|
Re: نصف قرن من وجع الحياة ..... عمرى الآن!! (Re: Ishraga Mustafa)
|
السادس عشر من سبتمبر من الألفية الثالثة, اكمل نصف قرن من العمر ونصفه الآخر حكايتى, عصارة.. بعض من عصارة تجاربى. نصف قرن جعلت صديقة نمساوية تعد قيامة عمرى وتحاصرنى بالسؤال كلما تهتافنا, كلما التقينا: ستحتفلين وسنحتفى هذا العام بشكل خاص, انه اليوبيل... يوبيل التجارب. صديقتى تعرف بانى لا انتمى لثقافة الاحتفاء باعياد الميلاد بالطريقة المعتاد عليها فى بلد تعرف سر الشمع وحريقى. وحين حلمت قبل أعوام ان اكتب بعض من تجاربى فى الحياة سريت بها لصديق: وهل وصلتى العمر الذى تكتبين فيه تجاربك؟ قلت ان العمر يقاس بالانجازات, اى منجز, الفرح والحزن ولىّ من الاثنين نصيب وان هجم نمر الأخير علىّ وما التهمنى, النمر محتار من امرأة فنيقية كلما تلذذ بلحمها المر كلما خرجت من جوفه نارأ تضىء وتحرق ايضا. يقاس بالتجارب, بارتفاع غبار الحياة, وهانذى وصلت قرونا من الحكى, الشدو, الدمع الهداى والبكاء والشجاء و, حنينى لطفولتى, لبراءتى الأولى, لغنوات امى وصوتها الحنون, لقهوتها ولنارها التى لا تموت. احتفى بطريقة تخصنى, احتفاء للتأمل, لوقفة بلا ندم على مافاتنى, بلا حزن على ما اضعته, بلا جلد ذات لتصفو الرؤية لاتصالح مع اخطائى, اقف بلا زهو لما انجزته فى حياتى, بلا يأس لكل الآمال التى انهارت كقيزان الرمل فى يوم مطر عاصف. إنها خمسون غزرة, خمسون {سحارة} خبأت فيها احلام طفولتى وبلحاتها وتمائم امى وتعاويذ محبتها, دمع يمور فى بطن البئر الحنون.. البئر الذى يمور بدمعى, بئر الحلة ودروبها. خمسون جبلاً, جبل موية.. جبل دود.. جبل توتيل.. البركل.. مرة... هنا.. جبال الألب.. قروسكلوكنر, فايسكوغل.. صعدت الى بئر العمر, سنوات الطفولة, لم اكن طفلة شقية ولكنى كنت ممتلئة بفضول المعرفة ومازلت صبية, اتلمس طريقى نحو دروب الحياة ومايحقق لذاتى تصالحها. كنت كثيرة الاسئلة, اظن ان ابى خصب كل اشجار امى بالاسئلة, ماكنت اكتفى بالاجابات العائمة ولم يشفينى الصمت مقابلا لاسئلتى. كنت اصطنت كل فجر الى صوت القمرية, يقولون انهم لم يسمعوها ولكنى كنت افعل كنا, اربعتنا, صغارا تفصل بيننا بضعة سنوات وكانت امى قريبة منا, تفرد جناح رحمتها لتلمنا وتحكى لنا حجوتها وتقوقى بصوتها الحنون الحزين قوق قوق من شال سعيد قوق قوق مايحضر العيد قوق قوق من شال بلال قوقو قوقو مايحضر الهلال وينامون, واظل صاحية اتابع رحلة الغيم الذى يسكن سموات كوستى, اترك لدموعى قوقاى ملحها وابحث مع القمرية المحروق حشاها عن سعيد, عن بلال. لا اذكر بانى تبرصت بالطيور يوما, حين يتشاقى الصغار يوم المطر, يستدرجون عشوشة بحبات القمح ثم يشوونها على حطب مبلول بماء الخريف. ذواكر طفولتى غابات حدها الحنين والحنين والحنين, حدودها تتجاوز مارأيته, سمعته, وعايشته. أبسط الأشياء تفرحنى, شرائط ملونة هى باقى قصاصة الكرمبلين والدمورية المصبوغة وتوب سابوكيس لحداد جارتنا على فقدها وبقية ما تبقى من كفن يزين ضفائرى ويمنحنى الحياة.
|
|
|
|
|
|