قراءة في أدب الطيب صالح وإرتباطه بالتراث السوداني وتجسيده لحياة القرية !!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 01:00 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الراحل المقيم الطيب صالح
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-27-2006, 02:45 PM

Kamel mohamad
<aKamel mohamad
تاريخ التسجيل: 01-27-2005
مجموع المشاركات: 3181

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
قراءة في أدب الطيب صالح وإرتباطه بالتراث السوداني وتجسيده لحياة القرية !!

    قراءة في أدب الطيب صالح وإرتباطه بالتراث السوداني وتجسيده لحياة القرية :




    المصدر : قراءات في روايات الطيب صالح ( موسم الهجرة إلي الشمال - عرس الزين- مريود-ضوالبيت-بندرشاه.)


    ارتباط الطيب صالح بالقرية وهو ارتباط روحي ليس الى مكان بعينه، وقد عمق هذا الارتباط صورة هذا المكان الروحي في ذاكرته ووجدانه بحيث اختزن عقله المدهش كل شئ حتى رائحة التربة والثمار، حتى اصوات النخل والزرع والطير، حتى حفيف اوراق الشجر حين يداعبها النسيم، ينقل لك كل ذلك في محبة وعفوية حتى ليجعلك تعيش تجربته.

    صور رائعة لاتبرح مخيلتك وتبقى محفورة في ذاكرتك حتى بعد ان تفرغ من الرواية وتبتلعك مشاغل الحياة.

    يحدثك عن مسبحة خشب الصندل في يد جده وهي تدور في حركة دائبة كقواديس الساقية، وبنفس القدرة علي استيعاب التفاصيل يصف لك الباخرة بصافرتها المبحوحة وهي تمر كقلعة عائمة بين شاطئين تغطيهما غابات كثيفة من النخل وتدور فيها سواق، ويقف فيها رجال يزرعون، صدورهم عارية، وسراويلهم طويلة.

    صور من القرية

    ويحكي لك عن المنازل المطلية بالطين الاسود وزبالة البهائم، وحوش جده حيث ينشر التمر على بروش ليجف، ويتكوم البصل والشطة واكياس القمح والفول، وحيث تقفز عنز في الركن تمضغ شفيرا وترضع مولوداً.

    ويقدم لك صورة شعبية واضحة المعالم لبيت جده «خليط من روائح متناثرة، رائحة البصل والشطة والتمر والقمح والفول واللوبيا والحلبه والبخور الذي يعبق دائماً في مجمر الفخار الكبير. ويصور تقشف جده في العيش، وترفه في لوازم صلاته «الفروة التي يصلى عليها، وحين يشتد البرد يستعملها غطاء، عبارة عن جلود ثلاثة نمور مخيطة في جلد واسع، وابريق الصلاة من النحاس عليه تصاوير ونقوش، وله طشت من نحاس ايضاً، وهو يفتخر بمسبحته لانها من خشب الصندل، ويداعب حباتها، ويمسح بها وجهه ويستنشق رائحتها، وكان اذا غضب من احد ضربه بها على رأسه، يقال إن ذلك يطرد الشيطان.

    ويحدثك الطيب صالح عن ادوات التجميل عند النساء في القرية، واكثرها سودانية خالصة، الكحل والدلكة والدهن والكبرتة والريحة والحناء كما يحدثك عن الفركة والقرمصيص والبرش الأحمر.

    ويعرفك بملابس الرجال: الثياب الفضفاضة، والعباءة السوداء، وعمامة الكرب نمرة واحد، ومركوب الفاشر، وما يفعله العريس في ليلة زفافه حين يلبس الحريرة، ويتمسح بالدلكة ويضع الضريرة على الرأس، وتحيط به الصبايا يهزجن بالاغاني.

