|
إستعدوا للفوضى والبلطجية
|
كنت قد كتبت قبل عامين، وتحديدا في سبتمبر 2009 ، مقالا نشر في جريدة أجراس الحرية بعنوان "نظارات طبية"، منبها فيه الي ان انفصال الجنوب واقع لامحالة، وان قصر النظر السياسي سيقود البلاد لخسارة الوحدة والسلام معا، وهذا ما حدث، حيث خسرنا الجنوب من اجل السلام كما قال قادة النظام الفاسد الفاشل القابع في السلطة، وبعد خسارة الجنوب اشتعلت الحروب في كل اطراف البلاد تقريبا، والمزيد من الحروب والقلاقل والصراعات مرشحة للإشتعال بسبب تفاقم الازمة الاقتصادية والغلاء وأنسداد الافق الذي يعاني منه النظام. وسيكون اخطر هذه الصراعات هي التي ستحدث – لا محالة ايضا – بين اركان النظام انفسهم، بسبب قلة المعروض من الموارد القابلة للنهب والسلب، والتي ستؤديء الي محاولة فطم البعض من ثدي السلطة، وهذا امر بدأت بشائره تظهر في التلكؤ وعدم القدرة على تشكيل حكومة نهب جديدة الي اليوم، هذا النظام استطاع البقاء طيلة هذه المدة عن طريق الفساد والافساد السياسي، فشراء الذمم وشراء الولاء والصرف الامني والدعائي هو ما يبلع اكثر من 80% من ميزانية الدولة، وميزانية الدولة فقدت 70% من دخلها بذهاب الجنوب ، وبهذا فإنه شاء النظام ام ابى فإنه مضطر إضطرارا الي فطم البعض الذين كان ولاءهم له في الاساس بسبب ما يوفره النظام من بيئة صالحة للفساد والنهب والسلب، وهؤلاء المأجورين لي يستطيعوا تحمل الفطام، بعضهم سيتم قمعه او أحتوائه، ولكن قريبا جدا ستسمع عن منادين جدد بالديموقراطية كانوا حتى عهد قريب جزء من اسوأ الانظمة القمعية على مدار التاريخ، ولأنهم يعلمون ان الذمرة الحاكمة لا تعطي الا لمن يحمل السلاح، فلا تستبعد سماع قعقعة السلاح في العاصمة بعد حين.
اعتقد ان الرؤية صارت واضحة الان، وهو ان النظام قرر سلوك طريق شمسون بعد ان فقد كل شيء، وقرر قادته –بوعي منهم او بلا وعي – سلوك الطريق الذي يؤدي الى هدم المعبد بمن عليه، وهو طريق يتطلب قمعا شديدا وقهرا ليس له مثيل لجماهير الشعب السوداني، وهما امران يصعب تبريرهما بأي منطق سياسي في ظل الظروف الحالية، لذا لجأ قادة النظام الي إكثار الحديث عن الشريعة والحكم بأمر الله، في تناقض مثير للسخرية والرثاء في نفس الوقت، ومن الواضح ان تلك الدعاوي جاءت من اجل تبرير القمع الشديد الذي يحتاجه النظام للبقاء في السلطة اطول مدة ممكنة.
المشكلة الحقيقية ان كل السيناريوهات المرسومة، لن تنتهي ببقاء هذا النظام بأي شكل كان، سواء ان جاءت نهايته بثورة شعبية او على يد الحركات المسلحة او بسبب صراع داخلي دموي ومميت بين اركانه، وفي كل الحلات وفي ظل قصر النظر الذي يعاني منه السياسيون في المعارضة او الحكومة، فإن كل السيناريوهات ستنتهي بفوضى عارمة لن يكون من الممكن تجنبها بالركون الي الوعي السياسي للشعب السوداني وتجربته وخبرته، فالامر هذه المرة مختلف تماما، والتخريب الذي احدثه النظام في منظومة القيم الخاصة بالشعب السوداني الذي عرف بالطيبة والتسامح والاستقامة، تخريب كبير وعميق من الخطر تجاهله، مما يضع الجميع تحت طائلة مسؤلية كبيرة.
