موضوعان.. تأليف الراحل دكتور مكي سيد أحمد.. دعوة للقراءة
موضوعان د. مكي سيد أحمد الموضوع الأول: حول بعض قضايا فن الغناء والموسيقى في السودان الموضوع الثاني: خصائص اللحن والإيقاع النوبي بمنطقة السكوت (عرض وتلخيص رسالة الدكتوراة) الإهداء،،، إلى.......... والدي سيد أحمد السيد إسماعيل والدتي بنت المنى علي حمد شقيقي الأكبر د. حسن سيد أحمد الذين رحلوا في الفترة من 28\04\1979 إلى 11\05\1980 في حوادث (حركة الحياة) وليست حركة المرور كما يبدو لي أحيانا. عليهم الرحمة. المؤلف صوفيا في 15\04\1981 المحتويات محتوى الموضوع الأول:ـ 1. الموهبة 2. الدراسة 3. الموقف من التراث 4. الإبداع 5. النقد 6. جمعية الموسيقى السودانية .. ضرورة ملحة محتوى الموضوع الثاني:ـ 1. بعض سطور في علم أجناس الموسيقى 2. بعض السطور عن علم الفولكور الموسيقي 3. خصائص اللحن والإيقاع النوبي بمنطقة السكوت عرض وتلخيص لرسالة الدكتوراة الموهبة: عبرت إحدى الفتيات المتقدمات للإلتحاق بمعهد الموسيقى والمسرح (قسم الموسيقى) في سنة من السنين عن حبها العميق للموسيقى بأن الموسيقى تجري في دمها وعلقت مازحا وقتها بقولي لو أخذنا عينة من دم تلك الفتاة وأرسلناها للمعمل القومي فهل سيتأكد لنا بعد التحليل صحة حديثها ذلك وأي نوع من الموسيقى تلك التي كانت تعنيها؟ أرادت تلك الفتاة في تقديري أن تعطي لجنة إختبارات القدرات الموسيقية إنطباعا مكثفا وذكيا بأن لها موهبة يجب أن تؤخذ بعين الإعتبار. المعروف أن كل متقدم للإلتحاق بمعهد الموسيقى والمسرح ينبغي أن يمتلك قدرا معينا من الموهبة التي تتوقف نوعيتها على القسم الذي يرغب في الإلتحاق به. ومن المؤكد أن القائمين على أمر المعهد يدركون جيدا أن المعهد لا يخلق ولا يمكن أن يخلق فنانين وأن قدرا ما من الموهبة يشكل بجانب شروط أخرى الأساس الموضوعي للقبول وللسير قدما في عملية تربية الفنان الصغير أو لنقل مشروع الفنان الذي يسرح ويمرح وغالبا ما يعبث داخل من تتأكد (موهوبيته) كثيرا ما سألت نفسي هذا السؤال:ـ هل من الممكن إعطاء تعريف دقيق للموهبة الموسيقية؟ وهل من الممكن إكتشافها بشكل صحيح في هذا الشخص أو ذاك؟ وألا يصدف أن نحكم بالإعدام على موهبة كان من الممكن أن يكون لها شأن عظيم محليا بل وعالميا إذا ما أتيحت لها فرصة الدراسة؟. الجزء الثالث من هذا السؤال أثاره في ذهني ما حدث لمؤلف الأوبرا الإيطالي العظيم (فيردي) حيث أنه تقدم للالتحاق بالكونسيرفتوار لأكثر من مرة وكان يقابل بالرفض بحجة ضعف الموهبة! لا أدري بالطبع الظروف التي كانت تحيط بلجنة الإختبارات الإيطالية وبالتحديد اللجنة المسئولة عن القبول لقسم التأليف ولا أدري بالطبع كذلك ما كان يحيط بفيردي نفسه عندما كان يقف أمام لجنة أو لجان، غير أن الأمر الجوهري الذي يمكن أن نخرج به من تجربة فيردي هو أن الإعلان عن وجود أو عدم وجود موهبة يعتبر مسئولية جسيمة للغاية تقع على عاتق المختبرين وهي مسئولية تفوق في تقديري مسئولية