|
المهجر والوطن,,, سلسلة كتابات جديدة للاستاذ البشرى عبدالحميد رئيس قطاع المهجر بحزب الامة القومي
|
المهجر والوطن العود أحمد ( 1 ) البشرى عبد الحميد* بعد توقف دام لسنوات كثيرة أعود للكتابة في صحيفة الخرطوم؛ استجابة لظروف وطنية، ولدعوة كريمة من الأخ العزيز الدكتور الباقر أحمد عبد الله ،شاكراً له اهتمامه ومقدراً له ثقته في إسهامات شخصي الضعيف، وأرجو أن يكون العود أحمد. ارتباطي بهذه الصحيفة ارتباط وجداني، ولعلي لست الوحيد الذي ظل وثيق الصلة بها. وقد أختلف في درجة العلاقة مع صاحبها، من ناحية قدم العلاقة وعمقها، ولكني مثل كثيرين عايشت ظروف المخاض والميلاد الصعب للخرطوم، بعد نفيها واضطرارها إلى الصدور من القاهرة في بداية التسعينيات. كانت الظروف استثنائية وخاصة، وما كان لصحيفة مطاردة ومحاربة أن تصمد لولا عزيمة القائمين عليها، وتفاني كوكبة كتابها المهمومين والنابغين في شتى المجالات، ممن تميزوا بالارتباط بقضايا وهموم الشعب السوداني. وتتوارد في الخاطر أسماء كبيرة في هذه المسيرة منهم الدكاترة فضل الله علي فضل الله وخالد الكد وفاروق البرير ومحمد الحسن أحمد -رحمهم الله جميعاً- وآخرين مازال عطاؤهم مستمرا وما بدلوا تبديلاً وهم ينتظرون بزوغ فجر جديد على بلادنا ننعم فيه بالحرية والديمقراطية والسلام المستدام . هكذا توثقت علاقتي الوجدانية بالصحيفة وكتابها وقرائها بدرجة أكبر عبر كتاباتي في صفحة الرأي ، وكانت من منافع تلك الكتابات صدور كتابي "مشروع الدستور السوداني لسنة 1998 والهوية المفقودة"، وقد قدم الدكتور الباقر مشكورا كتابي للقراء ، كما قدمني إليهم، وعدني كاتباً يستحق الوقوف عند جهده العلمي المبسط وهو يقول " هذا الكتاب يخاطب القانوني المتخصص والسياسي والقاريء العادي على طريقة السهل الممتنع مما يعد اضافة للمكتبة السودانية ". وانا أعود للكتابة مرة أخرى أجد مياهاً كثيرة جرت تحت الجسر، فقد انفصل الجنوب وما زال النزاع والخلاف قائماً حول قضايا اساسية ومحورية في مقدمتها مسالة الحدود وقضية ابيي ، ودارفور لا تزال تكابد جراحها، وفي الشمال مازالت الحكومة تصر علي بناء السدود دون ادني تقدير او احترام لسكان المنطقة الذين حرموا من مجرد ابداء الراي بقوة السلاح والادهي والامر ان الحكومة ما زالت تصر علي اقصاء الاخر الذي يخالفه الراي بل و فتحت بابا جديدا للجدل والخلاف حول هوية الوطن . يحدث كل ذلك في ظل ظروف اقليمية وعالمية بالغة التعقيد يفتح الباب لتدخلات اجنبية خبيثة في ظل تنامي الحركات الفكرية والمنظمات الاقليمية والعالمية والمنابر المتعددة ذات الاجندة الخاصة المهتمة بالشان السوداني . لكل ذلك تجدني مشدوداً نحو الكتابة، ولكن الجرح القديم لم يندمل بل تم نكأه وأصبحت دماؤه في قارعة الطريق ، ولهذا فإن أي كتابة صحفية لامثالي في هذا الوضع وهذا التوقيت لابد أن تكون من أولوياتها قضايا الوطن النازف، وهمومه، وأزماته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وخصوصا ما يكابده أهلنا من معاناة يومية. والنصال تتكسر على النصال، وجدت نفسي من جانب آخر مشغولاً بقضايا أبناء السودان المقيمين في المهجر الذي أصبح يشكل سوداناً آخر خارج الحدود ، إذ يتجاوز أعداد السودانيين المقيمين في الخارج نسبة الـ20% من