خاص : الكلمة الافتتاحية لصحيفة (( الآن )) التي ستصدر الأثنين 14/11

Quote: نعي أليم .. دالت دولة أولاد العرب والبقية في الاسلام . أمداء محمد عبد القادر سبيل نعي أليم .. دالت دولة أولاد العرب والبقية في الاسلام ! ____________________________________________________ ضغوط ضغوط من كل مكان ، وهي في الحقيقة ليست فقط على نظام الانقاذ كما يظن الطيبون ، وانما نخالها ضد صيغة السودان الموروث برمته، ضد علو قدح ( أولاد العرب والثقافة الاسلامية ) . هذا هو الحاصل الآن بالضبط وبايجاز شديد. وزراء اوربيون يتدافعون من كل حدب وصوب يزاحمهم مسؤولو المنظمات الدولية وفي مقدمهم كوفي عنان والفا كوناري ولا يزال الحبل على الجرار .. والمبرر هو : كارثة دارفور الانسانية التي لا مثيل لها في العالم ، تصوروا !! . بالطبع فان كل العقلاء ضد الفوضى الضاربة بأطنابها في دارفور، سواء تسببت في ذلك ( همباتة )القبائل العربية أو أية قبائل اخرى تناهض هؤلاء الهمباتة ، ودافور بالتأكيد تهمنا أكثر من اي مكان آخر خارج الحدود .. ولكن الاهتمام المبالغ فيه ازاء هذه الأزمة ، وكأنما ليست هنالك محنة انسانية فظيعة بفلسطين ولا العراق ولا غيرهما ، أمر يدعو فعلاً الى الريبة والعجب . الاتهامات مبعثرة في كل مكان، دون ان نفهم هل هذه المشكلة، التي انفجرت جملة واحدة وبكل هذا الزخم الاعلامي قبيل ابرام اتفاق نيفاشا ، ناجمة عن تضارب مصالح اوروبا ، ممثلة في فرنسا مثلا ، مع مصالح امريكا في المنطقة ؟ أم مصالح ارتريا واسرائيل أم هي مصالح العقيد القذافي أم العقيد قرنق وتمهيداته الجادة لصياغة السودان الجديد على اسس عنصرية تحقيقا ( لأول دولة سودانية حقيقية ) كما صرح هو شخصيا مؤخرا. لا ادري ما اذا كان هنالك من استطاع ملء يده تماماً من جلية الأمر ليوضح لنا مبعث الثقة الشديدة والتعنت المدهش من جانب قادة المتمردين الجدد ووضعهم للاشتراطات الحازمة التي لم يحرص عليها حتى قرنق صاحب المائة ألف محارب كما يزعمون. متمردو دارفور متـاكدون وواثقون من أنفسهم رغم انهم في الحساب العسكري – لا السياسي طبعا – عصابات تهجم بشكل خاطف وتختبئ احياناً في القرى وسط المدنيين أو في الجبال .. فما هو اذاً سر هذا التشدد؟ وما الذي يدفع العالم الغربي كله الى العناية بمشكلة دافور بهذا القدر من الاخلاص، فيتحرك المحافظون المسيحيون واليهود في الكونغرس لاعتبار ما يجري هنالك تطهيرا أو حتى ابادة جماعية رغم انف وزير خارجيتهم وسكرتير عام المنظمة الدولية اللذين اعلنا غير ذلك على مرأى ومسمع من العالم والاعلام بعد ان وقفا على الحقائق بنفسيهما ؟ ما السر في حرص المانيا مثلا؟ وفرنسا ؟ ما الذي يصرف نظر منظمة ( هيومان رايتس ووتش ) عن فجور سجن ابي غريب وآخرها أخبار اغتصاب الاطفال موثقة بالصور لتركز جهودها على اثبات أن تلك النساء البائسات الباعثات على الشفقة اللائي تناقلت وسائل الاعلام صورهن من معسكرات لاجئي دافور مازلن قادرات على أن يسلن لعاب عرب الهبانية والحمر والرزيقات حتى يغتصبوهن داخل المعسكرات؟!! اللهم لك الحمد ، لا على الاغتصاب ولكن على هذه الدرجة من اغراء نسائنا الهزيلات جوعا وعلى هذا القدر من رجولة فرساننا المتوحشين !! ترى هل كان الاغتصاب من الجنجويد فغلاً؟، وما الذي يدعو وزيرة خارجية النرويج على اتخاذ مسألة نيفاشا قضية موت أو حياة مع حرصها على تنظيم مؤتمر للمانحين في بلادها بغرض اعادة اعمار جنوب السودان بالذات ، هل هو سواد عيوننا أم سواد بشرتنا أم سواد أهدافهم ؟ الله أعلم. دعونا نربط كل هذا باعلان قرنق أنه يفضل حل مشكلة دافور على طاولة نيفشا ، فلقد قال بهذا منذ وقت طويل ، وقبل ان تصل الأزمة الى ما وصلت اليه الآن ، ولا يزال يردد الدعوة الى ذلك بزعم انها ستقف حجر عثرة امام تطبيق اتفاقات السلام . ثم لنربط ايقاع الازمة وتلاحق تداعياتها مع اجتماع علي الحاج مع قرنق نفسه قبل ايام ، ونوصل الأمر من ناحية أخرى بالاعلان عن بدء التحضير لاطلاق مشروع ربط يوغندا بكينيا وتنزانيا وجنوب السودان ( لاحظوا ليس السودان )عن طريق سكك الحديد والاعلان عن أن قادة الحركة الشعبية يفضلون تصدير النفط الجنوبي عن طريق ميناء ممباسا بدلا عن بورتسودان بعد الانفصال. الصورة واضحة ولا تحتاج الى توقد قريحة . قرنق يضعها صريحة ، فاما ان يسود ويهيمن على السودان كله فكراً وثقافة وسياسة جنوباً وشمالا ، وهذا ما يدعمه المجتمع الغربي تعبيرا عن الاسلاموفوبيا الآخذة في التنامي يومياً لديه كما نرى ونرصد ، أو أن ينفصل الجنوب ويلتحق بالدول الثلاث المشار اليها في اتحاد فيدرالي اوكونفدرالي وهذا ما يدعمه المجتمع الغربي كذلك فضلا عن اسرائيل. الصورة واضحة ولا تحتاج الى ذكاء أو بصيرة . ومن يعتقد بغير ذلك فلينتظر حتى تركن الحكومة الى الواقعية وتحمل ملف دارفور الى قرنق ليفصل فيه ، آنئذ سترون كيف أن قادة المتمردين والوسطاء سيذعنون. نحن هنا ندعو الى ذلك فوراً لأنه ، كما يبدو، لا مخرج آخر سواه يجنب البلاد ما هو اسوأ ، كما أن أمام الحكومة فرصة للمساومة لصالح هيمنة ثقافة الاسلام ( ضمانا لتناغم الشمال ووحدته ) في مقابل تنازل ( أولاد العرب ) عن ميزاتهم ، فالاسلام سيحفظ التوازن المطلوب فيما اذا تضمنت الاتفاقات ضمان تعزيز مكانته في مناهج ومؤسسات التعليم وحمايته اعلامياً من محاولات الاختراق المحمومة من جانب العلمانيين/ زعماء الاصلاح والتأويل ووبالتالي التحجيم ودعاة ما يمكن ان نطلق عليه: ديانة حقوق الانسان وذلك في اطار حرية التعبير، خاصة في ظل الحملة الامريكية والغربية ضد الارهاب الاسلاموي . صحيح أن هذا قد يبدو مهينا بالنسبة للنظام ولكن صدقوني ، لا ينبغي ان تخسروا كل شئ دفعة واحدة على المدى الطويل ، وان خيوط مشكلة دارفور بيد سعادة العقيد دي مبيور ، ولابد ان الحكومة تدرك هذا ولكنها تكابر ، بدليل انها صرحت مرارا بأن قرنق هو من حرك الازمة بمعاونة الترابي وافورقي ، وهو من نسق ونقل الامدادات اللوجستية والاسلحة بين اسمرا وذلك الاقليم عبر ( المناطق المحررة )، وقبل يومين فقط اعلن مجذوب الخليفة رئيس وفد الحكومة الى مباحثات اديس مع متمردي دارفور بأن لأرتريا اليد الطولى في تحريك التمرد وتدريب الثوار وأن على الاتحاد الافريقي التحقيق في الأمر تجفيفا لمنبع الأزمة ، علما بأن قادة حركتي التمرد موجودون الآن في اسمرة ، وعلي الحاج كذلك في اسمرة بزعم حضور فعاليات مؤتمر التجمع الذي يحضره قرنق ، وبالفعل اجتمع العقيد بعلي الحاج هنالك ، والأخير ضالع في ايقاظ الفتنة كما أُعلن، بحكم انتمائه الاثني وبحكم خيار حزبه الذي يكيد لحلفاء الأمس. وأما اذا علمنا بأن احدى حركتي تمرد دافور قد وقعت اتفاقا مع متمردي ( الأسود الحرة ) التي تطالب بحقوق ( البجا ) وان المتمردين قد طالبوا قبلاً باضافة قضيتهم الى اجندة نيفاشا، فاننا سنعلم بالتالي ان القنوات جميعاً باتت تصب في خانة واحدة هي ( الضغط من كل جانب لتحقيق سودان جديد على اسس عرقية بزعامة قرنق ) واما اذا فشل هذا السيناريو فأن الجنوبيين سيتأكدون من انه لا فائدة من الشمال، وسينفصل يائساً بعد ست سنوات فقط . الصورة واضحة الآن ، أو على الأقل واردة بقوة بالنسبة لمن لا يريد تصديق مثل هذه القراءة . و الحل ؟؟ . في الحقيقة ليست هنالك حلول من شأنها ارضاء اولاد العرب بعد الآن ، أمامهم فقط التكاتف من اجل تقليل خسائرهم القادمة ، ما لم ينفصل الجنوب فيريح ويستريح . وهنا ندعو لأن تتحمل الحكومة مسؤوليتها التاريخية وان لا تكابر فتضر بمصلحة البلاد والعباد ، عليها حمل ملف دافور الى نيفاشا بأسرع وقت ممكن ، خاصة وان علي عثمان نائب الرئيس قد صرح بأن قرنق منطقي وواقعي ونحن من جانبنا نضيف نعت براغماتي، ولنجرب فلربما قدم حلاً توفيقياً معقولا ، رغم يقيننا بأنه سيكون حلاً لصالح السودان الجديد ( حسب فهم الحركة الشعبية ) ، وهكذا فالنظام يتحتم عليه ألا يطمع فيما سوى : اقل الخسائر الممكنة . العالم كله يضغط .. يهود الكونغرس ونصاراه ، منظمات الغرب الطوعية المسيحية وغير المسيحية، بل وحتى الاتحاد الأفريقي سيتضح انه يقف مع السودان الجديد اياه، كخيار ليس مقابله الا انفصال الجنوب بخيره الكثير وشره الكثير ايضا . فلا ينبغي أن نضيع الوقت ، وأما اذا كنا ننتظر أخبار كيري فأجزم بأنه سيكون أسوأ من ألف بوش . ولكن الأهم من كل ما سبق هو أن وضع شأن دارفور على طاولة نيفاشا ستتيح فرصة ذهبية لاصطياد عصفورين بحجر واحد ، ونعني بذلك اشراك زعماء الاحزاب الاخرى في المفاوضات لاضفاء الطابع القومي على مجمل الاتفاقات ولاعادة الاعتبار لهم ولجماهيرهم ولتجاوز كثير من الفجوات والمكايدات حتى بين الشماليين أولاد العرب انفسهم ، وذلك عن طريق هذه الخطوة المسؤولة والرصينة والمنطقية . امضوا الى نيفاشا والسلام . أحسن الله عزاءكم والبقية في الاسلام . (عدل بواسطة محمد عبدالقادر سبيل on 19-07-2004, 09:00 PM)