    ذخيرة الشعر الشعبي

    ويحتفظ الطيب صالح في رأسه بذخيرة كبرى من الشعر الشعبي والدوبيت يستشهد بها في رواياته، وفي رأسه موسوعة ضخمة من الالفاظ والتعبيرات والامثال الشعبية التي لم تفلح سنوات الغربة في محوها من ذاكرته وتتردد في اقوال شخصياته مثل: «الفحل ما عواف، والعنزة تاكل عشاه، والغزال قالت بلدي الشام، ورجل حبابه عشرة، وفلان تلقاه في الحارة والباردة، وكله كوم ودا كوم، وغير ذلك من التعبيرات التي تطالعك في كل صفحة من صفحات رواياته.

    مفردات الطب البلدي

    والطيب يعرف كل صغيرة وكبيرة عن الطب البلدي، ينقل لك حديث الطاهر ود الرواسي مع سعيد عشا البايتات، ينصحه الطاهر:

    «زمان قلنا ليكم عليكم بالحلبة والجنزبيل.. الجنزبيل الصباح على الريق، والحلبة قبل النوم، والعجب كمان تشرب لك كباية سمنة كل يوم» ويجيبه سعيد: «كله جربناه ما نفع، بلدي وافرنجي.. شربنا موية القرض والحرجل، وقرشنا التوم والبصل.. وآخر الزمن كمان ناس قالوا تسوي الحنة وناس قالوا تقعد فوق دخان الطلح».

    وفي رواية «ضو البيت» تصوير مبدع لعادة البطان في قرى شمال السودان، ويعني المبارزة بالسياط لاظهار الشجاعة والقوة امام الفتيات، ويبلغ التصوير درجة عليا من الاتقان بحيث يشعر القارئ بوقع السياط على ظهره.

    يحكي حمد ود حليمة قصة مبارزته لاقوى شباب القرية مختار ود حسب الرسول يقول:

    رفعت السوط فوق ونزلته.. شر.. عليك امان الله كأنك شرطت ليك قماش، مختار ما تزحزح لكن عينه رمشت.. نزلت السوط تاني. سمعته قنت.. انا اخوك يا السمحة.. اديته الثالث زح ورا شوية.. السوط الرابع اترتع.. السوط الخامس وقع بب غمران».

    وينقل اليك في صورة حادة رأى ود الريس في «موسم الهجرة الى الشمال» عن الخفاض الفرعوني وهي احدى العادات القبيحة اللا انسانية المخالفة للشرع يقول: «الفلاته والمصريون وعرب الشام اليسوا مسلمين مثلنا؟ لكنهم ناس يعرفون الاصول يتركون نساءهم كما خلقهن الله،، اما نحن فنجزهن كما تجز البهيمة.

    تنقيب اثري

    وهكذا ينقلك الطيب صالح من صورة الى اخرى على صفحات رواياته ويجعلك مثله تحس بالقرية وتستكشف معالمها وتتعرف على شخصياتها، وقد عبر عن ذلك في بعض مقابلاته حين يأنس في محاوره ذكاء واستيعاباً انه في كتاباته عن القرية يتقمص شخصية عالم الآثار الذي ينقب في دقة وحرص شديد داخل الطبقات الحضارية التي تراكمت على مدى السنين، وتركت بصماتها في مفاهيم القرية وتصرفاتها وعاداتها وسلوكها، ومثل عالم الآثار يستخدم كل حواسه: النظر والسمع واللمس والشم والتذوق لا يفوته شى، يحدثك عن طعم الجلد المدبوغ، طعم الماء في القربة المدلاة من الشعب في سقيفة الجد.. طعم ماء النيل ايام الفيضان، طعم الاخشاب المبتلة واوراق الشجر والطين، ثم ينتقل بك الى حاسة الشم فيحدثك عن رائحة التبن ورائحة القمح، ورائحة روث البقر، ورائحة اللبن أول ما يحلب ورائحة النعناع، ورائحة الليمون.

    ذكريات شاعرية

    وهو لا ينقب داخل القرية فقط، ولكنه ينقب داخل نفسه فتأتيه الذكريات خصبة حتى من عهد الطفولة الباكرة حية كأن لم يمر عليها زمان.

