|
أظرف رسالة غرام
|
ما رأيكم أن نغير من اخبار السياسة والنكد فهلموا هنا لكي نجمع اجمل ما كتب في الغرام فقد وجدت هذا الموضوع في مجلة قديمة فهل نحفظ ما نكتب ام نمزقه فتعالوا ننظر في ادب الرسائل وربما يساعدنا في الإرتقاء بخطابنا مع شكري أبوهريرة أظرف رسالة غرام في عام 1776 التقى بنيامين فرانكلين سفير أمريكا في باريس بمدام هلفيتيوس وأحبها وطلب يدها.. ولكنها اعتذرت عن الزواج وفاء منها لذكرى زوجها الفيلسوف الراحل.. وكانت صدمة قوية لبنيامين، حفزته لأن يكتب لحبيبته هذه الرسالة التي أجمع المؤرخون على أنها أظرف وأبدع رسالة غرام في التاريخ: تاريخ الحب..! سيدتي العزيزة كانت مصارحتك لي باعتزامك البقاء أرملة وحيدة حتى تلحقي بزوجك الراحل، ضربة قاسية لم أستطع الصمود أمامها فتركتك مصدوما، مضطربا، دون أن ألقي تحية المساء.. ومضيت هائما أطوف باريس سيرا على قدمي، شارد اللب أنتقل بعواطفي من أسى مرير إلى يأس قاتل.. حتى انتهيت إلى حجرتي فأخذت منوما شديدا، وتهالكت على الفراش لأهرب من الحقيقة المرة القاسية، وأصبح في عالم الأحلام. وفيما يرى النائم، رأيت نفسي قد انتقلت إلى العالم الآخر، ورحت أضرب فيه يمينا وشمالا، في حيرة وفي لهفة كمن يبحث عن عزيز فقده.. وفجأة رأيت أمامي ملاكا جميلا تقدم يسألني عن وجهتي فقلت له: "أريد ركن الفلاسفة" فقال الملاك الكريم: "هناك في طرف هذه الحديقة القريب يقيم اثنان من الفلاسفة.." فسألته" "ومن يكونان؟" فقال: "إنهما سقراط، وهلفيتيوس.." وهنا، صحت والفرح يغمرني: "هذا بديع.. بديع جدا.. دعني أولا ألتقي هلفيتيوس، فأنا أعرف الفرنسية، بينما لا أفهم حرفا من اليونانية.." وقادني الملاك الكريم إلى المكان الذي يقيم فيه هلفيتيوس فقام يستقبلني في بشر وترحاب وأخذ يسألني السؤال تلو السؤال عن الحرب، والدين، والحرية، وأنا أجيبه وكلي رغبة في أن يمسك عن أسئلته لحظة واحدة، لأوجه إليه السؤال الذي رغبت في مقابلته من أجله.. وأخيرا حانت الفرصة فقلت له: "إنك سألتني عن الناس، مظهرا اهتمامك العظيم بهم، ولكنك لم تسألني عن شريكة حياتك مدام هلفيتيوس!" فأرسل الفيلسوف زفرة وقال: "إنك بهذا تعيد إلي ذكريات الماضي التي يجب على الإنسان أن يطرحها وينساها وفي هذا العالم الآخر... ليستطيع أن يعيش فيه سعيدا هانئا.. لقد اضطرتني الظروف هنا أن أسلوها وأتخذ لي زوجة أخرى جميلة، تعمل جهدها للعناية بي وإسعادي" ويبدو لي يا سيدتي أني كنت متأثرا بوفائك الشديد لزوجك، فقد وجدت لساني يسبقني فأقول: "سيدي.. إن زوجتك، أقصد زوجتك في الأرض، أعظم منك وفاء، وأكثر إخلاصا.. إنها تحترم ذكراك، وترد من يطلبون يدها، لأنها لا تريد أن يلمسها رجل بعدك.. وهذا أمر خبرته بنفسي، فقد وقعت في هواها وخطبتها إلى نفسي، فرفضت احتراما منها ووفاء لذكراك.." وهنا رأيت هلفيتيوس يبتسم في إشفاق، آلمني وأذهلني، ثم قال: "إني أتقدم بتعزية صادقة أرثي بها حالك وحالها.." وهنا فتح الباب، وهلت علينا مدام هلفيتيوس الجديدة، وقد حملت أطباق الطعام بين يديها. ورفعت وجهي إليها.. وكم كانت دهشتي عندما اكتشفت فيها زوجتي الراحلة مدام فرانكلين..! لم أصدق عيني أول الأمر ففركتهما مرات، ولكن لم تمح صورتها من أمامي، فصحت فيها غاضبا: "ألم تقسمي أمام المذبح على أن تكوني لي وحدي..؟" وأجابتني في فتور وبرود: "لقد كنت زوجة طيبة لك طوال تسعة وعشرين عاما وأربعة أشهر، كان هذا في الدنيا.. أما هنا.. فهذا عالم آخر التقيت فيه برجل آخر ربطت السماوات مصيري بمصيره إلى الأبد.." أقول لك الحق.. إني صعقت عندما سمعت هذا الرد من بوريديس.. زوجتي الراحلة..! وفي غمرة يأسي تحفزت لأنتقم منها، فقمت إليها لأصفعها.. وفجأة.. استيقظت قبل أن تصل يدي إلى وجهها!.. ولكن.. ما زال في وسعي أن أنتقم من زوجتي وأنا متيقظ.. بل في وسعك أنت أيضا أن تنتقمي من زوجك. فهيا.. هيا يا عزيزتي، ننتقم سويا..! "ب.فرانكلين" الاثنين والدنيا 28/2/1949
|
|
|
|
|
|
|
|
|