إن افضل السيناريوهات هو اسقاط النظام عن طريق هبة شعبية، وهو امر محتمل جدا في ظل الازمة الاقتصادية والغلاء الذي يسود البلاد، ولكن حتى افضل السيناريوهات هذا لن يجنب البلاد الفوضى الشاملة التي سيعمل انصار النظام والمستفيدين منه على نشرها بكل ما اوتوا من قوة لتجنب المحاكمات والملاحقات، وحقيقة ان بيئة البلد مناسبة جدا لنشر الفوضى بسبب القبلية وإنتشار السلاح وانعدام العدالة الاجتماعية التي كان للنظام اليد الطولى في تفشيها، هذا السيناريو يحتم على كل الحادبين العمل منذ الان وبقوة على تجنيب البلاد الانزلاق في هذا المصير المظلم.
العمل المطلوب هو ان تبدأ الاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والناشطين والصحفيين والفنانين وكتاب الرأي العمل على نشر ثقافة سياسية راشدة بين مكونات الشعب السوداني، ويجب على الشباب العمل على تشكيل لجان الحماية منذ الان فسقوط النظام ات بلا ادنى شك، وتجارب الثورات برهنت على ان الانظمة المنهارة هي التي تخلق الفوضى وليس المتظاهرين، فحين كان الشباب في ميدان التحرير في مصر يكنس الميدان وينظفه كان نظام مبارك يحشد البلطجية لنشر الفوضى، وما اكثر بلطجية الانقاذ ومأجوريها.
على المنظومات المهتمة بالعمل العام ارتداء نظارتها ، فالفترة القبادمة لا تحتمل قصر النظر الذي ساد السياسية السودانية منذ الاستقلال، والتغيير القادم سيكون تغيير عميق وكبير، اشبه بعملية جراحية ضخمة، قد تؤدي الي موت الوطن ان لم تجرى بشكل صحيح وواع ومسؤول، ولكن المؤكد، ان الوطن سيموت إن لم يجريها.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
إستعدوا للفوضى والبلطجية | Shihab Karrar | 09-27-11, 11:08 AM |
Re: إستعدوا للفوضى والبلطجية | قيقراوي | 09-27-11, 08:42 PM |
Re: إستعدوا للفوضى والبلطجية | Shihab Karrar | 09-27-11, 09:04 PM |
Re: إستعدوا للفوضى والبلطجية | Mahjob Abdalla | 09-27-11, 09:06 PM |
Re: إستعدوا للفوضى والبلطجية | فتحي الصديق | 09-27-11, 09:51 PM |
Re: إستعدوا للفوضى والبلطجية | ibrahim alnimma | 09-27-11, 10:12 PM |
Re: إستعدوا للفوضى والبلطجية | Shihab Karrar | 09-28-11, 09:48 AM |
Re: إستعدوا للفوضى والبلطجية | مهيرة | 09-28-11, 10:03 AM |
Re: إستعدوا للفوضى والبلطجية | حسبو عكاشة | 09-28-11, 10:43 AM |
Re: إستعدوا للفوضى والبلطجية | Shihab Karrar | 09-28-11, 11:46 AM |
Re: إستعدوا للفوضى والبلطجية | Abdel Aati | 09-28-11, 10:52 AM |
Re: إستعدوا للفوضى والبلطجية | بله محمد الفاضل | 09-28-11, 11:55 AM |
Re: إستعدوا للفوضى والبلطجية | اسامه خليفه | 09-28-11, 12:00 PM |
Re: إستعدوا للفوضى والبلطجية | الطيب رحمه قريمان | 09-28-11, 12:16 PM |
Re: إستعدوا للفوضى والبلطجية | Nasr | 09-28-11, 12:31 PM |
Re: إستعدوا للفوضى والبلطجية | Shihab Karrar | 09-28-11, 12:56 PM |
Re: إستعدوا للفوضى والبلطجية | Nazik Eltayeb | 09-28-11, 01:12 PM |
Re: إستعدوا للفوضى والبلطجية | Shihab Karrar | 09-28-11, 06:12 PM |
Re: إستعدوا للفوضى والبلطجية | شكرى سليمان ماطوس | 09-28-11, 07:15 PM |
Re: إستعدوا للفوضى والبلطجية | Shihab Karrar | 09-29-11, 11:20 AM |
Re: إستعدوا للفوضى والبلطجية | فايزودالقاضي | 09-29-11, 01:49 PM |
Re: إستعدوا للفوضى والبلطجية | مهيرة | 09-29-11, 02:42 PM |
Re: إستعدوا للفوضى والبلطجية | Shihab Karrar | 09-30-11, 09:18 AM |
|
|
|