هيئة محلفين تنظر في قضية تصل عقوبتها الإعدام بالكرس الكهربائي، فالإعدام بالكرسي الموسيقي لموهبة حقيقية أكثر فظاعة من الإعدام بالكرسي الكهربائي لإعتبارات كثيرة على رأسها أن الأخير عرضة لإنقطاع التيار الكهربائي. غير أن الإعلان عن الموهبة يتجاوز اللجنة المختبرة كما رأينا ليصل الموهوب نفسه والذي قد يعجز لسبب ما عن إظهار موهبته تعريف الموهبة الموسيقية: من خلال إطلاعاتي المتواضعة لم أعثر على تعريف يحدد ماهية الموهبة الموسيقية وعليه سأعتمد في محاولة الوصول إلى ذلك على الإجتهاد المرتكز على تجربتي المتواضعة. إذا كان الفن عموما كظاهرة إجتماعية يمثل إنعكاسا جماليا يفترض أن يكون صادقا لواقع موضوعي معين فأن الموهبة عموما تمثل الإستعداد الفطري لعملية الإنعكاس هذه. لكل موهبة خصوصيتها المستمدة من نوعية الفن الذي عليها أن تعكسه غير أن هنالك عناصر أساسية مشتركة تجمع بين مختلف المواهب، فما هي أهم تلك العناصر؟ أولا: الإيقاع: إذا تأملنا هذه الحياة في كل اشكالها وحركتها لتأكد لنا أنها لاتقوم على الإيقاع فحسب بل وعلى إنتظامه في آن واحد وأن أي إختلال في الإيقاع يقود بالضرورة إلى نتيجة بل إلى نتائج غير سارة تصل حد الكارثة أحيانا فمن المستحيل مثلا أن يقع حادث حركة مرور لا يكون لإختلال الإيقاع دخل فيه، والسكتة القلبية مثلا أو الموت المفاجئ لا تخرج في جوهرها عن إختلال إيقاع نبضات القلب فإذا كان نبض قلب الإنسان سواء أن زاد أو قل يدور في اللحظة المعينة في فلك عدد جوزي فإن السكتة تحدث بمجرد أن يتحول العدد الجوزي إلى عدد فردي (في مجموعه) حيث يدخل على إيقاع القلب ولاول ولاخر مرة شكل غريب من أشكال الإيقاع وهو مايعرف عند الموسيقيين بال (Syncope) ولا أعتقد أن التعريف المبسط للإيقاع والقائل بأنه تقسيم الزمن بمقادير متساوية وبصورة منتظمة مع الاخذ بعين الإعتبار موضع النبر القوي وموضع النبر الضعيف لا أعتقد انه يفي بالحاجة. فهذا مجرد تعريف أكاديمي فبدون الإيقاع ليس من الممكن لاي شكل من اشكال الحياة أن يقوى ليس على البقاء بل وعلى مجرد الظهور إلى الوجود. لنأخذ لحنا ما ولنجرده من إيقاعه فسنجد عندئذ أنه تحول إلى مجرد أصوات ليس ليها أي محتوى فني بإستثناء المحتوى الفيزيائي وهذا يعني بصورة قاطعة أن للإيقاع خاصية عاطفية وخاصية ذهنية توجدان في تلاحم متين وأن ظهرو واحدة دون الأخرى لا يقود فقط إلى برود في العاطفة بل وإلى تبلد في الذهن. آمل أن لا نخلط بين الإيقاع الداخلي الذي يتم عن طريقة صياغة اللحن ومجمل العمل الفني وبين الإيقاع الخارجي وهو ما يقوم به ما يعرف في قاموسنا الموسيقي المحلي أو مايقوم به الشيالون بالصفقة ب(ضبط الإيقاع) فالأول عضوي والثاني غير عضوي، بمعنى أن وظيفته لا تدخل في نطاق عملية صياغة اللحن والعمل الموسيقي عموما. كما آمل أن لا نخلط كذلك بين الإيقاع وبين حركة الإيقاع أو السرعة التي يكون عليها العمل الفني عند آدائه وهي ما تعرف في القاموس الموسيقي