    يحكي عن محيميد وهو يتذكر لحظة ختانه بعد ان تعدى الستين وكانها حدثت بالأمس.

    «كان في السادسة، تذكر الضجة ووجوه الرجال والنسوة يدخلون ويخرجون في الدار والذبائح والزغاريد، وتذكر جده ممسكاً به والسكين وان الأمر تم في لحظة قبل ان يستعد له، واحساس الغيظ كان احداً ضربه بغتة، والألم المبرح فيما بعد».

    وبعيداً عن التفاصيل المتناثرة في ثنايا رواياته يجد القارئ احياناً وصفاً مجملاً للقرية في كلمات موحية مضيئة تنزلق في حلاوة على حافة اللسان كما لو كان الكاتب شاعراً مجيداً ضل طريقه إلى عالم الرواية:

    يحكي محيميد كيف طلب الاحالة الى المعاش ليعود إلى القرية:

    «وقتين طفح الكيل، مشيت لاصحاب الشأن قلت ليهم خلاص. مش عاوز.. رافض.. ادوني حقوقي عاوز اروح لي اهلي، دار جدي وابوي.. ازرع واحرث زي بقية خلق الله، اشرب الموية من القلة وآكل الكسرة بالويكة الخضرا من الجروف، وارقد على قفاي بالليل في حوش الديوان.. اعاين السما فوق صافية زي العجب والقمر يلهلج زي صحن الفضة.. قلت ليهم عاوز اعود للماضي ايام كان الناس ناس، والزمان زمان..

    ويرد عليه ود الرواسي في صورة شاعرية شعبية اكثر اشراقاً:

    «انت يا محيميد اما شاعر أو مجنون او خرف الشيخوخة، لكن اهلاً بيك ومرحباً. ود حامد مسجمة ومرمدة. في الصيف حرها ما بينقعد، وفي الشتا بردها اجارك الله، النمتي وقت لقوح التمر، والضبان وقت طلوع المريق، فيها الدبايب والعقارب ومرض الملاريا والدسنتاريا، حياتها كد ونكد، ومشاكلها قدر سبيب الرأس، اسألنا نحن خابرنها زين الولادة بي كواريك، والموت بي كواريك، جنابك قضيت حياتك كلها منجعص في مكتب تحت المروحة، الموية بالحنفية والنور بالكهرباء والسفر درجة اولى.

    ها للا ها للا! ما وقفت قراع عز الشتا، ما ركبت الحمير لامن جعباتك ورمن ما قعدت تعاين للتمر لا من ينجض يا الله السلامة، تصب عليه مطره واللا تحته هبوب، ما حرست القمح وايدك فوق قلبك يصيبه طير واللا دانقيل، وهسع وقت الصعيد جاب الهبوب مقلوبة، جيت تكوس رقدة الديوان تعاين للقمر يلالي في سابع سما، مرحبتين حباك والف اهلا وسهلاً».

    تناغم الحياة والاحياء.

    في دومة ود حامد يعطينا المؤلف صورة شعبية اخرى حين يصف بلسان احد سكان القرية ارتباط الحياة الفطرية بالطبيعة حولها في تناغم كامل.

    «اهل البندر لاينامون الا في اخريات الليل، اما نحن فننام حين يسكن الطير، ويمتنع الذباب عن مشاكسة البقر، وتستقر اوراق الشجر على حال واحد، وتضم الدجاج اجنحتها علي صغارها وترقد الماعز على جنوبها تجتر ما جمعته في يومها من علف،

    نحن وحيواناتنا سواء بسواء، نصحو حين تصحو وننام حين تنام انفاسنا جميعا تتصاعد بتدبير واحد».

