|
رجل يستحق الوقوف عنده كثيرا ..
|
الأمير:عبدالرحمن نقدالله رمزالمبادئ والصمود
بقلم: عبدالمحمود أبو
في تاريخ الانسانية هنالك أشخاص خلدوا في ذاكرة الأمة نتيجة لأعمالهم ومواقفهم التي حفظها الناس واقتدوا بها. وأبو الأنبياء ابراهيم عليه السلام قال: " واجعل لي لسان صدق في الآخرين" وعلمتنا الحياة أن علو السلطة والجاه والماء علو زائف ينتهى بزوال تلك الأشياء ولكن القيم والمبادئ والتضحيات تظل باقية يتوارثها الأجيال جيلا بعد جيل. لقد عرفت الأمير: عبدالرحمن نقدالله معرفة لصيقة في فترة التسعينات وتوثقت علاقتي به في فترة بطش الانقاذ الأولى حيث كنا هدفا للملاحقات الأمنية وآخرها الفرية التي ألصقوها بنا بأننا وراء التفجيرات التي حدثت في الخرطوم وأحضروا أشخاصا زعموا أنني والأميرنقدالله قمنا بتمويلهم لتنفيذ تلك التفجيرات وتم اعتقالنا لمدة أربعة أشهر إلا قليلا حيث كنت والأميرنقدالله في رحلة اعتقالية بدأت من الأمن الايجابي مرورا بسجن دبك وانتهاء بكوبر ولم يتحر معنا أحد بالرغم من محاكمتنا إعلاميا ونسي الذين فعلوا ذلك اليوم الذي تجتمع فيه عندالله الخصوم . ففي هذه الفترة عرفت الأميرعن قرب فكان نعم الأخ ونعم الصديق يمثل إباء وشموخا وصمودا وصبرا علي البلاء يجسد دعوة الامام المهدي عليه السلام في الصبرعلى الشدائد والمشاق رغبة في دوام القرب والتلاق. ومن خلال معرفتي بالأميرالحاج عبدالرحمن عبدالله نقدالله يمكنني أن أسجل في حقه الآتي:
أولا:الحاج نقدالله سليل بيت عرف بالجهاد والصمود منذ جده الأكبرالأميرعبدالرحمن نقدالله والشيئ من معدنه لايستغرب، ولذلك سارالأمير علي نهج سلفه من حيث قوة العقيدة وصلابة الموقف وعدم مداهنة الطغاة ولقي في سبيل ذلك أشد أنواع البلاء فواجهها بالصبروالرضا فنال رضا الناس ونحسب أنه سيكون مرضيا عندالله .
ثانيا: ظل الأميرأنصاريا مخلصا لعقيدته ومعتزا بها ومتمسكا بها مظهرا ومخبرا وقد عرف بثقافته الأنصارية الواسعة وإجادته لتلاوة القرآن والراتب وكان يقوم بتأبين الأموات بحديث فيه من العظات والعبروالدروس مما يدل على سعة اطلاعه وعمق ثقافته الدينية، وعلاقاته الاجتماعية الواسعة. لقد كافأه الأنصارلتضحياته وجهاده وبلائه وأهليته باختياره رئيسا لمجلس الشورى وهو أهل لذلك.
ثالثا: تشرب الأميرالوطنية من أسرته ومن الكيان الذي ينتمي إليه فجده كان أميرا من قادة المهدية الدعوة والدولة ووالده كان سكرتيرشباب الأنصاروالساعد الأيمن للامام عبدالرحمن المهدي وهوأحد أبطال جيل الاستقلال، والحاج عبدالرحمن نقدالله ارتبط اسمه بالجهاد ضدالشمولية المايوية والانقاذية ونال حظا وافرا من الابتلاءات فلم ينحن ولم يداهن ولم يساوم وظل مجاهرا بقول الحق ومصادمة الباطل لايخشى في ذلك لومة لائم . كما يتميزبصلاة واسعة بكل ألوان الطيف ولشجاعته ووطنيته اختيرقائدا للتجمع بالداخل في فترة المواجهة مع الانقاذ في حقبة التسعينات.