سكان السودان، وفق إحصاءات رسمية. إن اقامتي الممتدة لسنوات عديدة خارج الوطن مع مساهماتي في عدد من مؤسسات المجتمع المدني والخدمة العامة ، ومعايشتي اليومية لهموم المهجريين ساعة بساعةـ تجعلني أيضاً مشدوداً للكتابة في هذا المجال . فالمهجريون يواجهون ظلم الدولة وآلام الغربة ، وحين تتأمل هذه الشريحة تجدها بين المطرقة والسندان، دولة ظالمة طاردة لابنائها وبلدان مضيفة ملت طول الاستضافة ولم تعد مرحبة بهم . فالدولة السودانية من جانبها تخصصت في زيادة معاناة وهموم مواطنيها المهاجرين ، بشتي السبل بدءا بسلب حقوقهم الدستورية والقانونية امتدت لحرمانهم من المشاركة في الانتخابات باستثناء انتخاب رئيس الجمهورية كما ظلت تفرض عليهم الضرائب، والزكاوات، والإتاوات، والخدمات، ورسوم الوثائق ، بينما تغض الطرف عن أبسط واجباتها نحوهم من حيث معاملتهم كمواطنين لهم حقوق مثل ما عليهم من واجبات . فعلى سبيل المثال فان المهجريون يواجهون مشاكل السكن وتعليم الأبناء والظروف الاقتصادية الصعبة في الدول المضيفة، وقضايا الهجرة واللجوء والسعي إلى توفير متطلبات الأسر الممتدة في السودان والانشغال بقضايا العودة والاستقرار في الوطن، إضافة إلي ما يواجهون من مشاكل معقدة في بعض الدول المضيفة التي تواجه بدورها ظروفا اقتصادية صعبة وضاغطة تجعلها مضطرة للسير قدما في توطين عام للوظائف. هذا التنازع الفكري والوجداني بين ما يجري في الوطن والمهجر يدفعني الي الكتابة، مزاوجا فيما أكتب بين معاناة الوطن والمهجر، فهما وجهان لعملة واحدة، ولهذا ساتناول في مقالاتي الاسبوعية هم الاثنين ، تحت عنوان رئيس هو "المهجر والوطن". إنني اسال الله العلي القدير أن يفتح بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الفاتحين املا في أن يتجاوز الوطن محنته ، ويخرج من النفق المظلم؛ ليكون وطناً ديمقراطياً يسع الجميع، يلتئم فيه شمل أبنائه، وتتوحد كلمتهم وارادتهم ؛ ليسهم الجميع فى إعادة بنائه والمشاركة في تنميته، ما دمنا نحلم بوطن الجدود وطناً يفتخر به أبناؤه، ولن يحدث ذلك إلا إذا عادوا إلى لحضنه، وأصبحوا فيه أحراراً ينعمون بظلاله وخيراته، ويصدقوا في هواه كما وصفه الشاعر: وطن يرف هويً إلى شبانه كالروض رفته على ريحانه هم نظم حليته وجوهر عقده والعقد قيمته يتيم جمانه يرجو الربيع لهم ويأمل دولة من حسنه ومن اعتدال زمانه من غاب منهم لم يغب عن سمعه وضميره وفؤاده ولسانه ولقد صدقتم هذه الأرض الهوى والحر يصدق في هوى أوطانه أمل بذلتم كل غال دونه وفقدتم ما عز في وجدانه • مستشار قانوني وكاتب. • جريدة الخرطوم العدد رقم 7636 بتاريخ الاحد 28 مارس 2011 م الموافق 21 ربيع الثاني 1432ه
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
المهجر والوطن,,, سلسلة كتابات جديدة للاستاذ البشرى عبدالحميد رئيس قطاع المهجر بحزب الامة القومي | عبدالمجيد الكونت | 04-03-11, 10:34 AM |
Re: المهجر والوطن,,, سلسلة كتابات جديدة للاستاذ البشرى عبدالحميد رئيس قطاع المهجر بحزب الامة ال | عمر عبد الله فضل المولى | 04-03-11, 03:19 PM |
Re: المهجر والوطن,,, سلسلة كتابات جديدة للاستاذ البشرى عبدالحميد رئيس قطاع المهجر بحزب الامة ال | عبدالمجيد الكونت | 04-03-11, 04:11 PM |
|
|
|