الطيب صالح مظلوما
مثل الطيب صالح لا يموت، فهو من أقلية صغيرة جدا من العالمين تخلدوا بالإبداع والريادة. أعماله الروائية والقصصية احتلت منذ زمن مكانها بين الأدب الذي يزيده الزمان توهجا، وكشوفه في الأفق الروائي ستظل تترك أثرها على الإنتاج السردي على مدى الدهر. وسيحتل اسمه دوما مكانه في صدارة كتّاب العالم الكبار، وبشكل خاص سنسعد نحن السودانيين دوما، بأن كاتبنا العظيم منح وطننا صفة أخرى غير صفة بلد الحروب الداخلية، والفشل السياسي المستمر، وجعله بلد الطيب صالح. دائما ستظل روايات الطيب صالح ممتعة وجميلة وعميقة، ذلك السرد الجاذب الأخاذ، والوصف الذي يحول العادي واليومي، وحتى القبيح، إلى لوحات مترعة بالشعرية والجمال ويلفت إلى مكامن الأشياء؛ والشخصيات التي ترسخ في الذاكرة وتختلط بالوجدان؛ والأماكن التي تعايشها بحميمية كأنك قضيت سنين صباك فيها، وسحر الزمن وهو يتقدم ويتأخر ويعود ويختلط ويدور ويذهب ويأتي وأنت ماضٍ معه ومأخوذ به.. كل ذلك وغيره سيجعل اللذة كلها كامنة في كل قراءة للطيب صالح.. ويجعل مثل كلامنا هذا، وغيره مما يمكن أن يقال أو يكتب عن أدب صالح لا قيمه له مقارنه بما يفعله ذلك الأدب ذاته في نفس المتلقي. أما الباحثين عن الدلالات والمعاني، فسيجدون في أدب الطيب صالح ضالتهم، حيث يفتح ثراء النصوص وعمقها، في كل لحظة ومع كل ذات قارئة، دلالات جديدة لا حد لها ولا عد. والحديث عن الدلالات يقودنا إلى ارتباط الطيب صالح عند الكثير من النقاد والكتاب والقراء بروايته "موسم الهجرة إلى الشمال" دون غيرها من أعماله الروائية الأخرى، ويبدو أن ذلك حدث بسبب التأويل السياسي الذي ألصق بموسم الهجرة منذ وقت مبكر بعد نشرها لأول مرة، وقدمها باعتبارها تناولا أدبيا لقضية العلاقة بين الشرق والغرب. لهذا السبب، ولان السياسي طاغٍ في المجتمع العربي على ما هو جمالي، فقد تم تصعيد موسم الهجرة على بقية أعمال الطيب صالح الروائية، وخاصة منها رواية "بندر شاه"، بجزأيها "ضو البيت" و "مريود"، التي نحسب أنها لا تقل جمالا وعمقا عن موسم الهجرة، إذا لم نقل إنها فاقتها، ووصلت بأدب صالح الروائي إلى قمته الجمالية من نواحي التكنيك، وشاعرية اللغة، وسحرية الأحداث والزمن.. لكن "بندر شاه" كانت عصية على كسل النقاد الباحثين عما هو سهل من دلالات، وصعبة على الدراسات النقدية التي تبحث عن الموضوع في الأدب وتترك الأدب نفسه.. فظلمت موسم الهجرة، وأهملت غيرها من كتابات الخالد صاحب بندر شاه. لازال هناك الكثير في أدب الطيب صالح سيشغل العالم ويمتعه طويلا. (عدل بواسطة تراث on 02-19-2009, 06:40 PM)

[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]