|
د. جون قرنق افتقدناك كثيرا سياسي ثوري سوداني(علي شرف زيارة سلفاكير)
|
تاريخ الحلقة:
12/10/2003 - أهداف جون قرنق من تشكيل حركة تحرير السودان - مدى إدراج البعد الديني في الحرب السودانية - ملامح العقيدة الجديدة للجيش السوداني في ظل الترتيبات الأمنية - حقيقة وجود خلافات في الجبهة الجنوبية - طبيعة العلاقة بين قرنق والترابي - طبيعة علاقة الحركة مع مصر والعالم العربي - حقيقة العلاقة بين الحركة الشعبية وإسرائيل
رأفت يحيى: أعزائي المشاهدين، السلام عليكم.
ضيفنا في هذه الحلقة العقيد جون قرنق (زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان)، الذي خاض حرباً دامت أكثر من عشرين عاماً مع الحكومات السودانية المتعاقبة خلال هذه الفترة، حرباً كان ضحاياها أكثر من مليون قتيل، وأكثر من أربعة مليون لاجئ داخل السودان وخارجها، فضلاً عن تعطل عملية التنمية في الكثير من مناطق السودان، وباتفاق قرنق مع الحكومة السودانية حول الترتيبات الأمنية والتحضير للاتفاق حول النقاط الخلافية المتعلقة بتقاسم السلطة والثروة يصبح الطريق في نظر البعض ممهداً لتحقيق سلام شامل في كل أنحاء السودان، غير أن آخرين يساورهم شك في أن تضع الحرب أوزارها، وأن ما يجري من وجهة نظرهم هو مجرد استراحة مقاتل أو بالأحرى التحضير لبناء دولة جديدة في جنوب السودان.
أشكرك دكتور قرنق أن أتحت لي فرصة لقائك هنا في رومبيك جنوب السودان، والحقيقة أنك تبدو أنيقاً جداً في زيك العسكري، ولكنك على وشك أن تصبح نائباً للرئيس السوداني، فمتى تتخلى عن هذا الزي العسكري وترتدي اللباس المدني؟
جون قرنق: هناك أشخاص في الحكومة الحالية من العسكريين، ووجود مقاتلين من الجانبين في فترة ما بعد الحرب لا يعني بالضرورة أن يكون هناك نزاع، اشتغلت سابقاً في الجيش السوداني برتبة عقيد، وذلك قبل الحرب ولست جديداً على هذا الجيش.
أهداف جون قرنق من تشكيل حركة تحرير السودان
رأفت يحيى: دعنا نتحدث عن المشكلة من بدايتها، اسم حركتك هو تحرير السودان، من أي شيء تريد تحرير السودان؟
جون قرنق: هي ما تعنيه بالضبط، فإذا ما أخذنا مثلاً الوضع هنا في رومبيك أو جنوب السودان، ومنذ أن خلق الله هذه الأرض لم تكن هناك طرق مرصوفة، والناس يعانون حيث يقطعون مسافات طويلة تصل أحياناً إلى خمسة أو عشرة كيلو مترات لجلب الماء، وإذا قمت بحفر بئر على مسافة تقل عن عشرة كيلو مترات ولو بنصف كيلو متر تكون قد خففت عن معاناة تلك المرأة التي تقطع عشرة كيلو مترات يومياً لجلب الماء وساهمت في تحريرها أيضاً، هناك سوء فهم لدى بعض الناس حين يتساءلون التحرر مِن مَن؟ والسؤال قد يكون بالأحرى التحرر من ماذا؟ هناك من يقول إن البلاد تحررت عام 1956، نحن لا نتفق مع ذلك، فهذا التحرير كان زائفاً، ولم يشمل كل السودانيين، نحن الآن نقوم بإشراك كل المواطنين السودانيين في عملية تحرير ثانية إذا شئت ذلك، أشركنا كل المواطنين في جنوب السودان وجبال النوبة، والفونج جنوب النيل الأزرق، والبيجا شرقي السودان بشكل لم يحصل سابقاً، حيث قرروا مصيرهم بأيديهم، وهناك الآن حركة في دارفور تطلق على نفسها حركة تحرير السودان، وتريد كذلك اتخاذ قرارات لصالح البلاد، ولذلك فبدلاً من أن تكون البلاد تحت سيطرة مجموعة قليلة من الأشخاص الذين يقررون كل شيء يجب أن يتم إشراك كل السودانيين في اتخاذ القرارات.
رأفت يحيى: إنك لديك تفسيراً يبدو فلسفياً أكثر لما تقصده بتحرير السودان، أنت تقصد بالتحرر -كما فهمت- معنىً آخر على مستوى كل السودان.
جون قرنق: لها معنى شامل ومتكامل، وهذا جانب منها، أي التحرر من المعاناة ومن مختلف القيود ضد الحرية والحياة وفيما يتعلق بطريقة الحكم فإن المعايير المتبعة في السودان مقيدة للحرية، السودان يتميز بالتنوع، التنوع في تاريخه الذي يرجع إلى ما قبل الميلاد، فمنذ مملكة الكوش إلى الوقت الراهن تجد أن ممالك ودولاً ظهرت واختفت لتشكل ما يسمى الآن بالسودان، أسمي ذلك التنوع التاريخي، واليوم لدينا نمطان من التنوع، هناك أولاً التنوع العرقي، حيث يوجد أكثر من خمسمائة مجموعة عرقية في السودان يتكلمون أكثر من مائة وثلاثين لغة مختلفة، وهناك في الجانب الثاني التنوع الديني، حيث يوجد المسلمون الذين يشكلون ما بين 60 و70% من السكان، والمسيحيون وآخرون لديهم ديانات إفريقية قديمة، أنا أسمي كل ذلك التنوع المعاصر، ويجب أن ينعكس التنوع التاريخي والتنوع المعاصر على أسلوب الحكم، لكن هذا لا ينطبق على السودان، ولم يكن الأمر كذلك منذ سنة 1956، نظام الحكم في السودان قام على الإسلام والعروبة، صحيح أن الإسلام عنصر أساسي في حياتنا في السودان، وصحيح أيضاً أن عدداً واسعاً من مواطنينا لديهم خلفية عربية، لكن هذه نصف الحقيقة، ولا تمثل كل السودان الذي يتميز بالتنوع الذي تكلمت عنه من قبل، وعليه من أجل سودان جديد ومتحرر يجب أن يقبل السودان بكل أبنائه على قدم المساواة، سواءً أكانوا من ذوي الأصول الإفريقية أو العربية أو كانوا مسيحيين أو مسلمين، لأنهم في المقام الأول سودانيون.
|
|
|
|
|
|
|
|
|