    وفي حديث محمود ود جبرالدار الغريب الذي حط على القرية في رواية «ضو البيت» نتعرف على صورة معنوية للقرية واخلاق سكانها صيغت بنفس الاسلوب الشاعري المحكم:

    «يا عبدالله نحن كما تري نعيش تحت ستر المهيمن الديان، حياتنا كد وشظف، لكن قلوبنا عامرة بالرضى، قابلين بقسمتنا التي قسمها الله لنا، نصلى فروضنا، ونحفظ عروضنا، متحزمين ومتلزمين على نوائب الزمان وصروف الدهر، الكثير لا يبطرنا، والقليل لا يقلقنا، حياتنا طريقها مرسوم ومعلوم من المهد الى اللحد، القليل العندنا عملناه بسواعدنا، ما تعدينا على حقوق انسان، ولا اكلنا ربا ولا سحت، ناس سلام وقت سلام وناس غضب وقت الغضب الما يعرفنا يظن اننا ضعاف اذا نفخنا الهوا يرمينا لكننا في الحقيقة مثل شجر الحراز النابت في الحقول.

    (عدل بواسطة Kamel mohamad on 11-11-2006, 12:53 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
قراءة في أدب الطيب صالح وإرتباطه بالتراث السوداني وتجسيده لحياة القرية !! Kamel mohamad05-27-06, 02:45 PM
  Re: قراءة في أدب الطيب صالح وإرتباطه بالتراث السوداني وتجسيده لحياة القرية !! عمر عبد الخالق سعيد07-09-06, 02:33 AM
    Re: قراءة في أدب الطيب صالح وإرتباطه بالتراث السوداني وتجسيده لحياة القرية !! Kamel mohamad11-11-06, 12:59 PM
      Re: قراءة في أدب الطيب صالح وإرتباطه بالتراث السوداني وتجسيده لحياة القرية !! Kamel mohamad11-11-06, 03:27 PM
        Re: قراءة في أدب الطيب صالح وإرتباطه بالتراث السوداني وتجسيده لحياة القرية !! Mohamed E. Seliaman11-11-06, 03:44 PM
          Re: قراءة في أدب الطيب صالح وإرتباطه بالتراث السوداني وتجسيده لحياة القرية !! Amin Mahmoud Zorba11-11-06, 04:20 PM
          Re: قراءة في أدب الطيب صالح وإرتباطه بالتراث السوداني وتجسيده لحياة القرية !! munswor almophtah11-11-06, 05:07 PM
          Re: قراءة في أدب الطيب صالح وإرتباطه بالتراث السوداني وتجسيده لحياة القرية !! Kamel mohamad11-12-06, 01:04 AM
            Re: قراءة في أدب الطيب صالح وإرتباطه بالتراث السوداني وتجسيده لحياة القرية !! Kamel mohamad11-12-06, 01:36 AM
              Re: قراءة في أدب الطيب صالح وإرتباطه بالتراث السوداني وتجسيده لحياة القرية !! Kamel mohamad11-12-06, 01:59 AM
                Re: قراءة في أدب الطيب صالح وإرتباطه بالتراث السوداني وتجسيده لحياة القرية !! Kamel mohamad11-12-06, 02:10 AM
                  Re: قراءة في أدب الطيب صالح وإرتباطه بالتراث السوداني وتجسيده لحياة القرية !! Amin Mahmoud Zorba11-12-06, 07:17 AM
                    Re: قراءة في أدب الطيب صالح وإرتباطه بالتراث السوداني وتجسيده لحياة القرية !! Kamel mohamad11-12-06, 12:28 PM
                      Re: قراءة في أدب الطيب صالح وإرتباطه بالتراث السوداني وتجسيده لحياة القرية !! د.محمد الطاهر11-13-06, 12:08 PM
                        Re: قراءة في أدب الطيب صالح وإرتباطه بالتراث السوداني وتجسيده لحياة القرية !! Kamel mohamad11-23-06, 10:41 AM
                          Re: قراءة في أدب الطيب صالح وإرتباطه بالتراث السوداني وتجسيده لحياة القرية !! Kamel mohamad12-10-06, 00:57 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de