|
قِيَامَةُ الزِّئْبَق! (فرصة ثانية لقراءة هذا الرواية العجيبة)
|
فى بوست الترحيب بالاستاذ الشاعر محمد مكى ابراهيم كالقرى تحتفى بالشاعر الدبلوماسى محمد المكى ابراهيم وفى مداخلة للاخ منصور المفتاح ردا على الصديق عبداله زمراوى ..جاء زكر رواية قيامة الزئبق التى نشرت فى المنبر قبل حوالى عامين فى البوست قِيَامَةُ الزِّئْبَق! .. بقلم: كمال الجزولي
رجعت على الفور وقرات الرواية للمرة الثانية... شئ عجيب وغريب ومدهش (ومخيف) هذا البوست فقط للفت انتباه من فاتهم قراءتها ... الرواية من سبع فصول
----------------------------------------
قِيَامَةُ الزِّئْبَق! ..
(فَصْلٌ مِن سِيرَةِ مَرْجَانْ مُورْغَانْ مَارْغَايْ) (1) لن تكون بعُدت عن الحقيقة كثيراً إنْ أنت قدَّرتَ أنَّ اسم مورغان كان هو أوَّل ما جذبني إلى صداقة فارع الطول ذاك، رياضي القامة، عميق السواد، وسيم التقاطيع، منذ بداية تعارفنا، أواخر العام 1968م، ونحن، بعدُ، زغب في بواكير أيامنا الأولى بكليَّة القانون الدولي والعلاقات الدوليَّة بجامعة كييف. لا ريب، بالطبع، في أن تلك الصداقة تعزَّزت، في ما بعد، على نحو خاص، بفضل شهامته، وقلبه الطيب، وطبعه اللطيف، ونفوره المتأصِّل من الابتذال، وثقافته الفنيَّة والسياسيَّة الرفيعة، وطاقته المدهشة على الكتابة الإبداعيَّة، وذائقته العالية في الغناء والموسيقى، الكلاسيكيَّة بالأخص، وإلى ذلك حماسه المُعدي لثورة الطلاب، ولليسار الجديد، ولحركة الحقوق المدنيَّة الأمريكيَّة في طور مُدرَكها الهويوي الذي كان اجترحه، أوان ذاك، ستوكلي كارمايكل وزوجته مريم ماكيبا، فألهما به نضالات ملايين السود، بالأخص الشباب والطلاب، في شتى أنحاء العالم، تحت شعارات (القوَّة السوداء ـ Black Power)، و(الأسود جميل ـ Black is Beautiful) وغيرها. لكنني أكذب، قطعاً، لو لم أسارع إلى الإقرار بأن ذلك كله مِمَّا تكشَّف، لاحقاً، عبر صداقة كانت توطدت أصلاً؛ أما بدايتها الأولى، لحظة بدايتها الأولى تحديداً، فقد كانت، فحسب، حكراً على إسمه .. إسمه وحده! وقع ذلك مساء نفس يوم وصولي. إلتقينا، بالمصادفة، على الدرج الصاعد إلى الطابق الخامس، حيث كانت تتجاور، بالمصادفة أيضاً، غرفتانا. كنا عائدَين من عشاء متأخِّر بالمطعم الكائن في الطابق الأرضي من نزلنا الطلابي على شارع كراسنوزدفوزدنيي الضَّاج بالحركة. أبطأ من خطواته شيئاً، ومدَّ يده يصافحني، ونكهة المطعم تتلاشى خلفنا، قائلاً، بابتسامة عذبة، وبصوت عميق أجش كأنه طالع من تجويف فونوغراف: ـ "هاي .. روبرت ديفيد مورغان من سيراليون .. أصدقائي ينادونني بمورغان"! قفز إلى ذاكرتي، على الفور، سميُّه، بل شبيهه، حدَّ التطابق، في الطول والوسامة والسواد الناعم والابتسامة الآسرة، أسعد محمود مرجان، والذي كنا نناديه، تحبُّباً، بمورغان، فألفيتني أقول بحماس: ـ "نعم .. نعم، لقد غنيت يا رجل في حفل وداعي بالحي ليلة البارحة، أو .. لعلها أوَّل البارحة، كما لم تغنِّ من قبل .. حتى مطلع الفجر"! سألني والحيرة تغلف ابتسامته المرتبكة: ـ "مَنْ .. أنا"؟! أفقت من لحظة القطع السيرياليَّة تلك على إحساس خاطف بالحرج، فعدت أصافح اليد الممدودة، قائلاً: ـ "أوووه .. معذرة! لا عليك .. كمال الجزولي من السودان"!
|
|
|
|
|
|
|
|
|