( شاسا ) و ( شابا ) حكاية عربية .. بل سودانية ( قصة قصيرة )

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 05:02 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-29-2011, 12:59 PM

محمد جلال عبدالله
<aمحمد جلال عبدالله
تاريخ التسجيل: 06-24-2011
مجموع المشاركات: 4552

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
( شاسا ) و ( شابا ) حكاية عربية .. بل سودانية ( قصة قصيرة )

    طرقات قوية وقعت على الباب الخشبي المتهالك في ذلكم الصباح الباكر من يوم العطلة الأسبوعية
    انتفض السبعيني من فراشه فزعا، وأهوى بقدميه إلى الأرض يبحث بهما يمينا ويسارا عن شبشبه المنزلي، ولما باءت كل محاولاته بالفشل نظر تحت رجليه فلم يبصر الشبشب

    أخذ يصرخ بأعلى صوته أن يحضروا له شبشبه الذي يستخدمه جميع أفراد الأسرة، فلم يجبه أحد؛ فقد كان الكل نياما!

    عادت الطرقات على الباب كأقوى ما تكون حتى كاد الباب المتهالك أن يسقط أرضا، فانتفض السبعيني وهرع ناحية الباب يختلس النظر من شقوقه إلى ذلكم الطارق المزعج الذي انتهك هدأة الصباح الباكر فأقض مضجعه وأطار النوم من عينيه

    رأى السبعيني بعين يكسوها النعاس ويتراكم عليها القذى والدمع، شابا أنيقا يحمل دفاتر وأوراقا وفي عينيه نظرة ذئبية لم تخطئها عين السبعيني

    هوى الشاب بقبضته مرة أخرى على الباب في نفس اللحظة التي فتحه فيها السبعيني وكادت كف الشاب أن تسقط على وجه الشيخ الذي تراجع فزعا إلى الخلف

    وبلا مقدمات ولا سلام أو اعتذار سأله الشاب:
    - أنت الحاج حسين
    - نعم يا بني
    - أنا مندوب من شركة [ شاسا ]
    - وما شركة [ شاسا ] يا بني؟

    أجابه بابتسامة ماكرة:
    - كلمة [ شاسا ] اختصار لعبارة: شركة استغلال الهواء، وقد أنشئت بموجب قرار مجلس الوزراء الموقر رقم: (...) لعام: (...)، وفكرة الشركة تقوم على الاستفادة من فائض المساحة أعلى منازل المواطنين، فكل مواطن لم يستغل الهواء الذي فوق منزله، فله الحق في ثلاثة أمتار منه فقط، وما علاها حتى الغلاف الجوي فهو حق للدولة تفعل به ما تشاء.

    - سأله السبعيني بحيرة: وما ذا تريدون مني إذن؟
    أجابه الشاب بصوت كالهدير:

    - لقد قامت الشركة بشراء المساحة التي تعلو منزلك يا رجل، ونحن نريد أن نبدأ العمل فيها لتشييد برج سكني، وأنت أمامك ثلاثة خيارات: إما أن تبيعنا بيتك ونحن على استعداد لشرائه بمبلغ: ( ... )، وإما أن تغادره إلى أن ينتهي العمل، وإما أن تبقى فيه على مسئوليتك الشخصية بعد أن توقع إقرارا بذلك، ولسنا مسئولين عن أية أضرار!

    - ولكن يا ولدي هذا المبلغ لا يساوي ربع قيمة الأرض التي يقوم عليها منزلي، ثم إني إذا خرجت من منزلي فأين أذهب وإلى أين أتوجه؟ وكيف أبقى في البيت وأنتم تريدون تشييد برج سكني فوقه؟ ثم كيف سينشأ هذا البرج دون أن يتأثر بيتي المتهالك، ثم من أعطاكم الحق أصلا في أن تحجبوا عني السماء والهواء؟ هذا ظلم .. ظلم .. ظلم!

    صرخ الشاب في وجهه:
    - اسمع يا رجل لا تقل ظلمٌ ولا تتحدث في السياسة! أحذرك من أن تتعاطى السياسة في مسألة تجارية بحتة .. هه هل أنت معارض سياسي؟ هل لديك رأي في سياسة الدولة؟

    - صاح الشيخ فزعا: لا لا يا ولدي معاذ الله .. لست سياسيا ولا رأي لي في سياسة الدولة الحكيمة، سوى أنها تعمل لصالح مواطنيها ليل نهار، وكل قانون تسنه ففيه رخاء الشعب والمواطنين... أبقى الله حكومتنا ووفق حكامنا.