العالمي بال(Tempo) ثانيا: التماثل أو (Symmetrical) هذا يعني إحتفاظ الشكل بتوازنه على اساس تقسيمات متساوية أو متشابهة بصورة توحي بالتساوي. ثالثا: المنطق: بمعنى أن يبرر الشكل ظهور المحتوى بصورة مقنعة أي بما يتفق وظهور المحتوى المعين للعمل المعين. رابعا: الخيال: أعني بالخيال تلك القوة الروحية والعقلية التي تحرك الموهبة في اللحظة المعينة في الإتجاه الصحيح بالنسبة لهذا العمل أو ذاك وأعني بالإتجاه الصحيح ذلك الذي ينبع من عملية التطور الداخلي للعمل نفسه ويفترض في المتخيل عادة إمتلاك مقدرة التصور المسبق لما سيكون علي شكل المضمون. ولعل ضرورة وجود العناصر الإساسية في اي موهبة يعطينا ردا مقنعا لظاهرة تعد المواهب عند هذا الشخص او ذاك. وإذا نظرنا إلى الموهبة الموسيقية بشئ من التفصيل لوجدنا أنها تتكون من العناصر الرئيسية التي سبق ذكرها بجانب أنه يتجسد فيها جوهر فن الموسيقى (فن الأنغام). ومن المعروف أن هذا الفن يجد التعبير عن نفسه بصورة ساطعة في اللحن الذي يحتوي على ما يعرف بالمثال الفني أو (اللوحة الفنية). وإذا كان للحن بالذات أن يفخر بأنه يقف على رأس العناصر المكونة لفن الموسيقى فعلى الإيقاع أن يفخر بدوره بأنه لولاه لما أمكن صياغة اللحن. ومن هنا تتضح لنا الوحدة الرائعة بين أهم عنصرين من عناصر فن الموسيقى وأعني بهما الصوت والزمن. ويمكن القول دونما تحفظ بأن حجم الموهبة الموسيقية يزداد ليس فقط بمقدار حجم العناصر الرئيسية التي سبق ذكرها بل وبتضمنها الكمي والنوعي لهذين العنصرين بالذات ولعناصر أخرى تدخل في نطاق هذه الموهبة أو تلك. مما تقدم يتضح لنا أن إكتشاف الموهبة الموسيقية يتطلب أن نلجأ إلى طريقة أو طرق ما للتعرف على حجم ونوعية الإحساس بالصوت (Tone) لدى الشخص المراد إختباره. ومن ملاحظاتي الخاصة أنه حتى في مجال الإختبار هذا يمكن أن نكتشف تفاوتا في الحس الجمالي بين هذا الشخص أو ذاك. فهنالك من يفصح عن موهبته بصورة معبرة وجميلة والجمال كما قلت في مكان سابق أو كما سأقول مؤكدا في مكان لاحق هو القيمة الفنية التي يجب أن تتقدم وتقود جميع قيم العمل الفني الأخرى كالقيمة الإيدولوجية والقيمة المعرفية مثلا. تبقى لي الرد على الجزء الأخير من السؤال المتعلق بالموهبة الموسيقية وهو: هل من المحتمل أن يعجز موهوب ما عن إظهار موهبته أما لجنة للإختبارات؟ لقد سقت مثالا للرد على ذلك وأعتقد أنه كان كافيا وكان عن الفنان الإيطالي العالمي فيردي وكان ردي بالإيجاب. إذا ماهو الحل في هذه الحال؟ ليس لدي بصراحة أي حل أقدمه سوى ما قدمه فيردي نفسه ألا وهو الإصرار الشديد الناتج عن ثقة لا متناهية بموهبته الموسيقية والتي أكد الواقع فيما بعد أي بعد الدراسة، عظمة تلك الموهبة في ميدان فن الموسيقى وبالتحديد في حقل فن الأوبرا. وتجدر الإشارة بهذه المناسبة إلى أن الإيمان بشئ موجود فعلا أمر يختلف تماما عن التمسك بشئ لا وجود له اساسا والحديث موجه بالطبع (للموهوبين) وليس (للموهومين)

04-10-2011, 00:09 AM

Azhari Nurelhuda

Azhari Nurelhuda
تاريخ التسجيل: 03-01-2007
مجموع المشاركات: 1958

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين

Re: موضوعان.. تأليف الراحل دكتور مكي سيد أحمد.. دعوة للقراءة (Re: Azhari Nurelhuda)
2) الدراسة: إذا كانت الموهبة تمثل الأساس وتمثل في نفس الوقت الوعي الإعتيادي فإن الدراسة تشكل أيضا أساسا من نوع آخر يعتمد على وعي من نوع آخر أيضا وأعني به الوعي المنظم. على الوعي المنظم بإعتباره حصيلة المعارف المكتسبة عن طريق الدراسة النظرية والتطبيقية تقع مهمة صقل الموهبة أو بمعنى آخر الإنتقال بها من مرحلة ممارسة الى مرحلة ممارسة أخرى تختلف عنها نوعيا ولكن على الوعي المنظم أن يكتشف قبل ذلك وفي الوقت المناسب الوجهة التي تتخذها موهبة هذا الشخص أو ذاك فهنالك على سبيل المثال لا الحصر المجالات التالية:ـ • التأليف • العزف • الغناء • قيادة الأوركسترا • قيادة الكورال • التدريس • تأريخ الموسيقى • النقد البحث (وخاصة في مجال الفلكلور الموسيقي) علما بأن الموهبة قد يتوفر لها أكثر من مجال ولكن الطريف والمثير في الأمر أنه كما يصدف ويعجز الموهوب عن إظهار موهبته فقد تعجز المؤسسة التعليمية نفسها في تحديد المجال المناسب لهذه الموهبة او تلك من المواهب التي تم إكتشافها وهذا الأمر ينسحب على الموهوب الذي تمكن من الكشف عن موهبته. ليس لدي بكل أسف حل جاهز لهذه المعضلة سوى الدعوة الى المرونة مع التدقيق والتركيز حتى يتم بصورة سليمة قدر المستطاع تحديد مجال الدراسة في الوقت المناسب لما فيه مصلحة الطالب والمؤسسة التعليمية والمجتمع. إذا كان صقل الموهبة يحتاج أولا إلى وجود الموهبة نفسها ويحتاج ثانيا الى وجود من يصقلها أي هيئة التدريس فلابد وكشئ طبيعي من وجود ما يراد توصيله اي ما إتفق على تسميته بالمقرارت الدراسية كما أنه لكي توصل المقرارات بصورة جيدة فلابد أن تكون هي نفسها جيدة وأن تتولى أمرها تخطيطا وتنفيذا هيئة تدريس مؤهلة ولابد بجانب ذلك ولتحقيق ذلك من توفر المناخ الجيد من كل جوانبه. لنفرض أن كل الشروط اللازمة لمزاولة العملية التعليمية بصورة جيدة قد توفرت بالقدر المطلوب فما هو المقصود بالتحديد أو بالتقريب بما درجنا على ترديده من عبارات مثل (لابد من الدراسة لصقل الموهبة) و (الموهبة بلا دراسة قصيرة العمر) و (موهوب ولكن تنقصه الدراسة) إلخ.... ولكن قبل الرد على السؤال المطروح أود القول بأنه إذا ما ألقينا نظرة فاحصة وأمينة إلى معطيات فن الغناء والموسيقى في محيط غير الدارسين موسيقيا (بل وحتى الدراسين دراسة عادية بإستثناء قلة نادرة) لوجدنا أن إبداعات كرومة والكاشف وخليل فرح، خاصة على المستوى اللحني والذي يعبر أكثر من غيره عن فن الموسيقى كما ذكرت، تفوق عموما إبداعات الدراسين. وإزاء موقف كهذا ولأغراض أخرى تنطلق غالبيتها أساسا من موقع العداء للدراسة ولكن بصورة تعتقد أنها ذكية تنطلق عبارات مثل (العلم يفسد الموهبة) أو (الموسيقى أو الفن عموما لا يحتاج لدراسة) أو (مسكين حولته الدراسة إلى مجرد أكاديمي) أو (غالبية خريجي قسم الموسيقى بمعهد الموسيقى والمسرح يغنون ويعزفون فقط على صفحات الجرائد) إلخ .. إزاء ما تقدم يمكن القول وبموضوعية تامة أن الأفكار التي تدعو لصقل الموهبة عن طريق الدراسة وجيهة كما يمكن القول بأن الأفكار التي تدعو إلى الإكتفاء بالموهبة تبدو وجيهة ولكن أيهما أفضل وأصح والإنسان يتوق عادة للأفضل والأصح. ثم إذا كانت كفة الصراع ترجح لصالح دعاة الإكتفاء بالموهبة فلماذا إذا ظهر إلى حيز الوجود معهد الموسيقى والمسرح؟ وهل الآن قوة ما ومهما كانت حجتها تستطيع أن تلغى وجوده؟

04-12-2011, 10:47 PM

Nazar Yousif

Nazar Yousif
تاريخ التسجيل: 05-07-2005
مجموع المشاركات: 12465

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين

Re: موضوعان.. تأليف الراحل دكتور مكي سيد أحمد.. دعوة للقراءة (Re: Azhari Nurelhuda)
العزيز أزهرى مرور سريع على هذه الواحة رغم المعارك اليومية هنا وهناك.

[رد على الموضوع]

صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]