الزميلات والزملاء مناديب مؤتمر حركة القوى الديمقراطية الجديدة
تحية طيبة لمؤتمركم الكريم ..
تعلمون أن بلادنا الحبيبة تمر هذه الايام بأخطر ظروفها و اسوأها على الإطلاق.
فقد ظل النظام مستمسك بخط العنف و حل الأزمات السياسية التي هي من صنعه و تدبيره بالحروب في جنوب البلاد الجديد مضيفا مناطق اخرى لدارفور التي تئن منذ 2003 من شننها. فأدخل جنوب كردفان و النيل الازرق في ويلات العنف و حمامات الدم. و اصبحت البلاد تتاكل فعليا من اطرافها. بالقمع و المعالاجات الامنية المنتهكة لحقوق الإنسان و الخارقة للأعراف الدولية في اجزاء أخرى.
كأنه لم يتعظ بفعل الحرب المدمرة التي خاضها في السابق ضد الجنوب الذي كان. و الذي لم يحفظ له شيئا من إتفاقية سلام لم يكن جاد فيها بما يكفي ليجنب الوطن الانقسام و يفضل مستفتو الجنوب السابق الوحدة بدلا عن الانفصال. و لما لا؟ فالنظام الباطش يتغذى علي الحروب و الترويج لها و التعبئة السلبية من خلالها. فهو لا يمانع البته في مواصلة نثر الموت و مصادرة التعايش و السلم الاهلي. فقد وضع بلادنا الحبيبة على حافة التقسيم المتوالي و لازال يبحث عن إضافات لمناطق أخرى.
أن القوى الحديثة و الليبرالية و الديمقراطية مطالبة اكثر من أي وقت مضى بالتوحد و الإندماج. و نصب عينها على واقع مؤلم و مرير.
واقع يقول برعونة النظام و استبداده و سعيه لتفتيت الوطن و تنصيله على شكل اجزاء و قطع على حدود العنصر و الثقافة و الدين. واقع يقول بالفساد و انسداد آفاق التنمية و التخريب الإقتصادي و حتى باتت البلاد على حافة المجاعة في الأشهر القليلة القادمة. و كما رصدنا واقع التردي المعيشي و الغلاء المتصاعد و الازمات المالية للنظام التي قد تقود البلاد للإفلاس الحرفي و نضوب الخزينة العامة في الأربعة إلى الستة شهور القادمة. ان لم تسعف الدولة عاجلا و جديا.
تضع هذه العوامل تلك القوى امام مسؤليات جسام وتحديات جديدة. فغير أن المطلب بالوحدة و الاندماج دعامة اساسية في فكر و تكوين تشكيلات القوى الحديثة فانها الأن لازمة لشحذ و تحشيد كل الطاقات للأطاحة بنظام الحرب و الجوع و المخازي الإنسانية. فهذه لحظات من التأريخ من الصعب القفز عليها أو عدم الإكتراث بها أو إدعاء عدم الإلمام بها. فللتأريخ لسان, و يا له من لسان!.
إن المطلب و الرغبة بقيام حزب القوى الديمقراطية و الليبرالية الكبير و الجامع ظل همّ عند كل تنظيم يستأنس به على حدى. و ظل هاجس يؤرق كل تنظيم في واديه. و ظل على دوام رغبة يقول بها منطق التأريخ و إستحقاق المستقبل.
ظلت القوى الحديثة على الدوام تصنع التغيير و تضحي من اجله. ظلت هي القوى التي تجتهد و تتخلق و تبدع في صناعة النضال و أدواته من أجل الديمقراطية و النهضة الإجتماعية الشاملة. و لكنها ظلت ايضا على الدوام تفقد منجزاتها و تضحياتها. ليحصد زرعها القوى الرجعية التقليدية التي تعيد إنتاج الأزمة بتلاعبها بقيم الديمقراطية و عجزها المزمن و ضيق أفقها و قصر خيالها السياسي و أعمال مرتكزاتها الفكرية المتخلَفة و تناقضها مع مبدأ الديمقراطية الليبرالية و قيم الحداثة.
و السبب في هذا الوضع المكرور حد السذاجة و التبَلد بل المأساة. أوضح من الشمس في رابعة النهار! هو تشرزم القوى الحديثة و إنعدام فعاليتها بحكم الترهل و غياب التنسيق والتنظيم و تباين التكتيك وإندلاع النزاعات الصغيرة المحتوى المؤدية للذهول عن الإستراتيجية والمدمرة في المحصلة النهائية جراء الشلل و العجز.