    قال الشاب بابتسامة ظافرة:
    - حسنا يا والدي ... فكر في هذه الخيارات التي قلتها لك وسأعود إليك بعد نصف ساعة لتبلغني قرارك؛ فنحن جاهزون للعمل، وأريدك أن تلقي نظرة على آلياتنا وعمالنا.

    تطلع السبعيني إلى الآليات العظيمة الواقفة أمام منزله والعشرات من العمال الذين تكدست بهم البصات والشاحنات وكلهم ينتظرون قراره المغلوب لبدء العمل!

    انقلب السبعيني عائدا إلى داخل منزله وكأنما تضاعفت سنوات عمره السبعين، وأخذ يجرجر خطاه المثقلة، وقد حفر البؤس والشقاء والخوف على تجاعيد وجهه علامات لا تخطئها العين، وأخذ يفتش عبثا عن شبشبه بين أسرة وفرش عائلته الكبيرة، ليدخل به الحمام ويقضي حاجة إنسانية صباحية لم تمهله شركة [ شاسا ] لقضائها.

    وبينما هو منهمك في بحثه، إذ تعالت طرقات أخرى قوية على بابه المتهالك، فهرع إليه سريعا ظنا منه أن مندوب شركة [ شاسا ] قد عاد قبل انقضاء المهلة

    فتح الباب مباشرة هذه المرة، وإذا به أمام فتاة عشرينية حسناء، توحي ملامحها بالرقة والدعة، وهي تسأله في هدوء وغنج:
    - أنت الحاج حسين؟
    - نعم يا بنيتي
    - أنا مندوبة من شركة [ شابا ]
    - سألها الشيخ في ذعر: وما شركة [ شابا ] هذه؟

    أجابته في نعومة:
    - كلمة [ شابا ] اختصار لعبارة: شركة استغلال باطن الأرض، وقد أنشئت بموجب قرار مجلس الوزراء الموقر رقم: (...) لعام: (...)، وفكرة الشركة تقوم على الاستفادة من فائض المساحات الموجودة في باطن الأرض أسفل منازل المواطنين، فكل مواطن لم يستغل المساحة التي أسفل منزله، فله الحق في ثلاثة أمتار فقط منها، وما كان أسفل منها حتى نواة الأرض السفلى فهو حق للدولة تستغله كما تشاء.

    كاد السبعيني أن يهتف بها: أنكم لصوص ... مجرمون .. وأن هذا ظلم، ولكنه تذكر عواقب الكلام في السياسة المزعومة وفضل الصمت، وقال لها في تخاذل:
    - ولكن يا بنيتي فيم ستستغلون هذه المساحة أسفل منزلي؟
    - سننشئ فيها مخازن للبضائع ومواقف للسيارات، وملاجئ للمواطنين في حالة حدوث هجوم نووي، والدولة التي اشترينا منها هذه المساحة هي التي ستستأجر منا هذه المرافق.

    - ولكن يا بنيتي عندما تحفرون أسفل منزلي حتى لو كان تحت مسافة ثلاثة أمتار، فلا بد أنه سينهار!!!

    وكان رد الفتاة أن عرضت عليه نفس الخيارات السابقة التي عرضها مندوب شركة [ شاسا ]، مع ابتسامة ساحرة وغنج متدفق، وأيضا أعطته مهلة ربع ساعة ، وقد مضى من المهلة الأولى أكثر من نصفها، كما لم تنس أن تريه آليات شركة [ شابا ] وعمالها المتحفزين لبدء العمل!

    أيقظ السبعيني جميع أفراد عائلته الكبيرة وعرض الأمر عليهم، فتعالت الصرخات والآهات ما بين خائف وثائر ومتوعد، ولكنهم خلصوا في النهاية إلى نتيجة مفادها: أنه لا قبل لهم بهذه الجحافل وهذا الجشع المحمي بقانون الغاب! ولكنهم اتفقوا جميعا على الدفاع عن حقهم بشتى السبل، وعدم الاستسلام مهما كانت الظروف.

    عادت الطرقات مرة أخرى تدك صفحة الباب المتهالك، وعندما فتح السبعيني الباب، وجد أمامه الشاب الغليظ مندوب شركة [ شاسا ]، وكذلك الفتاة الرقيقة مندوبة شركة [ شابا ].

    ابتدر الشاب السبعيني بالسؤال عن قراره الذي انتهى إليه، وقبل أن يرد تداخلت الفتاة في الحوار تسأل أيضا عن مصير عرضها، وهنا نشبت مناقشة حامية بين مندوبي الشركتين، وأخذا يتبادلان الاتهامات

    - نحن شركة [ شاسا ] أولى بهذه الصفقة لأن تاريخ إنشائنا كان قبلكم بنص القانون.
    - بل نحن في شركة [ شابا ] الذين أولى منكم، فنحن حصلنا على المساحة أسفل بيت هذا الرجل الطيب، وإذا لم ننشئ مرافقنا فلن تقوم لكم قائمة.

