|
Re: القراءة للمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرة الرابعـــــــ (Re: قرشى محمد عبدون)
|
ويقول حكيم: النصر ربيع المهزومين وخريف المنتصرين؛ بمعنى أن الانتصار لا يمنح أصحابه حصانة ضد الزمن، فرب انتصار يكون نقطة النهاية لمسيرة بدت طويلة، ولكنها في الواقع لم تزد عن أن تكون فقرة هامشية في كتاب مهمل. مضافاً إلى ذلك أن الفضيلة تنبع من التفوق الأخلاقي، وبهذا المعنى فإن بعض الهزائم أكثر فضلاً من النصر، وبعضها يمنح أصحابها قوة ومكانة أخلاقية تفوق ما يجلبه النصر من قوة وتمكن لأصحابه، الذين يرذلهم الضمير الجمعي إن لم يعذبهم ضميرهم الشخصي. ويقول آخر: الضمير هو ذلك الجزء من نفسك الذي يعتريه الألم، في الوقت الذي تشعر فيه بقية أجزاء جسمك بالسعادة؛ وتأنيب الضمير بالطبع يقود الإنسان في النهاية إلى الشعور بالندم، الذي ينجم عن إدراك فداحة الأضرار التي تلحق بالمرء نتيجة ما اقترفه، هو نفسه، مع سبق الإصرار وبكامل إرادته بحق الآخرين. ويضيف ثالث: الثقة هي ذلك الشعور الذي ينتابك في اللحظة التي تسبق سقوطك على الأرض مباشرة. ويشير إلى أن هذه الثقة تنبع من خيلاء داخلية، أو مجاملة خارجية. لذا قيل: طعم المجاملة لذيذ، ولكن ليس حين تبتلعها! وبطبيعة الحال، ليست الروايات وحدها تتطلب "القراءة للمرة الرابعة"؛ بل والحياة نفسها، وأحداثها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وسلوك من يقيمون على قيدها، وحتى تلك الأقوال المأثورة والحكم البليغة، التي توجز معبرة، وتفصح عن معانيها ومغازيها بأوضح صورة، ومن ذلك الحكاية حول فوكنر وروايته المستعصية على القراءة . ويبقى علينا أن نتذكر هنا أمران: الأول؛ أن حشد الأقوال المأثورة قد لا يجد ترجمة سياسية مباشرة ومحددة، ولكنه يقدم الحكمة البشرية جاهزة للتوظيف في تناول الأحداث المطابقة. الثاني؛ أن القراءة للمرة الرابعة، وربما العاشرة، ليست ضمانة كافية للفهم، لا سيما مع الإصرار على القراءة بطريقة مغلوطة، أو مع انحراف نفس القارئ عن المنطق القويم!
|
|
|
|
|
|
|
|
|