إن إقتسام و توزَع القوى تلك على عددة تنظيمات و أحزاب يجب أن يكون مؤقتا. و يجب أن يتم تجاوزه بالحنكة و الحكمة و المثابرة و بالترفع عن الهامشي والمظهري و غير الضروري, اليوم قبل غدا. و لكن تبقى الحقيقة الحاضرة بقوة أن معظم أقسام القوى الحديثة خارج كل تشيكلاتها السياسية مجتمعة. و هذا المجموع الضخم لأسباب تأريخية ينتظر توحد هذه القوى أو معظمها في مركز واحد ليلتحق به. و لن يفعل أو يحظى بذلك تنظيم بمفرده مهما علا شأنه, و قطعا ستتباعد الجموع المنتظرة أكثر كل ما غابت آفاق الوحدة و السعي الجاد لإنجازها. بل و أعمق, كل ما ظهر التناحر و توازت خطوط التنظيمات و تلاشت إمكانية التجميع. الشيئ الذي يصيب معنوايتها و آمالها في مقتل. مما يعكس رد الفعل على التنظيمات نفسها على قلة عضويتها و تواضع امكانياتها و محدودية إنتشارها مؤديا بها إلى التوالد الإنشطاري, بحكم التوقف عن التناسل الطبيعي وإستبطان الضجر فالخمول ثم اليأس. إذ هي لا محال ترتد بطاقتها الى داخلها فتضمر و تنكمش لتتفجر ذاتيا ثم تتجزأ و تتناثر حتى تصبح لا تقبل القسمة على أثنين. انها بنهجها ذاك, تمشي أثناء النوم نحو الكارثة.
من هنا تنبع الاهمية و الدعوة الملتزمة للاندماج و الوحدة التنظيمية. و أمامنا نسيج بلادنا الإجتماعي ينكث و نظام الإنقاذ يتغذى بدم الحروب بلا حساب و بلا نهاية في الأفق و بلادنا تنحدر نحو التمزق. نقول بذلك و لا نقفز على واقع التشرزم و التقسيم الذي صاحب تكوين تلك القوى و لكن في الحسبان أيضا أن هذا هو العابر و المستحدث و أن العامل الذي يجمع و يدمج اكثر من الذي يلزم بالحافظ على الشرزمة و التحجيم. و أنه أكبر من الذي يفرَق و يباعد بينها بما لا يقارن.
الذي يجمعنا هو منازلة النظام و هزيمته و تشيعه لعار التأريخ. و إنقاذ شعبنا من المصير المظلم الذي يقترب منه كل يوم و هذا النظام الماحق متنفذا. و الذي يجمعنا إيماننا و طبيعة تلك القوى التي تجيد النزال السلمي و التي تنبذ العنف بكل أشكاله و هي متصالحة مع غاياتها الفكرية. فالسعي للديمقراطية و السلم الأهلي و النهضة الإجتماعية الشاملة يجب يتطابق مع الأدوات.يجب ان تتكافأ الوسيلة نبلا و الغاية. و الذي يجمعنا هو رحابة هذه القوى بحكم تكوينا و إحتمالها للآخر و إعترافها بالإختلاف و التباين مع الوحدة و التعايش المزامن بين فصائلها الممايزة في حزب واحد. و مبدأ المدارس الفكرية المقنن, المتنافسة بشرف و ايجابية و الهدف السياسي في أولوياتها. حيث لا يجوز أخلاقيا و لا ينبغى لها ان تطالب بالتسامح و إقرار الإختلاف و الحرية في المجتمع و تصادره داخل حزبها. و العقول و الافئدة متوجهة نحو حزب علماني ديمقراطي, حزب قومي بكل معنى الكلمة. حزب لدِن و فعَال تنظيميا, جماهيري النزعة شعبي التوجه. حزب واقعي و برغماتي. حديث الأدوات منفتح على المنجز العلمي و الحضاري. حزب حيوي, متحرك و متَفتح, ذو مواعين إستيعابية واسعة .حزب يضع كل طاقته و بذله صوب الوصول للسلطة. عن طريق التفويض الشعبي الصريح المحدود الأجل. و آليات تداول السلطة السلمي ذات المعاير الكونية التي لا تحتمل التلبيس و التدليس. آي الديمقراطية المتكاملة في اعلى مستواها الإنساني.
نتقدم بهذا الدعوة للإندماج و الوحدة التنظيمية كناية عن رغبة صادقة. و فكرة ثاقبة. و نظرة مستقبلية متأنية. و حتمية تأريخية ضاعت في المنعرجات و لكنها تعلن عن وجودها في كل فرصة. و تجميع للشتات و نبذا للفرقة و الانعزال, و توحيد للقوة و الموارد, و ضخ لروافد القوى الحديثة لتصب في نهر رئيس. لا نقول أنها النهاية, بل أنها البداية لطريق شاق و بناء مرهق, و لكنه في سبيل شعبنا و وطننا المهدد, مشقة و تعب تستحق التحمل, و بداية تستحق التجريب. و خصوصا ما سلك غيرها من دروب في الماضي قد فشل.
و كلنا أمل بأننا ملبين النداء و اننا سادرون في عزمنا بتقدم الصفوف مبتغانا وحدة وطننا العزيز و حدة قواه الحية. و غد أفضل
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة