|
Re: لا ترغب أن يحدث لك ما حدث لسعيد وسعيدة. (Re: معاذ حسن)
|
فبعد اطلاعي عن كثب لما حدث لهما قررت إلا يحدث لي ذلك مهما كلف الأمر. كان العم سعيد يوما شابا من الطبقة الوسطى تزوج سعيدة وهي أيضا شابة من ذات الطبقة, كان يعمل موظفا متوسطا في مصلحة حكومية ,إبتني العم سعيد منزلا لطيفا على مساحة خمسمائة متر في (حي الصحافة) وغرس فيه من الأشجار الظليلة الشيء الكثير وأنشأ تعريشه من الحصير واللبلاب في الركن الشمالي من المنزل كان يخطط أن يقضى تحتها سنوات شيخوخته يستمتع بالصباحات الشتوية في دفئها, ويقضي أوقات القيلولة صيفا تحتها بعد أن يرش أرضيتها ويغسل فروع اللبلاب بالخرطوش, ليستمتع بعد ذلك بطقوس قهوة رفيقة دربه الحاجة سعيده . مرت الأيام وشاخ العم سعيد بسرعة لم يتوقعها وكبر العيال الخمسة (أربعة أولاد وبنت واحدة), والمؤسف إنه ولا أحد من العيال استطاع أن يخرج من ربقة الطبقة الوسطي , وليت شباب الطبقة الوسطى هذه الأيام كأيام العم سعيد فلم يتمكن أحد من عياله من شراء شبر في هذه المدينة التي أصبحت تباع الأرض فيها بالمتر. تزوج الابن الأكبر ومن بين أركان هذه الدنيا الواسعة لم يجد ركنا يبني فيه عش زوجيته إلا الركن الشمالي من منزل العم سعيد ,وهكذا غادر العم سعيد التعريشة واختار من بين أشجاره التي كبرت معه شجرة نيم ظليلة بجوار الباب الرئيسي قال العم سعيد يومها في نفسه : لا بأس فعلى الأقل سأتسلى من مجلسي هنا برؤية الداخل والخارج. بعد سنتين وذات ظهيرة والعم سعيد جالس تحت نيمته الأثيرة يتصفح جريدة اليوم جاء ابنيه خالد ونزار وفي عيونهما نظرة يعرفها جيدا منذ أيام بابا عايزين حلاوة. تنحنح خالد : يا حج عايزين نأخذ رأيك في موضوع. - خير يا ولادي - يا حج والله عايزين نعمل سيفون في البيت الحمامات البلدية دي ما بتنفع. - خير مافي مشكلة ربنا يساعدكم. - أمبارح جبنا صاحبها مهندس وقال أنسب حته نحفر فيها البير هو الحتة دي يعني لازم نقطع النيمة دي ونحفر البير في محلها. - يا ولادي شوفو ليكم حتة تانية الشجرة دي اكتر حتة برتاح فيها في البيت دا بعد شلتو التعريشة. - يا حج والله ما في طريقة لازم نشيل الشجرة دي. كان نزار يكتفي بمتابعة الحوار الدائر بين العم سعيد وخالد وفي عينيه نظرة مؤيدة بقوة لكل ما قاله خالد.التقط نزار طرف الحوار متداخلا برعونة ومرارة مغلفة بهزار سخيف. - يا أبوي أنت ما ضيعتنا!!. بهت العم سعيد كليا - كيف ياولدي؟. - البلد دي زمان ما كانت رخصية هسي عمي إبراهيم دا مش كان زميلك في المصلحة هسي عندو تلاتة بيوت وزعها لاولادو!! . عشرات الاجابات المقنعة تقافزت في ذهن العم سعيد ولكنه لم يختر واحدة منها اكتفي بصمت حزين. - يا اولادي خير مافي عوجه اقطعوا الشجرة واحفروا البير. لم يعترض العم سعيد بعد هذا الحوار على قطع بقية أشجاره عند زواج نزار وطلال ...ولم يبق له من أشجاره إلا تلك المغروسة خارج المنزل بمحاذاة الجدار. وهكذا تحول المنزل الهاديء الذي كان يحلم به العم سعيد إلى نزل يأوى بضع وعشرون نفسا وتبخرت أحلام العم سعيد بقضاء شيخوخة هادئة مع هذا التكدس, فلا يكاد يفرغ من لعب وإزعاج وصريخ عيال عياله حتى يبدأ صريخ نساء عياله والذي يمتد حتى صريخ مؤذني الحي أن حيا على الفلاح فيحمل العم سعيد سنواته على ظهره ليبدأ دوامة جديدة من الصخب.
لا تفسد أبدا أحلام رجل مسن مهما بدت لك ساذجة فربما انفق عمرا يبني هذه الاحلام البسيطة وربما لا يتسنى له الوقت ليحلم من جديد.
|
|
|
|
|
|
|
|
|