|
أنا سعيد بانفصال الجنوب
|
أنا سعيد بانفصال الجنوب مقال نشر من قبل في مارس 2011
الإخوة الغاضبون والذين يعتصرهم الحزن والأسى على إنفصال الجنوب أرجو منهم أن يقرؤوا بروية مقالي هذا. فأنا من شمال السودان ( من كردفان بالتحديد) وعلاقتي بالإخوة الجنوبيين لا تختلف عنها عن أي علاقة بأي مواطن سوداني آخر في أي من بقاع السودان المختلفة. كنت دوما أقول أنني مع إنفصال الجنوب، وكان العجب يصيب الآخرين من آرائي تلك التي يعتبرونها غريبة ومتطرفة ولما بدأت صحيفة الإنتباهة الصدور وأخذت العزف على أنغام رغبة بعض الشماليين أيضا في الإنفصال وددت أن أشارك معهم بآرائي المؤيدة لإستقلال جنوب السودان، لكني حسنا فعلت أنني تريثت في الكتابة فقد وجدت أن آرائي التي أعتبرها ذات مغازي إيجابية ربما تضيع دون أن يعيرها أحد إهتماما وسط خضم الكراهية الذي تنضح به الصحيفة، ووسط الكراهية المضادة ممن يقرؤون مقالاتها من الجنوبيين والشماليين. رأيت الآن وبعد أن أعلنت نتائج إستفتاء الجنوبيين إجماعهم على قيام دولتهم المستقلة، وبعد أن قرأت عشرات المقالات وسمعت العديد من الآراء التي تتأسف وتحزن وتأسى على إنشطار البلاد أن أكتب هذا المقال لأبين لماذا أنا مؤيد للإنفصال أو الإستقلال كما يطلق عليه الأخوة في الجنوب. فأنا أنطلق من منطلقات تختلف عن الآخرين. أولا أقول للحزاني على ضياع جزء عزيز من الوطن أن السودان قد حظي الآن بجار عزيز تربطه به أواصر ووشائج وصلات تمتد لأكثر من خمسين عاما فهي بلا شك علائق وروابط أقوى وشيجة من علاقاتنا مع جيراننا السابقين زائير ويوغندا وكينيا. وأن السودان الشمالي الآن يحظى بجار كان يناصبه العداء لأكثر من خمسين عاما فقط لأنه لم يكن راضيا أن يكون جزءا من كل لا يرغب فيه ، وتحقيقنا لرغبته الإستقلال لتجعل الجنوبين المنصفين ممتنين لقبول الشمال هذا الخيار، وهذا يبدو واضحا في خطابات رئيس الجنوب المرتقب سلفا كير التي أعقبت إعلان نتائج الإستفتاء. وللخائفين من ضياع ثروات تذخر بها أراضي الجنوب من نفط وذهب ومعادن وغابات وموارد زراعية وحيوانية ومائية وسياحية نقول لهؤلاء إن هذه الثروات لم تضع بل هي موجودة كل الذي حدث أنها ذهبت لأصحابها، فهم أحق بها منا، فهنيئا لهم بها. أما نحن أهل الشمال فعلينا أن نكون أكثر إنصافا وعدلا وألا نطمع في ثروات الآخرين وعلينا أن نبحث جادين عن ثروات وموارد في شمالنا، وهي موجودة بفضل الله. ولا أقول شماتة ونكاية وحسدا عن الجنوبيين أصحاب الدولة الحديثة الذين يجدون التأييد و التعاطف من معظم دول الغرب الغنية والمتطورة أنهم سيفشلون في إدارة دولتهم الوليدة، وأن الحروب القبلية بينهم ستقضي على الأخضر واليابس أو أنهم سيركنون للدعة والراحة والإسترخاء وأنهم سيتركون ثروة النفط المنصبة عليهم للأجانب من الجيران كما يقول معظمنا اليوم، بل أكاد أجزم أنهم أقدر منا على إدارة بلادهم وسوف يؤكد المستقبل ما أقول، والمتأمل ببساطة في أداء الجنوبيين عندنا في الشمال ليجد أنهم الأكثر إنتاجا في حقول الصناعة والعمران والزراعة ولك أن تشاهدهم في كمائن إنتاج الطوب الأحمر بالعاصمة والمدن الكبرى بالسودان وأن تشاهدهم في حصاد حقول الذرة الرفيعة بمشاريع الزراعة الآلية المطرية في كل مناطقها بمختلف جهات السودان، ولك أن تشاهدهم في أعالي العمارات في العاصمة يقفون وقفة رجل واحد لإكمال خرسانات الأبنية المسلحة في العمارات التي ترتفع كل يوم بالعاصمة القومية ولك أن تراهم في مزارع الفول السوداني في غرب كردفان يقفون على زراعة ملايين الأفدنة في رمال ديار حمر في شراكة مع أهلها أصحاب الأرض. هذا عن العمالة في أدنى السلم الإقتصادي، وإذا إرتقيت لوجدتهم أهل حرف وصناعة وعلم ومعرفة وبحوث، وإذا دخلت قاعة المحاضرات والبحوث العملية والمعملية لوجدت الجنوبيين أكثر عددا من الشماليين. إذن أهل الجنوب هم قوم عمل، دعك عن الفرية أنهم يفضلون الدعة والإسترخاء وشرب الخمر، فتلك عادات موجودة في قلة من كل شعوب العالم ولعلها متفشية بيننا أهل الشمال بنفس المعدل أو أكثر. وهناك الحقيقة المهمة جدا في عالم الإقتصاد، حقيقة أن الجنوبيين كما هم أهل حرف وصناعة وزراعة وثروات حيوانية، فهم لا يعرفون الترف أو البذخ أو التكبر الزائف وهذا لعمري أساس التفوق الإقتصادي. أذكر أنني كنت أدير مكتبة والدي بمدينة الأبيض في التسعينات من القرن الماضي وكانت لدينا كراسات مدرسية ذات ورق متواضع لونه أقرب للسمرة مع خشونة في ورق الغلاف، وكانت هناك الكراسات الفاخرة المستوردة من ماليزيا وجنوب إفريقيا ذات الورق ناصع البياض، كنت أعرض الصنفين لكل الطلاب والتلاميذ المترددين على المكتبة هذا الأبيض بسعره المعهود والأسمر الخشن بسعر يصل إلى نصف سعر الآخر، وكان أهل الشمال كلهم يرجعون لي الأسمر ويشترون الأبيض الغالي، وكان الطلاب الجنوبيين يشترون الأسمر بلا تردد. وللذين يتباكون على الشمال الذي فشل في الإحتفاظ بالجنوب في دولة واحدة أقول إنهم إخوتنا رأوا أنه أقدر منا على إدارة بلادهم فلم لا نعطيهم الفرصة، لم نفترض أنهم سيفشلون؟ أنا شخصيا أرى أنهم أجدر ببناء بلادهم منا ببناء شمالنا ناهيك عن بناء الشمال والجنوب. ختاما أقول أنظروا للجانب الملء من القارورة فانفصال الجنوب فيه خير كثير كثيير للدولتين ، وكما قال سلفا كير لقد أصبحنا دولتين بدلا عن واحدة. أما من ناحية الإدارة، فإننا لأول مرة في تاريخ السودان سوف نشهد تطورا إداريا في جزء عزيز سابق من بلادنا، أرجو ممن يتجولون في قوقل إيرث أن يشاهدوا الصور المرفوعة في جوبا ومدن الجنوب الأخرى كما أرجو مستقبلا من العاقلين منا أن يتتبعوا الأخبار الإيجابية عن الجنوب ويتركوا جانبا ما يرد إلينا من الأخبار السلبية فهذه لابد أن تستمر إلى أن تستقر الأوضاع، وإلى من يديرون شؤون البلاد في الشمال عليكم إن أردتم تقدما أن تنهجوا النظام الجنوبي للإدارة، ووصية مني للأخوة الجنوبيين عليكم بالإبتعاد كليا عن النظام الشمالي في الترهل الحكومي والترف والبذخ الشمالي. كما ترون فان منطلقاتي لتأييد إنفصال الجنوب تأتي من أسس إيجابية ليس من بينها الكراهية ولا الشماتة ولا الحزن الزائف ولا الحسد.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
أنا سعيد بانفصال الجنوب | الأمين عبد الرحمن عيسى | 12-31-11, 04:18 PM |
Re: أنا سعيد بانفصال الجنوب | jini | 12-31-11, 06:05 PM |
Re: أنا سعيد بانفصال الجنوب | محمد النيل | 12-31-11, 09:58 PM |
Re: أنا سعيد بانفصال الجنوب | Gaafar Ismail | 01-01-12, 03:34 AM |
Re: أنا سعيد بانفصال الجنوب | الأمين عبد الرحمن عيسى | 01-02-12, 09:58 AM |
Re: أنا سعيد بانفصال الجنوب | JOK BIONG | 01-02-12, 03:50 PM |
Re: أنا سعيد بانفصال الجنوب | الأمين عبد الرحمن عيسى | 01-02-12, 04:33 PM |
Re: أنا سعيد بانفصال الجنوب | الأمين عبد الرحمن عيسى | 01-02-12, 04:41 PM |
Re: أنا سعيد بانفصال الجنوب | Gaafar Ismail | 01-03-12, 02:26 PM |
Re: أنا سعيد بانفصال الجنوب | الأمين عبد الرحمن عيسى | 01-03-12, 04:43 PM |
Re: أنا سعيد بانفصال الجنوب | الأمين عبد الرحمن عيسى | 01-03-12, 04:47 PM |
Re: أنا سعيد بانفصال الجنوب | Gaafar Ismail | 01-04-12, 02:21 AM |
Re: أنا سعيد بانفصال الجنوب | Gaafar Ismail | 01-05-12, 03:48 PM |
Re: أنا سعيد بانفصال الجنوب | الأمين عبد الرحمن عيسى | 01-08-12, 10:00 PM |
|
|
|