لا تدافعوا عن أنفسكم وعرضكم سادتى...حتى لا توصموا بالعنصريه

Quote: المتابع لما يحدث في البورد في الثلاث أيام الأخيرة يلاحظ طفح العبارات العنصرية التي يتجشأ بها البعض ممن قام بالحكم علي الجنوبيين و ما قاموا به من تعبير عن غضبهم لمقتل الدكتور جون قرنق ، و الأغرب ان يتحدث بهذا القول ممن يجب أن يكونوا مستنيري السودان و حاملي رأيه التقدم و التطوير فيه ، و لم نسمع بعد آراء ظلامييه حتى الآن . و صف البعض ما قام به أهل الجنوب بالبربرية و التخلف و و و و ما يعف اللسان عن ذكره و ترديده ، بل ذهب البعض إلي وصفهم بالعنصرية و الحقد علي الشماليين دون داع أو سبب لهذا الحقد . و رأي البعض أن هؤلاء الأجلاف لا يمكن العيش و التعايش معهم ، و دعا إلي طردهم و إعادتهم إلي الأحراش التي جاءوا منها بدعوي حقدهم علينا و خطورتهم علي عيشنا الهانئ الرغيد ، في خرطومنا الجميلة التي تنافس جنيف و فينا جمالا و رونق . بالمقابل تعالت أصوات أخري داعية لضبط النفس و عدم الانسياق وراء الأحداث ، و إطلاق اللسان يمينا و يسارا بما يندم علية صاحبة غدا ، في نفس الوقت أدانت التصرف الغير مسئول لمن قام بالقتل و الحرق و السلب ، و هو بالطبع سلوك غير مقبول في التعبير عن الشعور الإنساني الغاضب بشكل عام ، فنحن لا نقبل أن يقتل احد أو ينهب بذنب شخص أخر خاصة في هذا العصر الذي نحن فيه . هذا العصر ، عصر العلم و المعلوماتية و العولمة ، عصر الفضاء الاسفيري الذي جلستم تتنعمون به و ارتياده و النهل و الاستتراف فيه ، إلي أن صحوتم لتصفوا أنفسكم بالمتعلمين و المثقفين تارة و المناضلين طورا و ما حملتم في فكركم شيئا مما تدعون . أما سألتم أنفسكم يا هؤلاء ماذا كان نصيب من وصفتموهم بالجلافة و عيرتموهم بعدم المعرفة و الجهل و غيره من عالمكم و علمكم و اسفيرتكم هذه. راجعوا أنفسكم يا انتم و ضعوا أنفسكم في مكان هؤلاء المضطهدين و انظروا لحالهم و مآلهم ، و ماذا أنت فاعلا لو كنت مكانة ؟ اسأل كل منكم أن يرد علي نفسه بصدق ، ماذا أنت فاعل لو انك تنام يوميا داخل برميل زباله و تصحو لتلتقط فضلات الآخرين و تعيش عليها ليس في عالمك شيئا أكثر من الجري وراء بقايا السادة المترفين ؟ لا أم لديك و لا أب و لا مدرسة و لا دنيا ولا عالم ، ثم من يخبرك أن هؤلاء من قتل مخلصك المنتظر من هذا العذاب . دعك من هذا العالم التحتاني و اصعد قليلا لمن يعيش في أطراف المدن و علي هامش الحياة ، انظر لمن يعيشون في سرايا الخيش و الصفيح و من لديهم الأم و الأب اللذان يعملان في خدمتك ، و لا يملكون في هذه الدنيا سوي المائة ألف جنيه التي تجود بها علية آخر الشهر و بقايا مائدتك المترفة التي تحملها إليه أمه في نهاية يومها المتعب الشاق ليقتات بها مع بقية الأطفال في الظلام الذي لا ينيره سوي ضوء القمر و بصيص الأمل الذي عرفة من زملائه بان هنا من يدعي جون أتي من غابات الجنوب ليخلصه من ظلام ليله الحالك و جهله المتعمد أيضا و دنياه الفقيرة دوما . و حتى لو صعدت لمن هم يعتبروا في قمة السلم الاجتماعي لمن لدية مسكن و مأكل و مدرسة يتعلم فيها شيئا من مبادئ الكتابة بلغة لا يفهمها أصلا و شيئا من الحساب و لا شي إطلاقا من التربية الروحية و الوطنية ، و لا يجد من يقوم بتعريفة بمن هو و من يكون و لم هو موجود في هذه الدنيا ، كحال كل من يدرس حاليا في مدارس الحكومة الرسالية صاحبة البعث الحضاري . أسالك يا من وصفت الناس بالخاسئين و ما هم كذلك ، ماذا قدمت أنت لهؤلاء المساكين من ابسط الوسائل لتعينهم علي قراءة ما يحدث لهم و تحليله ليس عميقا و إنما ابسط تحليل لموقفة ؟ ماذا قدمت له من معين لفكره و وعيه ؟ لتأتي و تطالبه بضبط نفسه في انتظار ما ستفر عنة مقبل أيامه التي رآها في سواد بشرته بعد مقل مخلصة من ظلمك و عذابك . إن هذا التجهيل المتعمد للسوداني عامة و لشعوب الاطراف و المهمشين بالذات ، و من قبلة الاستنزاف الاقتصادي و السرقة و الاستعباد لهو تبرير كافي لما حدث و لما هو آتي . ألا يكفيه يا هذا انه عاش طول عمره و عمر أسلافه رهين استعبادك و استغلال بني جلدك له ؟ إلا يكفيه بأنك من استأثرت بكل شي و لم تترك له شيئا ؟ و الأغرب من يأتي يقول بأنة يريد فصل الشمال عن الجنوب ، أي شمال الذي تتحدث عنة لتفصله يا هذا ، نحن لا نريد أن ننفصل عن السودان ، اذهب أنت و افصل شمالك الذي تعرفه عن جنوبك ، و اترك الآخرين ليعيشوا في سلام ، فقط اذهب أنت و صدقني سنعرف كيف نعيش مع بعضنا ، دون أن يستغل و يسرق أو يستعبد بعضنا بعضا ، هذا إن رضي أهل الجنوب بالعيش معنا مرة أخري .