|
Re: لو كان إبنك يفتدى بالروح لافتديناه يا اسد...... ...كاريكاتير (Re: عمر دفع الله)
|
في يناير من العام 1994 وذات يوم غائم وشديد البرودة . يوم اشبه بناية التاريخ لبلاد الهلال الخصيب وكأن الموت لم يكن معروفا لاهل تلك المنطقة .
مات الابن الاكبر للرئيس الاسد في حادث سير على الطريق المؤدى الى مطار دمشق . فهبط الخبر على لبنان وكأنها واحدة من محافظات سوريا .
و في مثل ذلك اليوم كان لا بد للبنان ان تتوشح بالسواد . وكان لا بد لكل لبنانى ان يضع ولو قليلا من الدموع في اطراف عينيه وان يعقد حاجبيه للتدليل على الحزن والاسى . حتى لا يجر على نفسه تهمة الفرح والسرور برحيل الشبل الاكبر لاسد سوريا .
جلست - كغيرى من الملايين - امام التلفاز لمشاهدة مراسم التشييع في قرية القرداحة مسقط رأس الاسد.
ذهبت كل اركان الدولة اللبنانية (بصمتها) الى القرداحة . وجئ بالجثمان ووضع امام المعزين وكان الجميع يحاول ان يظهر جزعه وحزنه في براعة فائقة تبعث على الرأفة بهم . فالجميع الآن في حضرة الاسد المكلوم. وهكذا حال الرعية في سوريا ولبنان . إن حزن الاسد حزنوا وإن فرح الاسد فرحوا . فتلك قوانين الغاب وتربية الغاب . إنها قصة شعوب ادخلت نفسها في غياهب الغابات ولن تخرج منها إلا بإندلاع الحرائق الضخمة كتلك الحرائق التى تأكل في شباب سوريا اليوم .
تمر كاميرا التلفزيون على الحشود الكبيرة امام الجثمان فيتسمر المعزون وكأنهم الواحا من الخشب اليابس . وعندما مرت الكاميرا امام الاسد تخيلت ان الناس جميعا تسمروا في مقاعدهم في مدن وبوادى الشام ولبنان وخطر لى ان اخرج الى شارع الكومودور في بيروت واصرخ فوق رؤوسهم ( نيرون مات ولم تمت روما بعينيها تقاتل ) .
كان الاسد بالفعل حزينا. عيناه الصغيرتان كما لو كانتا من مادة مصنوعة . ورأسه الكبير , مثلث كرأس الثور , يبعث على الرهبة والذعر . لقد كان الراحل طاغية من الطراز الاموى الى حد كبير .
لقد اصبت بالدهشة .... هل يحزن الاسد ؟ لعمرى إنها مفارقة ما بعدها مفارقة . كيف يحزن الطغاة القتلة لموت احد وهم من تعودوا على قتل الانفس كما تقتل البهائم ؟! كيف يحزن مثل هذا الرجل الذى ضرب شعبه بالطائرات ؟ صحيح ان المتوفى هو ابنه ومن صلبه ولكننى مع ذلك إستغربت ان يكون للقتلة مثل هذه الغرائز كسائر البشر والخلق . وقيل ان الرئيس البشير ايضا قد اجهش بالبكاء وبصوت عالى عندما قتل اخيه الاصغر في الجنوب .
ربما يكون الامر مجرد تخيلات واوهام في رأسى . فعاطفة الحب والحزن لا تمنع البشر من إرتكاب الجرائم . ومن المحتمل ان يكون صوت الضمير ضعيفا وباهتا في لحظة إرتكاب الجرم وهذا ما حدث مع الرجلين , الاسد والبشير .
لنعود الى القرداحة .
تبارى الجميع في كلمات العزاء كأنهم في مسابقة ادبية . وجاء دور الشيخ حسن نصرالله . وكعادته يقف لبرهة ويجول ببصره على وجوه الناس المحتشدة امامه ليخلق حالة من الترقب ينفذ من خلالها صوتا جهورا يزلزل المكان زلزلة.
لكنه في هذه المرة اخرج من فمه صوتا آخرا صوت يدخره في مثل هذه المناسبات والتى إعتاد عليها في جنازات المقاتلين من اعضاء حزب الله .
قال الشيخ وفي صوت حزين : لو كان ابنك يفتدى بالروح لافتديناه يا اسد .
كنت اشاهد امامى , على تلفزيون الlbc اللبنانى , شيخا يكسر الثلج بلسانه ودموعه قبالة اسد سوريا المكلوم وكأن الجثة التى ترقد امامه هى جثة الامام الحسين ابن على في كربلا .
لم يعجب ذلك المسلك الكثيرين من عقلاء لبنان . وكان مصدرا للتندر والاستهزاء من اهل بيروت الشرقية خاصة .
لذلك لم استغرب وقوف السيد نصرالله في صف بيت الاسد وفرق الموت البعثية التى تقتل وتعذب المحتجين العزل .
-------------------- حتى نعود
|
|
|
|
|
|