    - إن المسئول الذي تتبع له شركة [ شاسا ] سيعرف كيف يأخذ حقنا منكم أيها المحتالون.
    - إن المسئول الأعلى مرتبة من مسئولك، وهو مالك شركة [ شابا ] سيعرف كيف يوقفكم عند حدودكم أيها النصابون.

    - إن الأمر كله في يد هذا الرجل الطيب وهو سيوقع لنا ... اسمع يا عمي نحن مستعدون لزيادة المبلغ إلى الضعف .. بل ومستعدون أن نمنحك شقة في البرج السكني الذي سنقوم ببنائه، فقط وقع لنا هنا .. أرجوك أن توقع ولا تستمع لهذه المحتالة.

    - لا تصدقهم يا أبتاه .. إنهم سيمنحونك شقة بالتقسيط، أو مجانا لمدة خمس سنوات فقط ثم تغادرها أو تشتريها بعد ذلك، وهذا العقد إن وقعت عليه ستجد فيه الكثير من الثغرات التي يستولون بها على مسكنك وتجد نفسك في الشارع معدما، ولذلك وقع على هذا العقد الخاص بنا وسنوفر لك مسكنا حتى ينتهي العمل ثم نمنحك غرفتين في الملجأ النووي، مع وظيفة أمين للمخازن، وحارس في موقف السيارات ليلا.

    أخذ السبعيني يقلب بصره يمنة ويسرة في ذهول وحيرة، بين الشاب الغليظ والفتاة الرقيقة التي تحولت في لحظة إلى نمرة شرسة، وبقي متحيرا يرقبهما وهما يتبادلات الشتائم والاتهامات ويكادان أن يشتبكا في عراك بالأيادي، ولم تسمح له نفسه الرحيمة وسنوات عمره السبعين والنخوة التي تربى عليها وكذلك شعوره الأبوي، أن يدعهما في هذا التهارج والتشاجر، ففصل بينهما وأخذ يطيب خاطرهما، وقال لهما:

    - إذن يا أبنائي لماذا لا ندع هذا الشجار ونذهب إلى القضاء ليحكم بيننا جميعا؟
    استحسن الشاب والفتاة مقترح الشيخ وهرع كل واحد منهما لسيارته، ولم يهتم أي منهما أن يصطحب الشيخ معه، ومشى من ورائهم موكبان من السيارات التي تحمل منسوبي الشركتين، وتبعهم السبعيني حافيا إلى مبنى المحكمة الذي لم يكن بعيدا عن مسكنه

    ولما وصل إلى المحكمة هاله أن يرى منظر الجموع الواقفة المتسمرة أمام المبنى المنهار والذي أصبح ركاما، فقد تبين أن شركة [ شابا ] قد اشترت المساحة أسفل المبنى ولما كان اليوم عطلة رسمية ولم تجد من تتفاوض معه، فقد بدأت العمل بالحفر تحت مسافة الثلاثة أمتار أسفل المبنى، وذلك على أمل أن يكون التفاوض في اليوم التالي، فانهار مبنى المحكمة! وبقي الشاب والفتاة يتشاجران ويتبادلان السباب والشتائم.

    وانقلب السبعيني عائدا إلى بيته، ليبحث عن شبشبه ويقضي حاجته الإنسانية الصباحية، وينتظر مصيره المحتوم الذي سيقرره القانون في اليوم التالي، فقد كان القانون ذلك اليوم في إجازة!
    ----------------------
    محمد جلال 2010
                  

العنوان الكاتب Date
( شاسا ) و ( شابا ) حكاية عربية .. بل سودانية ( قصة قصيرة ) محمد جلال عبدالله08-29-11, 12:59 PM
  Re: ( شاسا ) و ( شابا ) حكاية عربية .. بل سودانية ( قصة قصيرة ) ود الخليفه08-29-11, 01:22 PM
    Re: ( شاسا ) و ( شابا ) حكاية عربية .. بل سودانية ( قصة قصيرة ) محمد جلال عبدالله08-29-11, 03:03 PM
      Re: ( شاسا ) و ( شابا ) حكاية عربية .. بل سودانية ( قصة قصيرة ) ود الخليفه08-29-11, 03:20 PM
        Re: ( شاسا ) و ( شابا ) حكاية عربية .. بل سودانية ( قصة قصيرة ) محمد قسم الله محمد08-29-11, 04:37 PM
          Re: ( شاسا ) و ( شابا ) حكاية عربية .. بل سودانية ( قصة قصيرة ) محمد جلال عبدالله08-30-11, 09:03 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de