|
(البنقو) مخيماً علي سماء السياسة السودانية!
|
(البنقو) مخيماً علي سماء السياسة! راشد مصطفي بخيت
قبل أيام قليلة مضت، صرَّح وزير الداخلية السوداني إبراهيم محمود حامد، تصريحاً تناولته الصحف السيارة بالنقد والتعليق والسخرية، عندما أكَّد هذا الوزير أن (البنقو) لا يُصنَّف عالمياً ضمن المواد المخدرة مؤكداً علي أن السودان ليس به مواد مخدرة مثل الهروين والأفيون. نَفِي السيِّد الوزير صفة المُخدِّر عن البنقو ليس محل اهتمامنا هنا، بقدر ما نهتم بهوس الحكومة نفسها بالموضوع هذه الأيام. فهذا الهوس له ما يبرره وفق ما نري برغم تعارض تصريحات المسئولين أنفسهم بهذا الشأن. ففضلاً عن طرفة القذافي الشهيرة بخصوص تعاطي الثوار لحبوب مخدرة بعد أن وجَّه لهم سؤاله الشهير (إنتو مين)! وبعد إفادة السيِّد وزير الداخلية أعلاه، توالت إفادات أخرى عديدة عن (البنقو) و (المخدرات) التي نفي وجودها السيِّد وزير داخليتنا الموقر، إلا أن إدارة مكافحة المخدرات التابعة له رسمياً أكَّدت وجود هذه المخدرات منتشرةً بين صفوف الطلاب، بعد أن ضبطت المكافحة نفسها (مخدرات في شكل بودرة تستخدمها الفتيات)! لم تكتف الشرطة بهذه الإفادة النافية لحديث السيِّد الوزير فحسب، لكنها مضت قدماً لتأكيد وجود (الأفيون)! عبر إفادة اللواء بإدارة مكافحة المخدرات محمد عبد المجيد الذي كشف هو الآخر عن طرق حديثة في توزيع (الأفيون)! و(المخدرات)! من بينها استخدام بعض الفتيات للمخدرات في شكل بودرة على الوجه، للإيقاع بزميلاتهن عن طريق السلام (التقبيل)! الصحافة 20/4/2011. من جهةٍ أخرى وفي ذات الصدد أكَّد السيِّد رئيس الجمهورية أن السودان وشبابه علي وجه التحديد، يتعرضان لهجمة شرسة لاختراقه بالمخدرات وكثير من الموبقات الأخرى لتفتيت عضده! رغم أننا نزعم أن ليس هنالك سبباً لتعاطي المخدرات أكثر من حكومتنا نفسها! لذلك لا نرى عجباً في تخييم (البنقو) و (المخدرات) علي سماء سياستنا السودانية، بعد أن أوسعت الحكومة شبابها بما لا يترك المجال لهم لغير (شرب البنقو) وتعاطي المخدرات، مع انعدام كافة الأنشطة والأماكن الترفيهية التي يمكن أن تملأ فراغ الشباب السوداني! لا دور للسينما ولا مسارح عامة ولا حدائق ومتنزهات وأندية ثقافية وليس هنالك أماكن عامة للترفيه غير تلك الواقعة بمحاذاة شارع النيل وهي لا تصلُح لشيء بقدر صلاحيتها لتعاطي المخدرات! لأنها لا توفر من البرامج المتكاملة غير الماء والخضرة والوجه الحسن! بالإضافة إلي الفراغ العريض وحركة تنقل العربات والمارة أمام الجالسين! أصبح الشباب يصكُ مصطلحاته الخاصة لتعبِّر عن هذا الوضع، مسمياً الوطن (بالحظيرة)! وطالما فشلت مساعيه في الهروب من هذه الحظيرة، فإنه لا محالة واجداً في البنقو ملاذه الذي لا بديل له! البنقو لم يصبح عادياً في تاريخ المجتمع السوداني بقدر عاديته الراهنة، ولن تجدي معه نفعاً (حروب) المكافحة الضروس لأنها لم تتوقف أبداً! ومع ذلك يتزايد الإقبال عليه يومياً وتصنع له الطرائف المتداولة وتستخدمه الفتيات علي الخدود كما قال بذلك سعادة اللواء! أحد الظرفاء اقترح علي شباب الفيس بوك إن أرادوا استقطاب الشباب السوداني، أن يتنازلوا عن شعاراتهم القديمة ويخاطبوا الشباب بشعارات (مجالس السَطْلة) المنتشرة في أزقة كل الأحياء وداخل البيوت، ونصحهم بأن يكون شعار مسيرتهم القادمة أن يخاطبوا المؤتمر الوطني قائلين: (فِكَّها.. فِكَّها.. بِتْتِّشَك)! حتى يفهم الشباب لغتهم وينخرطوا في العمل العام! علي الحكومة إذن أن تصرُف النظر عن محاربة المخدرات بالخُطب الرنانة والنفي والتأكيد! وأن تبحث سُبلها لملء فراغ هذا الشباب العاطل لا أن تلهث خلف حرب شعواء علي المخدرات لأنها لن تجدي نفعاً مع تضافر كل الجهود المشجعة علي انتشاره بالأساس!
|
|
|
|
|
|
|
|
|