رابعا: يتميزالأميرعبدالرحمن نقدالله بحميمية فريدة داخل أسرته فعلاقته خاصة جدا بشقيقته الأميرة سارة نقدالله التي تشبهه في كثيرمن المواقف – صلابة في الموقف مع رقة في التعامل- وعلاقة الأسرة جميعا بعائشة عبدالله نقدالله "أم المؤمنين" تستحق الاشادة هذه السيدة ظلت صامدة طيلة فترات المحنة تشرف على الاسرة وتستقبل الضيوف ببشاشة وكرم حاتمي وهي حافظة سرالأميرالكبيروأمينة على وثائقه فكان الحاج يجلها ويقدرها، كذلك الأميرة الكبرى نورالشام التي كانت سفيرة السودان الشعبية في المغرب ويعرفها كل الطلاب السودانيين الذين درسوا في المغرب وكذلك الزوارالسودانيون فكان منزلها قبلة الزائروالطالب والمحتاج، وفاطمة نقدالله "تاتا" من الكوادرالأنصارية المميزة التي تربطها بالحاج عبدالرحمن علاقة خاصة باعتبارها الشقيقة الصغرى، لكن علاقة الأميربزوجته هدى من أميزالعلاقات الإنسانية فمارأيت أحدا يقدرزوجته مثل الأميرولايتحرج من إعلان ذلك أمام الملأ كيف لايفعل ذلك وهى التي تحملت معه كل المحن والشدائد التي قابلته في مسيرته الوطنية فهي تستحق التكريم والتحية ، لقد حرص الأميرعلى المحافظة علي سيرة سلفه وتحري الكسب الحلال لذلك أكرمه الله بأبناء بررة صالحين يجلونه ويجلون معارفه وهم: محمد وعبدالله وابراهيم وصلاح وأحمد ووداعة ووديعة وصفية ومحمد المهدي . حفظهم الله ورد عنهم كيد الحاسدين. لقد تميزت هذه الأسرة بصلابة العقيدة، وصمودالموقف ورقة التعامل وكرم الضيافة وكان للأمير بصماته الوضحة في ذلك.
خامسا:كان الأميريمثل جسرتواصل بين حزب الأمة والقوى السياسية والكيانات الاجتماعية وقد استقبلت داره العامرة كل ألوان الطيف السياسي والطرق الصوفية والادارة الأهلية وقادة الأحزاب الجنوبية والقادة المسيحيين والأكاديميين والطلاب والمثقفين والنقابيين وكلهم أعجبوا بصموده ووطنيته ونقائه وأريحيته، وكان يمتلك القدرة علي تجسيرالعلاقة بين الفرقاء بصورة نالت إعجاب الجميع.
سادسا: كان الأميروفيا لأصدقائه ورفقائه فظلوا يحيطون به بصورة لافتة ولاينسى المرء اللوحة الجميلة التي كانت تضم كلامن : عبداللطيف الجميعابي ويعقوب موسي ومنصورمصطفي والمرحوم عمرالشهيد والفاضل حمد دياب، فضلا عن فضل النور والمرحوم مأمون الأمير وأبناء صديق نمر ومأمون عبدالرازق...الخ لقد كان الأميرنموذجا للقيادي الذي يقدر رفقاء دربه ويحافظ عليهم ويتفقد أحوالهم ويعرف أسرهم صغيرهم وكبيرهم لذلك تألموا جميعا لما أصابه ولكنهم صبروا واحتسبوا.
سابعا: الأنصارية عقيدة وسلوكا ومعاملة وفكرا تجري في دم الأمير. وهومن الذاكرين الله كثيرا ويكاد يحفظ كل الأدعية والأذكارالواردة عن الصالحين من عبادالله . وكنا نتشاورفي كثيرمن القضايا الدينية والفكرية والمواقف الوطنية وكانت له مبادرات رائعة وموفقة مع حضوروحسن تقدير، أذكرأنه عندما استشهد طلاب معسكرالعيلفون وعتمت الحكومة على الحدث كان ذلك قبل عيدالأضحى بيومين أوثلاثة وكنت قد أعددت خطبة العيد للصلاة في مسجد الهجرة بودنوباوي فاقترح الأميرنقدالله أن نصلي علي الشهداء صلاة الغائب وكانت لفتة بارعة حيث تناولت الموضوع في خطبة العيد بصورة مستنكرة للمعاملة السيئة للطلاب وصلينا عليهم صلاة الغائب ... وهكذا كانت له أفكارنيرة سيذكرها التاريخ يوما ما.لقد كان تقديرالأنصار للأميركبيرا لأنهم بحكم تربيتهم يحبون الوضوح وصلابة الموقف ومواجهة التحديات فكان وكلاء الإمام يتجمعون كل يوم جمعة في منزله ويتشاورون في قضايا الكيان وقضايا الوطن ومن ثم يستعدون لأداء صلاة الجمعة في المسجد.
إنني أسجل هذه الكلمات في حق صديقي الأميرعبدالرحمن عبدالله نقدالله ويعتصرني الألم لما أصابه وأعتقد أنه إمتحان لكياننا قيادة وقاعدة ولكنا تربينا على تقبل أحكام الله بكل الرضا وطبعا فإن النفس البشرية تغلب عليها المشاعرالانسانية لذلك لم أستطع أن أدخل عليه طيلة فترة مرضه مع أني أدعوله بالغيب فصعب على الإنسان أن يرى صديقه الذي كان كالأسد عاجزا عن الحركة . غير أننا نسأل الله أن يلطف به وبنا ويقدر له ولنا مافيه صلاح حالنا في الدارين وللأميرالحاج عبدالرحمن عبدالله عبدالرحمن نقدالله محبتي وصالح دعائي.
|
|
|
|
|
|