|
Re: ندوة :- مناقشة كتاب (السعى وراء الألوهة : نظرة نقدية لفكر محمود محمد طه) .. مُلخص+ صور . (Re: مركز الخاتم عدلان)
|
يواصل د. فاروق
خلاصة المؤلف للكتاب على الرغم من ان الاستاذ طه ينتمى لمدرسة المجددين الاسلاميين الحديثين فانه لم يوفق فى بناء حركة على شاكلة حركة الاخوان المسلمين التى أسسها حسن البنا , انه اقرب لنموذج الامام محمد عبده الذى أسس مدرسة فكرية خلقت تراثاً تجديدياً استهدف احياء الاسلام بغية التغلب على ازمته فى العصر الحديث لا يقبل طه كغيره من المجددين القول بان الاسلام نفسه فى أزمة , بل يعتقد ان الازمة تكمن فى فهم المسلمين له , هذا التركيز على الفهم انما هو فى الواقع تركيز على الدور الذى يلعبه الوعى فى بناء العالم واحداث التغيير فيه , فبينما لا يختلف الاستاذ مع ماركس بصدد العلاقات الحميمة التى تربط الوعى بالواقع المادى للوجود الانسانى , فهو يرفض مقولة الماركسية بان الوعى يحدده الواقع المادى فى نهاية المطاف وبالرغم تأكيده على النقيض , فمن الواضح ان مشروع طه الاصلاحى جاء استجابة لازمة الاسلام الناتجة من مجابهة الحداثة الغربية والهيمنة الاستعمارية طه ينتمى من حيث ثقافته لنخبة تشكلت بفعل التعليم الاوروبى وتأثرت بقيم الليبرالية الغربية , ومع ان ذلك قاد اكثرية هذه النخبة المتعلمة لقبول القيم والمؤسسات العلمانية لا ان طه كان من بين الذين امنوا بان الاسلام يمتلك العنصر الاساسى للحل الشافى , لا للمجتمعات الاسلامية فقط وانما للعالم بأسره لم يكن طه مختلفا فى هذا السياق عن سودانى اخر هو محمد احمد المهدى الذى أمن بالطبيعة العالمية لمشروعه المهدوى , ومع ان طه ارتأى فى المهدوية مفهوما محدودا تجاوزه الزمن , الا ان الوعد بالخلاص الدينى الكوكبى احتل موقعا مركزيا فى فكره لقد منحت دعوى الاصالة الاستاذ طه سلطة يمكن تعريفها وتحديد طبيعتها بكونها (السلطة الاولية) فبينما استمدت دعوة المجددين الذين سبقوه , كالسيد احمد خان , والسيد امير على , والامام محمد عبده , سلطة ثانوية استمدت مشروعيتها من سلطة الرسول الاولية ومن الحاجة الملحة للتجديد , فان طه زعم لنفسه الاصالة للدعوة لرسالة تلقاها فى لحظة اتصال مباشر بالله , ولذلك هى اصالة مستمدة من سلطة اولية اتاحت له لا مجرد استبانة الدين الحق وحسب , وانما نسخ بعض ما أبقاه الرسول (صلعم) ما يميز طه هو دعواه بان الرسول حجاب بين العبد والخالق تنبغى ازالته , وان تقليد الرسول (صلعم) - برغم ضرورته – يعتبر دالة على عدم النضوج الروحى من الواضح ان مدلولات هذا الطرح الكاسح بعيدة المدى , انها تعنى سلطة موازية لسلطة الرسول (صلعم) يمكن ان تتأسس , وان سيرورة متصاعدة لتجاوز الافق النبوى يمكن ان تنشاء , كألية لتجديد الاسلام , وهذه السيرورة يمكن تعريفها ب (التهميش النبوى) كان من الطبيعى ان يقود مبدأ التهميش النبوى الاستاذ طه الى طريقة مميزة لفهم القرأن , لقد تقبل الاعتقاد الارثودوكسى بأن القرأن كلام الله , لكنه شرع فى اخضاع تعليم القرأن لتجديد ولاعادة بناء صوفى جذرى , متبعا لذلك من ناحية اضفاء طبيعة متجاوزة للغة فى النص القرأنى بحجة ان لغة النص لا تبدى الا معنى سطحى يخفى وراءه عالما معنويا بلا حدود , وهو فى هذا الصدد يماثل الكلام الالهى مع الجوهر الالهى ان ما يقوله طه عن كلام الله يرتبط بمفهوم الاصالة الذى يتيح للعابد (التلقى كفاحا) وهذا يعنى انه بقدر ما يكون ل (الاصيل) شهادته وصلاته وزكاته وصيامه وحجه الخاص فان له ايضا (قرأنه) , هذا يقود الى ما يمكن نعته ب (دمقرطة) المفهوم المفهوم الاسلامى للتلقى المباشر من لدن الله الذى يكاد يتماثل مع مؤسسة النبوة ويقتصر عليها اما فيما يخص النص القرأنى , فان قراءة طه تقوم على المقابلة الاساسية بين أيات الاصول وأيات الفروع , وذلك عملا بالمذهب التقليدى للنسخ ولمقابلة الناسخ بالمنسوخ , وذلك قاده الى الانقلاب التام على الاجماع التاريخى القائل بنسخ ألايات المدينية النهائى للأيات المكية السابقة عليها , لقد أكد امكان بل ضرورة النسخ العكسى الذى تبطل بموجبه احكام أيات النصوص المدينية السائدة فتستعيد احكام الأيات المكية للهجرة مكانتها يأخذ طه فى دفعه لفكرة الرسالة الثانية بتاريخانية ولا تاريخانية القرأن فى آن واحد , فبينما تحتفظ الأيات المدنية بتاريخانيتها فى نظره من حيث عكسها لواقع مجتمعها التاريخى وتجاوبها معه , فقد تنزلت الأيات المكية بمستوى مختلف , اذ عكست واقعا مغايرا هكذا فاننا نواجه بمفارقة زمانية مكانية فى قلب القرأن , تنزيل مدينى – مكى من ناحية , وتنزيل أنى – مستقبلى من من ناحية اخرى من الواضح ان طه باصراره على سقوط او قصور مجتمع المدينة دون المثال القرأنى من ناحية , وعلى وعد اليوتوبيا الاسلامية من ناحية اخرى , يتبنى منظورا تطوريا تقدميا مستلهما من الماركسية , يثير هذا المنظور قضية هامة تتعلق بالتعارض البين بين الأنثروبولوجية التطورية التى يناصرها والمنظور القرأنى الا – تطورى لمثال التوحيد الادمى الابتدائى الذى يتم احياؤه وتجديده بسلسلة متصلة من الانبياء ليبلغ اوجه وختامه بالرسالة المحمدية , يحاول طه صرف هذا التعارض بتجديد او اعادة بناء قصة الخلق القرأنية بحيث يستنبط تاريخا بشريا طويلا مضطربا (لاوادم منقرضين) سابقين لانبثاق ادم الخليفة المذكور فى القرأن الكريم , لكن معضلة طه تظل باقية لانه يعجز عن تبيان المنهج الذى يتيح توفيق الأنثروبولوجيا التطورية التى يتبناها مع الانثروبولوجيا القرأنية التى تنظر الى التاريخ الانسانى فى ضوء مشروع اساسى للخلاص عبر الصراع المتصل بين الايمان والكفر .
(عدل بواسطة مركز الخاتم عدلان on 01-14-2009, 11:51 AM)
|
|
|
|
|
|