرآن ، وفي الشعر الجيد ، من الشعر العرفاني ، وباستمرار يكون في توسع ، وكلما أنت اتقنت التوحيد ، كلما قلت دائرة المحرمات عليك ، إلى أن تكون أنت الإنسان العندو الملكة التي تتلقى العلم بالله عن كل شئ ، مافي في الوجود شئ ما بيدعو إلى الله ، إبليس زي جبريل ، داعي إلى الله ، .. الله ، في الحقيقة ، ما عندو عدو .. لكن ، في مرحلة الشريعة ، الوجود مقسوم إلى داعي لغير الله ، وإلى داعي لي الله .. مما يدعو ، في المرحلة لغير الله ، كل أدوات اللهو ، ومنها الفنون ، إذا كان انت استويت على الغاية ، بتسمع وترى الوجود كله جنود لي الله ، ودعاه إلى الله ، ورسل من الله إليك ، تسوقك إلى الله .. فإذا كنت انت فنان موهوب ولكن ما وجدت الفرصة لتنحصر في العبادة ، لتعرف ، لتخرج من الثنائية دي بتجويد مستوى من التوحيد ، من المؤكد أن الفنون قد تسيرك درجة ولكنها راح تقطعك ، ما بتوديك لقدام .. إذا كان في شئ ، من العلوم المدنية ، بسير الناس إلى سماحة الخلق ، إلى مستوى من التنغيم الداخلي ، إلى نوع من العلاقة الحسنة مع الحياة ، نوع من السعة ، فإن ذلك الشئ لهو الفنون ، مافي ذلك شك ، ولكن وسيلة الفنون قاصرة إلا إذا تم لها التتويج بوسيلة الدين .. فكأنو ، إذن ، الإسلام في أوله ، وفي آخره ، أعني في دعوته الأولانية ، وفي دعوته الثانية بيحرم هذا المستوى من الفنون ، لكن داك على التعميم ، أعني شريعة عمومية ، ودا لكل فرد شريعته ، أعني شريعة خصوصية ، الحاجة السليمة هي انك انت تتوجه ، وتنحصر ..

    كل الفنون حلال اليوم :

    أنا شخصياً ما راح أكون من البوصوا أن يجئ تشريع يقول الفنون حرام .. لكن يجب أن يجئ تفهيم للناس يقول لكل واحد: إذا كنت أنت ما استويت ، في التوحيد ، على درجة معينة من الاستواء ، فإن الفنون بتصرفك ، وبتوزع جمعيتك ، وبتقطعك .. الفنون هي خير أساليب التسيير إلى الله، ولكن بعد ما أنت توجد نوع من التنغيم الداخلي، بتجويد التوحيد، بالانحصار في العبادة، بالخروج من الدوامة بتاعة المجتمع، وبتاعة التغيرات المختلفة، في الفنون المختلفة.. لغاية ما أنت توجد نوع من القالب البتصب فيهو نفسك، وتصوغ أخلاقياتك، وتجد فلسفتك.. فإن أنت وجدت فلسفتك في الحياة، فإنك خليق ان تنفتح على كل الفنون.. وكلها بتسيرك لى الله، وسيكون عندك حظ موفور من إدراكها.. وقد يكون عندك حظ من تجويدها، إذا كنت فنان، بكل وسائل التعبير فيها، بأكثر مما يكون عندك قبل أن توجد هذا النوع من التربية الداخلية.. من أجل دا، أنا افتكر، العبارات الكثيرة الواردة في الدعوة إلى تنزيه القرآن، وإنه ما هو شعر.. القرآن يشبه الشعر، وماهو بالشعر (وما علمناه الشعر، وما ينبغي له!!) وأنت إذا جيت لدقائق القرآن، فإنه الشعر!! وأكثر من الشعر.. ولكن ملابسات الشعر في عدم الالتزام، وعدم الصدق، هي ما نفاهو الله عن القرآن .



    أاسف للإنقطاع .. أعود لتكملة الكتاب
                  

03-17-2012, 10:39 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أعظم وأرقى وأصدق ما كُتب عن الموسيقى والفنون في التاريخ ! (Re: مامون أحمد إبراهيم)

    الأخلاق والفنان :

    أنا أفتكر برضو الفنان ، كائناً من كان ، سواء كان نحات ، أو موسيقار ، أو مصوراتي ، أو راقص ، أو ممثل ، بتلقاهو ماهو ملتزم ، ما عندو خلقية معينة ، اللهم إلا خلقية بيعتقد أن الفن بيستلزمها ، الخلقية الأنا بقصدها إنما هي الصدق في مستوى الفعل ، القبيل أنا قلته – الصدق الذي يتحد فيه الفكر ، والقول والفعل ، أنا ما بعتقد ان الفنان ما عندو قيمة خلقية في نفسه يلتزمها ، لكن ، مامن شك: أنو موش في مستوى الانضباط اللي نحن بنقصده .. لعل الفنان ، الموزع بالصورة دي ، بتلقاه يظهر بمظهر البهدلة كدا .. يرسل لحيته بصورة بدون تهذيب ، ولا تنظيم ، أو يلبس ملابس مهزأة ، أو يكون ماسائل في النظام ، أو في رأي المجتمع ، قد يكون أنا أفتكر ، أنه هو بيبحث عن قيمة ، أنا بحب أن اهديه للقيمة دي ، هي في العبادة والقرآن .. سيجدها حاضرة حين يتجه للالتزام بأدب القرآن – ادب شريعته وأدب حقيقته.
    هنا اقف ، وأترك لكم الفرصة للنقاش .. أكثر من كدا كثير عندنا مما يمكن أن يقال ، ولكن ، ما من شك ، أنكم بتعينوا كثير بمشاركتكم في النقاش لإجلاء القضية دي .. شكراً .



    إنتهى عرض الكتاب ..


    ولله الشكر من قبل ومن بعد




    مع خالص تحياتي

    مامون
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de