هل كان الصادق المهدي يعلم بإنقلاب الجبهة الاسلامية وهل تستر عليه ؟

Quote: العام 1988 - 1989، هو أحد التواريخ الكثيرة التي وجد الصادق المهدي نفسه فيها وجها لوجه أمام مأزقه التاريخي المتمثل في اتخاذ موقف واضح بين الانحياز للدولة الدينية الشمولية أو الانحياز للدولة العلمانية الديموقراطية. كان الميرغني قد وقع مع الراحل (العجيب هم لا يرحلون أبدا) جون قرنق في أدس أبابا، اتفاقا لوقف الحرب وعقد مؤتمر دستوري لكافة ألوان الطيف السياسي السوداني، يقرر فيه مستقبل نظام الحكم في السودان. وكان من الواضح وضوح الشمس ان التيار العلماني في الحركة السياسية السودانية، الذي يضم، ولا يقتصر على، الحركة الشعبية، قد توصل إلى تفاهم مع التيار العروبي في الحركة السياسية السودانية، الذي يضم ولا يقتصر على، الاتحادي الديموقراطي، إلى تفاهم يقود لقيام جمهورية ديموقراطية. وكان الخاسر الاكبر في هذا الوضع الجديد هو التيار الديني في الحركة السياسية السودانية، الذي يضم ولا يقتصر على، الجبهة القومية الاسلامية التي كانت تجهز للانقضاض على السلطة بواسطة الجيش. وكان على الصادق المهدي، الذي ظل طول عمره يلهث عير المسافة المفهومية والإجرائية التي تفصل بين الدولة العلمانية الديموقراطية وبين الدولة الدينية الشمولية، كان عليه أن يختار موقفا واضحا. أي أن الخيار كان قائما وملحا بين تمرير اتفاق الميرغني - قرنق، وبين تمرير انقلاب الجبهة الاسلامية. .السيد الصادق المهدي، الموت أهون عليه من اختيار موقف سياسي واضح وجلي، لأنه أول من يعرف بأنه يسقط دائما في اختبار الاختيار. الرجل أدمن المواقف التي تحتمل تفسيرين. المواقف الضبابية. غير انه إذا أجبر على خلع الاقنعة، فلن يستطيع إلا ان يكون دينيا شموليا. فالجبهة الاسلامية أقرب إليه (نسبا ودينا) من الحركة الشعبية. وإذ كان الخيار قائما بشدة وإلحاح بين ديموقراطية الحركة الشعبية وشمولية الجبهة الاسلامية، فقد اختار الرجل تمرير انقلاب الجبهة. وهذا في اعتقادي موقف متسق مع تاريخ الرجل